الجزيرة:
2024-09-30@19:12:53 GMT

غزة: قراءة ديمقراطية

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

غزة: قراءة ديمقراطية

كلنا واعون بأن السابع من أكتوبر/تشرين الأول نقطة تحوّل في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي تاريخ كل الإقليم، وربما حتى في تاريخ العالم.

حدث كهذا الذي يسيل فيه إلى اليوم كمّ هائل من دم الشهداء يُسيّل أيضًا كمًّا هائلًا من الحبر، وهذه مجرّد بداية.

فتُجاه الملحمة- المأساة التي تعيشها غزة منذ ستة أشهر- هناك "قراءة" القلب، ونحن نشاهد الخراب والتقتيل العشوائي والتجويع المجرم.

إنها المشاعر التي نعيشها كل يوم: الحزن أمام كل هذا التسونامي من الآلام، والغضب أمام تخاذل العرب – حكومات وشعوبًا- وعجز المنظومة الدولية عن إيقاف المجزرة، والفخر والاعتزاز أمام بطولة الشعب الذي لا يُقهر.

كل هذه المشاعر ستنعكس على رؤيتنا لهذه الحرب. علمًا أن لهذه الأخيرة قراءات متعددة، يجب أن تكون حاضرة في أذهاننا حتى لا تحجب الشجرة عنا الغابة.

ذكاء فلسطيني

إنها وجهات نظر مختلفة لكنها متكاملة منها:

القراءة المخابراتية: أتصور أن كل مخابرات العالم تسخر اليوم من المخابرات الإسرائيلية التي أوهمت العالم – وخاصة أوهمت نفسها- أنّها تعرف كل شيء. ولا شك أن هذه الأخيرة ستحاول بكل الوسائل ترميم صورتها عبر مزيد الاغتيالات مثلًا. لكن كأس الزجاج إذا تهشّمت من المستحيل ترميمها. ولا شك أن بقية الوكالات العالمية بصدد دراسة معمّقة للذكاء الفلسطيني، وكيف تغلّب على ما كان يفترض أنه قمة الدهاء والمكر، وأي دروس يجب استخلاصها لتحيين مفاهيمها وتنظيمها. القراءة العسكرية : أكيد أن مراكز التخطيط الإستراتيجي في الكثير من الدول عاكفة على مراجعة عقيدتها القتالية، وقد أظهر "طوفان الأقصى" قدرة مجموعة قتاليّة صغيرة على تمريغ أنف دولة نووية في التراب، وما الدروس التي يجب استخلاصُها في هذا الميدان أيضًا. القراءة السياسية الإستراتيجية: إذا اعتبرنا أن الصراع الأميركي الصيني، تحديدًا، والصراع الغربي الروسي الصيني عمومًا محور الصراع العالمي اليوم، فلا شك أن كبار المحللين بصدد تقييم الضرر الفادح الذي لحق بالغرب؛ نتيجة دعمه الأعمى للعدوان الإسرائيلي وعجزه عن إيقافه، وكيف أنه بصدد فقدان معركة عقول وقلوب ملايين العرب والمسلمين لصالح الثنائي الروسي الصيني، الذي يعدّ أكبر منتصر في هذه الحرب؛ نتيجة موقفه من هذا العدوان. القراءة التاريخية: لا شك أن هناك ما قبل "طوفان الأقصى" وما بعده، وأن المؤرخين بصدد إعداد أطروحات حول هذه اللحظة المفصلية من تاريخ الصراع بين الصهيونية والأمة العربية.

ثمة قراءات عديدة أخرى، كقراءة المتشددين وعودتهم لنظرية صراع الحضارات، أو القراءة الاقتصادية للبحث في تبعات الحرب بعد اتّضاح هشاشة الطرق التجارية.

أضف إلى ذلك القراءة الأدبية، حيث لا شك أنّ كمًّا كبيرًا من الإبداع الشعري والروائي والفكري، سينتج عن كل الألم الذي يعيشه الشعب الذي لا يُقهر، وكل محبّيه من أبناء وبنات الأمة المقهورة.

ما أُريد عرضه في هذه المقالة قراءة ديمقراطي مزمن وغير تائب للملحمة المأساة.

