الإمام الطيب: «البر» من أسماء الله الحسنى الثابتة بالقرآن والسنة والإجماع
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
أوضح فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن اسم الله «البر» هو من أسماء الله تعالى الحسنى التي ثبتت بالقرآن والسنة والإجماع، وقد ورد هذا الاسم مرة واحدة في القرآن الكريم في سورة «الطور» في قوله تعالى "إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم"، موضحا أنه بين ثلاث معاني، المعنى الأول هو من "الإحسان" ومنها الإحسان على عباده، والمعنى الثاني أن "البر" هو العطوف على عباده، والعطف هنا يشمل الجميع، الكفار والمؤمنين وجميع العباد، والمعنى الثالث هو إكرام وإعزاز أوليائه، وهو هنا معني بالمؤمنين فقط، فالله تعالى لا يعز الكافرين ولا يكرمهم.
وأوضح شيخ الأزهر، خلال الحلقة الحادية والعشرون من برنامج «الإمام الطيب»، أن بعض كبار العلماء مثل الشيخ أبوبكر بن العربي، وهو من كبار العلماء المغاربة القدامى، قد رفض المعنيين الأول والثاني، بمعنى عطوف على جميع العباد، فهو يقول إذا كنت ستفسر "البر" بمعنى العطوف على جميع العباد، فمعنى ذلك أنك تقول أنه "بر بالعباد جميعأ"، وكأنك تقول أنه بر بالكفار وبالمؤمنين وهذا هو الإشكال، وكذلك يرفض التعريف الأول "البر" بمعنى الإحسان أو المحسن لأن "الإحسان" هو ليس صفة وإنما هو "أثر" أو نتيجة أو ثمرة، فارتضى التعريف الأخير وهو أن البر بمعنى "المكرم والمعز" والمحب لأوليائه، يعني للمؤمنين به.
وردا على السؤال "إذا كان "البر" يعني إكرام الله وإعزازه أوليائه، كيف نفهم ما يفعله السفهاء والظلمة بعباد الله من تنكيل وقتل وتعذيب كما نرى في غزة على سبيل المثال؟"، أوضح فضيلته أن هذا ليس معناه أن الله، وحاشاه تعالى ذلك، كأنه تخلى عن إكرامهم، فالمسألة ليست هكذا، بل لأننا فهمنا هذه الإهانة من وجهة نظرنا البشرية القاصرة، والمفروض أن ننظر بعينين، فالفعل يكون إهانة حين يكون ظاهره وباطنه واحد، بمعنى إهانة في الظاهر وإهانة في الباطن، وكذلك يكون إهانة حينما يكون مبدؤه ومنتهاه ومآله إهانه، ونتيجته جاءت أيضا في سياق الإهانة.
وأوضح شيخ الأزهر أن ما يحدث مع عباده المؤمنين في غزة، فهو يدخل في باب الإبتلاء، لأن ظاهره إهانة لكن باطنه يختلف أشد الاختلاف، فهو لحكمة يعلمها الله، مبينا أن الإهانة في الشكل، أما المضمون فهو ليس إهانة يدخل في باب المحنة التي تعقبها منحة، إيمانا بقوله تعالى "إن مع العسر يسرا" فاليسر هو المآل، مبينا أن كل ما نراه ونظنه شرا فهو كله خير، فالله سبحانه وتعالى يريد دائما الخير، وهو تعالى إذا أراد الشر فلما يتضمنه من خير، لأنه لا يظلم.
وفي نهاية الحلقة، أوضح فضيلته أن الفقر والمصائب وما يحدث الآن من حروب، ظاهرها إهانة ولكن باطنها فيه خير، وذلك لحكمة إلهية قد تخفى علينا، فهذه الحكمة الإلهية تعمل مرتبطة بصفتين، صفة العدل وصفة الجود الإلهي أو الفيض الإلهي، والفيض الإلهي مستمر ولا ينقطع، مشيرا إلى أننا إذا فكرنا في ارتباط الحكمة بالعدل فمعنى ذلك أن ما يصيب الناس ليس ظلما لهم وإذا فكرنا في ربط الحكمة بمعنى الفيض الإلهي، فذلك معناه أن كل ما يحدث هو من عند الله.
اقرأ أيضاً«الإمام الطيب».. شيخ الأزهر يكشف سر اقتران اسم الله الكبير بالعلي والمتعال
برنامج «الإمام الطيب».. شيخ الأزهر يكشف كيف يكون المؤمن حليمًا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أسماء الله تعالى الحسنى البر برنامج الإمام الطيب شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الإمام الطیب شیخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
أحمد علي سليمان من إندونيسيا: على الأمة التمسك بوحدتها تحت راية القرآن الكريم والسنة النبوية
قال الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن شكر هذه النعم يكون باستثمارها في بناء الأمة ونهضتها ومجدها.
