جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-31@14:06:23 GMT

مارتينيز

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

مارتينيز

 

قصة: سعود بن حمد الطائي

كان الطريق إلى مدريد من غرناطة وعبر جبال سييرا نيفادا، أو جبال الثلج يشبه رحلة تاريخية مليئة بالحزن والأسى والمجد الغابر الذي أضاعه أهله، وكلما أسرع القطار في طريقه نحو تلك السهول الخضراء، كلما أسرع الزمن في طيّ صفحة كانت ولاتزال من أجمل صفحات الزمن المنسي على عتبات المجد وأكثرها وجعًا وألمًا.

جلس إلى جانبي في القطار شاب إسباني حسن الهندام جميل المحيا متوترا بعض الشيء وكان بين الفينة والأخرى يترك مقعده ويذهب لتدخين سيجارة ثم يعود مرة أخرى وكنت قد أحضرت معي بعضا من المكسرات والقليل من الفاكهة وضعت شيئاً منها على الطاولة الصغيرة وعندما جاء للمرة الثانية عرضت عليه أن يُشاركني فمد يده باستحياء

- قلت له: إن اسمك مارتينيز

- أليس كذلك

نظر إلى حقيبته في أعلى القطار، وضحك وقال لك عينان قويتان. وكان اسمه مكتوباً على ظهر الحقيبة

- قلت له: كأنك من المرية

- نظرإليَّ مستغربا وسألني:

- هل ذلك أيضاً مكتوب على الحقيبة

- قلت له: لا

- إنه مكتوب عل اسمك الذي تحول مع مرور الزمن إلى مارتينيث أو  مارتينيز


 

- إن أصولك تبدوعربية مثلي يا مارتينيز ؛ لقد كان ذلك من ألف عام، حيث كان حكام المرية وبلنسية عربا من بني مردنيش، وقد استقرّ لقائدهم "أبو عبد الله، محمد بن سعد بن محمد بن أحمد بن مردنيش" حكم "المرية" Almeria عام 542هـ/1147م، وبعدها ازدادت شوكته، وسعى إلى توسيع نطاق إمارته، فولّى ابن أخيه يوسف "بلنسية"، ثم ضمّ إلى مُلكه "شاطبة" و"دانية"، وطمع بـ"إشبيلية"، ونازل "قرطبة"، و"قرمونة"، وكاد يستولي على جميع الأندلس".

- ولكن التاريخ يبقى هو الشاهد الوحيد على تلك الأحداث

- أذاهب أنت إلى مدريد؟

- نعم

أتعلم أنَّ "مدريد" مدينة عربية المنشأ أيضاً أسسها الأمير "محمد الأول بن عبد الرحمن الثاني" عندما كان واليًا على قرطبة عام ٨٥٥ ميلادية.

نظر مارتينيز إلى النافذة وكانت الجبال على وشك أن تنتهي وتحل بدلا منها سهول خضراء عتيقة.

مرَّ عليها الكثير من الفاتحين والغزاة فذهبوا وتولوا وفي قلوبهم غُصة وحسرات وبقيت السهول خضراء يانعة شاهدة وكأنها خُلِقت من جديد.

قال مارتينيز وقد بدأت معالم "طليطلة" تبدو من بعيد:

- لقد كانت "مدريد" عربية المنشأ ومن قبلها كانت طليطلة عاصمة لإسبانيا العربية المسلمة وبقيت غرناطة وقصر الحمراء جرحا ينزف كل يوم دماً ودمعاً ولكنكم أنتم من أضعتم كل شيء بأيديكم المخضبة بدماء أقرب النَّاس إليكم.

- لقد أضعتم إسبانيا بعد أن جعلتموها على طريق النور والمجد فأصبحت بفضلكم إمبراطورية واسعة الأطراف عزيزة الجانب وانكفأتم أنتم بحدود تضعونها فيما بينكم وانشغلتم بقتال بعضكم البعض وعميت أبصاركم عن رؤية الحق وطريق المجد ولازلتم منذ ذلك اليوم الذي خرج فيه عبد الله الصغير آخر ملوك غرناطة من قصر الحمراء وحتى يومنا هذا وأنتم في شقاق وعجز وتقفون مع عدوكم وهو يقتل أطفالكم ويستبيح أعراضكم.

