هآرتس: نتنياهو لم يعد لديه سوى الأراجيف ونوبات الغضب
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
لم يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن الكذب طيلة هذا الأسبوع، على الأميركيين تارة، وعلى اليهود المتشددين تارة، وعلى عائلات الإسرائيليين المحتجزين في غزة تارة أخرى.
لكن صمته عن الوضع شمال إسرائيل كان شديد الوضوح، في وقت تشكل فيه أزمة الإعفاء من التجنيد نقطة تحول في سياسة إسرائيل وفي العلاقة بين الناخبين الحريديم والأحزاب التي يفترض أنها تمثلهم.
بهذه المقدمة، لخصت صحيفة هآرتس -مقالا طويلا للكاتب يوسي فيرتر- بدأه بوصف الذعر الذي دب في مكتب رئيس الوزراء بعد أن أدركت "مجموعة من الموظفين غير الأكفاء" الذين يحتلونه أنه لم يعد لديهم المزيد من الخدع لاستخدامها ضد محكمة العدل العليا والمدعي العام.
وشبه الكاتب أجواء خسارة الائتلاف الحاكم للسلطة بـ"القيامة" حيث لم يعد هناك المزيد من الوقت للتلكؤ والحيل.
والسبب في ذلك أن عشرات الآلاف من طلاب المدارس الدينية -الذين يتهربون من الخدمة العسكرية بأوامر من حاخاماتهم- سيبدؤون من أول أبريل/نيسان في تلقي إشعارات التجنيد، وسوف يرفضون ذلك ويتظاهرون ويقطعون الطرق ويشعلون النار في صناديق القمامة.
غير أن الأمر المروع حقا -حسب الكاتب- أن الأموال ستتوقف في المستقبل عن التدفق إلى هذه المدارس الدينية، لأن مخصصات الميزانية للمعاهد الدينية، التي تضخمت كثيرا في ظل حكومة نتنياهو السادسة، سوف تتعرض لضربة شديدة، عندما يتم حظر التمويل المستمر للمدارس الدينية التي لم تتم تسوية وضع تجنيد الطلاب فيها من قبل محكمة العدل العليا.
لم يعد مستعدا
ورأى الكاتب أن قادة الأحزاب المتطرفة -الذين وصفهم بالمتعجرفين- فشلوا في قراءة التيارات الخفية العميقة التي سيطرت على المجتمع الإسرائيلي خلال العام الماضي، ولم تتمكن أعينهم المعصوبة من رؤية البركان الهائج الذي يوشك على الانفجار، ولذلك دعموا الإصلاح القضائي، سعيا منهم لجعل الفساد الحكومي جزءًا لا يتجزأ من الحكومات الإسرائيلية على مدى أجيال، قبل أن تأتي أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وبسبب ظروف الحرب وتعبئة مئات الآلاف من جنود الاحتياط والخسائر المتعددة في الجيش، لم يعد الجمهور الذي يخدم ويحارب ويموت ويعمل ويكسب لقمة عيشه -حسب الكاتب- مستعدا لابتلاع الأشياء التي كان يتم قبولها ببعض التذمر أو الاحتجاج الضعيف، بحيث لم يعد من الممكن تقبل ما يخطط له نتنياهو ورفاقه من قانون يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية ويضفي الطابع المؤسسي على تجنبهم تقاسم العبء مع الباقين.
وينظر الناخبون الحريديم -حسب الكاتب- إلى أزمة مشروع الإعفاء على أنها نقطة تحول في مواجهة الأحزاب التي تمثلهم، بعد أن فشلت في تقديم قانون جديد، وإعفاء جديد وقوي، وهم يفكرون الآن بأنه ربما يكون في وسع حكومة أخرى أقل كراهية أن تقدم نتيجة أفضل.
ومع أن موعد الأول من أبريل/نيسان لم يكن مفاجأة، فقد ظل نتنياهو يماطل كعادته، حتى الدقائق الأخيرة قبل منتصف الليل، وعندما أغلقت كل الطرق، كتب سكرتير مجلس الوزراء يوسي فوكس رسالة مثيرة للشفقة ومخزية هاجم فيها المستشارة القانونية للحكومة غالي باهاراف ميارا ووزير الدفاع يوآف غالانت، لترد الأولى برسالة حادة تقول فيها إن "المخطط" الذي ترغب الحكومة في تقديمه لمحكمة العدل العليا يخلو من أي أسس مهنية أو قانونية، ويقول غالانت، من الولايات المتحدة، ببساطة إن كلمات المبعوث كانت كذبة مستمدة من اعتبارات سياسية.
وبعدها بدأ أسلوب العمل المعروف، وهو ينطوي على حملة من الأكاذيب والخداع، حيث تم تصنيف ميرا وغالانت على الفور كأهداف من قبل الجهاز السام الذي يخدم نتنياهو.