وأوضح “سليمان” خلال خطبة الجمعة اليوم 14 رمضان 1446هـ الموافق 14 مارس 2025م، في معهد دار النجاح الثاني شبيننج بمنطقة بوجور – بجمهورية إندونيسيا، وسط حضور حاشد من السادة العلماء والدعاة والمعلمين والطلاب وجموع المصلين، أن الأمة الإسلامية تمتلك كل مقومات القوة والريادة.
وجاءت الخطبة تحت عنوان "معالم على طريق وحدة الأمة الإسلامية وتراحمها وتكافلها وقوتها وازدهارها"، حيث تناول فيها معالم الوحدة الإسلامية وأسباب قوتها، وسبل استثمار معاني الصيام وشهر رمضان في تعزيز الروابط بين المسلمين، مع تأكيده على ضرورة استثمار قيم الإسلام في نهضة الأمة.
أولًا: شكر نعم الله واستثمارها في النهوض
بدأ بالتذكير بعظيم نعم الله على الإنسان، والتي لا تُعد ولا تُحصى، مشددًا على أن شكر هذه النعم يكون باستثمارها في بناء الأمة ونهضتها ومجدها. مشيرا إلى أن الأمة الإسلامية تمتلك كل مقومات القوة والريادة، لكنها تحتاج إلى (إرادة وإدارة) وإلى وعي بأهمية هذه النعم ومقومات الوحدة والعمل بها وفق تعاليم الإسلام.
ثانيًا: القرآن الكريم مفتاح الوحدة والنهضة
أكد الدكتور سليمان أن الأمة الإسلامية كانت في مقدمة الأمم عندما تمسكت بكتاب الله وسارت على هديه، فحققت نهضة علمية وحضارية شهد لها العالم، وأسهمت في نشر العلوم والفنون والآداب شرقًا وغربًا.
وأضاف: “إذا أرادت الأمة أن تستعيد مجدها، فعليها أن تتمسك بوحدتها تحت راية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فربنا واحد ولدينا كتاب واحد، ورسول واحد، وتاريخ مشترك، وغاية واحدة.”
ثالثًا: القيم الدافعة للوحدة والقوة والتقدم
أوضح الدكتور سليمان أن الإسلام يحمل في طياته منظومة متكاملة من القيم التي تدفع الأمة نحو الوحدة والتقدم والقوة، ومن أبرزها:
• القيم الدافعة للوحدة في الفكر الإسلامي، والتي إذا فُعِلِّت فستجعل المسلمين إخوة متحابين متكاتفين.
• القيم الدافعة للتقدم، من خلال استثمار المعرفة والعلوم في تحقيق النهضة.
• القيم الدافعة للقوة، والتي إذا فُعِلِّت سنمتلك مقومات العزة والاستقلال الحضاري والعلمي.
• القيم الدافعة للتكامل، حيث يكمل بعضنا بعضًا في مسيرة البناء والتنمية.
* القيم الدافعة للتكافل والتراحم والمرحمة بين المسلمين في كل أرض الله.
رابعًا: رمضان شهر الوحدة والتكافل
أشار عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية إلى أن شهر رمضان يمثل فرصة عظيمة لترسيخ معاني الوحدة بين المسلمين، حيث يتوحدون في عباداتهم وصيامهم وصلاتهم ودعائهم، ويعيشون معاني الصبر والإخلاص والتكافل الاجتماعي، مما يعزز الروابط الأخوية ويعيد للأمة الإسلامية تماسكها. واستشهد بقول الله تعالى:
“إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ” [الأنبياء: 92].
وقوله تعالى: “وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ” [المؤمنون: 52].
خامسًا: أهمية بناء الإنسان الصالح المصلح
ونبه فضيلته إلى أن الاستثمار الحقيقي للأمة يكمن في بناء الإنسان الصالح المصلح، الذي يسهم في صلاحها وإصلاحها ونهضتها ويكون نموذجًا للإسلام في أخلاقه وسلوكه وعمله، مشددًا على أن بناء الأفراد هو حجر الزاوية لإصلاح المجتمعات والدول.
سادسًا: استعادة الدور الحضاري للأمة الإسلامية
أعاد الدكتور أحمد علي سليمان التأكيد على أن العالم الإسلامي كان يومًا ما منارة العلم والمعرفة، حيث أسهم المسلمون في الطب والهندسة والفلك والرياضيات، في الوقت الذي كانت أوروبا تعيش في عصور الظلام. وأضاف أن الحضارة الغربية أخذت علوم المسلمين، ثم أعادتها إليهم ثانية بعد أن غلفتها بثقافتها.
