الجزيرة:
2025-03-09@16:15:16 GMT

القراءة النقدية.. كيف تقرأ مقالا فلسفيا وتفهمه؟

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

القراءة النقدية.. كيف تقرأ مقالا فلسفيا وتفهمه؟

عند سماع كلمة فلسفة أو ما يشتق منها قد ينتاب الواحد منا نفور لما يتوقع من صعوبة تتبع أفكار لا يمكن قياسها على أرض الواقع ولا تقدم دليلا عمليا يساعد على تحسين حياة الفرد، حتى وإن كان عنوان المادة عن السعادة أو العلاقات أو عن الدولة، ذلك أن الفلسفة في تعريفها اللغوي هي "حب الحكمة" والحكمة قد تكون أحيانا صعبة البلوغ.

لكننا في هذا المقال نتطرق لما قدمه الفيلسوف والبروفيسور بجامعة أوكسفورد لويس بويمن (Louis Pojman) رفقة المؤلف لويس فوغن (Lewis Vaughn) في كتابهما "الفلسفة.. البحث عن الحقيقة" وذلك لمساعدتك على الاستمتاع وفهم أي نص فلسفي قد يقع بين يديك.

يعرف "إيمانويل كانت" الفلسفة بأنها ملكة كل العلوم، وهي أيضا علم الحصول على المعرفة، ويعتقد بويمن وفوغن أن "قراءة الفلسفة هو بطريقة أو بأخرى بمثابة التعرف إلى أدبيات مجالات أخرى في الآن ذاته"، فهي تقدم حفرا عميقا لفهم طريقة عمل أي شيء، وتساعد على النظر إلى الأمور بشكل أوسع وأكثر شمولية على المدى البعيد، ذلك أنه أثناء القراءة و"لمحاولة الوصول إلى الاستنتاج يتوجب عليك تتبع خطوات بناء الحجة" لتخرج ليس بأفكار فحسب بل بطريقة تفكير أيضا، وأبسط ما ينصح به بويمن وفوغن لسهولة فهم المواد الفلسفية هو "المواظبة على القراءة".

أولا: باشر القراءة بذهن منفتح

إن كنت حديث عهد بالفلسفة -وعلى الأغلب أنك كذلك- فقد تشعر أثناء قراءة أي نص فلسفي بالصعوبة أو بالغرابة أو بالسخط وأحيانا بالـ3 جميعها، وهذا طبيعي، فقراءة الفلسفة أشبه برحلة وعرة لاكتشاف حدود معرفتنا الأساسية بالأشياء أين ستعترضنا أفكار أشبه بالعقبات قد لا نتفق مع صحتها بالضرورة، ونغلق بعدها النص دون عودة لتكون نهاية رحلة سريعة وحزينة.

من أجل ذلك، يذكر بويمن وفوغن بأن فعل القيام بالتفلسف هو التفكير والبحث دون قيود عن الحكمة، والطبيعة البشرية تحتمل الخطأ، ومن أجل الاستفادة من تلك الأخطاء، يوجد مجال للقارئ حتى يختلف مع المؤلف، لذلك ينصحان بتجنب الحكم على النص بأنه صواب أو خطأ أثناء القراءة، كل ما عليك هو القراءة والتركيز على استكشاف طريقة تفكير المؤلف.

كما ينصح بوين وفوغن بإعادة التفكير فيما تقرأه ونظرتك إليه إذا ما وجدته سخيفا أو مثيرا للضحك، فمن "الوارد أنك تسيء فهم ما تقرؤه، ومن الحكمة أن تفترض أن النص يقدم شيئًا ذا قيمة (حتى لو كنت لا توافق عليه)، وأنك بحاجة إلى إعادة قراءته بعناية أكبر".

ثانيا: اقرأ بتمعن وبعقل ناقد

قد تبدو النصيحة الثانية مناقضة للأولى، فكيف تنقد ما تقرأ وأنت تتجنب الحكم على صوابه من عدمه. هنا عليك التفرقة بين القراءة الفعالة والقراءة العابرة، فأن تركز وأنت تقرأ يعني أن تتبع رحلة الكاتب من افتراضاته التي انطلق منها إلى الاستنتاج الذي وصل إليه، ومن هنا يوضح بويمن وفوغن أن قراءة الفلسفة هي عمل ثقيل ولا يمكن القيام به سريعا وعقلك على "وضعية الطيران الآلي" مثل قراءة رواية أو مقال إخباري على سبيل المثال.

