فتاوى الصائمين.. ما حكم استخدام البخور والمُعطرات في نهار رمضان؟
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
ما حكم استخدام البخور والمُعطرات في نهار رمضان؟ سؤال أجاب عنه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية من خلال الصفحة الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.
ما حكم استخدام البخور والمعطرات في نهار رمضان؟قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الروائح الطيبة لا تفطر الصائم اتفاقًا، وإنما الخلاف في استنشاق البخور فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن استنشاق البخور عمدًا يفسد الصوم، وأنَّ شمَّه من غير استنشاق له ولا قصد لا يفسده، ولم يرَ الشافعيةُ ضررًا على الصوم من استنشاقه سواء عمدًا أو غيرَ عمدٍ، والراجح ما ذهب إليه الجمهور.
وفي جواب سائل يقول: ما حكم العلاج بالعطور والبخور؟ فهناك بعض الناس يستخدم بعض العطور أو البخور للعلاج؛ نشرًا في الجو، أو استنشاقًا، أو بتدليك مواضع الإصابة ببعض الزيوت العطرية. ويدَّعي بعض الناس أن ذلك بدعة، وأنه لا أصل له شرعًا وغير جائز. فما حكم الشرع في ذلك؟
قالت دار الإفتاء: لا مانع شرعًا من الاستشفاء بالعطور والبخور؛ لما ثبت أنَّ لهما تأثيرًا بالغًا على الصحة النفسية والبدنية، وليس ذلك من البدَعِ في شيء؛ بل هو من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصحابته من بعده، ونصَّ عليه علماء الأمة سلفًا وخلفًا عبر القرون، وصنفوا في ذلك الكتب والمؤلفات، واجتهدوا في بيان ما يُستشفى به منهما، مع وجوب الالتزام في ذلك بما يمليه الأطباء وينصح به المتخصصون؛ حتى يؤتِيَ نفعَهُ، ويُجتنَبَ ضررُهُ؛ إذ إن تفاوت الأجساد البشرية في الصحة والمرض، والقوة والضعف، يتحتم معه تفاوت طُرق علاجها، كما أن ما يصلح لأحدٍ قد يَضُرُّ بآخر.
وتابعت: أمرَ الشرع الشريف باتِّخاذ كافة السُّبل والإجراءات المؤدية إلى العلاج والمداواة؛ أخذًا بالأسباب، وعملًا بالسنن الكونية التي أودعها الله تعالى في هذه الحياة؛ إذ الداء والدواء من الثنائيات المخلوقة والموجودة، إلَّا أنَّ الإنسان قد يُخطئ الدواء أو يتأخَّرُ في معرفته أو الوصول إليه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» رواه البخاري في "الصحيح".
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أَصَبْتَ دَوَاءَ الدَّاءِ، بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى» رواه مسلم في "الصحيح"، وأحمد في "المسند" واللفظ له.
قال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (4/ 13، ط. الرسالة): [قوله: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ» على عمومه، حتى يتناول الأدواء القاتلة، والأدواء التي لا يمكن لطبيب أن يُبْرِئَهَا، ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدوية تُبْرِئُهَا، ولكن طوى علمها عن البشر، ولم يجعل لهم إليه سبيلًا؛ لأنه لا عِلْمَ للخلق إلا ما عَلَّمَهُمُ الله، ولهذا عَلَّقَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشفاء على مصادفة الدواء للداء، فإنه لا شيء من المخلوقات إلا له ضدّ، وكل داء له ضدّ من الدواء يعالج بضده، فَعَلَّقَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الْبُرْءَ بموافقة الداء للدواء، وهذا قدر زائد على مجرد وجوده.. ومتى تمت المصادفة: حصل الْبُرْءَ بإذن الله ولا بُدَّ، وهذا أحسن المحملين في الحديث] اهـ.
والتداوي مباحٌ بالإجماع؛ كما قال العلامة المرغيناني في "الهداية" (4/ 381، ط. دار إحياء التراث)، وكان من هديه صلى الله عليه وآله وسلم فعل التداوي في نفسه، والأمر به لمن أصابه مرضٌ من أهله وأصحابه رضي الله عنهم؛ كما قال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (4/ 9).
وقد أرشد الشرع الشريف إلى الرجوع في التداوي من الأمراض إلى الأطباء؛ لأنهم أهل الذكر والتخصص في هذا. فعن هلال بن يساف قال: جُرِحَ رَجُلٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «ادْعُوا لَهُ الطَّبِيبَ»، فقال: يا رسول الله، هل يُغْنِي عنه الطبيب؟ قال: «نَعَم، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعالىَ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً، إِلَّا أَنْزَلَ مَعَهُ شِفَاءً».
