كلما طال أمد الحروب امتد شظاها أبعد من نطاقها الجغرافي. وإذا لم يجب أطراف الحروب على أسئلة الحرب في أيامها الأولى أصبحت تلك الأسئلة أكثر تعقيدا وصعوبة وأفرزت واقعا أصعب يستعصي على الفهم ناهيك عن الحل. هذا الوضع ينطبق على علاقة لبنان بعملية طوفان الأقصى. فطالما دفع لبنان فواتير القضية الفلسطينية باهظة الثمن.
يقول المحللون السياسيون إن تاريخ الحروب الإسرائيلية على لبنان يتزامن دائما مع فصل الصيف. فهناك إجماع على تجنب الشتاء لأسباب جغرافية ومناخية. هل يعني هذا أن فصلا جديدا من الحروب بين لبنان وإسرائيل قاب قوسين أو أدنى؟ وهل الدخول في حرب هو خيار عقلاني لإسرائيل وحزب الله؟
استخدمت للإجابة عن هذا السؤال كتاب هام صدر في الولايات المتحدة قبل بضعة أشهر ووصلتني نسخة منه بعنوان "كيف تفكر الدول؟ العقلانية في السياسة الخارجية" من تأليف الدكتور جون ميرشايمر أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو والدكتور سيباستيان روساتو أستاذ العلوم السياسية في جامعة نوتردام. حجة الكتاب الرئيسة تدور حول طبيعة تفكير الدول ومفهوم العقلانية في السياسة الخارجية.
المؤشرات التي تشي باستعداد لإسرائيل للحرب تزداد وقد تحدث المحلل الإسرائيلي أمير بار شالوم في صحيفة تايمز أو إسرائيل عما وصفها بحرب قصيرة. ويفكك الكتاب مقولة التخبط وعدم العقلانية في القرارات الاستراتيجية الكبرى لقادة الدول مثل قرار روسيا بغزو أوكرانيا أو حتى سلوك ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية واليابان قبل عملية بيرل هاربر. ويقول المؤلفان إن قرارات الدول، وإن بدت أو أشيع أنها غير عقلانية، إلا أنها كانت مبنية على أسباب ومبررات عقلانية ومنطقية حين اتخاذها ولم تكن بناء على خطط غير مدروسة.
للوهلة الأولى يبدو أن قرار الحرب غير عقلاني لكل من إسرائيل وحزب الله. ولكن المؤشرات التي تشي باستعداد لإسرائيل للحرب تزداد وقد تحدث المحلل الإسرائيلي أمير بار شالوم في صحيفة تايمز أو إسرائيل عما وصفها بحرب قصيرة. وهذا يؤكد أن كلا الطرفين يريدان تجنب خيار الحرب حاليا لأسباب تتعلق بظروف إسرائيل من جهة وحزب الله من جهة أخرى. وأتصور أن هذا الوضع قابل للاستمرار مالم تدخل عوامل جديدة على الخط تغير من نمط تفكير كلا الجانبين.
أحد هذه العوامل هو التوصل لهدنة أو اتفاقية لتبادل الأسرى بين المقاومة في غزة وإسرائيل. حينئذ سيكون القرار العقلاني هو تجنب الحرب بشكل كلي. ومنها أيضا حدوث العكس وتدهور الوضع في غزة مما ينذر بهروب لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الأمام ومحاولة إحراز أي نصر عسكري ولو وهمي في لبنان.
وأيا ما كانت السيناريوهات القادمة، فإن الغائب الحاضر في هذا الأمر هو لبنان وشعبه وقواه والدولة التي تئن من نزيف اقتصادي وسياسي بلغ مداه. وقد كتبت في هذه الزاوية العام الماضي أن للبنان على العرب ديونا ينبغي تسديدها. وأمر الديون هنا يتجاوز أزمات لبنان الاقتصادية. وللأسف أزفت الآزفة وتراكمت الديون الاقتصادية والسياسية والآن العسكرية ولن يستطيع أن يلبي لبنان وحده أو حتى توازنات القوى فيه متطلبات هذه الفواتير. وبالتالي من الحكمة تقديم يد العون للبنان بأية أساليب دبلوماسية وقائية قبل أن يعود لبنان والعالم العربي إلى ظروف اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982. وحينها لن يكون الأمر مساويا لما يحدث في غزة بل أكثر تعقيدا وسوءا.
https://twitter.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب لبنان إسرائيلي لبنان إسرائيل رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من جهة
إقرأ أيضاً:
هوكشتاين سيُطلع إسرائيل على رد لبنان
قالت هيئة البث الإسرائيلية ، مساء الاربعاء 20 نوفمبر 2024 ، إنه من المقرر أن يُطلع المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين، تل أبيب، الليلة، على رد لبنان بشأن مقترح واشنطن لوقف العدوان الإسرائيلي على البلاد.
وأضافت الهيئة: "سيصل هوكشتاين، إلى إسرائيل الليلة، ويلتقي وزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر، لإطلاعه على رد لبنان (بشأن المقترح الأمريكي)".
من جانبها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن مصادر إسرائيلية لم تسمها، قولها إن "هناك تفاؤلا حذرا في تل أبيب، لكن هناك تقديرات بوجود فجوات، بما في ذلك آلية الإشراف على تنفيذ الاتفاق المحتمل".
وأضافت المصادر أن لبنان، وبعكس ما تطالب به إسرائيل، لا يريد أن تكون بريطانيا وألمانيا فاعلة في الآلية، بل الدول العربية مثل مصر والأردن".
وتابعت المصادر: "في كل الأحوال، هناك اتفاق بين الطرفين على أن يرأس الآلية جنرال أمريكي من القيادة المركزية (سنتكوم)".
لكن القناة 12 العبرية الخاصة، قالت إن "هناك خلافا أساسيا بين إسرائيل من جهة، ولبنان وحزب الله من جانب آخر، حول إمكانية الدفاع عن النفس من جانب إسرائيل في حال خرق حزب الله بنود الاتفاق".
وفي شروط من شأنها تعطيل الاتفاق، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين، بحرية العمل العسكري في جنوب لبنان من أجل إبرام اتفاق التهدئة، وهو ما رفضه رئيس مجلس النواب نبيه بري، مسبقا الجمعة، حينما تسلم المقترح الأمريكي.
ويصل المبعوث الأمريكي إلى إسرائيل الليلة، بعد زيارة استغرقت يومين إلى بيروت، التقى خلالها رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ونبيه بري، وكبار المسؤولين في الجيش، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل اتفاق محتمل مع لبنان.
وبموازاة دعمها لحليفتها إسرائيل في حرب الإبادة على لبنان وقطاع غزة ، تتوسط واشنطن لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بين تل أبيب و"حزب الله".
ومساء الأربعاء، أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، أن حزبه قدم ملاحظته على المقترح الأمريكي، مشيرا إلى أن الأمر متوقف الآن على جدية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وشدد قاسم، على مبادئ حزبه في التفاوض، قائلا: "تفاوضنا تحت سقفين؛ الأول وقف العدوان بشكل كامل وشامل، والثاني حفظ السيادة اللبنانية".
المصدر : وكالة سوا