قال فضيلة الإمام الأكبر ألدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن اسم الله «البر»، هو من أسماء الله تعالى الحسنى التي ثبتت بالقرآن والسنة والإجماع،  وقد ورد هذا الاسم مرة واحدة في القرآن الكريم في سورة "الطور" في قوله تعالى "إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم"، موضحا أنه بين ثلاث معاني، المعنى الأول هو من "الإحسان" ومنها الإحسان على عباده، والمعنى الثاني أن "البر" هو العطوف على عباده، والعطف هنا يشمل الجميع، الكفار والمؤمنين وجميع العباد، والمعنى الثالث هو إكرام وإعزاز أوليائه، وهو هنا معني بالمؤمنين فقط، فالله تعالى لا يعز الكافرين ولا يكرمهم.

وأوضح شيخ الأزهر، خلال الحلقة الحادية والعشرون من برنامج "الإمام الطيب"، أن بعض كبار العلماء مثل الشيخ أبوبكر بن العربي، وهو من كبار العلماء المغاربة القدامى، قد رفض المعنيين الأول والثاني، بمعنى عطوف على جميع العباد، فهو يقول إذا كنت ستفسر "البر" بمعنى العطوف على جميع العباد، فمعنى ذلك أنك تقول أنه "بر بالعباد جميعأ"، وكأنك تقول أنه بر بالكفار وبالمؤمنين وهذا هو الإشكال، وكذلك يرفض التعريف الأول "البر" بمعنى الإحسان أو المحسن لأن  "الإحسان" هو ليس صفة وإنما هو "أثر" أو نتيجة أو ثمرة، فارتضى التعريف الأخير وهو أن البر بمعنى "المكرم والمعز" والمحب لأوليائه، يعني للمؤمنين به.

وردا على السؤال "إذا كان "البر" يعني إكرام الله وإعزازه أوليائه، كيف نفهم ما يفعله السفهاء والظلمة بعباد الله من تنكيل وقتل وتعذيب كما نرى في غزة على سبيل المثال؟"، أوضح فضيلته أن هذا ليس معناه أن الله، وحاشاه تعالى ذلك، كأنه تخلى عن إكرامهم، فالمسألة ليست هكذا، بل لأننا فهمنا هذه الإهانة من وجهة نظرنا البشرية القاصرة، والمفروض أن ننظر بعينين، فالفعل يكون إهانة حين يكون ظاهره وباطنه واحد، بمعنى إهانة في الظاهر وإهانة في الباطن، وكذلك يكون إهانة حينما يكون مبدؤه ومنتهاه ومآله إهانه، ونتيجته جاءت أيضا في سياق الإهانة.

وبين شيخ الأزهر أن ما يحدث مع عباده المؤمنين في غزة، فهو يدخل في باب الإبتلاء، لأن ظاهره إهانة لكن باطنه يختلف أشد الاختلاف، فهو لحكمة يعلمها الله، مبينا أن الإهانة في الشكل، أما المضمون فهو ليس إهانة يدخل في باب المحنة التي تعقبها منحة، إيمانا بقوله تعالى "إن مع العسر يسرا" فاليسر هو المآل، مبينا أن كل ما نراه ونظنه شرا فهو كله خير، فالله سبحانه وتعالى يريد دائما الخير، وهو تعالى إذا أراد الشر فلما يتضمنه من خير، لأنه لا يظلم.

وفي نهاية الحلقة، قال فضيلته: “الفقر والمصائب وما يحدث الآن من حروب، ظاهرها إهانة ولكن باطنها فيه خير، وذلك لحكمة إلهية قد تخفى علينا، فهذه الحكمة الإلهية تعمل مرتبطة بصفتين، صفة العدل وصفة الجود الإلهي أو الفيض الإلهي، والفيض الإلهي مستمر ولا ينقطع،  أننا إذا فكرنا في ارتباط الحكمة بالعدل فمعنى ذلك أن ما يصيب الناس ليس ظلما لهم وإذا فكرنا في ربط الحكمة بمعنى الفيض الإلهي، فذلك معناه أن كل ما يحدث هو من عند الله”.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: احمد الطيب شيخ الأزهر غزة شیخ الأزهر ما یحدث

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: إذا فاتتك ليلة النصف من شعبان فعليك بهذ الوقت كل يوم

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن ليلة النصف من شعبان مرت سريعًا بما فيه من نفحات جليلة وفيوضات غزيرة‏،‏ فيا سعد من اغتنمها. 