والأمر ليس مرتبطًا بهموم باحثٍ في العلوم السياسية، وإنما بهموم الرجل السياسي المؤمن – ربّما عن حق وربما عن خطأ- بأنّ أحد أسباب كوارث شعوبنا فشلها في بناء نظام سياسي مستقر وفعّال وأقلّ الأنظمة سوءًا؛ أي النظام الديمقراطي، ومنخرط منذ عقود في النضال من أجل هذا النظام، ومهووس بسؤال مهم: هل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الضربة القاضية لحلم ولمشروع يترنّحان منذ انتصار الاستبداد على الثورات الديمقراطية السلمية التي سُمّيت الربيع العربي؟.

السؤال داخل السؤال: ما الذي تُعلّمنا الأحداث التي نعيش عن الديمقراطية، وحتى ما هي درجة مسؤوليتها فيما يجري تحت أعيننا؟

لاعبون أساسيون

للتعامل مع الإشكالية يجب استعراض وضع الديمقراطية بالنسبة للاعبين الأساسيّين؛ أي اللاعب الإسرائيلي والفلسطيني والعربي (المصري تحديدًا)، والغربي (الأميركي أساسًا).

بخصوص اللاعب الأول، يجب التذكير بأن إسرائيل محكومة بأغرب نظام سياسي في العالم. حيث تعيش تحت ثلاثة أنظمة سياسية من المفروض استحالة الجمع بينها.

هي دولة تحكمها ديمقراطية ليبرالية غربية كلاسيكية كالموجودة في بريطانيا أو أميركا، لكن لليهود فقط.

هي دولة تعيش تحت نظام أبارتايد واضح وصريح، إذ تعرّف نفسها كدولة لليهود. أي أن غير اليهود- وهم ربع السكان- مواطنون من درجة ثانية. تصور أميركا تُشرّع بكامل الوضوح أنّها دولة للبيض أساسًا، وفرنسا أنها دولة للمسيحيين قبل كل شيء.

هي أيضًا دولة استعمارية، كما يدلّ على ذلك احتلالها الضفةَ رغم أنف القانون الدولي، ودولة استبدادية، كما تدلّ على ذلك سياسة القتل والسجن، ونزع الأراضي خارج كل قانون إلا قانون القوة.

أي ديمقراطية هذه التي تضمن لمواطني الدرجة الأولى حقوقهم وحرّياتهم، بينما تحمي وتموّل احتلال شعب آخر؟!. نحن أمام ديمقراطية عرجاء، حيث لا وجود لنظام ديمقراطي حقيقي دون قيمه الأساسية: مساواة كل السكان مع نفس الحماية القانونية والحرية للجميع.

لكن مأزق الديمقراطية في إسرائيل ليس فقط ضربها للقيم الأساسية للديمقراطية. هو أيضًا إجرائي نتيجة آلية التصويت بالنسبية في الانتخابات البرلمانية. هذا النظام الانتخابي الذي يبدو ذروة الديمقراطية هو في الواقع مقتلها. أينما جُرّب إلّا وكانت النتيجة إمّا عدم استقرار سياسي، وإمّا تحكّم الأقلية في الأغلبية، حيث لا تُشكّل الحكومات إلا بصعوبة.

ويمكن للأحزاب الصغرى والهامشية أن تبتزّ الأحزاب الكبرى لفرض سياساتها. هذا بالضبط ما يحدث اليوم، حيث لا يُفهم تواصل الحرب دون فهم دور النظام الانتخابي في إسرائيل الذي جاء بأمثال بن غفير وسموتريتش القادرين على فرض أجندتهما المتطرّفة، ومواصلة الحرب في غزة والاستيطان في الضفة.

هكذا يمكن القول؛ إنّ طبيعة الديمقراطية الإسرائيلية  – بتنكرها للقيم الأساسية للديمقراطية ونظامها الانتخابي الذي يمكّن الأقلية من فرض رأيها على الأغلبية – هي سبب من أسباب مأساة غزة خاصة أنّها بعد الرفض الواضح والصريح لحلّ الدولتين، لا تضع أمام كامل المنطقة إلا الخيار بين الحرب الدائمة والحرب الأزلية.

