هيا بنا نعرف رسول الله ﷺ (2 – 3)
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
بقلم عبدالعليم شداد
كان رسول الله ﷺ في شكله حسن الجسم اذ لم يكن ضعيفا ولا سمينا فكما وصفته أم معبد (حسن الخلق لم تعبه ثجلة) أي ليس له (كرش) وقد ذم صلوات الله وسلامه عليه التسمن وزيادة الوزن كما في الحديث (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَتَسَمَّنُونَ وَيُحِبُّونَ السِّمَنَ)- (سنن الترمذي) وقد ذكر اهل العلم ان المراد بذلك (الذين يعتنون بأسباب السمن من المطاعم والمشارب والترف ، فيكون همهم إصلاح أبدانهم وتسمينها أما السمن الذي لا اختيار للإنسان فيه ، فلا يذم عليه ، كما لا يذم الإنسان على كونه طويلاً أو قصيراً أو أسود أو أبيض ، لكن يذم على شيء يكون هو السبب فيه) , وقد ثبت ان رسول الله قد اكتسب شيئا من الوزن في اخر عمره كما في الحديث (إِنِّي قَدْ بَدنْتُ، فَإِذَا رَكَعْتُ فَارْكَعُوا، .
وكان رسول الله ﷺ (بعيد ما بين المنكبين) أي عريض أعلى الظهر او عريض الكتفين، كما انه كان (ضخم الكراديس) أي واسع العظام عند المفاصل وهو ما يشير الى بنية جسمانية معتدلة قوية، ولتقريب الفهم فبالنظر الى الاوصاف الواردة ومن ثم النظر الى تقسيمات خبراء الاجسام المعاصرين الذين يقسمون الأجسام البشرية الى ثلاثة أنواع ولكل منها خصائصه وشكله ومواصفاته أولها الجسم النحيل Ectomorph ومواصفاته انه ضيق الكتفين والحوض ولصاحبه وجه رفيع واذرع وارجل رفيعة ويكون ضيق الصدر والوسط وصاحبه قليل الشحم في الجسم، ثانيا الجسم باطني البنية Endomorph ويكون لصاحبه خصر عريض مع اكتاف ضيقة ويحمل صاحبه الكثير من الدهون في جميع انحاء جسمه بما في ذلك الفخذين والاذرع ويكسب صاحبه الوزن بسرعة ويفقده ببطء، اما الجسم المثالي والذي يتطابق مع الاوصاف الواردة عن رسول الله ﷺ فهو الذي يسمى بالجسم معتدل البنية Mesomorph ومواصفاته العامة راس كبيرة ، اكتاف عريضة وسط ضيق، جسم عضلي مع اذرع وافخاذ قوية، جزع طويل مع صدر عريض وتناسب جميل بين الكتف والوسط.
كان لون بشرة رسول الله ﷺ هو الأبيض المشرب بالحمرة أو هي (البشرة البيضاء المحمرة) او هو (اللون الازهر) كما جاء في الحديث (كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مشربًا بياضه بحمرة) وورد أيضا (كان النبي صلى الله عليه وسلم أزهر اللون، ليس بأبيض أمهق، ولا آدم. رواه البخاري ومسلم)، (كان ازهر اللون - البخاري)، والبشرة البيضاء المحمرة بلا شك هي درجة جميلة من درجات اللون البشري وكل الوان البشر جميلة ولكن هي من الدرجات التي تعكس جودة النظام الغذائي لصاحبها من عدمه ، فاذا كان نظاما فقيرا سيئ التغذية فستكون بشرة باهتة سيئة تؤثر عليها اشعة الشمس فتصبح المناطق المعرضة للشمس كالوجه والأذرع بلون وبقية الجسم بلون مختلف وهذا ما لم يكن عند رسول الله فقد كان وجهه مثل القمر من حسنه وبهائه، وهذا بخلاف البشرة البنية الداكنة او البشرة السوداء اذ من الصعب أن تظهر عليها اثار سؤ التغذية ورداءة النظام الغذائي ، فكأنما يريد الله تعالى ان يعلمنا ان نتبع هديه صلوات الله وسلامه عليه في طعامه وشرابه ونومه حتى نكتسب تمام الصحة والعافية، فحتى نوم رسولنا فمع قيامه الدائم لساعات من الليل كل يوم فقد كان في أتم الصحة وأفضل حال، واليوم أصبحنا ندرك أن هناك فرق بين (كمية النوم) و(جودة النوم )، فالنوم الجيد ولو كانت مدته قصيرة يتفوق على النوم غير الجيد ولو كان لفترة طويلة، أما اجسامنا اليوم التي تعاني من تراكم السموم بسبب الأطعمة غير الصحية فقد أصبحت تحتاج للكثير من ساعات النوم حتى تتخلص من التعب وحتى يتمكن الجسم من اصلاح نفسه.
