أحمد بن موسى البلوشي
الإنجاز مصطلح واسع يشمل إتمام مهمة معينة أو هدف معين بنجاح، ويمكن أن يكون هذا الإنجاز في مجالات متعددة، يمكن أن يكون الإنجاز تحقيق أهداف شخصية مهمة، مثل التخرج في الجامعة، أو الفوز في مسابقة، أو الحصول على وظيفة، أو أداء فريضة، أو الوصول إلى مرحلة معينة من التطور المهني. كما يمكن أن يكون الإنجاز إكمال مُهمة مُعينة بنجاح في العمل، مثل إنجاز مشروع مهم، أو تحقيق أرقام مبيعات معينة، أو تطوير منتج جديد، أو الحصول على ترقية، وغيرها الكثير.
ليس شرطًا أن تكون دائرة الإنجاز مرتبطة بتحقيق شيء كبير أو مهم كما يفسره البعض منَّا، بل يمكن أن يكون الإنجاز في بعض الأحيان بسيطًا أو فعلًا صغيرًا يتم تحقيقه بنجاح ويشعر الشخص بالرضا والفخر به؛ مثل إتمام مهمة يومية بكفاءة عالية، أو تقديم مساعدة لشخص محتاج، أو تحقيق هدف شخصي صغير، أو تواصل مع صديق، أو زيارة قريب، أو قراءة القرآن، أو عمل رياضة وغيرها الكثير من الأعمال، هذه الإنجازات الصغيرة قد تكون مُهمة بالنسبة للفرد لأنها تساهم في بناء الثقة بالنفس وتحفيزه لتحقيق المزيد من الأهداف، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون الإنجاز الكبير مجرد نتيجة لسلسلة من الإنجازات الصغيرة التي تم تحقيقها على مدى الزمن، حيث يبدأ الفرد بتحقيق الأهداف الصغيرة قبل أن يصل إلى الأهداف الكبيرة. لذا، يجب أن نقدر الإنجازات بجميع أحجامها وأشكالها، وندرك أن كل إنجاز يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق الأهداف وتحقيق النجاح في الحياة.
الإنجاز يرتبط بالفعل والنتائج التي تحققها هذه الأفعال، فهو عملية تتطلب جهدًا وتفانيًا لتحقيق هدف معين أو إكمال مهمة بنجاح. قد يكون هذا الفعل كبيرًا أو صغيرًا، لكن الأهم هو التفاني والإصرار على تحقيق الهدف المنشود، وعندما نقول إنجاز، فإننا نشير إلى إتمام شيء بشكل ممتاز أو بنجاح، سواء كان هذا الشيء كبيرًا أو صغيرًا. وبالتالي، الفعل الذي يؤدي إلى هذا الإنجاز هو الأساس الذي يرتبط به النجاح. لذلك يعتبر الإنجاز مصدر فخر ورضا للفرد أو المجتمع الذي يحققه؛ حيث يعكس الإنجاز الجهد والمثابرة والمهارة التي تمثل أساساً لتحقيق النجاح في أي مجال من المجالات، وتذكر بأن الإنجازات الكبيرة تمثل نقاط تحول في حياتنا، وتعزز الشعور بالفخر، وتجعلنا نعمل بجدية أكبر نحو تحقيق المزيد، ولكن لا تتجاهل الإنجازات الصغيرة، لأنها تشكل جزءًا أساسيًا من رحلة التطور الشخصي، فلا تتجاهل أي فعل تقوم به في يومك، واعتبره إنجازًا، وضعه ضمن دائرة إنجازاتك، لأن هذه الأفعال تبني الثقة بالنفس، وتزيد من الإيجابية والرضا الذاتي.
