آخر موعد لزكاة الفطر.. وهذه قيمتها بالمال والحبوب
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
زكاة الفطر فرض واجب على كل مسلم، يخرجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقته، فـ زكاة فطر المرأة تجب على من تكون نفقتُها واجبةً عليه؛ كالزوج أو الأب أو الابن، فإن تعسَّر هؤلاء يجب أن تزكي عن نفسها، بشرط أن تجد مصروف يومها ويتبقى منه شيء تزكي منه.
شرط وجوب زكاة الفطر هو اليسار، أمَّا الفقير المعسر الذي لم يَفْضُل عن قُوتِه وقُوتِ مَنْ في نفقته ليلةَ العيد ويومَهُ شيءٌ فلا تجب عليه زكاة الفطر؛ لأنه غيرُ قادِر، لكن ما هو آخر موعد لزكاة الفطر؟، وما هي قيمتها لمن أراد أن يخرجها نقدا أم حبوب؟
آخر موعد لزكاة الفطريستمر وقت إخراج زكاة الفطر 2024 من اليوم الأول من شهر رمضان وحتى قبيل صلاة عيد الفطر، ويجوز على مذهب الشافعية حتى غروب شمس أول أيام عيد الفطر، حيث ورد عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ.
ويجب قضاء زكاة الفطر لأن زكاة الفطر حقٌّ ماليّ وجب في ذمة المُكَلَّف، فلا يسقط هذا الحق بفوات وقته؛ قياسًا على الدين.
وأوضحت دار الإفتاء أنه يجوز شرعًا إخراج زكاة الفطر منذ أول يوم في شهر رمضان، وحتى قبيل صلاة عيد الفطر، أو غروب شمس العيد، قائلة: «لو ماعرفتش فلا مانع إنك تطلعها يوم العيد لحد غروب الشمس، وده على مذهب الشافعية ومن وافقهم، وفقا لدار الإفتاء المصرية.
مدير التوجيه بالأزهر يوضح كيفية حساب قيمة زكاة الفطر وموعد إخراجها حكم التكاسل عن إخراج زكاة الفطر.. أمين الإفتاء يجيب من تجب عليه زكاة الفطرتجب على الموسِر؛ والمراد به هنا: مَن فَضَلَ عن قوته وقوت مَن في نفقته ليلةَ العيد ويومَه شيءٌ يخرجه عن الفِطرة، وغيرُ مَن ذُكر: مُعْسِر؛ لا يجب عليه إخراجها.
ويُشترط:
1- كونه فاضلًا عن دَين، ولو مؤجَّلًا.
2- وعن ثوب لائق به وبمَمونه.
3- وعن مسكن لائق به وبهم، ولو مُسْتَأجَرَةً أَعطى أجرتَها، لا إنْ بقيت دَينًا عليه.
4- وعن خادم يحتاج هو إليه أو مَمونه.
ومَن لزمه فِطرته: لزمته فِطرة مَن في نفقته:
1- كزوجته المستحقة لها، وتجب عليه فِطرة زوجته المطلقة الرجعية والبائن الحامل، كوجوب نفقتهما.
2- وكولده المُعسِر، الذي لا يقدر على الكسب.
3- وأصله المُعسِر، ولو كان قادرًا على الكسب؛ لعدم لياقة تكليف الكسب بكرامته. [جواهر الفتاوى: 1/220، 221].
لمن تعطى زكاة الفطر ؟تعطى زكاة الفطر ، للفقراء والمساكين وباقي الأصناف الثمانية التي ذكرهم الله تعالى في آية مصارف الزكاة، قال تعالى: {إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلفُقَرَآءِ وَٱلمَسَٰكِينِ وَٱلعَٰمِلِينَ عَلَيهَا وَٱلمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} [التوبة:60]”.
قيمة زكاة الفطر بالحبوباستدلت دار الإفتاء بما رواه الشيخان -واللفظ للبخاري- عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه قال: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَلَى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ، وَالحُرِّ وَالمَمْلُوكِ»، وفي لفظ مسلم: «أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ».