أما وصف شكل وجهه ﷺ فكما جاء في وصف ام معبد له أنه كان (وسيما قسيما)، وهو ما يتوافق مع جميع الروايات الواردة في ذلك، وقد روى الترمذي من حديث أنس ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجها ، وأحسنهم صوتا) وعن البراء بن مالك رضى الله عنه قال (كان رسول الله ﷺ أحسن الناس وجها) وقد لخصت أم بعد ذلك في قولها ( رأيت رجلا ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق) ، وابلج الوجه أي وضي مشرق الوجه والوضاءة هي صفة من اهم صفات الجمال وهي التي تبعث الراحة في النفوس فالوجه الوضيء هو وجه مشرق ظاهر الحسن والجمال وهو الوجه الذي ان نظرت اليه شعرت بالراحة والفرح ، أما عن شكل وجهه ﷺ فقد جاء في وصف البراء بن مالك عندما سئل (أكان وجه النبي ﷺ مثل السيف، قال: لا، بل مثل القمر) ، وهذا يحتاج الى تفصيل فالوصف المذكور لا علاقة له بشكل الوجه الذي يسمى اليوم طبيا ب (وجه القمرmoon face ) وهو الذي ينتج عندما تتراكم الدهون حول الفك والذقن ومنطقة الرقبة والخدين ، وعموما فان طريقة وصف اشكال الوجوه تتغير من زمان الى زمان ففي زمن قسمها بعضهم اثنين ومنهم من قسمها الى اربع وبعضهم الى تسعة، والشائع اليوم تقسيمها الى سبعة أشكال هي (المستطيل ، الدائري ، البيضاوي ، شكل القلب ، الوجه الماسي ، المثلث ، والمربع)، فالواضح ان وجهه ﷺ كان معتدلا في طوله وعرضه ووصف الوجه بالقمر في الشعر والامثال العربية ارتبط بالحسن والجمال ، يضاف الى ذلك ان فمه صلوات الله وسلامه عليه لم يكن صغيرا دقيقا بل كان متسعا اتساعا يتناسب مع الوجه وحجم الرأس فرأسه عليه السلام لم يكن صغيرا (وَلَمْ تُزْرِ به صُعْلَةٌ - أي ليس به صغر في الرأس) بل كان كبيرا بما يتناسب مع عرض منكبيه ، وكانت اسنانه بيضاء جميلة بين اسنانه الامامية فرجة (فلجة) كما في حديث ابن عباس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثنيتين)،(وتعتبر الفلجة بين الاسنان علامة من علامات الجمال اليوم) ، يزين رأسه شعر جميل وكان يسدل شعره (أي ينزله على جبهته) مخالفة للمشركين وموافقة لأهل الكتاب من اليهود والنصارى ثم اصبح يفرقه على الجانبين بعد ان اسلم الكثير من المشركين، وكان يتعهد شعره بالعناية والرعاية ويسرحه ويدهنه بالزيت وقد أمر بالادهان بزيت الزيتون، ولم يكن اهتمامه بشعره مبالغا فيه فقد نهى عن كثرة الترجل (تسريح الشعر) كما في حديث عبدالله بن مغفل (أن النبي – صلى الله عليه وسلم - نهى عن الترجّل إلا غبّا – أي بين الحين والآخر) ، وكان رسول الله يغطي رأسه بعمامة بيضاء وتحت العمامة قلنسوة بيضاء (طاقية) ، كما كانت له عمامة خضراء وسوداء (يوم فتح مكة كانت عليه عمامة سوداء)، وكان يلبس القلنسوة (الطاقية) بغير عمامة، ويلبس العمامة احيانا بغير قلنسوة (طاقية)، وكان إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه كما رواه (مسلم في صحيحه) ، وقال ابن القيم ( لم تكن عمامته صلى الله عليه وسلم كبيرة يؤذي الرأس حملها، ولا صغيرة تقصر عن وقاية الرأس، بل كانت وسطًا بين ذلك، وخير الأمور الوسط). اما وصف عينيه فكانت سوداء كبيرة سوادها شديد السواد وبياضها شديد البياض (في عينيه دعج . . احور) وكانت في عينيه عروق حمراء رقيقة (مشرب العين بحمرة – حديث علي رضي الله عنه) ، وكان في جفون عينيه سواد يظن من ينظر اليه كانه كحل (أكحل العينين وليس بأكحل – حديث جابر بن سمرة) ، وقد اكتحل رسول الله وأمر بالاكتحال لما فيه من صحة للعين وحفاظا عليها، يقول ابن عثيمين (الاكتحال نوعان: أحدهما اكتحال لتقوية البصر وجلاء الغشاوة من العين وتنظيفها وتطهيرها بدون أن يكون له جمال، فهذا لا باس به، بل إنه مما ينبغي فعله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في عينيه، ولا سيما إذا