وسرعان ما أصبحت محكمة العدل العليا هدفا أيضا، ليتم تجاهل كل الخدمات التي أسدتها هذه الأطراف عندما كانت ركيزة دعم لا يمكن الاستغناء عنها للحكومة في كل ما يتعلق بإدارة الحرب والتعامل مع الأزمات الكبيرة مثل المحكمة في لاهاي.
كذب لا يتوقف
ورأى الكاتب أن التعبير عن نوبة غضب نتنياهو وارتباكه تم بشكل مثالي هذا الأسبوع من خلال قوله لسيناتور جمهوري "لقد قررت عدم إرسال الوفد إلى واشنطن، كرسالة إلى (حركة المقاومة الإسلامية) حماس التي لا يمكنها الاعتماد على الضغط" الذي أحدثه قرار مجلس الأمن بعد أن امتنعت واشنطن عن التصويت فيه، وكأنه يقول -للعب دور الرجولة مع حماس- إنه وضع إصبعه في عين الرئيس جو بايدن "الصهيوني" العاشق لإسرائيل والمنقذ لها في هذه الحرب الرهيبة.
وهكذا ظل نتنياهو يكذب طوال اليوم، إذ كذب في قوله إن رد حماس على الخطوط العريضة لصفقة الرهائن جاء بعد قرار الأمم المتحدة، مع أنه جاء قبله.
ثم كذب على نفس السيناتور لتقليل الضرر بالولايات المتحدة. واليوم نفسه، استمر في الكذب بشأن عدم الموافقة على رحيل الوفد، أما الكذبة الكبيرة حقا فهي أن نتنياهو لم يؤجل مغادرة الوفد بسبب تصويت الولايات المتحدة، وإنما اتخذها شماعة، تمامًا مثل مشروع القانون، ومثل الاجتماع مع عائلات الجنود المحتجزين بغزة.
ووصف فيرتر نتنياهو بأنه مثل مهرج مخمور، يتلاعب بكل الكرات في الهواء، ولا يمكنه الإمساك بها جميعا، ولذلك فهو يقتصر على التمسك بما يسبب له ضررا أقل.
وبعد 6 أشهر، يبدو أن مماطلته الأكثر إيلاما وإجراما -كما يرى الكاتب- لا تتجه نحو الجنوب، بل إلى الشمال حيث لا تزال منطقة بأكملها في حالة من النسيان اليائس.
ولأن الكاذب لا يهتم فقط بما يقوله بل بما لا يقوله، فإن نتنياهو رغم كذبة "النصر الشامل" وكل الهراء حول رفح، نادرا ما يتحدث عن الشمال، ويترك تهديد حزب الله والحكومة اللبنانية للجيش الإسرائيلي أو لغالانت، حتى لا يوقع نفسه في شرك اتفاق محتمل هناك.
استقالة ساعر
وكان الوزير بحكومة الطوارئ الإسرائيلية جدعون ساعر عازما على إعلان استقالته في 20 مارس/آذار إذا لم يضم لحكومة الحرب، ولكنه تلقى اتصالا من نتنياهو طلب منه التمديد بضعة أيام.
ومرد ذلك -وفقا للكاتب- أن أمام انضمام ساعر لحكومة الحرب هناك 3 عقبات، أولها فيتو عضو حكومة الحرب بيني غانتس، ثم اشتراط الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش أن ينضما معه لحكومة الحرب، وأخيرا اعتراض سارة نتنياهو على دخوله.
ومع ذلك، أبلغ نتنياهو ساعر أن الوضع ستغير إذا التزم بدعم كل مشروع قانون قدمه الائتلاف للحفاظ على إعفاء طلاب المدارس الدينية من الجيش والبقاء بالحكومة بعد انتهاء الحرب، وبالتالي يستطيع نتنياهو أن يذهب إلى شركائه بالائتلاف ويقول لهم "انظروا ما الذي حصلنا عليه من غدعون؟ إنه يعدنا بالحياة" وذلك ما رفضه ساعر.
وقد كان ساعر -حسب الكاتب- على استعداد لإضفاء بعض الشرعية على رئيس الوزراء الذي أطعمه المرارة ويعرف عيوبه أكثر من معظم الناس، ولكنه رحل ولا يقتصر رحيله على حسابات مقاعد حزبه الأربعة، بل إنه سيلتقي في المعارضة بشريكه السابق غانتس الذي تتبخر آخر بقايا نفوذه بمعدل ينذر بالخطر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات ترجمات العدل العلیا حکومة الحرب حسب الکاتب لم یعد
إقرأ أيضاً:
وزير حرب سابق: حكومة نتنياهو فقدت السيطرة على المفاوضات ويجب استبدالها
قال وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون، الاثنين، إن حكومة بنيامين نتنياهو "فقدت السيطرة" على المفاوضات مع حركة "حماس"، ودعا لاستبدالها واصفا إياها بأنها "متطرفة جبانة وفاسدة".