ومقدار زكاة الفطر بالحبوب وفق مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر هي صاع من طعام من غالب قوت بلد المزكي؛ كما هو ثابت من مجموع الروايات التي في الصحيحين وغيرهما فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ على كل ذكَر وأنثى صغيرًا وكبيرًا مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ» صحيح البخاري (2/ 130).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ»، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ» صحيح البخاري (2/131)، ولفظ «كان» يدل على أن إخراج زكاة الفطر في عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد كان من غالب قوت أهل البلد.
وأكد المجمع أنه أخذًا بهذا المعنى في النص يكون غالب قوت أهل مصر الأرز، والقمح، وهو ما عليه الفتوى، ولا يجزئ عن الفرد إخراج أقل من صاع، وتقدير الصاع من القمح والأرز كالتالي: الصنف تقدير الصاع بالكيلو «تقريبا» الدقيق 2 ك الأرز 25، 2 ك «وقد ذهبت بعض الآراء أن صاع الأرز 2.8 ك».
وقال مجمع البحوث الإسلامية: «حتى وإن كان النص قد ورد فيه التمر والزبيب، فليس المقصود به الحصر، وإنما المقصود به غالب قوت أهل البلد في كل عصر وفقًا لرأي الجهور، ولما كانت الأصناف التي تُخرَج منها زكاة الفطر متفاوتة القيمة في زمن التشريع، وفي زماننا، وفي كل الأزمنة، جاز للمكلف أن يخرجها من أقوات الناس وطعامهم سواء في ذلك أخرجها من أدنى الأصناف كالقمح أم من أعلاها حسب قدرته المالية، وسخاء نفسه، وما يرجوه من ثواب الله، قال تعالى {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20]
قيمة زكاة الفطر بالمالحددت دار الإفتاء المصرية قيمة زكاة الفطر 2024، بـ 35 جنيها عن الفرد حد أدنى، مؤكدة أن من زاد فهو خير.
ويجوز دفع القيمة في صدقة الفطر، وإليه ذهب الحنفية وبه قال معاوية رضي الله عنه، وعمر بن عبدالعزيز والحسن البصري، بل هو أولى ليتيسر للفقير أن يشتري ما يقضي حاجته في يوم العيد؛ لأنه قد لا يكون محتاجا إلى الحبوب بل هو محتاج إلى ملابس، أو لحم أو غير ذلك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: زكاة الفطر وقت إخراج زكاة الفطر زكاة الفطر 2024 إخراج زکاة الفطر قیمة زکاة الفطر الله ع ى الله
إقرأ أيضاً:
حكم إلقاء السلام من الرجال على النساء.. دار الإفتاء توضح
اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"هل يجوز شرعًا إلقاء السلام من الرجال على النساء؟ وهل يختلف الحكم بين الجماعة أو الانفراد؟".
لترد دار الإفتاء، موضحة: أنه يجوز شرعًا إلقاء السلام وردُّه بين جماعة كل من الرجال والنساء، أو بين جماعة الرجال وامرأة منفردة، أو بين جماعة النساء ورجل منفرد، أو بين رجل وامرأة منفردين إذا أمنت الفتنة، وإلَّا حرم الإلقاء والرد، فقد ورد عن السيدة أسماء ابنة يزيدَ رضي الله عنها قالت: «مرَّ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في نسوة، فسلَّم عليْنا» رواه ابن ماجه في "سننه".
بيان فضل إفشاء السلام وحكم إلقائه وردِّه
إفشاء السلام مِن أحبِّ الأعمال إلى الله عز وجل، ومن الفضائل التي تنشر الود بين الناس، وهو تحية المسلمين فيما بينهم في الدنيا، وتحية أهل الجنة كما أخبر بذلك عز وجل؛ فقال سبحانه: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب: 44].
بل إنَّه من أجلِّ القُرَب الموصِّلة إلى دخول الجنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا؛ أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» رواه مسلم في "صحيحه".
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (2/ 36، ط. إحياء التراث العربي): [وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف كما تقدم في الحديث الآخر، والسلام أول أسباب التألف ومفتاح استجلاب المودة، وفي إفشائه تَمَكُّنُ أُلفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين... وفيها لطيفة أخرى وهي أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التي هي الحالقة] اهـ.