تذكر دائمًا أن الإنجاز هو عنصر أساسي في حياتنا، فهو يشكل جزءًا من عملية التطور الشخصي، ويعزز الثقة بالنفس والرضا الذاتي؛ سواء كانت هذه الإنجازات صغيرة أم كبيرة، فهي تسهم في بناء الشخصية وتحفيزنا لتحقيق المزيد. لذا، دعونا نحتفل بكل إنجاز نحققه، سواء كان ذلك بسيطًا أو كبيرًا، لأنه يمثل خطوة نحو التحقيق والنمو الشخصي، ونعتبر كل فعل نقوم به ضمن دائرة إنجازاتنا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ماذا يكون بعد أن حكم القضاء في تونس؟
لن يكون شيء، فاذهب أيها القارئ العابر إلى مقال آخر قد تجد فائدة، فهذا الموقع غني بالأقلام الجادة. تونس لم تعد مصدرا لأي حدث جميل، عجبا أهذه تونس نبع الربيع العربي ومصدر الإلهام الديمقراطي؟ نعم، لقد وصلت تونس إلى حالة من عدم التأثير في ما حولها، بل هي تأكل نفسها مثل نار نفد حطبها. ذلك الحلم الجميل أغلق، لكن لماذا تطرح السؤال في العنوان؟ إن ذلك العنوان هو الجملة التي يطرحها على نفسه كل تونسي حمل ذلك الحلم ثم رآه يتلاشى، وقد يصل الأمر ببعض الناس إلى السير في الشوارع يكلمون أنفسهم كالزومبي. من أوصل البلد إلى هذه الحالة؟ وكيف يمكن أن يخرج مما هو فيه من بؤس سياسي؟
تحميل المسؤوليات
الجميع يبرئ نفسه ويتهم الآخرين، هذه رياضة وطنية في تونس.. الآخرون هم السبب. من هنا بدأت الأزمة التي توجتها الأحكام الجائرة في حق النخبة السياسية باختلاف الأسماء والتوجهات السياسية. انقسم الشارع الافتراضي الذي لا يزال مفتوحا؛ إلى مواقف متضادة يمكن تلخيصها في ما يلي:
- موقف الشامتين في المحكوم عليهم، يكتبه وينشره قوم من المعارضة يعيشون خيبة أمل كبيرة في النخب، ويرون أن المحكومين كانوا سببا في ما حصل وليسوا أبرياء مما أصابهم. فقد ساهموا بدرجات في ترذيل الوضع السياسي قبل الانقلاب ولم يبنوا عملهم السياسي ضمن مشروع ديمقراطي جامع، بل تحركوا بمنطق التكايد السياسي خاصة ضد حزب النهضة منذ الثورة، بل كان بعضهم مساندا ومبررا للانقلاب حتى انقلب على الجميع. وهذا الموقف ينتهي عند الشماتة المُرة ولا يبلغ مبلغ التفكير في ما بعدها، وغالبا يختم قوله بجملة محبطة "خليها تخرب على الجميع". هذا الموقف هو قمة اليأس السياسي وهو موقف واسع، ويضم كل مساكين حزب النهضة وكثير من الحالمين الذين أعادت لهم الثورة أرواحهم بعد موات وخيبت النخب آمالهم.
- موقف الحائرين الذين لا يختلفون في تحليل الوضع عن الشامتين، لكنهم يبحثون عن حل فيه ربع أمل في أن تتحول الأحكام الجائرة إلى محرض على اجتماع سياسي يمهد لوضع بديل. وهذا ما يُسمع في صفوف جبهة الخلاص أو ما تبقى منها يقف في الشارع وقفات خجولة ومترددة أو غير مؤمنة إيمانا كاملا بالمستقبل، ولكنها تقترب من رفع العتب ولا تنتج خطة فعالة للتجميع.
- موقف المتشفين من المحكوم عليهم، وهذا موقف أنصار النظام ويضم فصائل يسارية وقومية يرون في ما يجري فتح طريق لتملك السلطة زمنا طويلا ويرون في المرحلة مرحلة تنظيف. وهم غير مهتمين بالسؤال: ماذا بعد؟ فما يجري هو خطتهم، فهم السلطة. وتصدر عن هذا الموقف تهديدات بالسحل لمن يشكك في القضاء الشامخ.
وينتشر حول هذه المواقف خطاب التخلي الشامل عن كل طموح. ففئة واسعة من التونسيين ودّعت أحلامها وقالت ننتظر حكم الطبيعة، فالطبيعة لا تنسى مهماتها. ويعقبون حتى بعد حكم الطبيعة: سنجد أنفسنا في نفس الوضع القديم، فالنخب لم تقرأ درس الديمقراطية عند معلم جاد.