كان بالإثمد الأصلي. ومنها ما يقصد به الجمال والزينة، فهذا مطلوب للنساء؛ لأن المرأة مطلوب منها أن تتجمل لزوجها،), أما شكل رموش عينيه فقد كانت سوداء جميلة، يعلوها حاجبين طويلين دقيقين ممتدين بينهما مسافة كما في حديث هند بن أبي هالة (سوابغ في غير قرن) وحديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه البيهقي في الدلائل، قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزج الحاجبين، سابغهما من غير قرن بينهما، وكان أبلج ما بين الحاجبين، حتى كأن ما بينهما الفضة المخلصة، . . ). وقد زينت وجه رسول الله لحية جميلة عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... كَثَّ اللِّحْيَة)، روى الطبراني (كان حسن السبلة . . أي اللحية) والكثاثة تعني غزارة الشعر والتِفَافَه مِن غير طول، وكان شاربه طبيعيا على الفطرة يقص ما زاد منه (حف الشارب) ، والى حين وفاته لم يزد الشيب في شعر رأسه عن عشرين شعرة.
كان صلى الله عليه وسلم أنظف خلق الله تعالى بدناً، وثوباً، وبيتاً، ومجلساً، فلقد كان بدنه الشريف نظيفاً وضيئاً. عن أنسٍ رضي الله عنه أنه قال (مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فهو صلى الله عليه وسلَّم كان أنظف خلق الله بدناً، وأنقاهم ثوباً، وكان صلى الله عليه وسلَّم يعتني بنظافة فمه ، ويُكثر من استخدام السواك ، حال إفطاره وصومه ، وعند وضوئه أو صلاته ، وعند استيقاظه من نومه ، وحين دخوله لمنزله ، حتى في لحظاته الأخيرة أمر أم المؤمنين عائشة أن تأتيه بالسواك ، ليلقى ربّه بأطيب رائحة. وكان دائما طيب الرائحة نظيف البدن والثياب فكما جاء في البخاري عن جابر (لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يمر في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه من طيبه) وكان أحب ألوان الثياب إليه - الثياب البيضاء – فكان يؤثرها على غيرها من الثياب، قال صلى الله عليه وسلم: ( البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم ) رواه الترمذي، وقد ارتدى ملابس مصبوغة بالزعفران ونهى ان يلبس الرجل لبس المرأة وان تلبس المرأة لبس الرجل ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل ) رواه أبو داود. واتخذ صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضة، وكان يضعه في خنصر يده اليسرى، وتارة يضعه في يده اليمنى وقد اتخذه ختما ليختم به الرسائل التي كان يُرسلها إلى الملوك والأمراء .. اللهم صل على محمد وعلى أله وصحبه وسلم.
ونواصل ...
*تنبيه واجب: ورد في الجزء الأول من هذه المقالة سهوا أن قريش من العرب العاربة والصحيح ان قريش من العرب المستعربة وهو ما يشير اليه السياق انف الذكر.
Shedad77@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم کان رسول الله ﷺ رضی الله عنه ى الله ع فی حدیث جاء فی لم یکن کما فی
إقرأ أيضاً:
هل يجوز صيام نصف رجب اليوم الأربعاء فقط؟.. انتبه لـ11 حقيقة
لاشك أن من لم يستطعون صوم 13 و14 رجب أمس وأول أمس يومي الإثنين أو الثلاثاء فيما لازالوا يرغبون بنيل ثواب نصف رجب، هم من يبحثون عن هل يجوز صيام نصف رجب اليوم الأربعاء فقط ؟ ، وذلك لما أدركوا من فضل صيام نصف رجب ومن يخشون تضييعه باعتباره غنيمة لا تعوض، وحتى لا يقعون في الكراهة أو نقض الأجر والفضل فإنهم يسعون لمعرفة هل يجوز صيام نصف رجب اليوم الأربعاء فقط ؟، لعل بهم يلحقون شيئًا من فضله العظيم وثوابه الجزيل ، والذي يجمع بين عدة بركات وهي أنه كن الأيام البيض التي أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باغتنامها كما أنه أحد أيام الشهر الحُرم ، وأيضًا أن فيه نسمات من شهر رمضان الفضيل ، وهو من الأزمنة المباركة لذا ينبغي معرفة هل يجوز صيام نصف رجب اليوم الأربعاء فقط ؟.