وعن زيد بن أسلم: أنَّ رجلًا أصابه جرحٌ فاحتقن الدم، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا له رجلين من بني أنمار، فقال: «أيُّكُمَا أَطَبُّ؟» فقال رجل: يا رسول الله، أو في الطب خير؟ فقال: «إِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ». أخرجهما ابن أبي شيبة في "مصنفه".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البخور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية النبی صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله ما حکم ل الله
إقرأ أيضاً:
معنى النهي عن الذبح في حديث « لا فرع ولا عتيرة »
قالت دار الإفتاء المصرية إن ما ورد من النَّهي عن ذبح العتيرة في قوله عليه الصلاة والسلام: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» محمول على ما كان من أمر الجاهلية من الذَّبح لغير الله تعالى، أو هو محمولٌ على نفي الوجوب عنها، أو أنها ليست كالأضحية في الاستحباب أو في ثواب إراقة الدم.
وورد عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» متفق عليه.
والمراد من النهي الوارد في هذا الحديث هو عما كان من أمر الجاهلية من الذبح لغير الله عزَّ وجلَّ، أو يراد منه بيان أنَّ العتيرة غير واجبة، أو أنَّ الثواب فيها أقل من الثواب في الأضحية.
حكم العتيرة ذبيحة شهر رجب
وأوضحت الإفتاء أن العرب كانت تحترم الأشهر الحرم وتعظمها؛ اتباعًا لملة سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ وقد بلغوا من شدة تعظيمهم لها أن اختصُّوها ببعض القربات، كما حرَّموا على أنفُسهم فيها سفك الدماء؛ فكان الرجل منهم يلقى قاتل أبيه في هذه الأشهر ولا يتعرَّض له بالأذى، حتى جاء الإسلام فأقرهم على تعظيمها.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» متفق عليه.
مظاهر تعظيم العرب لشهر رجب
عرفت العرب منزلة الأشهر الحرم وما لها عند الله من شأنٍ وفضلٍ فعظَّموها، غير أنهم كانوا يبدِّلون ويغيِّرون فيها على حسب أهوائهم، إلا شهر رجبٍ؛ إذ ميَّزوه بمزيدٍ من التعظيم؛ فلم يغيِّروه عن مكانه، ولم يكن يَسْتَحِلُّهُ أحدٌ منهم، وما ذاك إلا لمعرفتهم بما لهذا الشهر من فضلٍ كبيرٍ، وشأنٍ عظيمٍ عند الله تعالى.
تعظيم العرب قبل الإسلام لشهر رجب
ومن مظاهر تعظيم العرب قبل الإسلام لشهر رجب أنْ جعلوا فيه ذبيحةً تُذبح في كل عام تُسمَّى بـ"العتيرة"، ومنهم من كان ينذر النذر أو يوجب على نفسه حقًّا في ماله ويعلق أجله والإتيان به بشهر رجب؛ لما له مِن شأنٍ عظيمٍ ومنزلةٍ رفيعةٍ عندهم.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (9/ 598، ط. دار المعرفة): [العتيرة المُنَذَرُ كانوا ينذرونه، من بلغ ماله كذا أن يذبح من كل عشرة منها رأسًا في رجب، وذكر ابن سيده: أنَّ العتيرة: أنَّ الرجل كان يقول في الجاهلية: إنْ بَلَغَ إِبِلِي مائةً عَتَرْتُ منها عتيرةً، زاد في "الصحاح": في رجب] اهـ.
وأول مَن سَنَّ العتيرة أو الذبح في شهر رجب: (بُورَا بن شُوحَا)، وهو مِن أجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد سيدنا عدنان.
قال الإمام الطبري في "تاريخ الرسل والملوك" (2/ 274، ط. دار التراث) في ذكر نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد جده سيدنا عدنان: [ابن بورا؛ وهو بوز، وهو عترُ العتائر، وأولُ مَن سَنَّ العتيرة للعرب، ابن شوحا وهو سعد رجب] اهـ.
حكم العتيرة ذبيحة شهر رجب
وكان الصحابةُ رضوانُ الله عليهم يسألون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن كل شيءٍ كانوا يفعلونه في الجاهلية حتى يبيِّن لهم الحلال منه والحرام، وعندما سُئِل صلى الله عليه وآله وسلم عن العتيرة في حجة الوداع: نهى عمَّا كان فيها من الذبح لغير الله، وبيَّن أنها تكون في كل شهور العام؛ فعن نُبَيْشَةَ الهذلي رضي الله عنه قال: نادى رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وَآله وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّا كُنَّا نَعتِرُ عَتِيرَةً في الجاهليَّة في رجبٍ؛ فما تأْمرنا؟ قال: «اذْبَحُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا لِلَّهِ، وَأَطْعِمُوا» أخرجه الأئمة: ابن ماجه والنسائي في "السنن"، وأحمد في "المسند".