الضربة المزدوجة الإنهيار الإقتصادى والمجاعة في السودان!
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
الرأى اليوم
✍️صلاح جلال
(١)
????لقد إطلعت على تصريح منقول على الوسائط الإلكترونية اليوم *للخبير الإقتصادى البروفيسور إبراهيم أحمد أونور يحذر فيه من إنهيار الدولة* مشيراً إلى أن الإنهيار الاقتصادي سابق لأى إنهيار عسكرى فيما يكون بعد ذلك نتيجة له ، مؤكداً هناك مؤشرات قوية أن من بين ثلاثة بنوك تجارية عاملة الآن إثنان منها معرضة للافلاس والإنهيار فى أى لحظة نتيجة لتأثير الحرب على الإقتصاد وتأثير العملات المزورة المتداولة بحجم كبير فى الأسواق .
كما أشار في نفس الإتجاه الدكتور إبراهيم البدوى وزير المالية السابق في محاضرة له "حول إتجاه الإقتصاد للسقوط العمودي نتيجة لآثار الحرب المدمرة على الأصول الرأسمالية ووسائل الإنتاج .
(٢)
???? ذكرت مصادر أخرى أن ٩٥% من السودانيين يعيشون حالة من *الفقر الحاد الطبيعى والمؤقت* الناتج عن التوقف المفاجئ للإنتاج وإنهيار مصادر الدخل فى القطاع الخاص والعام الذى لم يصرف تعويضاته الشهرية لقرابة العام مقدر ب ٨٠٠ ألف موظف على الأقل بلا دخل وبعد ميزانية الحرب غير
المعلنة لدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية التى إعتمدت على مصادر دخل غير واقعية من بينها إلغاء الدولار الجمركي ورفع التحصيل الضريبى لإقتصاد يعانى من تضخم ركودى جامح Stagflation وكما ذكر الوزير ضمن حزمة حلوله غير الواقعية أن الدولة ستعرض بعض الأصول الكبيرة للبيع لدول أخرى ، فى ظل مقاطعة شبه كاملة من مؤسسات التمويل الدولى نتيجة لتداعيات إنقلاب الفريق البرهان فى ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م على الحكم الإنتقالى ، الأزمة الإقتصادية المتصاعدة تجرد الحرب الراهنة من مشروعيتها الأخلاقية وتفرغ أشرعتها من القدرة على الإستمرارية لمدى زمنى أطول .
(٣)
???? ذكرنا فى غير مرة بناء على هذه المؤشرات أن الإقتصاد السودانى قابل للإنهيار بأسرع مما نتوقع خلال الستة أشهر القادمة على الأكثر ، والعملة المحلية اليوم قد تآكلت بنسبة ١٠٠% عن العام السابق منذ بداية الحرب مما يعرض قطاع التجارة الداخلية لخسارة ضخمة ومخاطر الإفلاس إذا إحافظوا على رؤوس أموالهم بالعملة المحلية التى بلغت ١٢٠٠ج للدولار الواحد اليوم ،وسترتفع فى الأيام القليلة القادمة قيمة العملات الصعبة أمام العملة الوطنية بوتيرة أسرع عندما يكتشف صغار التجار تآكل قيمة مدخراتهم ويسعون لتحويلها لعملات صعبة، هذه الوضع سيعرض الإقتصاد لاحد الحالتين المتلازمة الفنزويلية أو الزمبابوية فى الحالة الفنزويلية أصبحت قيمة العملة لا تساوى قيمة أوراق التواليت وهرب راس المال من البلاد وهاجر السكان بشكل جماعى على أرجلهم لدول الجوار ، وفى الحالة الزيمبابوية فقدت العملة أى درجة من التسعير بالعملات الصعبة ، مما اضطر البنك المركزى للتدخل لإلغاء العملة الوطنية والتعامل المباشر بالدولار الأمريكى حتى يتمكن من السيطرة على التضخم من خلال عملة مستقرة فى السوق العالمى .
