تعلم أولًا.. ثم تزوج
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
جابر حسين العماني
jaber.alomani14@gmail.com
يعتقد البعض أنَّ الحياة الزوجية وردية ومثالية وخالية من المنغصات الحياتية، ولكن بمجرد الدخول إليها يصطدمون بالكثير من المسؤوليات والمطبات والمنغصات، وهنا لا نُريد أن نُقلِّل من أهمية الحياة الزوجية؛ بل هي مُهمة للغاية فهي حياة مُقدسة، قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".
وتحقيق هذا الأمر بما أشار إليه الله تعالى يحتاج لمن يريد الإقدام على مشروع الزواج أن يتسلح بالعلم والحكمة في كل ما يتعلق بالحياة الزوجية، وحتى يستطيع تحويل المنغصات والمطبات إلى لطائف وجماليات منعشة وسعيدة في داخل الأسرة، والتسلح بـ(العلم والحكمة) يحتاج إلى أمرين أساسيين وهما:
• الأول: القراءة: إذ من المؤسف جدًا أنَّ البعض عندما يقدم على مشروع الزواج يقدم وهو جاهل بأهمية الحياة الزوجية وتفاصيلها وحقوقها وواجباتها، ظنًا منه أن الحياة الزوجية سخرت فقط للراحة الجنسية لا أكثر، وبالتالي لا تمر عليه أيام من زواجه إلّا وتتحول حياته الزوجية إلى جحيم لا يُطاق، وذلك لأنه لم يتعرف على أهمية الحياة الزوجية وما له وعليه قبل الزواج ولم يُسلح نفسه بالقراءة الدقيقة في كتب صناعة الأسرة وكيفية حل مشاكلها، والتي من خلالها يكون قادرًا على تحويل الحياة الزوجية إلى حياة سعيدة بعيدًا عن المنغصات والمنكدات.
لذا لا بُد لكل من يُريد الخوض في مشروع الزواج عليه أن يقرأ جيدًا حول الحياة الزوجية ومتطلباتها وأصولها وثوابتها ومساراتها، وأبعادها النفسية والاجتماعية، حتى لا يقع من يقدم على الزواج في فخ الاضطرابات النفسية التي وقع فيها عدد غير قليل ممن قدموا على مشروع الزواج بلا اطلاع ومعرفة ودراية وثقافة أسرية.
• الثاني: المعرفة: وذلك بالتعرف على الحياة الزوجية من خلال حضور الدورات التعليمية والتثقيفية حول الحياة الزوجية والتي لها دورها في معرفة وفهم الحياة الزوجية بشكل أفضل وأجمل، عن طريق الاستفادة من المتخصصين في علم الأسرة.
اليوم ومع كل الأسف، مُجتمعنا يفتقر إلى تلك الدورات التدريبية والتعليمية إلّا ما ندر، لذا ينبغي على الجهات المُختصة توفيرها، لأهميتها في صقل وتدريب الشباب وجعلهم قادرين على التكيف مع كل الظروف في الحياة الزوجية والأسرية، وذلك من خلال إقامتها كفعاليات في المعاهد والمساجد والقاعات والنوادي والمحافل العلمية والمجالس العامة، حتى يستطيع المجتمع بناء جيل واعٍ مثقف بأهمية الحياة الزوجية وواجباتها قبل الإقدام عليها.
وهناك عوامل مهمة أيضًا يجب تعلمها، والتركيز على ممارستها، والتعود عليها قبل الزواج، وبعد الخطبة الرسمية وعقد القران، وأثناء الحياة الزوجية وهي مهمة للغاية، من خلالها يستطيع الزوجان جعل حياتهما الزوجية مستقرة وماضية في طريقها الصحيح وتحقيق الأهداف، وهي كما يلي:
• أولًا: العفو: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ خَلَائِقِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، الْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ، وَالْإِحْسَانُ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ، وَإِعْطَاءُ مَنْ حَرَمَكَ).
• ثانيًا: التسامح: وهو شعور إيجابي، يفيض بالرحمة والعطف والحنان قال تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" (فصلت: 34، 35).
