احتفلت أبرشية حمص وحماه والنبك وتوابعها للسريان الكاثوليك بعيد قيامة يسوع، وترأس المطران مار يوليان يعقوب مراد القداس الإلهي ورتبة السلام في كاتدرائية الروح القدس الحميدية، بمشاركة الخورأسقف ميشيل نعمان والشمامسة وفعاليات الرعية وحشد من المؤمنين.
وتلا عظة قال فيها: “بعد أكثر من ألفي سنة من حدث قيامة المسيح التاريخي، لا زلنا نعيد، ونفرح حتى ونحن في سوريا، في لبنان، في فلسطين وخصوصاً في غزة، وفي العراق، وفي الصومال نعاني من آلام وحروب واضطهادات”.

وأضاف: “لو كانت القيامة وهماً أو حلماً أو تهيُأً أن المسيح ظهر حياً لمريم المجدلية عند القبر، ودخل على الرسل وهم مجتمعين في العلية والأبواب مغلقة، لما كانت المسيحية انتشرت، ولما وجدت الكنيسة، وما كانوا ضحوا بحياتهم ليشهدوا لهذا الرجل ولهذه الحقيقة. لو لم يكن هذا الحدث حقيقة ما كانت تغيرت قلوبهم عندما كانوا حزانى ويائسين من مشاهدة المسيح المصلوب المائت”.

المسيح قام، إنها نقطة التحول التي ولدت التاريخ من جديد، وجعلت العالم خليقة جديدة. إنه زمن العيد، زمن الملكوت القريب. رجاء المؤمنين واختبارهم، هو أن عالم الظلمة والموت والحروب لم يعد له سلطان على البشر. قبل أسبوع عندما أقام يسوع لعازر من القبر وطفق يدخل أورشليم القدس، قال اليهود بعضهم لبعض: أترون أننا لم نستفد شيئاً؟ إن العالم كله يتبعه. فماذا الذي حدث، لقد أسلموه بخيانة واتهموه بشهادة ظلماً، وقتلوه مصلوباً، إلا أنَّه قام وتبعه العالم. لقد زالت الإمبراطورية الرومانية العظيمة والمسيحية انتشرت في العالم وانتشر نور المسيح القائم، انتصر المسيح لأنه إله، إله الحق والحياة، إله العدل والرحمة، إله السلام والحب الأقوى من الموت.

«لقد ذبح حمل فصحنا، وهو المسيح. فلنعيد إذاً ولكن لا بالخميرة القديمة ولا بخميرة الخبث والرياء، بل بفطير الصدق والحق» (١قور٥/ ٧-٨). لذلك يطلق المسيحيون اسم الفصح على موت المسيح وقيامته.

كان الرومان يصلبون الناس على مداخل المدن لكي يفهم كل من يخرج منها ويدخل أنهم أسياد الحياة في هذا العالم، لا بل أنهم أسياد هذا العالم؛ إلا أن المسيح الذي قتلوه قد قام ولم يعد لهم سلطان عليه وعلى من تبعه، وكذلك جميع الرسل والشهداء الأمناء له حتى الاستشهاد قد انتصروا وها هم لا يزالوا يطوفون الأرض يعلنون البشرى السارة أن المسيح قام مقتحمين كل أسوار الإمبراطوريات التي توالت على الأرض حتى العثمانية، والفرنسية، والبريطانية والسوفيتية والأمريكية، والامبراطورية الجديدة اليوم آفة (فيروس) العولمة (أي عالم الاستهلاك، أي أن كل الأرض أصبحت في متناول يدك بكل ما فيها، ولم يعد هناك ما يمنع للإنسان من الوصول إلى مبتغاه) التي تقتحم الفكر وتسيطر على نفس الانسان ككل. على الرغم من كل ذلك، نحن اليوم كمسيحيين منتشرين في العالم كله نقول: «المسيح قام .... حقاً قام». كل من يتبع المسيح بجذرية عيش الانجيل هو شاهد لقيامة المسيح. نحن اليوم في هذا البلد على المحك، في مسألة الهجرة، إن اغراءات العالم تجذبنا وبالمقابل الآلام التي نعاني منها هنا تقنعنا بأن الحل هو البحث عن مكان آمن ومستقبل أفضل، والجميع يتحدث عن بقية باقية تكاد تعد على الأصابع ستبقى في هذه الأرض التي كانت ولا تزال موطن الكنيسة الأولى وانطلاقتها وسوف تبقى. إذ أن الكنيسة ليست فقط المسيحيين المهاجرين، إن هذه التجربة تجعلنا نقول مع المسيح للشيطان ألا تعلم أن الله قادر على أن يخلق من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم.       
تأملنا طويلا في الحمل المطعون في قلبه، وبيديه المفتوحتين داعياً العالم إلى الوداعة وتواضع القلب. هل نؤمن بأن طريق القلب المفتوح واليدين الممدودتين، طريق الوداعة والتواضع المقدمين حتى النهاية، يمكن أن يؤديا إلى اعلان فجر عالم جديد، حيث الحياة أكثر ديمومة من الموت، والخير أقوى قدرة من الشر، والحب أقوى من الكراهية.