فشل الدمقرطة العربية

ماذا الآن عن اللاعب العربي والمصري تحديدًا؟

كلّنا نعرف أن المعابر كانت مفتوحة سنة حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي، وأنّه لو تواصل في الحكم لما وصل الضغط مستواه الرهيب والذي أدّى للحروب المتلاحقة، ومنها الحرب الأخيرة.

كلنا نعرف أن النظام المصري هو من يستطيع أن يرفع الحصار عن غزة ولم يفعل منذ صيف 2013 إلى اليوم.
هل كانت إسرائيل تجرؤ على أن تفعل بالفلسطينيين ما تفعله، لو كان هناك اليوم نظام ديمقراطي في مصر، ودعْنا نحلم، في أغلب بلدان المنطقة؟

هل كانت مثل هذه الأنظمة الديمقراطية المتخَيّلة قادرة على أن تُطبّع وتُحاصر وتفتح المعابر البرية لإسرائيل بعد غلق البحر الأحمر أمام سفنها، والحال أن الأغلبية الساحقة للشعوب ترفض مثل هذه السياسات؟

بديهي أن هذه الحرب هي نتيجة فشل الدمقرطة العربية ومن تبعات تصفية الربيع العربي، وأنها جزء من الفاتورة الرهيبة التي دفعها الشعب في سوريا وليبيا واليمن والسودان.

نأتي للفاعل الأميركي

كم غريبٍ أن يركّز الخطاب الغربي والأميركي؛ لتبرير الدعم الأعمى لإسرائيل، على حجة حق دولة نووية تملك أحد أقوى جيوش العالم في الدفاع عن نفسها، ولا حديث عن حق شعب محتل في الدفاع عن نفسه، ممّا يعني أن عليه قبول الحصار في غزة والاستيطان في الضفة والأبارتايد داخل حدود 1948، وإلا فإنه يوصم بالإرهاب ومعاداة السامية.

يبقى أن نتساءل: كيف يمكن للدولة الديمقراطية الأولى، تقديم كل هذا الدعم اللامشروط لدولة مارقة تتحدى كل الأعراف والقوانين الدولية، وترتكب كل يوم مجازر يندى لها الجبين، وملاحَقة أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية؟

بطبيعة الحال ثمة أسباب عديدة لهذا الدعم، لكن السبب الأهم في قضية الحال ما يؤكده المحلل السياسي الأميركي "فنكلشتاين"، وهو يهودي، عندما يقول؛ إن مشكلة بايدن هي خوفه من فقدان المموّلين اليهود لحملته الانتخابية، ودعمه غير المشروط؛ بحثًا عن هذا الدعم.

نحن هنا أمام إشكالية عامة تعاني منها الديمقراطية في كل مكان، ألا وهي ارتهانها للمال والإعلام واللوبيات، وقدرة هذه القوى على ابتزازها.

أخيرًا وليس آخرًا اللاعب الفلسطيني

كعلماني حقوقي ديمقراطي لم أؤمن يومًا بأن الإسلام (السياسي) هو الحل. لكنني قلت دومًا لأصدقائي العلمانيين في الجزائر، وتونس، ومصر، وفلسطين، إذا قرّر الصندوق إعطاء السلطة للإسلاميين اُتركوهم يحكمون، فنحن من ربحناهم للديمقراطية، وليس هم الذين ربحونا للإسلام السياسي. إذا نجحوا فنجاحهم للوطن كله وإذا فشلوا فسيرحل بهم الصندوق الذي أتى بهم، وإذا رفضوا الانصياع لقواعد اللعبة التي أتت بهم للحكم، فهناك المقاومة المدنية.

وضع بائس

للأسف جزء من العلمانيين- الذين أعرف – مثل فريق كرة قدم مستعد أن يلعب شريطة أن يربح، وإلا فهو لا يعترف بالقواعد التي دخل على أساسها اللعبة. بل يمكن القول؛ إن خشيتهم من نجاح الإسلاميين كانت أقوى حتى من الأمل في فشلهم، ومن ثمة إستراتيجيتهم الانتحارية التي أدّت بهم للالتحاق بالاستبداد لينكل بهم تنكيله بالإسلاميين.