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه لا يظن المسلم أنه ما دامت ليلة النصف من شعبان قد انقضت ، فقد أُغلِق باب الرحمات والمغفرة ، بل إن بابهما مفتوح إلى يوم الدين، ومن أراد أن ينهل منها ، فعليه بجزء الليل الأخير ، فإنه وقت تنزل الرحمات من الله، وذلك في كل ليلة ، لا تختص به ليلة دون ليلة أخرى. قال رسول الله ﷺ: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» (صحيح البخاري).

من أجل ذلك ، كان على المسلم أن يحرص في هذه الأيام على إصلاح ذات بينه، وعلى جمع كلمته مع أخيه قبل دخول شهر رمضان، حتى إذا جاء رمضان ، وجد نفسه قد صفت وخلت من البغضاء والتحاسد والشحناء ، فيغفر الله له ما تقدم من ذنبه.

والمسلم مأمور دائمًا وأبدًا بإصلاح ذات بينه مع الناس عامةً ، قال تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا.  كما هو مأمور أيضًا بإصلاح ذات بينه مع المؤمنين، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) .

وقد بيَّن النبي ﷺ الفضل العظيم والنفع العميم المترتب على إصلاح ذات البين، فقال: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة»، قالوا : بلي، قال: «صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة».

وبعد أن ذكر الإمام الترمذي هذا الحديث قال: ويُروى عن النبي ﷺ أنه قال: «هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين» (سنن الترمذي). فجعل النبي ﷺ أجر الإصلاح بين الناس أعلى وأفضل من عبادات تعد ركنًا أصيلًا في الإسلام; ليستنفر همة المسلم ، فيحرص على الإصلاح في المجتمع، مما يجعله مجتمعًا صالحًا ، تتحقق فيه وحدة الصف وسلامة الهدف.

ولا يخفى أننا أحوج ما نكون في هذه الأيام إلى التأكيد على قيمة رفع التشاحن والسعي لإصلاح ذات البين، لنستقبل رمضان بنفوس صافية ، وروح عالية ، وأعمال متقبلة. فلا تفوتنك هذه النفحات ، أيها المسلم الحريص على رضا ربه، وأصلح ذات بينك حتى يقبلك الله تعالى.

فاللهم أصلح ذات بيننا ، ووفقنا إلى ما تحب وترضى.

مقالات مشابهة

  • عمار: لن يكون هذا الوطن موطئ قدم أميركية إسرائيلية
  • علي جمعة: إذا فاتتك ليلة النصف من شعبان فعليك بهذ الوقت كل يوم
  • أمطار غزيرة على منطقة الباحة
  • المجلس السياسي لحزب الله: منع الطائرة الإيرانية من دخول لبنان إهانة للدولة
  • حكم الإكثار من الحلف دون داعٍ وهل له كفارة ؟ الإفتاء توضح
  • باحث بمرصد الأزهر: الحدود تهذيب لا تنكيل.. والإسلام لم يترك تطبيقها للأفراد والجماعات
  • أستاذ شريعة إسلامية يكشف عن كيفية استقبال الابتلاء
  • مفتي الجمهورية: الشائعات سلاحٌ لتزييف الحقائق وإفساد المجتمعات
  • «فيديو» متى يكون الابتلاء نعمة أو نقمة؟.. الدكتور محمد مهنا يجيب
  • هل الابتلاء دائمًا نعمة؟.. عالم أزهري يُجيب