- أوا هل تريدني أن أذكر آبائي من بني مردنيش حكام "فالنسية" و"المرية" أو أذكر المعتمد بن عباد الذي مات أسيرا منفيا في مدينة "أغمات" جنوب وسط المغرب على أيدي من استعان بهم لإنقاذ الأندلس.

- سأترك لك عنواني في "المرية" لتتواصل معي عندما تنبعث أمتكم الإسلامية من الكهف من جديد وعندها سوف يعود لي اسمي "ابن مردنيش" بدلا من مارتينيز مرة أخرى...

- أوا هل تريدني بعد كل هذا الأسي أن أذكر آبائي من بني مردنيش.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العيد في العراق بين الماضي والحاضر: ما الذي طرأ على المجتمع

آخر تحديث: 30 مارس 2025 - 11:34 صبقلم:د. مصطفى الصبيحي
العيد في العراق كان مناسبة ذات طابع خاص اجتماعياً ودينياً يعكس التلاحم بين الأفراد والعائلات. كانت الاستعدادات تبدأ قبل أيام، حيث تنشغل العائلات بصناعة الحلويات التقليدية مثل الكليجة، وهي من أبرز رموز العيد التي يجتمع حولها الكبار والصغار. وكانت الأسواق تشهد حركة نشطة لشراء الملابس الجديدة، خاصة للأطفال، الذين كانوا ينتظرون هذه المناسبة بلهفة للحصول على “العيدية”، وهي المبلغ المالي الذي يمنحه الكبار للصغار كنوع من العطاء والبركة.
كان العيد أيضاً فرصة للتزاور وصلة الرحم، حيث يحرص الجميع على زيارة الأقارب والجيران وتبادل التهاني. ولم تكن هذه الزيارات مجرد مجاملات، بل كانت تعكس روح المحبة والتضامن بين أفراد المجتمع. كما لعبت المساجد والمجالس العشائرية دوراً محورياً في توحيد الناس، حيث كانت تقام فيها الصلوات وتبادل التهاني بين أفراد القبائل والعشائر المختلفة.
وشهد العراق تغيرات اجتماعية كبيرة خلال العقود الأخيرة أثرت على طبيعة الاحتفال بالعيد. في الماضي، كانت العلاقات العائلية أكثر تماسكاً، وكانت الزيارات تتم ببساطة ودون تكلف. أما اليوم، فقد تغير نمط الحياة، وأصبحت الزيارات العائلية أقل تواتراً بسبب الانشغال بالعمل أو الابتعاد الجغرافي الناجم عن الهجرة الداخلية والخارجية. ومع ذلك، لا تزال بعض العادات قائمة، وإن كان يتم التعبير عنها بطرق حديثة، مثل تبادل التهاني عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من الزيارات المباشرة.
ومنذ عام 2003، شهد العراق تحولات سياسية وأمنية أثرت على الطابع الاجتماعي للأعياد. في بعض الفترات، أدى الانقسام السياسي والطائفي إلى تراجع بعض مظاهر الاحتفال بالعيد، خاصة في المناطق التي شهدت اضطرابات أمنية. كما أن الهجرة الداخلية بين المحافظات، بسبب النزاعات أو البحث عن فرص اقتصادية، أحدثت تغييرات في طبيعة العلاقات الاجتماعية، مما أثر على التجمعات العائلية الكبيرة التي كانت سائدة سابقاً.
ورغم هذه التحديات، يبقى العيد مناسبة تجمع العراقيين، حيث يحاولون تجاوز الخلافات السياسية والاستمتاع بأجواء الفرح، ولو بطرق أكثر تحفظاً وأقل انفتاحاً مقارنة بالماضي.
