عربي21:
2025-03-02@20:58:42 GMT

سلطة أوسلو.. من يصطنع الأوهام ليبقى

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

إذا كان هناك من يصطنع الأعذار ليرحل، فهناك من يصطنع الأوهام ليبقى، وصدق من قال أن أعظم (مخاطر الحياة) لا تأتي من الأعداء، بل من (الحلفاء) الذين يزعمون العمل من أجل قضيتنا المشتركة.  قد تكون في الجملة بعض المبالغة، فالعدو سيبقى عدوا، لكنه بالفعل تمثل هذه الأصناف من البشر مخاطر حقيقية في حركة الحياة والتاريخ، خاصة وقت الأزمات، وهم موجودون في كل وقت وحين وفي كل زمان ومكان.



وكلهم يشربون من كأس السم للتجربة! وهي ظاهرة بشرية فريدة يتشابه فيها هذا الصنف من البشر مع الحيوانات المحرومة من التفكر والتدبر.

***

كلنا سمعنا وزير الدفاع جالانت متحدثا عن غزة في (اليوم التالي للحرب) باعتبار أنهم يملكون زمام الموقف والمبادرة والفعل، وبالتالي فحركة الزمان للأمام، لابد أن تمر عبرهم، فهم وكما شهدت لهم الشهور الستة الماضية من الحرب.

وسيظلون في هذا الوهم فترة غير قليلة على فكرة، فليس ذلك فقط نوع من الحرب النفسية، بأنك لازلت قويا.. بل حالة نفسية مركبة تتلبس الشخص المنزوع من حالة سابقة على حين غرة فيجد نفسه بلا حول ولا طول، إن يكن من أمر، فقد وقف غالانت شامخا شموخ (القادة الرومان)، ليعلن علينا أنه قرر تسليم غزة لدحلان أو ماجد فرج؟ أي منهما.

***

ماجد فرج (61 سنة) رئيس المخابرات الفلسطينية.. رجل همام، هامة وعلامة ويحظى بقبول أمريكي وإسرائيلي كبير وله أدوار خطيرة في التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل ومعروف تعاونه مع الـ (سي أي إيه) في الكثير من الملفات.

محمد دحلان (64 سنة) هو أيضا يحظى بقبول أمريكي إسرائيلي كبير، وهو يمثل ذلك (النوع اللذيذ) من البشر الذى شهدته الحياة العامة في مصر خلال الأربعين عاما الماضية، وهو النوع الذى سبق أن قدمته لنا الراحلة (أروى صالح ت/1997م) في كتابها المعروف(المبتسرون)..

وهو على وصفها، النوع الأكثر ثقلا من غطاء حجرى لقبر مهجور، ويهرع مهرولا إلى حلم قديم يطارده، ويقبع في مكان ما بين الدوافع الخفية ونداء الواجب.

***

لكن المشكلة مع السيد دحلان أنه ليس فقط (يصدق نفسه)! بل استطاع أن يجد من يصدقه، السيد ماجد فرج لا تعنيه كلمات مثل التاريخ والزعامة والعبقرية السياسية، طموحاته عادية جدا ليس أكثر من (شيخ غفر) في قرية ، دحلان لازال يعيش ضوضاء الغرائز الأولى، ودائما لديه (وهم) الإحساس بمسؤوليات كبرى، تجاه تعديل مسار التاريخ!

يقولون أن القائد المغولى (تيمور لنك) حين دخل بغداد، سأل أحد العلماء أن يمنحه لقبا مثل الخلفاء العباسيين الواثق بالله .. المتوكل على الله .. المعتضد بالله ..فاختار له الرجل لقب ( نعوذ بالله) !!.

***

إذا كان فيكم شموخ قديـم فكيف ارتضيتم حـياة الرمم؟! تنامون حتى يموت الصباح، وتبكون حتى يثور العدم..

شيء مؤسف في الحقيقة وأكثر من عار، أن تؤول (منظمة التحرير) إلى هذا المآل، وتحديدا حين اختارت الذهاب إلى أوسلو 1993م لتحصل على حكم ذاتي محدود في الضفة وغزة دون الحصول على أي شيء، لا القدس ولا حق العودة ولا دولة ذات سيادة.

