عادات رمضان في غزة هذا العام حال دونها واقع الحرب القاتم
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرا يصور حياة أهل غزة في شهر رمضان الكريم، إذ لا يشبه رمضان هذا العام رمضان المعتاد في القطاع بأطعمته الشهية والمتنوعة وتجمع الأسر على طعام الإفطار ونشاطات ما بعد الإفطار.
وقالت إن الفلسطينيين في القطاع يقضون شهر رمضان هذا العام في ظل واقع جديد قاتم، حيث الظروف "تشبه المجاعة"، ونقلت على لسان بعض السكان تفاصيل حياتهم اليومية وتفاصيل ما يتناولونه.
ونقلت عن حسناء جبريل (58 عاما) قولها إنها تغلي الماء غير النظيف لصنع الحساء من الصبار والأعشاب التي تجمعها من الحقول لتناول وجبات الإفطار، مضيفة وهي تحتمي في خيمة مع زوجها في مدينة رفح جنوب غزة بين أكثر من مليون نازح فلسطيني آخر: "نستخدم أي شيء نجده".
وأشار التقرير إلى أنه من المفترض أن يكون رمضان شهرا للعبادة والاحتفال أيضا، مع تجمعات كبيرة بين العائلة والأصدقاء، مضيفا أن في غزة، مثل أي مكان آخر، يتغيّر الجدول الزمني للمسلمين، مع وجبة السحور، يليها صيام النهار بأكمله، ثم الإفطار عند غروب الشمس، وتناول الحلويات مع الشاي.
صيام مستمر في رمضان وقبلهوتقول حسناء جبريل إن صيام رمضان هذا العام لم يغير مقدار ما يأكلونه، إذ كانت علب الحمص والتمر القليلة التي يتلقونها في صورة مساعدات قبل رمضان غير كافية لأكثر من وجبة واحدة في اليوم، مضيفة: "يبدو أننا كنا نصوم منذ شهور"، واصفة الظروف الإنسانية الصعبة في القطاع.
والآن، تقول، إن زوجها يتخطى وجبات رمضان، ليس لأنه ليس جائعا، "إنه يعتقد أنه يدخر مزيدا من أجلي، بينما يخفي إرهاقه ودموعه على وضعنا".
هناك القليل للفرح برمضان، تقول الصحيفة، إذ تمت تسوية العديد من المساجد بالأرض بسبب الغارات الجوية، والأيتام يتجولون في الشوارع، ويتجنب الناس التجمعات الكبيرة خشية أن تجذب انتباه الجيش الإسرائيلي، والزخارف التي كانت تلمع على المباني الخرسانية في غزة غائبة، وحتى الآذان، فقد اختلط مع ضجيج الصواريخ والغارات والتفجيرات، وبدلا من الوقت الاجتماعي في وقت متأخر من الليل، غالبا ما ينحني الأقارب على بعضهم البعض وسط القصف.
وتقول سارة الغلاييني (24 عاما)، التي تحتمي في منزل شقيقتها في مدينة غزة المسحوقة التي أفرغت من غالبية سكانها ومليئة بالمنازل المدمرة، بما في ذلك منزلها، إن عديدا من أحبائها فروا جنوبا ليتجنبوا القصف الكثيف في الشمال، وأضافت عبر الهاتف: "نحن محاصرون. القصف لا يتوقف، لذا لا نغادر المنزل. نحن خائفون من أن نقتل في أي لحظة".
وحكت الغلاييني عن أنها تفتقد الوقت الجيد في رمضان الذي كانت تقضيه في التجمعات العائلية المفعمة بالحيوية، حيث يفطرون معا على الطعام الطازج والساخن، مشيرة إلى أنها أفطرت أول يوم في رمضان الحالي على الخبز والتمر والماء. وقالت: "ليس لدينا ما يجعلنا نشعر أنه رمضان".
وذكر التقرير أن تقديرات مؤسسة "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" -التي تديرها كوادر من الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة والمجموعات البحثية- تفيد بأن أكثر من مليون شخص يعانون الجوع في قطاع غزة، وإن الوضع الإنساني مزر بشكل خاص في شمال غزة، التي انقطعت عنها إلى حد كبير المساعدات والسلع التجارية منذ بدء الحرب.
وتقول منظمات الإغاثة الإنسانية إن الجهود الأميركية في إسقاط الطعام من الجو لا تفعل شيئا يذكر للتخفيف من الجوع في غزة.