ولعبت الظروف الاقتصادية دوراً بارزاً في تغيير عادات العيد في العراق. في الماضي، كانت العائلات قادرة على تحمل نفقات العيد من شراء على تحمل نفقات العيد من شراء الملابس الجديدة وإعداد الولائم وتقديم العيديات. أما اليوم، فمع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، أصبح الكثيرون يقتصدون في نفقات العيد، مما أثر على بعض العادات الاستهلاكية المرتبطة بالمناسبة. ورغم ذلك، يحاول العراقيون التكيف مع هذه الأوضاع، حيث باتت الاحتفالات أكثر بساطة، لكن الروح الحقيقية للعيد، المتمثلة في التواصل الاجتماعي وتبادل الفرح، لا تزال قائمة. وكان للإعلام دور مهم في توثيق مظاهر العيد في العراق عبر العقود. ففي الماضي، كانت الإذاعة والتلفزيون تقدمان برامج خاصة بالعيد، تشمل الأغاني الوطنية والفقرات الترفيهية، كما كانت الصحف تسلط الضوء على أجواء العيد في مختلف المحافظات. أما اليوم، فقد تطور الإعلام مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت هذه المنصات جزءاً من الاحتفال، من خلال نشر التهاني والصور والفيديوهات التي توثق الأجواء العائلية والمجتمعية خلال العيد. ويرتبط مستقبل العيد في العراق بالتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد. مع تطور التكنولوجيا، قد تصبح بعض العادات أكثر رقمية، مثل تبادل التهاني عبر الإنترنت بدلاً من الزيارات التقليدية. ولكن في المقابل، لا يزال هناك تمسك قوي بالعادات الأصيلة، خاصة بين الأجيال الأكبر سناً التي تسعى لنقلها إلى الشباب. إذا تحسنت الأوضاع الأمنية والاقتصادية، فمن المتوقع أن يستعيد العيد في العراق أجواءه السابقة، وأن يعود ليكون مناسبة تجمع العراقيين في احتفالات أكثر بهجة، رغم استمرار بعض التغيرات التي فرضها العصر الحديث. ورغم التغيرات الكبيرة التي طرأت على العراق، فإن العادات والتقاليد لا تزال تحافظ على هوية العيد. لا تزال الكليجة تُصنع في أغلب البيوت، ولا تزال الأسر تحاول جمع شملها في هذه المناسبة رغم الصعوبات. كما أن فكرة العيدية، وإن تضاءلت قيمتها المالية بفعل التضخم، لا تزال تشكل فرحة للأطفال. بشكل عام، يعكس العيد في العراق مزيجاً من الأصالة والتغيير، حيث تحافظ بعض التقاليد على وجودها رغم التحولات الكبيرة، مما يؤكد أن هذه المناسبة تبقى رمزاً للاستمرارية والتواصل الاجتماعي في المجتمع العراقي… كل عام وانتم بخير

مقالات مشابهة

  • بالفيديو .. من هو الشيخ الذي عاتب الشرع بسبب التهميش؟ مؤيد لنظام الأسد
  • العيد في العراق بين الماضي والحاضر: ما الذي طرأ على المجتمع
  • حماس توافق على مقترح وقف إطلاق النار الذي تلقته قبل يومين
  • اليُتْمُ الذي وقف التاريخُ إجلالًا وتعظيمًا له
  • الجزيرة ترصد الدمار الذي لحق بمقر إقامة عبد الفتاح البرهان في الخرطوم
  • توقف الحرب… من الذي كان وراءه
  • الجزائر تتضامن مع ميانمار إثر الزلزال الذي ضرب البلاد 
  • مفاجأة.. برشلونة قد يخسر مباراته أمام أوساسونا بسبب «مارتينيز»
  • برشلونة مهدد بفقدان النقاط.. أوساسونا يشتكي مشاركة مارتينيز
  • هل زكاة الفطر لا تجب على الذي عليه دين؟.. دار الإفتاء تجيب