تصوروا لو قبل عباس بانتصار حماس، وتركها تحكم، هل كانت إسرائيل تستفرد بالضفة وبحماس لتروّض الأولى وتصفّي الثانية؟

عذابات أهلنا في غزة اليوم هي أيضًا نتيجة فشل الديمقراطية الفلسطينية.

من هذه القراءة السريعة، يمكننا أن نستنتج أن للديمقراطية دورًا مركزيًا في مأساة غزة، وإن بآليات ومداخل مختلفة، سواء بإجهاضها في مصر، وقتلها في رام الله، وإفسادها في إسرائيل، وابتزازها في أميركا.

السؤال الآن: ما تأثير الحرب على الديمقراطية وهي في مثل هذا الوضع البائس؟

لم يخطئ السناتور الأميركي برني ساندرز، وهو يهودي، بالقول؛ إن إسرائيل تتجه أكثر فأكثر لتكون دولة أصولية دينية، مما يعني أن حتى الديمقراطية العرجاء في إسرائيل قد تنتهي، ومعها تنتهي أسطورة واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط انتهاء أسطورة الجيش الذي لا يقهر، والموساد الذي يحصي دبيب النمل على سطح المريخ.

الثابت أيضًا أن هذه الحرب تضيف لمصاعب الديمقراطية في عملية الانتشار والتمكن في الوطن العربي. ما لا يبدو أن الإدارة الأميركية أخذته بالحسبان، هو أن موقفها المساند للعدوان الإسرائيلي يساهم في إضعاف حظوظ الدمقرطة في العالم العربي – هذا إذا اعتبرنا أن الأمر جزء من إستراتيجيتها – لأن الديمقراطية ما زالت في أذهان أغلب العرب مرتبطة بالغرب، ومن ثمة فكل ضرب لمصداقية الغرب هو ضرب لمصداقية الديمقراطية. مما يعني أن سياسة الانحياز الأعمى لإسرائيل هي على الأمد المتوسط والبعيد أحسن هدية لانتشار النموذج الروسي أو الصيني للحكم، وضربة لما تريده أميركا من تصدير ما تراه جزءًا من قوّتها؛ أي النظام الديمقراطي.

هل يعني هذا أن هذه الحرب أنهت بالضربة القاضية كل حلم ديمقراطي بجعل الخيار الصيني الروسي أكثر إغراءً للأجيال العربية الجديدة، ناهيك عن اقتناعها بأنه لا جدوى إلا للمقاومة المسلحة والقدوة حماس؟

انهيار الاستبداد

كل هذا ممكن، لكنْ ثمة شعاع نور في كل هذا الظلام. من جهة هناك الفشل الواضح للثورة المضادة في كل بلدان الربيع العربي وانهيار صورة الاستبداد؛ نتيجة جبنه وتقاعسه أمام مأساة غزة، مما يعني أن الحراك الثوري عائد إلى الساحة قريبًا بحفيظة أقوى ضد أنظمة يمكن القول فيها: "أسد عليّ وفي الحروب نعامة".

هناك الشارع الغربي الذي يعج بالمتظاهرين ولا عنصريَّ فاشيًّا بينهم، وإنما كلهم من الديمقراطيين، وبينهم كثير من اليهود الذين لا يشترون البضاعة الكاذبة: معاداة الصهيونية هي معاداة السامية.

إن أكبر نصير لغزة اليوم هي القوى الديمقراطية في الغرب التي تتظاهر منذ أشهر في الشوارع، وفي كبرى الجامعات الأميركية والأوروبية، وهذا أمر له دلالات هامة، إذ يدلّ على أن الديمقراطية ليست مجرد آليات لتسيير الانتقال السلمي للسلطة، وإنما هي قيم إنسانية مشتركة وعميقة تمنع تحول الصراع بين دولة محتلة وشعب محتل إلى معركة عنصرية أو دينية تزيد الطين بلة، وتغطي على الجوهر الحقيقي للنزاع.