لا تستطيع التعبير عن حبها للناس كما كانتوتقول حسناء جبريل إنها معتادة على إظهار حبها للناس بتقديم أطباق لذيذة خلال شهر رمضان. فقبل الحرب، بالنسبة للأمهات العاملات وأسرهن، كانت جبريل تطبخ المأكولات الفلسطينية مثل "المسخَّن". وقالت إن أطباقا مثل هذه من المستحيل صنعها الآن، إذ "لم يعد لدي أي إمدادات لصنع الطعام الذي يحبه الناس".
ويقول تيسير الطنا، رئيس قسم جراحة الأوعية الدموية في مستشفى الشفاء في مدينة غزة، إنه يقضي ساعات يوميا في إجراء العمليات الجراحية، وغالبا ما يعمل طوال الليل، ويفطر بسرعة عند غروب الشمس على كل ما يمكن أن يجده زملاؤه في ذلك اليوم قبل العودة إلى طاولة العمليات.
المحظوظون يحصلون على العدسوحكى الطنا أنه بالنسبة للإفطار، كانوا يأكلون كثيرا من الملوخية إلى جانب أعشاب أخرى كانوا يعدونها قبل الحرب غير صالحة للأكل، "وإذا كان هناك شخص ما محظوظ، فسيكون لديه عدس، وهو نفسه أصبح الآن بالكاد متاحا".
وبالإضافة إلى شح المساعدات، يقول الطنا، زادت أسعار المواد الغذائية في القطاع بأكثر من الضعف منذ بدء الحرب، ووصلت أسعار بعض المواد المهمة -مثل الدقيق- إلى 10 أضعاف مستوياتها قبل الحرب. ويؤدي نقص السيولة إلى تفاقم قدرة سكان غزة على شراء ما هو متاح في السوق.
ويستمر الدكتور الطنا قائلا إنه في بداية الحرب، كان الحديث عن المساعدات. الآن، "لا توجد مساعدات في المكان الذي أعيش فيه، وكل شيء تقريبا يتم شراؤه وبيعه، ولا أحد يستطيع الشراء. الآن، أشاهد الأطفال، يحدقون في الناس الذين يشترون الطماطم، مع نظرات في عيونهم وكأنها تصرخ: أتمنى لو كنت أنا أنت، وكيف يمكن لأي شخص شراء هذا؟".
لا وجبات بالمساجدوذكر التقرير أن المساجد في غزة كانت في العادة تقدم وجبات رمضانية للمحتاجين، وكانت بمثابة حجر الزاوية في المجتمع، لكن أقواسها وقبابها ومآذنها الشاهقة التي كانت ذات يوم تمثل أفق غزة المزدحم، تحولت إلى أنقاض على نطاق واسع.
في السياق، قال حاتم البكري، وزير الشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية الذي يدير المساجد في الأراضي الفلسطينية، إن ما يقرب من جميع المساجد التي يزيد عددها على ألف مسجد في قطاع غزة قد دمرت أو تضررت.
وقال الطبيب الطنا في غزة عادة يمكن سماع صوت الصلاة المنبعث من مكبرات الصوت في المساجد من جميع الاتجاهات، وهو عنصر مألوف وسط الضجة في شوارع غزة التي كانت مزدحمة في السابق، لكن تلك الأصوات قد ولت، وحل محلها أزيز المسيرات والانفجارات وإطلاق النار. وفي الحالات النادرة التي يسمع فيها الطنا الآذان، يقول إن ذلك يتبعه تنبيه يحث على الصلاة في المنازل وعدم التجمع في الخارج.
ضل طريقه إلى منزلهفي إحدى الأمسيات الرمضانية الأخيرة، روى الطنا أنه عاد إلى المنزل من المستشفى لمشاركة الإفطار مع زوجته وأطفاله، وقال إنه تأخر في الوصول إلى منزله لتناول وجبة المساء لأن الدمار جعل الطريق المألوف لا يمكن التعرف عليه، وأصبح ضائعا، مضيفا أن "الأمر كان مثل التعثر في حالة سكر".