إن خبرة مريم المجدلية التي عاشتها عند القبر حين ذهبت لتطيب جسد المسيح الميت ولم تجده، كانت تبكي لأنها ولبرهة شعرت أن المسيح قد ضاع منها وفقدته مجدداً من حياتها. كم من المرات نضيع المسيح ونفقده من حياتنا ويغيب عنا. إن اختبار المجدلية يعلمنا بأن كل من يبحث بصدق عن المسيح سوف يلتقي به حتماً. لأنها رغبة الآب الأولى والتي لا يمكن أن تنقض ولا أن تتغير، وهي أن الله خلقنا ليشاركنا حياته، ولا يريد أن يستثني أحداً من هذه الدعوة. إنها رغبة الابن الذي قرب ذاته ذبيحة شكر عنا إلى الآب على الصليب ليصالحنا معه، ويعيد هذه العلاقة. إنها رغبة الروح القدس الذي ينعش فينا هذا التوق إلى الله ويجذبنا إليه، ويرسلنا لنشارك هذه النعمة مع كل من يبحث عن الرب وينتظره وهم كثيرون، كثيرون من ينتظرون سماع البشرى الجديدة وهي أن المسيح قام وإنه حي وحاضر وقريب وهو يريد أن يلتقي بكل شخص ليحيا معه، لأنه إله الحياة، فهل نقبل دعوته لنا بأن نحمل البشرى لكل من ينتظر سماعها؟ كم من الناس يعيشون حياة مليئة بالكآبة واليأس والحيرة والشك؟ فهل نقبل أن نخبرهم عن المسيح القائم والقريب. هل نقبل دعوته لنا لنكون رسلاً جدداً له اليوم في العالم. هل لنا غيرة بولص وعنفوان بطرس وحماس يوحنا والتزام متى وثبات يعقوب 

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط المسیح قام أن المسیح

إقرأ أيضاً:

الضويني: الأزهر يجدد الدعوة لقادة العالم للاتفاق على مبادئ عظمى تضمن التصدي للتحديات التي تفرضها الأزمات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شارك فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، اليوم الثلاثاء في أعمال «القمة العالمية لقادة الأديان من أجل المناخ» ، التي انطلقت في مدينة باكو عاصمة جمهورية أذربيجان تحت عنوان: "الأديان العالمية من أجل كوكب أخضر" برعاية كريمة من إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان، وبحضور السيد علي أسدوف، رئيس وزراء دولة أذربيجان وبمشاركة أكثر من 300 شخصية بارزة من القيادات الدينية العالمية، وممثلي الأديان، وكبار المسئولين، والأكاديميين والخبراء في مجال البيئة.