الاستنتاج الأهم الذي يجب أن نسعى لغرسه أنّه إذا أردنا ألا تتكرّر مآسينا، فيجب أن يكون لنا ديمقراطية غير فاسدة، غير قابلة للابتزاز لها آليات لا تنقلب أدوات قتلها. ويوم يكون لنا مثل هذه الديمقراطية التي تجعل منا شعوبًا من المواطنين لا شعوبًا من الرعايا، ويوم نستطيع أن نبني دولًا ديمقراطية تستطيع أن تبني بينها اتحادًا كالاتحاد الأوروبي، فلن تكون لنا غزة أخرى، ولن تصرخ امرأة في أي شبر من الوطن العربي إلا وهُرع لنجدتها ألف معتصم.

ليُسمح لي بأن أختم هذه المقالة ببعض الذكريات الشخصية.

في يونيو/حزيران 2012 حال وصول الرئيس الشهيد محمد مرسي لسدّة الرئاسة، قلت الآن يمكنني أحقّق حلمي بزيارة غزة كرئيس لتونس، لكن مستشاريّ تصدّوا كلّهم للفكرة؛ لأن زيارة غزة وحدها قد تُغضب رام الله، وقد تُدخلنا في صراعات داخلية كنا نريد نهايتها لا تغذيتها. أما الجمع بالذهاب أيضًا لرام الله فقد كان غير وارد لضرورة المرور بالإسرائيليين.

هكذا تخليت عن الفكرة بكثير من الحسرة.

وفي صيف 2015 قرّرت كمواطن المغامرة بركوب "سفينة الحرية" السويدية التي كانت تحمل ثلّة من النشطاء لمحاولة كسر الحصار. وفي عرض البحر ليلًا وفي مشهد هوليودي هاجمتنا فرقة كوماندوز وقادتنا من الغد لميناء أسدود، ومنه أخذتني سيارة لمطار تل أبيب ليركبوني أول طائرة متجهة لباريس.

ها أنا أكثر من أي وقت مضى بشوق إلى غزة، أحلم بألا يوافيني الأجل المحتوم قبل أن أقبّل ثراها، وأن أترحّم على شهدائها، وأن أعود مرضاها ومعاقيها، وأن أطلب صفحها عن تخاذل أمّة ما زالت تعاني من صدمة كل الإخفاقات، وأن أشكرها على أنّها رفعت رؤوسنا، وأنّها أكثر من أي وقت مضى رمز كل المفاخر وقدوة الأجيال.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الدیمقراطیة فی فی إسرائیل هذه الحرب ا یعنی أن أن هذه حیث لا على أن کل هذا

إقرأ أيضاً:

«الجارديان»: هل تستطيع إسرائيل تجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي ارتكبتها خلال هجومها البري السابق على لبنان؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت صحيفة "الجارديان" أنه لا توجد حربان متشابهتان، حتى تلك التي تدور رحاها بين نفس الطرفين المتحاربين على نفس الأرض، ولكن العديد من التحديات تظل كما هي.

وأبلغ أعلى قائد عسكري إسرائيلي قواته أن الغارات الجوية ستستمر داخل لبنان فى حين يستعد الجيش الإسرائيلي لعملية برية محتملة. وإذا عبرت قواته الحدود الشمالية فمن المرجح أن تواجه عقبات سبق أن واجهتها.

وعندما دخلت الدبابات الإسرائيلية جنوب لبنان فى عام ٢٠٠٦ (وليس للمرة الأولى) وجدت خصمًا تغير بشكل كبير منذ الانسحاب الإسرائيلى من لبنان قبل ست سنوات.

وحتى فى تلك الفترة القصيرة، نجح حزب الله فى تنظيم قدراته وتطويرها. ففى منطقة الحدود الوعرة التى تطل عليها التلال الصخرية شديدة الانحدار، تم إعداد أنفاق قتالية. وتم تكييف تكتيكات وأسلحة جديدة من شأنها أن تزعج القوات الإسرائيلية عند دخولها.