(٤)
???? الإقتصاد السودانى بمؤشراته الراهنة يقترب من أحد الحالتين !، لذا قبل إرتطامه وسقوطه الحر في القاع أن يقوم الفنيين والخبراء بالإستعداد والتحضير للخيارات المحتملة، وذلك بالإنتقال إلى عملة بديلة لأحد دول الجوار الأقرب مثل الريال السعودى أو الدرهم الإماراتى أو الريال القطرى كعملات إقليمية مستقرة يجب على الفنيين التحوط لهذه الخيارات ، وبداية التفاوض مع البنوك المركزية للدولة المرشحة عملتها لتحل محل العملة المحلية إذا وصل تدهور العملة مرحلة عدم السيطرة الكاملة .
(٥)
???? الضربة المزدوجة تتمثل فى الإنهيار الإقتصادى مع إنفلات الحرب لمرحلة الفوضى المتزامنه مع حالة المجاعة الناتجة للنقص الحاد فى الإنتاج الغذائي ، مما لا شك فيه أن المجاعة القادمة حسب تقارير المنظمات الدولية المختصة ستكون أقسى مجاعة فى تاريخ البلاد ، وستبلغ ذروتها بين أغسطس وديسمبر القادم ، والأول مرة فى تاريخ السودان تجوع منطقة الجزيرة المروية التى لم تتاثر بدرجة كبيرة بمجاعة سنة ستة ، ستدخل فى دائرة الخطر دارفور بكل ولاياتها الخمسة وكردفان الكبرى والعاصمة المثلثة دخلت مرحلة النقص الحاد فى الغذاء منذ هذه اللحظة على حسب تقديرات الأمم المتحدة وعلى حسب تقرير الفاو واعلان السيد مارتن قريفث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية قائلاً *سيتأثر بالمجاعة فى السودان حوالى ٢٥ مليون نسمة منهم ١٨ مليون حالة نقص حاد للطعام وحوالي ثلاثة مليون ونصف طفل سيتعرضون لسوء التغذية المرحلة الحرجة حد الموت* .
(٦)
???? رغم هذه التقارير العالمية المقلقة من مؤسسات ذات مصداقية عالية مازال الإعلام الرسمى والدولة فى بورتسودان تتعامل مع المجاعة بفهم سياسى وليس كقضية إنسانية عاجلة !، يتبين للمتابع ذلك من خلال لجنة الفريق إبراهيم جابر وتصريحات وزير المالية والزراعة التى تنكر أن البلاد تواجه خطر المجاعة فى تصرف غير مسئول ، كما أن الدعاية الإعلامية المضللة تعرض في إعلامها جوالات للذرة بمدينة القضارف للتطمين الزائف للمواطنين ، هذه التصرفات لن تحجب حقيقة المجاعة الماثلة والقادمة فهى ستتحدث عن نفسها وستفضح كل من يحاول التستر عليها، كما سيقدم فى مؤتمر باريس فى ١٥ أبريل ٢٠٢٤م لتنظيم الإستجابة الإنسانية فى السودان أوراق علمية عن حجم الفجوة الغذائية فى السودان، هذا المؤتمر الذى ستشارك فيه تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم) بقيادة رئيسها دكتور عبدالله حمدوك كممثل لشعب السودان .
(٧)
???????? ختامة
فى ظل هذا الواقع المأساوى نحمل الفريق أول البرهان المسئولية الكاملة لتباطئه فى إدراك ضرورة وقف الحرب ، وعدم جديته فى التفاوض وتسويفه غير المنطقي للتوصل لحل في كل المنابر المتاحة جدة والإيجاد وجوار السودان والمنامة فقد كان يدخل ( بحمد ويخرج بخوجلى ) من هنا و من هناك لشراء الوقت وإهمال الحلول ، من سخرية القدر أنه لا يدرى أنه لا يملك رفاهية التسكع للتسوق بين المبادرات وضياع الوقت للمناورة والمجاعة تسحق أؤلئك الذين يطمع في حكمهم والإنهيار الإقتصادى يمسح أخر ما تبقى من ملامحهم
وكذلك نوجه الضغوط على قيادة الدعم السريع لتكثيف التواصل مع القوات المسلحة والوسطاء للعودة للتفاوض بأسرع ما يمكن لمواجهة الظرف الحرج الذى يعيشه الشعب السودانى المغلوب على أمره بين رحى طرفى الحرب ، تقول الحِكمة؛" *لاتستطيع تجاوز سُلم الأوقات الصعبة ويداك فى جيبك*
#أوقفو_الحرب_فوراً
صلاح جلال
٢٩ مارس ٢٠٢٤م
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
خطاب الكراهية وتأثيره السلبي علي مجريات الأحداث في دارفور
خطاب الكراهية وتأثيره المباشر علي إقليم دارفور غربي السودان في فترة الحرب الدائرة الان، تم فرض واقع جديد بعد 15 أبريل 2023، الأسباب التي ساهمت في تفاقمها، وعن تغذية الحرب، والصراعات حول الأرض والموارد في دارفور، وتأثير ذلك علي استقرار الإقليم، بما في ذلك إثر التوترات الامنية والعرقية علي المجتمعات المحلية، وتعايشها.