وقال يعلون، زعيم حزب "تلم" اليميني، في منشور على منصة "إكس": "قررت الإدارة الأمريكية إجراء مفاوضات مباشرة مع حركة حماس، متجاوزة الحكومة الإسرائيلية".
وأضاف: "الخبر السيئ هو أنه أولا، الولايات المتحدة تنتهك مبدأ هاما وتتحدث مباشرة مع منظمة إرهابية، وثانيا الحكومة الإسرائيلية تفقد السيطرة على المفاوضات"، وفق تعبيره.
وتابع: "الخبر السار هو أن الحكومة الأمريكية تدرك أن الحكومة الإسرائيلية مستعدة للتخلي عن الرهائن".
وأوضح أن الحكومة "غير مهتمة بإنهاء الحرب (الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين بقطاع غزة) لأن نهاية الحرب تعني نهاية ولاية الحكومة".
وأردف يعلون: "قررت الإدارة الأمريكية التصرف وفقا لمصالحها الخاصة ومصالح إسرائيل، ولكن ليس مصالح الحكومة الإسرائيلية".
وأكمل مشددا: "لإنقاذ البلاد والمخطوفين يتعين علينا استبدال الحكومة المتطرفة والجبانة والفاسدة، وكلما كان ذلك أبكر كلما كان أفضل".
من جهة أخرى قالت هيئة البث العبرية، الاثنين، إن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجديد إيال زامير أقر خططا عسكرية لاستئناف الحرب على قطاع غزة، حال فشل مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وأوضحت أن زامير أقر، الخميس الماضي، خططا عسكرية جديدة لتجديد القتال في غزة، خلال زيارته لقيادة المنطقة الجنوبية.
وتابعت الهيئة: "أوعز زامير لقائد القيادة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي يارون فينكلمان، بإجراء تعديلات لضمان أن تكون العملية البرية القادمة أكثر كفاءة من السابقة".
وأردفت: "تتضمن الخطط التي وافق عليها رئيس الأركان تكثيف الضربات الجوية، وتوسيع نطاق التحركات البرية، وإعادة إخلاء شمال قطاع غزة من الفلسطينيين، إلى جانب الاستعداد لاستدعاء مئات آلاف من جنود الاحتياط وفقا لأوامر الطوارئ".
وكانت "إسرائيل" لوحت باستئناف الحرب بحال فشل مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، بعد تنصل تل أبيب من تنفيذ بنود في المرحلة الأولى من الاتفاق ورفض الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية.
وترغب "إسرائيل" في تمديد اتفاق وقف إطلاق النار ليشمل تبادل أسرى، لكن دون إنهاء الحرب ودون الانسحاب الكامل من القطاع كما ينص الاتفاق الذي وقعته الحكومة الإسرائيلية نفسها.
وتؤكد حماس مرارا التزامها بتنفيذ الاتفاق وتطالب بإلزام "إسرائيل" بجميع بنوده، داعية الوسطاء إلى الشروع فورا في مفاوضات المرحلة الثانية منه، التي تشمل انسحابا إسرائيليا من القطاع ووقفا كاملا للحرب.
وأوقفت "إسرائيل" مطلع آذار/ مارس الجاري إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، في خرق واضح للاتفاق، وبهدف الضغط على حماس لتمديد المرحلة الأولى.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: "في سياق متصل، أصدر وزير الطاقة إيلي كوهين، تعليماته لشركة الكهرباء بقطع الخط الوحيد الذي يزوّد محطة تحلية المياه في غزة بالكهرباء".
ومن المحتمل أن يتم لاحقا قطع أحد خطوط المياه الثلاثة التي تزود شمال القطاع، وفق الهيئة.
ومنذ بداية الحرب، قطعت "إسرائيل" الكهرباء عن قطاع غزة، ولكن تحت ضغط دولي وتحذيرات دولية وافقت على ربط محطة تحلية مياه في غزة بالكهرباء.
ومن المرتقب وصول وفد تقني إسرائيلي إلى العاصمة القطرية الدوحة اليوم، لبحث فرص التوصل لاتفاق بشأن تبادل الأسرى وتمديد اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت الهيئة الإسرائيلية: "من المتوقع أن يصل وفد إسرائيلي يضم منسق شؤون الأسرى والمفقودين غال هيرش، وممثلا عن جهاز الأمن العام (الشاباك) ومسؤولين آخرين، إلى الدوحة اليوم".
وأضافت: "لن يشارك في الوفد الوزير للشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، وهو رئيس فريق التفاوض الإسرائيلي".
وأضافت القناة، أن مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، سيسافر الثلاثاء إلى الدوحة للمشاركة في المحادثات.