وإلقاءُ السلام هو حقُّ المسلم على أخيه المُسلم؛ لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ». قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ» رواه مسلم في "صحيحه".
وهو سُنَّة عَيْنٍ على المُنفرِد المارِّ على غيره، وسُنَّة كفائيَّة على الجماعة المارين على غيرهم بحيث إذا ألقاه بعضهم سقط الطلب به عن الباقين، وأمَّا رَدُّ السلام ففرضُ عينٍ في حق المُنفرِد، وفرضُ كفايةٍ في حقِّ الجماعة، بحيث يأثمون جميعًا بتركه، ويسقط الإثم بردِّ أحدهم.
قال الإمام أبو عبد الله الموَّاق في "التاج والإكليل" (4/ 539، ط. دار الكتب العلمية): [ورد السلام واجبٌ، والابتداء به سنّة، وإذا سلم واحد من الجماعة أجزأ عنهم، وكذلك إن رد واحد منهم] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (6/ 14-15، ط. دار الكتب العلمية): [(و) من فُروض الكفايات (جوابُ سلامٍ) لمسلمٍ عاقلٍ ولو صبيًّا مميِّزًا (على جماعة) من المسلمين المكلفين... (ويُسن ابتداؤه) أي السلام على كلِّ مسلمٍ حتى على الصبي، وهو سُنَّة عين إن كان المسلم واحدًا، وسُنَّة كفاية إن كان جماعة] اهـ.
وقال العلامة البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 383-384، ط. عام الكتب): [السلام (سُنّة) عين من منفرد، (ومن جمع) اثنين فأكثر (سنة كفاية)... (ورده)؛ أي: السلام إن لم يكره ابتداؤه (فرض كفاية)؛ فإن كان الْمُسَلَّمُ عليه واحدًا تعيّن عليه] اهـ.
حكم إلقاء السلام من الرجال على النساء
مع أنَّ الأمر بنشر تحية الإسلام جاء عامًّا يشمل الرجل والمرأة، إلا أنَّ للرجل مع المرأة الأجنبية أحكامًا تخصهما في ابتداء السلام ورَدِّه؛ دفعًا للمفسدة وأمنًا للفتنة.
فمن المقرر جواز إلقاء السلام ورده مِن الرجال على النساء أو العكس إن كان المُلقِي جمعًا والمُلقَى عليه فردًا، أو كان المُلقِي فردًا والمُلقَى عليه جَمْعًا، وذلك ما لم تخش فتنة؛ لما ورد عن أسماء ابنة يزيدَ رضي الله عنها قالت: «مرَّ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في نسوة، فسلَّم عليْنا» رواه ابن ماجه في "سننه".
قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (4/ 601، ط. دار الفكر): [ولو كان النساء جمعًا فسلم عليهن الرجل أو كان الرجال جمعًا كثيرًا فسلموا على المرأة الواحدة فهو سنة إذا لم يخف عليه ولا عليهن ولا عليها فتنة] اهـ.
أمَّا إن كان إلقاءُ السَّلام بين فرادى كإلقاء الرجل المنفرِد على المرأة أو العكس: فقد فرَّق الفقهاء بين العجوز والشابَّة، فاتفقوا على جواز ابتداء السلام وردِّه في حق المرأة العجوز، أمَّا في خصوص المرأة الشابَّة فاختلفوا فيه، فذهب الحنفية إلى كراهة ابتدائه مِن أحدهما، فإن بدأهُ الرجل ردَّت المرأة في نفسِها لا بلسانها، وإن بدأتهُ هي ردَّ الرجل في نفسِهِ لا بلسانِهِ، وعَبَّرَ بعضُ الحنفية بالحرمة.
قال العلامة سراج الدين ابن نجيم في "النهر الفائق شرح كنز الدقائق" (1/ 271، ط. دار الكتب العلمية): [يكره السلام على المصلي والقارئ والجالس للقضاء أو البحث في الفقه أو التخلي، وزيد عليه مواضع، وأحسن من جمعها الشيخ صدر الدين الغزي فقال رحمه الله تعالى: سلامك مكروه على من سَتَسْمَعُ...كذا الأجنبياتُ الفتيَّاتُ أمنعُ] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 616، ط. دار الفكر): [(قوله سلامك مكروه) ظاهره التحريم] اهـ.