تقرير: حسن اسحق
خطاب الكراهية وتأثيره المباشر علي إقليم دارفور غربي السودان في فترة الحرب الدائرة الان، تم فرض واقع جديد بعد 15 أبريل 2023، الأسباب التي ساهمت في تفاقمها، وعن تغذية الحرب، والصراعات حول الأرض والموارد في دارفور، وتأثير ذلك علي استقرار الإقليم، بما في ذلك إثر التوترات الامنية والعرقية علي المجتمعات المحلية، وتعايشها.
يقول دكتور عباس التجاني الباحث في مجال السلام والإعلام والمدير التنفيذي لمركز سلاميديا ان الموضوع المرتبط بخطاب الكراهية معقد، وارتباطه لأسباب ثقافية موروثة، الأنماط الاقتصادية، زراعية ورعوية، اضافة الى غياب مشروعات تنموية في المنطقة، وعدم نضوج الخطاب السياسي في فترة من الفترات، لبعض التكوينات والتنظيمات السياسية، وأن هذه الأنماط الاقتصادية حدث لها تصادم، نتيجة لشح المراعي والموارد المحدودة، اضافة الى الصراعات الاجتماعية ما بين مجموعات سكانية متنافسة.
وأوضح عباس أن تصاعد خطاب الكراهية ما بعد فترة 15 أبريل 2023، ليس بجديد، هذا ما يطلق عليه اطار النزاع، وكيفية تأطير النزاع، أشار مقاربة النزاع بين السودان وجنوب السودان، وتحول نزاع شمال مسلم وجنوب مسيحي، وتحول إلى خطاب أكثر حدة، اما الصراع في دارفور في تشخيصه الأولى في عام 2003، الممثل في حركات الكفاح المسلح، وأطلق عليه صراعا بين الرعاة والمزارعين، والصراعات الاجتماعية توجد وكالات اجتماعية تنتج خطاب مجتمعى، علي سبيل المثال ’’ الحكامة ‘‘ والهداي والبوشان، والمغنيين المحليين للمجموعات الاجتماعية، الذي يظهر التمجيد للبطولة الفردية، والجماعية وعزة القبيلة.
اضاف ان الصراعات السياسية المستمرة، خلقت خطابات شحنت الناس، وفي فترات الحروب التي ارتبطت بجنوب السودان، والنيل الازرق وجبال النوبة، تم عسكره لسكان دارفور ، وحرب دارفور حصلت عسكرة لمجموعات اجتماعية، وتسليح، اما الصراعات في دول الجوار لدارفور، ساهمت في تدفق المقاتلين، والسلاح، وتفشي التجارة والجريمة العابرة للحدود، ويقول إن السياسة الخارجية للسودان لفترات طويلة غير متزنة في طبيعة علاقاتها مع دول الجوار، وكانت لها تدخلات في بعض الدول، في تشاد وليبيا وجنوب السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهذا كان له تأثيراته، علي واقع السكان علي الشريط الحدودي.
قال التجاني ان هذه الاسباب والمفردات كلها تولد خطاب مختلف، والازمة الحالية زادت من حدة الخطاب، أن حرب 2003 حتى ثورة ديسمبر، هذه الثورة أنتجت شعارا قويا، ’’ يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور‘‘ بسبب الانتهاكات التي كانت موجهة لطلاب من دارفور في الجامعات السودانية، منهم من تم تصفيتهم بطريقة بشعة، واعتقال مجموعات تابعة لإحدى الحركات المسلحة، منتج هذا الخطاب له القدره في زيادة الشرخ الاجتماعي، وزيادة خطاب الكراهية، وهي ليست خطاب عفوية ولا فطرية، بل هي خطابات مهندسة ومدروسة، ومنتج الخطاب يعرف مدى تأثيراته النفسية.