وكانت الدبابات على وجه الخصوص عرضة للصواريخ المضادة للدبابات، فى حين أطلق مقاتلو حزب الله وجماعته المتحالفة "حركة أمل" قذائف الهاون على وحدات المشاة الإسرائيلية المتقدمة أثناء شق طريقهم عبر البساتين وحقول التبغ.

درس مفيد

بالنسبة لأولئك الذين شهدوا القتال عن قرب، فقد كان ذلك درسًا مفيدًا.
فى تلك الحرب، كما فى هذه الحرب،ــ سيطرت الطائرات الإسرائيلية بدون طيار على الأجواء، وقصفت البنية الأساسية ومواقع حزب الله دون مقاومة.

وكانت الزوارق الحربية الإسرائيلية، التى كانت تحلق فى الأفق فى كثير من الأحيان، تقصف الساحل، وتهدد الطريق الساحلى الرئيسى يوميا. ولكن عند الاقتراب من الحدود، كانت الصورة مختلفة تماما.

فى ذلك الوقت، كما هو الحال الآن، كان حزب الله يمتلك مواقع معدة جيدًا. وكانت الصواريخ تنطلق من مواقع مخفية على سفوح التلال القريبة، فتستدعى ضربات مضادة من جانب إسرائيل، سواء من الطائرات النفاثة أو المدفعية على الحدود، ويبدو من المستحيل النجاة منها.

ولكن فى كثير من الأحيان، بعد توقف لبضع ساعات، كانت الصواريخ تنطلق مرة أخرى من نفس المكان، فتبدأ دورة جديدة من الهجمات.

وفى تعليقاته أمام الجنود؛ بدا رئيس الأركان الإسرائيلى هيرتسى هاليفى وكأنه يشير إلى حقيقة مفادها أن أى توغل بري، إذا أمر به، سيكون صعبًا وسيواجه معارضة شديدة.

وقال نتنياهو لقوات جيش الدفاع الإسرائيلى يوم الأربعاء: "نحن نستعد لعملية مناورة، وهذا يعنى أن أحذيتكم العسكرية، أحذيتكم المناورة، ستدخل أراضى العدو، وتدخل القرى التى أعدها حزب الله كنقاط عسكرية كبيرة، مع البنية التحتية تحت الأرض، ونقاط التجمع، ومنصات الإطلاق إلى أراضينا والتى ستنفذ منها هجمات على المدنيين الإسرائيليين".

وأضاف "إن دخولكم إلى تلك المناطق بالقوة، ولقاءكم بعناصر حزب الله، سوف يظهر لهم ما يعنيه مواجهة قوة محترفة وذات مهارات عالية وخبرة فى المعارك. إنكم قادمون بقوة أكبر وخبرة أكبر بكثير من تلك القوة. وسوف تدخلون وتدمرون العدو هناك، وتدمرون بنيته التحتية بشكل حاسم".

مهمة أكثر تعقيدًا

والحقيقة هى أن أى حملة برية ستكون مهمة أكثر تعقيدًا بكثير من الهجمات التى تقودها الاستخبارات والتى تسعى إسرائيل إلى تنفيذها فى مناوراتها باستخدام أجهزة الاتصال المتفجرة والغارات الجوية التى تلت ذلك.

إن إخفاقات حرب عام ٢٠٠٦ ــ التى حددتها لجنة فينوغراد اللاحقة ــ كان لها المسئولون عنها، بما فى ذلك فى مجموعة ثلاثية من القادة الإسرائيليين عديمى الخبرة فى زمن الحرب: رئيس الأركان آنذاك، دان حالوتس، الطيار المقاتل السابق الذى واجه صعوبة فى تنسيق الحركات البرية، فضلًا عن رئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت، ووزير الدفاع عمير بيريتس.

وكما كتب المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هاريل فى عام ٢٠١٦، بعد عقد من الحرب: "تم نقل فرق جيش الدفاع الإسرائيلي بلا هدف، مع عجز الحكومة والجيش عن تحديد المناورة التى من شأنها أن تمنحهم اليد العليا".

ورغم أن جيش الدفاع الإسرائيلي نجح فى تحسين دروعه لكى يتمكن من الدفاع بشكل أفضل ضد الأسلحة المضادة للدبابات المتحركة والاستعداد للقتال فى لبنان، فإنه يظل من غير الواضح ما إذا كان التوغل البرى الإسرائيلى قادرًا على تجنب نفس المزالق. أو ما إذا كانت أهدافه أكثر واقعية.