ألا يوجد حل؟
بلى يوجد لكنه حل روائي لنقل يوجد حل مثالي، يقوم على مراجعات جادة من قبل الجميع باستثناء المتشفين من أنصار السلطة، لكن هذه الرواية تقوم على شجاعة استثنائية لذلك فهي غير واقعية.
تحديد قائمة الأخطاء في حق المسار الديمقراطي الذي راكم تراثا لم يندثر من النفوس ومن الورق، فهناك دستور يمكن البدء منه. لم يكن "دستور الخوانجية" بل دستورا تونسيا بُذل فيه جهد واجتهاد كبير. هذه خطوة مؤسسة ومنها يستعاد العمل السياسي الجماعي بهدف واضح اسمه استعادة الديمقراطية.
هناك باب للعمل الفعلي (الميداني)، أن تؤجل الأسئلة المتعلقة بمن أخطأ أكثر من الآخرين في حق المسار، وهذا يعني أن يوقف نزيف الاتهامات بين فرقاء كثر. فكثير من الأخطاء سيردمها الفعل البنّاء إذا انطلق، وسيكون من العيب العودة إليها إذا فتح صندوق الانتخابات. فالمحاسبات تتم في وضع ديمقراطي، حينها يكون لها تأثير إيجابي، أما الآن فهي مواصلة لعملية التخريب التي تصب في مصلحة الانقلاب. من سيتجاوز أولا إلى مبدأ العمل الجماعي؟ بعد أسبوع من صدور الأحكام لم نسمع من يقول بالتجاوز وبدء العمل من الصفر.
هنا تظهر مهمة أخرى نضالية بامتياز، قطع الأمل من وصول نجدة خارجية متعاطفة مع الديمقراطية في تونس، هذه النجدة لن تأتي أبدا. "حك جلدك بظفرك"، هذا عنوان رئيسي في كل جهد قادم للخروج من الوضع البائس. لقد تخلى العالم (الديمقراطي) عن تونس، والحقيقة أنه لم يكن أبدا مع الديمقراطية في تونس أو في غيرها. فالتونسيون الذين لهم عقول يذكرون جيدا وزيرة خارجية فرنسا تعرض المساعدة العسكرية على نظام بن علي حتى الدقيقة الأخيرة قبل ركوبه الطائرة هاربا.
التونسيون عاشوا حرب الطوفان ورأوا الغرب (المُنْجِد) يدمر شعبا في غزة ويجد اللغة الكافية لتبرير فعله. وإذا صحت الأخبار عن بدء حملة دولية لتدمير الحواضن الشعبية العربية للمقاومة، فإن مرحلة جديدة من التدمير السياسي توشك أن تحل على الرؤوس. وعندنا علم بتونسيين تحسسوا الموقف الأمريكي من الانقلاب منذ عهد بايدن، فقيل لهم "حلوا مشاكلكم بأنفسكم، اللي فينا مكفينا".
لنختم بشيء من الفلسفة، فالرواية الرومانسية لن تكون غدا أو بعد عام. من الفلسفة أن نقول كان هذا الانقلاب ضروريا، فهو تمحيص وغربلة وقد صفى وغربل ونخل وقدم صورة شاملة عن النخبة السياسية التونسية، فأسقط أنصاف الزعماء وكل الأدعياء ووضح الطريق لمن يؤمن بالعمل الجماعي لبناء الديمقراطية، وقد صورناه ونواصل رؤيته على المدى البعيد حريق الغابة الذي سيمهد لنبت جديد. وهذا ليس من الشماتة ولا تشفيا في المساجين، ومن يدري فقد يولد منهم في سجونهم مؤمنون بالديمقراطية ويؤسسون من هناك لخطاب جامع.
لنغلق بمشهد تمثيلي؛ أن ينصب من تبقي معارضا للانقلاب خيمته أمام السجن ويقول "اسجنونا معهم أو نعود بهم نحو المستقبل"، ساعتها سيبدأ ربيع عربي ثان من تونس.