وألقى وكيل الأزهر، كلمة خلال أعمال الجلسة الافتتاحية للقمة توجه فيها بالشكر لمجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وإدارة مسلمي القوقاز بدولة أذربيجان على تنظيمها لهذا اللقاء المهم؛ الذي يجيء كخطوة عملية نحو التخفيف من آثار التغيرات المناخية.

وأكد الضويني، خلال كلمته على أن التغيرات المناخية تمثل تحديًا مشتركًا يستوجب توحيد جهود البشرية بكل أطيافها، مشيرًا إلى أن الأديان تقدم رؤية متكاملة تحث على حماية الأرض التي ورثها الإنسان، ورعايتها لصالح الأجيال القادمة. وشبه فضيلته البشرية بمنظومة واحدة أو أسرة ممتدة، يتأثر كل فرد فيها بأفعال الآخر؛ فالمناخ ليس قضية تخص دولة أو شعبًا بعينه، بل هي مسألة تمس مصير العالم بأسره، ولا يمكن مواجهتها بفعالية إلا من خلال تعاون عالمي متكامل، يضع أسسًا مشتركة لتحقيق الأمان البيئي ويضمن استدامة الموارد.

وأوضح أن الواجب المتجدد يفرض على قادة الأديان أن يوجهوا أتباعهم إلى فهم أن البيئة نعمة تستوجب الشكر، وأن الشكر لا يكون بإفسادها، وأن من واجبات الخلافة والعمارة أن تكون البيئة صالحة للحياة، معززة لاستمرارها، وأن الإسلام وأحكامه جاء ليصون البيئة ويعمل على حمايتها من أي أذى: بدءًا بتغيير نظرة الإنسان إلى الكون باعتباره خلقًا حيًا مسبحًا لا باعتباره جمادات صماء، ومرورًا بأوامره باحترام مكونات الحياة والمحافظة عليها طاهرة من كل تلويث أو إفساد، سواء في الإنسان نفسه، أو في المكان والمحيط الذي يعيش فيه، أو في الماء الذي يشربه، أو الطعام الذي يأكله، أو في الهواء الذي يتنفسه، مع مراعاة أجيال المستقبل ونصيبهم من الموارد، ومرورًا بالواجب العلمي الذي يعانقه الدين ويدعو إليه ولا يعارضه أو يرفضه.

كما أكد وكيل الأزهر أن دور القادة الدينيين في تصحيح تصورات أتباعهم نحو الكون، وتوجيه سلوكهم في تعاملهم معه لا يُنكر، ولكن ما تزال البشرية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود نحو زيادة الوعي بمفهوم تغير المناخ وآثاره، فبعض الناس ما يزالون ينظرون إلى قضية المناخ على أنها من الرفاهية؛ ولذا فإن التثقيف والتوعية بالمخاطر الحقيقية الواقعية والمحتملة هي التي يمكن أن تقف بقوة في وجه هذه التغيرات، وهي التي تدفع البشرية إلى التعامل مع البيئة ومكوناتها بإحسان، وتبني نمط استهلاكي معتدل حتى يكون الناس أصدقاء حقيقيين للبيئة، وكذلك يجب أن تعزز القيادات الدينية تعاونها مع صناع القرار، وأن تتخذ من رمزيتها قوة مؤثرة موجهة لهم نحو ما فيه خير البشرية.