هل يجوز صيام الأيام البيض من رجب بنيتين أو أكثر؟.. اعرف الحكمهل يجب صوم الأيام البيض في رجب كلها؟.. بدأت اليوم فانتبه لـ10 حقائقهل يجوز صيام نصف رجب اليوم الأربعاء فقطقالت دار الإفتاء المصرية، في إجابتها عن سؤال: هل يجوز صيام نصف رجب اليوم الأربعاء فقط ؟ ، إن نصف رجب 2025 م الموافق 15 من رجب يوافق اليوم الأربعاء 15 من يناير 2025 م، وهو آخر يوم في الأيام البيض الثلاثة، وهي أيام 13 و14 و15 من رجب .
وأوضحت “ الإفتاء” ، أنه يُستحب صيام نصف رجب أو الأيام البيض من شهر رجب، حيث يكون لها فضل عظيم، فقد وردت بعض الأحاديث النبوية عن فضلها منها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة).
واستشهدت بما ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإن ذلك صيام الدهر كله)، منوهة بأن شهر رجب من الأشهر الحرم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد المفروضة صلاة الليل)، فإذا كان هذا الفضل العظيم ثبت لشهر الله المحرم، فهو يثبت أيضًا لباقي الأشهر الحرم من ذي القعدة، وذي الحجة، وشهر الله الفرد رجب.
ونبهت إلى أن الأيام البيض في رجب 1446هـ ،وهي أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس شهر من شهر رجب الهجري، بدأت من أول أمس الإثنين 13 رجب 1446هـ، والموافق 13 من يناير الجاري ، وامتدت ليوم الثلاثاء 14 رجب و14 يناير فيما أن اليوم الأربعاء 15 رجب و15 يناير 2025م هو يوم النصف من رجب.
وكانت قد نصحت بصيام الأيام البيض من شهر رجب والتي توافق الثالث عشر والرابع عشر والخامس شهر من شهر رجب، وتوافق أول أمس وأمس واليوم ، الإثنين والثلاثاء والأربعاء ، حيث كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على صيام الأيام البيض من رجب ومن كل شهر، وهي: اليوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وسميت بذلك؛ لبياض قمرها في الليل، وبياض شمسها في النهار.
وأشارت إلى أنه بالنسبة لمسألة هل صيام نصف رجب اليوم الأربعاء فقط أي منفردا جائز أم مكروه في هذه الأيام الطيبة في شهر رجب المبارك التي تصب فيه الحسنات صبا، فلما سئل النبي عن الصيام في الأشهر الحرم قال "صم من الحرم واترك" قالها ثلاثا، وعليه فإنه يجوز للمسلم صيام يوم الأربعاء أو صيام أي يوم آخر، ولكن إذا كان لديه القدرة على عدم الإفراد في الصيام فهذا أفضل ويثاب على ذلك، وأكمل الصوم هو الأيام البيض الثلاثة، وأقله يوم واحد .
فضل نصف رجبولفتت "دار الإفتاء" إلى أنّ رجب من الأشهر الحرم التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى: « إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ».
وبينت أن الأشهر الحرم هي، رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وهذا التحديد وردت به الأخبار عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها 4 حرم، 3 متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» رواه البخاري.
كما وردت أحاديث نبوية في فضل شهر رجب، قسمها الحافظ ابن حجر العسقلاني في «تبيين العجب بما ورد في فضل رجب» إلى ضعيفة وموضوعة، فكان الضعيف أحد عشر حديثا؛ منها حديث: «إن في الجنة نهرا يقال له: رجب، أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، من صام من رجب يوما سقاه الله من ذلك النهر» رواه البيهقي في "فضائل الأوقات»، وحديث: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان» رواه الطبراني في «المعجم الأوسط»، والبيهقي في «شعب الإيمان».
فضل صيام نصف رجبوورد عن فضل صيام نصف رجب ، أنه خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:
1- الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
2- للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
3- خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
4- الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
5- من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا».
6- الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
7- الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم (144) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
8- الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».