عندما عاد أخيرا إلى المنزل، شارك مع زوجته وأطفاله ما استطاع جمعه في ذلك اليوم: علبة من لحم الغداء المعالج والخبز وبعض الماء. وقال: "لقد أكلناها في مطبخ غير مزخرف كما كنا نفعل في السابق. لا شيء يمكن الاحتفاء به الآن؟".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات ترجمات هذا العام فی القطاع فی غزة
إقرأ أيضاً:
كيف يستعد الصائمون للعشر الأواخر من رمضان بروحانية خاصة؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعد قيام الليل من أعظم العبادات في شهر رمضان، خاصة في العشر الأواخر، حيث تتضاعف الأجور ويحرص المسلمون على اغتنام هذه الليالي المباركة بالصلاة والذكر والدعاء، وتزداد المساجد ازدحامًا بالمصلين الذين يبحثون عن الأجواء الروحانية والتقرب إلى الله، خاصة في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ولكن كيف يستعد الناس لهذه العشر المباركة بروحانية خاصة؟
1. تكثيف العبادة والاستعداد النفسييبدأ الاستعداد للعشر الأواخر مبكرًا، حيث يحرص الكثيرون على تهيئة قلوبهم وأرواحهم لاستقبال هذه الأيام المباركة، كما يتجهز البعض بتخفيف المشاغل الدنيوية والتركيز على العبادات، مثل قراءة القرآن والتسبيح، فيما يخطط المصلون لتنظيم أوقاتهم ليتمكنوا من حضور قيام الليل والتراويح في المساجد دون تقصير في أعمالهم أو واجباتهم العائلية.
2. الإقبال على المساجد والاعتكافتشهد المساجد خلال العشر الأواخر ازدحامًا كبيرًا، حيث يحرص الناس على أداء صلاة التهجد في جماعة، ويفضل البعض الاعتكاف في المساجد، وهو سنة نبوية، حيث يتفرغون للعبادة ويبتعدون عن مشاغل الدنيا، فيما يتم تجهيز المساجد لاستقبال المعتكفين، بتوفير أماكن مريحة ومياه للشرب، وبعضها يقدم وجبات للسحور.
3. البحث عن الخشوع والتدبر في الصلاةيحرص المصلون على أداء صلاة القيام بخشوع، مع التركيز على تدبر آيات القرآن التي تتلى خلال الصلاة، ويختار البعض مساجد معينة يشتهر أئمتها بحلاوة الصوت والخشوع في التلاوة، مما يساعدهم على الاندماج في الأجواء الروحانية، وقد يستغل المصلون السجدات الطويلة في الدعاء والتضرع، طمعًا في رحمة الله ومغفرته.
4. الإكثار من الدعاء وطلب المغفرةيعتبر العشر الأواخر فرصة عظيمة للدعاء، خاصة في ليلة القدر، حيث يسأل الناس الله الرحمة والمغفرة والتوفيق في الدنيا والآخرة، ويردد الكثيرون دعاء النبي ﷺ: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"، رجاءً لمغفرة الذنوب، فيما يحرص البعض على كتابة قائمة بأدعية خاصة بهم، سواء لأنفسهم أو لأهلهم وأحبائهم، ليذكروها في لحظات الخشوع.
5. تنظيم النوم والطعام لضبط النشاط في الليليتجنب البعض الإفراط في الطعام عند الإفطار، حتى لا يشعروا بالخمول أثناء صلاة التهجد، ويعتمد البعض على القيلولة خلال النهار لتعويض قلة النوم، والبقاء نشطين طوال الليل، كما يتناول المصلون وجبة سحور خفيفة تمنحهم الطاقة للصيام دون أن تسبب تعبًا خلال الصلاة.
6. الصدقة والإحسان في العشر الأواخريسعى الكثيرون لمضاعفة الحسنات عبر التصدق وإطعام الفقراء، خاصة أن الصدقة في ليلة القدر تعادل أجر ألف شهر، وتتسابق الجمعيات الخيرية على تنظيم حملات إفطار الصائمين وتوزيع المعونات للمحتاجين، ويحرص بعض المصلين على كفالة الأيتام أو المساهمة في بناء المساجد، طمعًا في الأجر المضاعف.
7. ختم القرآن والتقرب إلى اللهيحرص الكثيرون على إتمام ختم القرآن خلال العشر الأواخر، صواء في صلوات التراويح أو في جلسات فردية، فيما يسعى البعض لحضور ختم القرآن في المساجد حيث يدعو الإمام دعاءً جامعًا يملأ القلوب بالخشوع.