التسليح والخبرة

ويشير كاتب "الجارديان" "بيتر بومونت" إلى أن حزب الله الآن أفضل تسليحًا بكثير مما كان عليه فى عام ٢٠٠٦، وأصبح مقاتلوه أكثر خبرة فى القتال بعد سنوات من القتال فى سوريا، ولكن يبدو أن إسرائيل تقع فى نفس الفخ المفاهيمى المتمثل فى سوء فهم طبيعة الجماعة الإسلامية.

وفى حين نجحت عملية النداء والضربات الإسرائيلية فى إزالة طبقة من القيادة والقيادة والسيطرة، فإن أساس حزب الله كقوة لبنانية ــ على النقيض من وظيفته كوكيل استراتيجى لإيران ــ لا يزال سليما فى نهاية المطاف.

ويظل حزب الله قوة محلية متمركزة فى المدن والقرى والريف ولديها مهمة واحدة ومفهومة جيدًا: مقاومة القوات الإسرائيلية.

وبينما شهد حزب الله لحظة "الصدمة والرعب" فى هجمات أجهزة النداء واللاسلكى والغارات الجوية، فإن إسرائيل تعانى من عيوبها الخاصة ــ ليس أقلها الإرهاق المتزايد ليس فقط فى قدرتها العسكرية، بل وأيضًا فى الإرهاق المتزايد فى المجتمع الإسرائيلى بعد عام من الحرب.

تباه وقصور

لقد تباهى جيش الدفاع الإسرائيلي منذ فترة طويلة بالقتال على جبهات متعددة، ولكن العملية الطويلة المروعة ضد حماس لم تكتمل بعد ولا توجد خطة واضحة لليوم التالي. 

وأظهرت هذه الحملة أيضًا أوجه القصور فى التفكير العسكري الإسرائيلي - ليس أقلها فكرة أن حرب المناورة يمكن أن تهزم الجهات الفاعلة غير الحكومية التى تتصرف أحيانًا مثل القوات التقليدية ولكنها قد تلجأ أيضًا إلى حرب غير تقليدية.

واختتمت "الجارديان" بأنه إذا رجعنا للتاريخ وفى أعقاب عدوان إسرائيل السابق على لبنان فى عام ١٩٧٨ (التي استهدفت قواعد منظمة التحرير الفلسطينية فى عملية الليطاني آنذاك)، وفى عام ١٩٨٥ (التى أدت إلى احتلال دام حتى عام ٢٠٠٠)، وفى عام ٢٠٠٦،ــ فإن أى توغل بري من المرجح أن يفشل فى تحقيق أهدافه.
 

مقالات مشابهة

  • تفشي فيروس خطير في دولة أفريقية.. ما الإجراء الصارم الذي اتخذته؟
  • كيف تم تحويل الطائفة ‏في لبنان من حالة دينية إلى كيان سياسي؟ قراءة في كتاب
  • الكونغو الديمقراطية.. 7889 حالة مصابة بجدري القردة على الأقل
  • جراح منسية.. الصحة النفسية ليست أولوية للمؤسسات التي تُشغّل الصحفيين في غزة
  • استقرار أسعار الدولار أمام الجنيه المصري في 30 سبتمبر 2024: قراءة شاملة
  • قراءة عراقية: الشرق الأوسط أمام خيارين وإسرائيل لن تتوقف عن التصعيد - عاجل
  • ناس خالد سلك وجماعة مكتب العلاقات العامة التابع للتمرد قد أيقنوا أن انتصار الجنجويد في هذه الحرب أصبح مستحيلاً
  • عمل كمستشار عسكري في الحرب الأهلية في سوريا.. الكشف عن هوية القيادي الإيراني الذي قُتل مع نصرالله
  • ما الذي تمرد عليه الدعم السريع؟
  • «الجارديان»: هل تستطيع إسرائيل تجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي ارتكبتها خلال هجومها البري السابق على لبنان؟