اضاف التجاني ان الصراع الحالي زاد علي التراكم التاريخي المرتبط بالكراهية في مناطق مختلفة بشكل أكبر، وآخرون قالوا إن الخطاب يعود إلى فترة المهدية فترة الخليفة عبدالله التعايشي، الممثل في مقولة اولاد البحر واولاد الغرب، وتصريحات الفاعلين في الحرب الدائرة الآن، حتما تولد مواقف مضادة، يمكن أن تكون ارتجالية، وأطراف الحرب لهم خطاب عنصرية تجاه بعضهم البعض، يقللون من شأن الآخر المختلف، وتصورات تجاه الآخر، هذا جزء من آلة الحرب النفسية، البروباغاندا، والحرب الحالية عمقت بشكل كبير الانقسام الاجتماعي والثقافي ما بين المجموعات السكانية السودانية، وخطاب الكراهية وجد مساحة للتمدد، اضافة الى ممارسة أطراف الحرب في مناطق سيطرتها، المرتبطة بالامتحانات ومناطق الارتكازات والتفتيش، وضربات الطيران الحربي، كل هذا يفسر في إطار خطاب الكراهية.
أشار التجاني إلى غياب دور الدولة الوظيفي في دارفور، ويمتد ذلك إلى تشاد ومنطقة الساحل الافريقي التي تعرضت لمجاعة، وتسببت هذه المجاعات في النزوح، وخلقت كثافة سكانية، ان مصادر المياه المتوفرة في إقليم دارفور لم تستغل بشكل سليم، وتم تصفية المشروعات التنموية مثل مشروع تنمية السافنا، وتصفية مشروع جبل مرة، وساق النعام، واوضح ان التنمية تخلق نوع من الاستقرار.
قال التجاني ان الاستقطاب الاثني ليس جديدا في إقليم دارفور، منذ الثمانينات والتسعينيات في عهد عمر البشير، تم استقطاب القبائل بشكل بشع، خاصة الصراع المرتبط بجنوب السودان، ومنطقة جنوب دارفور، والدولة استغلت الرعاة بشكل كبير جدا، والثروة الحيوانية لتفجير الألغام، اضافة الى خلق بدعة مبايعة المجموعات الاجتماعية، كما يحدث الآن في مدينة بورتسودان، وكانت هذه المجموعات يضغط عليها كي تبايع نظام الرئيس السابق عمر البشير، ويطلب من كل مجموعة توفير 1000 رجل للذهاب للقتال، وهذه الحرب الدائرة الآن، أعادت نفس السياسة السابقة، هذه المجموعات تذهب الي بورتسودان كي تبايع البرهان، وهذه السياسة هي طحن للمجموعات وتجييش لها وتمليش، وهي دمار ممنهج للبنية الاجتماعية لهذه المجتمعات في المدى البعيد.
أن تأثيرات ممارسة أطراف النزاع سوف تستمر لمدة 10 سنوات أخرى، وليس من السهولة معالجة هذه المسألة في المدى القريب، ويمكن ان يحدث تغير في سلوكيات المجموعات الاجتماعية، واضافة الى الانتشار الواسع للسلاح بشكل كبير للغاية، وخلق أشكال جديدة من المليشيات داخل هذه المجموعات نفسها، ان الاطراف التي كانت تقاتل مع طرفي الصراع، سوف تزداد قوة مع مرور الوقت، هذا التمليش جديدا علي الواقع السوداني، بل مستخدم بشكل ممنهج ومنظم، علي المجموعات في السودان، ودارفور كان نصيبها أكبر، في عام 2003، الدولة وظفت مجموعات سكانية معينة، واعطتها اراضي، الجميع يعرف حساسية الأرض، ومسميات للإدارة الاهلية، بل زادت وتفاقمت من حدة الصراع، والآن يتم استخدامها في حرب 15 أبريل 2023.
ishaghassan13@gmail.com