شيء مؤسف في الحقيقة وأكثر من عار، أن تؤول (منظمة التحرير) إلى هذا المآل، وتحديدا حين اختارت الذهاب إلى أوسلو 1993م لتحصل على حكم ذاتي محدود في الضفة وغزة دون الحصول على أي شيء، لا القدس ولا حق العودة ولا دولة ذات سيادة.ومفهوم تماما سبب التحول الدراماتيكى في سياسة إسرائيل وقتها، بوضع يدها في يد عرفات والمنظمة، فقد كان (المارد) الذي يقاتل الأن في غزة، يتشكل في بطون الانتفاضة الأولى (1987م) والثانية (2000م)، وسبحان الله العظيم الذي قدر الأقدار، وخلق كل شيء فقدره تقديرا.

رحم الله من قال: أخشى ما أخشاه، أن تصبح الخيانة (وجهة نظر) إنه الشهيد صلاح خلف (أبو اياد) الذى قتلته إسرائيل فى تونس عام 1991م ، وأبو إياد هو الأب الروحي للانتفاضة الأولى وقد كان لابد من التخلص منه قبل الذهاب إلى عرفات، وتهيئة الأجواء لأوسلو ومنتجاتها.

***

هل لازال هناك بعض الوقت تستطيع فيه المنظمة استبقاء ماء وجهها، وحفظ ما تبقى منه فى الدقائق الخمس الأخيرة؟ استبعد ذلك ليس فقط لأنه ليس لديهم ما يقدموه، ولكن أيضا وهو الأهم، أن بعض قادتهم قد وصل إلى أحط الأعماق، ومستعدون لبيع العالم كله، بأتفه ثمن من أجل مصالحهم الشخصية.

***

المدهش، أن العالم كله يعرف أن تاريخ الشرق الأوسط يكتب الأن من جديد، وأن معادلة أخرى تختلف كليا، يتم الأن تسكين أرقامها الصحيحة، في أماكنها الصحيحة.

وهذه حقيقة يصل إليها الإدراك الواقعي البسيط، قبل أن يصل إليها الإدراك الاستراتيجي الفاعل، الرئيس بايدن وصف هجوم 7 أكتوبر (طوفان الأقصى): بالحدث الذي سيغير العالم، ويتردد صداه خلال القرن الـ21 ..وهذه حقيقة .

ولكن إدراكها على وجهها الأكمل، مختلف بحسب الفهم والاستيعاب، على نحو ما فسر لنا المفكر الإنجليزي الشهير (توماس كارلايل ت/1881م) موقف الناس تجاه الثياب البالية، فمنهم من لا يرى أنها بالية، ومنهم من يتردد قبل أن يغيرها، ومنهم من يسارع فورا لتغييرها، والرمز واضح بالطبع الى المقصود من التشبيه.

وطبعا المنطقة العربية عاشت في الحالة الأولى عشرات السنين.

ولن نذهب بعيدا إذا قلنا إن حركة المقاومة الإسلامية، كان لديها مؤشر تاريخي دقيق، وحاد في العشر سنوات الأخيرة، وأدركت فورا أن وقت (تغيير الملابس) هو الآن وحالا، وبالإقدام ترفع الأقدام كما يقال.

***

اليوم ونحن في الشهر السادس من هذه الحرب التاريخية الكبرى، وبعد أن تكشفت لنا كل الأشياء، ولم يبق للأرض من سر تكاتمه إلا وقد أظهرته بعد إخفاء.

كل الأسماء تم إعادة أسمائها الصحيحة إليها بعد طول إختفاء.

فئة المنافقين (بعضهم من بعض) كما أخبرنا القرآن الكريم عنهم، أطلوا برأسهم ومدوا الأعناق هنا وهناك، فهذا وقتهم، والكلاب تعرف بعضها بالنباح.

***

رحم الله الفاروق عمر، الذي ترك لنا سيرة نتذكر منها الأن سطرا يكاد ينطبق على ما قامت به المقاومة من اليوم الأول، وهو ما ذكرته عنه أمنا الكريمة الحبيبة السيدة عائشة :(كان والله أحوذيا، أعد للأمور أقرانها).