قراءة الفلسفة أيضا هي قراءة نقدية، بمعنى أنها تتطلب أثناء التفكير في صحة ما توصل إليه الكاتب ليس انطلاقا من آرائنا الشخصية بل انطلاقا من تتبع تسلسل الأفكار وترابطها من الادعاء أو الادعاءات التي انطلق منها الكاتب وصولا إلى النتيجة التي يريد الوصول إليها، تذكر أن الأحكام الشخصية أثناء قراءة الفلسفة تأتي لاحقا، لكن أيضا وسيلة جيدة للاستئناس في التقاط الاستنتاجات ومقارنتها بما قد نعرفه سابقا.

ثالثا: تعرف على الخلاصة أولا ثم راجع الافتراضات

قراءة الفلسفة في البداية قد تكون أشبه بدخول غابة مظلمة ذات أشجار كثيفة قد تضيع طريقك خلال التجول فيها، لا تيأس فهذا ما يواجهه الجميع، أو الطلاب على الأقل. يؤكد بوين وفوغن على تذكر أن النصوص الفلسفية هي نصوص حجاجية، تتميز بوجود استنتاجات مبنية على ادعاءات أو افتراضات تشكل مع بعضها حجة قد تكون في حد ذاتها حجة فرعية لإثبات صحة حجة أساسية، وحتى لا تضيع بين هذه "الأشجار الكثيفة"، فإن بوين وفوغن ينصحان بتحديد الاستنتاجات التي يريد الكاتب إثباتها أولا لتتعرف على أفكاره بشكل عام وتتمكن من رسم خريطة ذهنية تستأنس بها في طريقك للعودة إلى الافتراضات الأولية والروابط المنطقية التي شكلتها.

ما يريد الكاتب إثباته من عمله ككل تجده على الأغلب في المقدمة أو في الخاتمة، حيث تكون الأفكار الخام دون استدلال أو حجاج، ثم في داخل النص تجد الحجج الثانوية التي تقع خلاصتها في نهاية كل منها، وينصح هنا باستعمال ملون لتوضيح الاستنتاجات وتفريقها على الادعاءات.

رابعا: اكتب ملاحظاتك الجانبية أو لخص ما قرأت

قد تتفاجأ بعد قراءة نص فلسفي تظن أنك فهمته بصعوبة إعادة ما جاء فيه، أو حتى تلخصيه، وهذا ما يعتبره بوين وفوغن مؤشرا سلبيا قد يدل على أنك لم تفهم ما قرأت جيدا، لذلك ينصحان بإعادة كتابة كل حجة بطريقة أخرى أو تخليصها حتى تتأكد من فهمك الصحيح لكل واحدة منها وأنك في النهاية قد استوعبت ما جاء في النص إجمالا.

خامسا: حان وقتك

مادمت قادرا على التفكير فأنت قادر على النقد وهذا يعني أنك قادر على فعل التفلسف، في الخطوة الخامسة والأخيرة يقترح بوين وفوغن استعراض مهاراتك في التفلسف وإطلاق العنان للحكم على ما قرأته كاملا من وجهة نظرك الشخصية، ويمكن القيام بذلك عبر الحكم على الادعاءات الأولية التي انطلق منها الكاتب في نصه أو في كل حجة على حدة ومن ثم قوة ترابطها مع الاستنتاج النهائي وما إذا كان الاستنتاج النهائي صحيحا، ولا تنس أن تتحرى النزاهة وتوضيح أسباب اختلافك أو موافقتك على النص من داخل النص نفسه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

شهر القراءة.. انعكاس لهوية الإمارات الحضارية وتعزيز للتسامح والانفتاح

تحتفي الإمارات في شهر مارس (أذار) من كل عام بـ "شهر القراءة"، الذي يُعد أحد أبرز الأحداث الثقافية المحلية التي تهدف لترسيخ ثقافة القراءة وبناء مجتمع المعرفة، وتعزيز مكانة الدولة كوجهة ثقافية وفكرية على المستويين الإقليمي والعالمي.

وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة نوال النقبي أستاذ بكلية الاتصال في جامعة الشارقة، أن مبادرة "شهر القراءة" في دولة الإمارات تأتي تجسيداً لرؤية القيادة الرشيدة في بناء مجتمع معرفي متسلح بالعلم والثقافة. فالقراءة ليست مجرد نشاط ثقافي، بل هي أداة محورية في تطوير العقول وتعزيز التفكير النقدي والإبداعي، وهو ما يتماشى مع تطلعات الدولة نحو اقتصاد قائم على المعرفة.
وقالت إن تخصيص شهر كامل للاحتفاء بالقراءة يعكس إيمان الإمارات العميق بأهمية الكتاب في صياغة مستقبل أكثر تطوراً، كما يسهم في ترسيخ عادة القراءة لدى الأجيال الجديدة، مما يعزز دور الدولة كمنارة ثقافية على المستويين الإقليمي والعالمي.

الاستثمار في الانسان

ومن جانبه، لفت الدكتور محمد حمدان بن جَرْش السويدي، أن مبادرة "شهر القراءة" في الإمارات تجسِّدُ رؤيةَ القيادة الرشيدة بالاستثمار في الإنسان كأساسٍ للتنمية الشاملة، عبر بناء العقول وتنمية المعرفة، انطلاقاً من إيمانها بأنَّ الإنسانَ ركيزة التقدُّم. وتبرزُ أثره الإيجابي في تعزيز الوعي الثقافي، وترسيخ مهارات التفكير النقدي، وإثراء الحوار المجتمعي بين الأجيال، من خلال فعالياتٍ نوعية تستهدف الشبابَ والأطفالَ والعائلات.
وأضاف: يُسهم الشهر في تعزيز قيم التسامح والانفتاح، انعكاساً لهوية الإمارات الحضارية، مما يُرسخُ مجتمعاً قائماً على العلم والإبداع، ويضمنُ تحقيق تنميةٍ مستدامةٍ تُواكب طموحات الوطن نحو المستقبل. إن القراءة والابتكار والاستدامة تتكامل في علاقة وثيقة، تحمل في طياتها حقيقة تقدم المجتمع. فالقراءة تُغذي العقول وتفتح آفاق الفكر، مما يسهم في صياغة حلول مبتكرة للتحديات، ويعزز من قدرة المجتمع على التطور والنمو في عالم متغير.

ثقافة مستدامة

وقال الدكتور أحمد طقش مستشار إعلامي: "شهر القراءة" خطوة استراتيجية نحو ترسيخ ثقافة مستدامة للمعرفة والتعلم مدى الحياة. فالقراءة هي أساس الابتكار والتطور، وتعزيزها على مستوى الأفراد يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وإنتاجية. ما يميز هذه المبادرة أنها لا تقتصر على المؤسسات التعليمية فحسب، بل تمتد لتشمل جميع فئات المجتمع، مما يعكس رؤية الإمارات الطموحة في أن تكون مركزاً ثقافياً عالمياً.
وأكد أن الاستثمار في المعرفة والكتاب هو استثمار في المستقبل، وشهر القراءة فرصة ذهبية لترسيخ هذا النهج في وجدان الأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • قراءة إسرائيلية في مواقف ماليزيا تجاه حرب غزة وعلاقتها مع حماس
  • قراءة في ظاهرة الارتداد عن الدين في السعوديّة
  • بعد قراءة الفاتحة على روح محمود بكري.. بدء استقبال المدعوّين لـ حفل إفطار أبناء الصعيد والقبائل العربية
  • دراسة استطلاعية تؤكد تعزيز الهوية النقدية لرمز الريال السعودي
  • خفة النص التي احتملها الغذامي ولم يطقها البازعي!
  • سيرة الفلسفة الوضعية (11)
  • مؤسسة اليتيم تدشين فعاليات اليوم الوطني لليتيم بتوزيع الكفالة النقدية والسلة الغذائية
  • لماذا يجب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة في رمضان.. بسبب 7 أسرار
  • شهر القراءة.. انعكاس لهوية الإمارات الحضارية وتعزيز للتسامح والانفتاح
  • وصول عدد المشاركين بـ«مبادرة تحدي القراءة» إلى 110 آلاف طالب