وشدد على أن قضية التغيرات المناخية ليست أقل خطورة من فيروس كورونا الذي انتفض له العالم بدوله وحكوماته ومنظماته وشعوبه، وليست أقل من الحروب التي نالت آثارها من الجميع رغم البعد الجغرافي عن محيطها؛ ولذا يجب تصعيد العمل حيال التهديد الصادر عن التغير المناخي بدءًا بالأفراد ومرورًا بالمؤسسات وانتهاء بالحكومات، وغني عن الذكر أن دولاً متعددة قامت بجهود كبيرة في هذا الشأن، والتي كان من آخرها مؤتمر (Cop27) الذي عقد بجمهورية مصر العربية، والذي سعى إلى تحويل تعهد الدول المتقدمة بتمويل أضرار التغيرات المناخية إلى حقيقة واقعية، وحث الدول المسببة للتغيرات على الوفاء بالتزاماتها المادية، ومؤتمر (Cop28) الذي عقد بالإمارات العربية المتحدة، والذي تمخض عن «بيان أبو ظبي المشترك من أجل المناخ ..نداء الضمير»، وإعلان جمهورية أذربيجان عام 2024 عام التضامن من أجل السلام الأخضر، إضافة إلى ما قبل هذا وما بعده من مؤتمرات وتوصيات وبيانات ووثائق وأبحاث ودراسات وحملات وغير ذلك.

وتساءل فضيلته: متى التزمت الدول الأكثر إضرارًا بالمناخ بتوصيات المؤتمرات؟ وهل هناك صفقة عادلة بين الدول المسببة للأضرار المناخية والدول المتضررة منها؟ وما هو العمل الحقيقي الذي يعقب المؤتمرات والاجتماعات؟، لذا، فإن حاجة العالم الآن إلى مد جسور التعاون والتلاقي بين الشعوب أكثر من أي وقت مضى، وإن الأزهر الشريف ليجدد الدعوة لقادة العالم وللحكماء إلى أن تتفق على مبادئ عظمى تضمن العمل المشترك للتصدي للتداعيات والتحديات التي تفرضها الأزمات.

واختتم وكيل الأزهر كلمته بأربع توصيات وهي:
أولا: ضرورة تنمية الوعي البيئي بتثقيف الجماهير بصفة عامة، من خلال المؤسسات التربوية والدينية والمنابر التوعوية والإعلامية، والمناهج والكتب الدراسية.

ثانيا: ضرورة التشارك الكوني وتبادل المعلومات والخبرات بين الشعوب والحكومات والمنظمات الرسمية وغير الرسمية، من خلال برامج علمية تتكاتف فيها الجهود بصورة سريعة ومؤثرة، بعيدًا عن الجوانب الإجرائية والشكلية؛ لاستخدامها في مواجهة أي خطر يهدد الكرة الأرضية.

ثالثا: ضرورة سن القوانين والتشريعات التي تردع محتكري المعلومات والتجارب التي يؤثر حجبها على فاعلية التعامل مع الكوارث والأزمات، وملاحقة ملوثي البيئة.

رابعا: الضغط على الدول الغنية وصناع القرار العالمي لتحمل المسؤولية، والقيام بتغييرات جدية لحماية البيئة، كالطاقة النظيفة، والاستخدام المستدام للأراضي، وغير ذلك، واعتماد التمويل اللازم لدعم الدول الفقيرة للتأقلم مع تغير المناخ.

مقالات مشابهة

  • الضويني: الأزهر يجدد الدعوة لقادة العالم للاتفاق على مبادئ عظمى تضمن التصدي للتحديات التي تفرضها الأزمات
  • الانتخابات الأمريكية.. البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الأعظم
  • البابا تواضروس يقدم التعزية للأنبا جوارجيوس في وفاة القمص عبد المسيح .. صور
  • مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الأسر العربية والعالمية
  • البرهان: نفخر بالنهضة التي حققتها مصر في جميع الخدمات الإنسانية
  • الأكثر رعبا في العالم .. تعرف على بي-52 التي أرسلتها أميركا للشرق الأوسط
  • مطران إيبارشية الجزيرة والفرات: الكنيسة بشر وليست حجرا
  • الأقوى في العالم.. تعرف على قاذفات «بي-52» التي أرسلتها أمريكا للشرق الأوسط
  • المطران شامي يترأس قداس تذكار جميع الموتى المؤمنين بكنيسة لعازر بمدافن الروم الكاثوليك بالإسكندرية
  • 3 خطوات لطريق الفرح .. عظة البابا تواضروس خلال تدشين كنيسة العذراء مسرة