وهو والله ما أعدته وسعت إليه، واستطاعته المقاومة في غزة، من كل باب وبكل سبيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحرب الفلسطينية منظمة التحرير فلسطين غزة رأي حرب منظمة التحرير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

فرصة للتغيير

 

 

هو شهر القرآن وشهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وهو شهر الهداية والتوبة، وشهر الصبر وموسم العبادة ورفع رصيد الآخرة.
إنه بحق فرصة لمن وعى أنه كذلك، وإنه محطة لمن أراد التأسيس لبداية جديدة يغادر فيها مطامع الأنانية ومنزلقات التبرير لكل السلوكيات العبثية في حياته، وإلا فإنه يضاف إلى سلسلة من الفرص الضائعة للجاهل الغافل.
وهو فرصة لتجديد العلاقة مع الله سبحانه، وفيه تتوفر الانعطافة الأهم في حياة العبد المسلم، حيث يصير العنوان الأبرز في سلوكه هو الالتزام، ومتى تحقق ذلك كان التوفيق في الحياة الدنيا والاقتراب من جنة الآخرة.
يهدر الكثير من المسلمين للأسف هذه الفرصة منذ اللحظة الأولى لدخول الشهر المبارك، حيث يغيب عنهم عقد العزم بأن يكون شهر الصوم بداية جديدة لحياة تجعل من العمل في مرضاة الله عنوان ما تبقى من العمر، ثم يتجسد الإهدار في التعامل مع الشهر كسلوك يقتصر غالباً على الامتناع عن الطعام والشراب وحسب، فيغيب عنهم الشعور بروحانيته والاتصال بالله برغبة وأمل، ليبقى اليوم الرمضاني كباقي أيام العام باستثناء الصوم. مثل هذا المسلم غالباً لا يغير الشهر شيئاً في سلوكه، وهذه مسألة مؤسفة تنُم عن غفلة قد تودي بصاحبها إلى الهلاك.
يأتي ذلك بطبيعة الحال من عدم إدراك لقيمة هذه الفرصة وأثر استغلالها على النحو الصحيح، وعدم الإدراك بدوره يأتي من إهمال التأمل، ويكفي التأمل لما جاء عن هذا الشهر وأثره في القرآن الكريم حيث يبين لنا مفاتيح التغيير لحياتنا ويقودنا إلى طريق كسب رضا الله والنجاة من عذابه، ليرتقي العبد المسلم بسلوكه وتفاعله مع الشهر الاستثنائي الذي يصبّ إجمالا في خير ومنفعة المسلمين…
وانتهاز فرصة الشهر لكسب رضا الله، لا يقتصر على الصيام، فكل منظومة الأعمال الصالحة يترجم الالتزام بها الحرص على بلوغ مزايا الشهر وما بعده، من آثار تظهر في الدنيا وتُسجل في الآخرة.
فحُسن التعامل مع الآخرين والمواساة والقيام بأعمال الإحسان وهي من أعظم القربات والصبر، من مظاهر هذا الشهر، وهي في الوقت ذاته مؤشرات على تطور أرواحنا بحيث تصير بعدها أقرب إلى فعل الخير والتزام تلك الأخلاقيات الحميدة التي علمنا إياها ديننا الإسلامي.
البعض للأسف الشديد يتعامل مع هذا الشهر كموسم لجني المال لما يوفره الشهر من فرصة للحصول على المال سواء من خلال الأعمال الاستثنائية المرتبطة به، أو من خلال المساعدات، فيصير فيه التزامهم جزءاً من الروتين المتغير المصاحب لهذا الشهر، وهو إهدار لا يُحسد عليه صاحبه.
والبعض يدخل الشهر بنفسيته المريضة ويخرج منه على نفس الحال، ثم تراه يُصر على أنه قد قام الشهر بالشكل الذي أراد الله، إلا أن النتيجة تتجلى مع اللحظة الأولى لانتهاء الشهر، حيث يصير مجرد محطة اعتيادية يأتي كل عام بخصائصه كفصول السنة. كيف لا وهو الذي لم يستغل الفرصة لتهذيب روحه ولمراجعة نفسه وترويضها على التزام سلوك الإنسان الراجي لعفو الله ومغفرته.

مقالات مشابهة

  • سلطة المياه: جهود حثيثة لتوفير المياه الصالحة للشرب في خانيونس
  • من المطبخ اللبنانى.. طريقة عمل سلطة الفتوش
  • 7 كيلو في الأسبوع.. طريقة عمل رجيم في رمضان
  • فرصة للتغيير
  • الإصلاح يعلن انسحابه من اتفاق سابق مع صنعاء
  • هجوم غير مسبوق من الانتقالي على العرادة
  • أكلات رمضان 2025.. أفضل وجبات إفطار أول أيام الشهر المبارك
  • قائمة أكلات لشهر رمضان 2025.. إفطار وسحور لـ 30 يوم
  • الأوهام الخمسة التى باعتها منصة FBC لضحاياها وجعلتهم يخسرون تحويشة العمر
  • قاض أمريكي يشكك في قانونية الإقالات الجماعية