• ثالثًا: التغافل: قال أمير المؤمنين وخليفة المسلمين العادل الإمام علي بن أبي طالب: (تَغَافَلْ يُحْمَدْ أَمْرُكَ).
• رابعًا: الصبر: وهو يُساعد الزوجين على التعامل مع الصعوبات الحياتية، إذ هو فن عظيم يجب التمسك به وتطبيقه، وعدم التخلي عنه في الحياة الزوجية، قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (البقرة: 153).
• خامسًا: الحلم ورحابة الصدر: وهو فضيلة ما بعدها فضيلة، لذا ينبغي التمسك بالحلم من أجل حياة زوجية أفضل، قال الإمام جعفر بن محمد الصادق: "إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيمًا فَتَحَلَّمْ".
• سادسًا: حسن الظن: فذلك أمر لابُد من تطبيقه في الحياة الزوجية، وهو من أهم الموارد الأخلاقية التي تجعل من الزوجين سعيدين، يسيران على خطى ثابتة، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ" (الحجرات: 12).
وأخيرًا.. على الزوجين أن يعلما جيدًا أن استمرار الحياة الزوجية لا يقوم إلّا بالبناء السليم للحياة الزوجية، والذي من خلاله يحصلان على الثمرة المقدسة من مشروع الزواج، وهي: المودة والرحمة والسعادة الأبدية، ومن أجل تحقيق ذلك لا بُد من بناء الحياة الزوجية بالشكل السليم المُعد بالعلم والحوار والتفاهم والإخلاص للحياة الزوجية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما حكم زواج الرجل من زوجة الابن وأخت زوجة الأب .. الموقف الشرعي
أكدت الدكتورة إيمان أبو قورة، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن المحارم الناتجة عن المصاهرة تشمل جميع الأشخاص المرتبطين بالزواج، مثل والدي الزوج ووالدي الزوجة، بالإضافة إلى الأبناء من كلا الزوجين، سواء كانوا من نفس الزواج أو من زواج آخر.
وأوضحت أن التحريم في هذه الحالة دائم، حيث يُمنع على الوالد من جهة الزوج أو الزوجة الزواج من حليلة الابن أو الابنة، وأن هذا التحريم لا ينتهي بمجرد الطلاق، بل يبقى قائمًا.
هل يجوز زواج الابن بأخت زوجة أبيه
في سياق متصل، أجابت دار الإفتاءعن سؤال حول جواز زواج الابن بأخت زوجة أبيه، موضحة أن هذا الزواج جائز شرعًا، حيث لا يوجد مانع من موانع الزواج الشرعية ، وأكدت أن الابن يمكنه الزواج من أخت زوجة أبيه دون أي قيود شرعية.
وعن سبب مشروعية الزواج، تحدث الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، موضحًا أن الله سبحانه وتعالى أباح الزواج وجعل هذا النظام بين الذكر والأنثى لإنشاء أسرة، وهو ما يُعتبر غرضًا أساسيًا لعمارة الأرض.
وأشار إلى أن الزواج يسهم في تكوين نسل يُسهم في بناء المجتمعات، حيث أوجد الله الأنثى لتقوم بعملية الحمل والولادة، وتوفير الرعاية للأطفال حتى ينضجوا ويصبحوا فاعلين في المجتمع.
وأضاف جمعة أن الزواج يُعتبر مظلة تحمي العلاقات الإنسانية، مُشيرًا إلى تحريمه للزنا كوسيلة للحفاظ على هذه المؤسسة.
وأوضح أن إنشاء عقد الزواج يُتيح للبشرية التكاثر ويعزز السعادة والاحترام المتبادل، مُشيرًا إلى أهمية بر الوالدين وصلة الأرحام ووجوب النفقة وما نحوها من الأحكام التي تنظم حياة البشر.
من خلال هذه الفتاوى، يتضح أن الأزهر ودار الإفتاء يؤكدان على أهمية الحفاظ على القيم الأسرية والشرعية في إطار الزواج والعلاقات الأسرية، مما يعكس الرؤية الشاملة للدين الإسلامي في تنظيم حياة الأفراد والمجتمعات.