وأشار إلى أن الأمة الإسلامية تمتلك الثروات البشرية والمادية والطبيعية من العقول والمقدرات والخيرات والخبرات التي تمكنها من استعادة دورها الرائد في بناء الحضارة الإنسانية، إذا استثمرت في المعرفة والبحث العلمي ووفرت البيئة المحفزة للإبداع والابتكار، بدلا من المضي في صناعة التفاهة والرخاوة عبر وسائل الإعلام.
سابعًا: دعوة إلى الأخوة الإسلامية والإنسانية
وجّه الدكتور أحمد سليمان نداءً إلى جميع المسلمين في كل أرض الأرض بأن يكونوا على قلب رجل واحد، مؤكدًا أن المسلم في إندونيسيا هو أخ للمسلم في مصر والسعودية والجزائر والمغرب وسوريا وليبيا وماليزيا وباكستان والسودان وفي كل بلاد العالم الإسلامي، داعيًا إلى نبذ الفرقة والاختلاف والتمسك بروح الإخاء الإسلامي.
كما دعا إلى تعزيز الأخوة الإنسانية بين الشعوب ونشر ثقافة والتسامح والتربية عليها في شتى دول العالم لإيجاد أجيال جديدة من البشر يتراحمون، بحيث تتوقف الحروب والصراعات، ويعيش البشر في سلام ووئام، متعاونين في الخير والحق والسلام والوئام.
ثامنًا: القضية الفلسطينية والمسؤولية الإسلامية
لم تغب القضية الفلسطينية عن خطبة الدكتور أحمد علي سليمان، حيث أكد أن وحدة المسلمين وقوتهم شرط أساسي لتحرير المسجد الأقصى ونصرة المستضعفين في كل مكان، داعيًا الأمة الإسلامية إلى تكاتف الجهود لحماية المقدسات والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب المسلمة لاسيما فلسطين الأبية.
أحمد علي سليمان من إندونيسيا: الأزهر هدية الله للعالم ومنهجه حصانة للمسلمين ضد التطرف
الدكتور أحمد علي سليمان يزور الفرع الثاني من "دار النجاح" في بوجور بإندونيسيا
خير وأحب إلى الله.. د. أحمد علي سليمان يكشف الصفات المقصودة بـ المؤمن القوي
أحمد علي سليمان: المرأة المسلمة كانت دائمًا ركيزة أساسية في نهضة الأمة
واختتم بدعاء خاشع لله عز وجل، سائلاً المولى أن يلهم المسلمين رشدهم، ويوحد صفوفهم، وينصرهم على أعدائهم، وأن يجعل رمضان شهر خير وبركة للأمة الإسلامية، وأن يحفظ مصر وإندونيسيا بلاد المسلمين من الحروب والفتن ما ظهر منها وما بطن.
كمل دعا الله أن يقوي مصر بقوته، ويُعزها بعزته، وأن يجعل لها مهابة مستدامة في قلوب الأعداء، فهي التي ذكرها الله صراحة وكناية في القرآن الكريم، وتجلى عز وجل على بقعة فيها، ولم يتجلَّ على بقعة سواها. كما دعا الله أن يحرر المسجد الأقصى، وأن يرحم المستضعفين في كل مكان.
تفاعل واسع مع الخطبةلقيت الخطبة تفاعلًا واسعًا بين الحضور، حيث عبّر الكثيرون عن تأثرهم العميق بالمضامين الإيمانية والفكرية والتربوية القوية التي طرحها، واعتبروها بمثابة نداء إيماني لإعادة وحدة الأمة ونهضتها.
كما نُشرت مقتطفات من الخطبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أنحاء إندونيسيا، كما حظيت بردود فعل إيجابية من المسلمين حول العالم.
بهذه الكلمات القوية والرسائل العميقة، ترك الدكتور أحمد علي سليمان بصمة جديدة في خطابه الدعوي، مؤكدًا أن وحدة المسلمين ليست حلمًا بعيد المنال، بل هي ضرورة حتمية يمكن تحقيقها بالعودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والعمل الجاد من أجل نهضة الأمة ورقيها.
واعتبرت معاهد دار النجاح أن هذه الخطبة التاريخية تعد وثيقة ملهمة من وثائق الوحدة الإسلامية، ويجب أن تُفعل الطروحات الواردة فيها لنكون كما وصفنا الله كنتم خير أمة أخرجت الناس.