وقال العلامة ابن مودود الموصلي في "الاختيار لتعليل المختار" (4/ 165، ط. دار الكتب العلمية): [ويجب على المرأة رد سلام الرجل ولا ترفع صوتها... وإن سلمت عليه؛ فإن كانت عجوزًا رد عليها، وإن كانت شابَّة ردَّ في نفسه] اهـ.
وذهب المالكيةُ إلى كراهة إلقاء السلام وردِّه على المرأة الشَّابة، قال العلَّامة أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل" (2/ 224): [ويكره السلام على الشابة ولا بأس به على المتجالة] اهـ.
وقال العلامة الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 459): [وأما السلام على الشابة، فقال الفاكهاني في "شرح العمدة" في (باب اللباس): [ولا يسلم على الشابة بخلاف المتجالة انتهى، وصرَّح الجزولي بأنه يكره السلام على الشابة، وأنه يجوز للشاب أن يسلم على المتجالة وللمتجالة أن تسلم على الشاب] اهـ.
وذهب الشافعيةُ إلى كراهة ابتدائه وردِّه في حق الرجل، وإلى الحُرمة في حقِّ المرأة ابتداء وردًّا، فإن سلَّم الرجل حرم على المرأة الرَّد، قال الشيخ زكريا الأنصاري في "شرح روض الطالب" (4/ 184، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(ويسن) السَّلام (للنساء) مع بعضهن وغيرهن، (لا مع الرَّجالِ الأجانبِ) أفرادًا وجمعًا (فيَحْرُم) السلام عليهم (مِن الشَّابةِ ابتداءً ورَدًّا) خوف الفتنة، (ويُكرَهان) أي: ابتداء السلام وردُّه (عليها)] اهـ.
وذهب الحنابلة إلى كراهة ابتدائِهِ منهما مطلقًا، أمَّا الردُّ فلا يلزمها إن بدأ الرجل بالسلام، وإن بدأت المرأة به لزم الرجل الردُّ، قال الشيخ أبو النجا الحجاوِي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 239، ط. دار المعرفة): [وإن سلَّمت شابةٌ على رجل ردَّه عليها، وإن سلَّم عليها لم تردَّه] اهـ.
واستثنوا من هذه الكراهة الشابة البَرْزَة، وهي المرأة العفيفة العاقلة التي من عادتها الخروج لحوائجها وملاقاة الرجال بحيث تخرج وتدخل آمنة على نفسها، فلا يكره إلقاء السلام ورده بينها وبين الرجل؛ وعللوا ذلك بأمن الفتنة غالبًا.
قال العلَّامة الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (1/ 939، ط. المكتب الإسلامي): [(ولا يلزم رد سلام ابتداؤه مكروه كمسلم على مشتغل بنحو أكل)... (وأجنبية غير عجوز)، أي: غير جميلة؛ فلا يكره السلام عليها، (و) لا على (برزة)، لأمن الافتتان بها غالبًا] اهـ.
وقال الشيخ محمد الخَلْوَتِي في "حاشيته على منتهى الإرادات" (2/ 72، ط. دار النوادر) عطفًا على من يكره ابتداء إلقاء السَّلام عليها: [وكذا أن يُسلم على امرأة أجنبية، إلا أن تكون عجوزًا أو بَرْزَةً] اهـ.
ويستفاد مما سبق أنَّ إلقاء السلام ورده بين الرجال والنساء جماعة أو فرادى دائر مع أمن الفتنة وجودًا وعدمًا؛ فحيث أمنت الفتنة جاز الإلقاء والردُّ، وإلَّا حرُمَ، وهو ما أفادته رواية ابن ماجه السابقة عن السيدة أسماء ابنة يزيدَ رضي الله عنها، والذي فيها إلقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم السلامَ على جمعٍ من النساء من غير كراهة أو نهي عن ذلك، أو تخصيص بعددٍ دون عددٍ؛ لـما فيه من انتفاء الفتنة، وهو ما فهمه العلماء ونصُّوا عليه.
قال العلامة السندي في "حاشيته على سنن ابن ماجه" (2/ 398، ط. دار الجيل): [قال الحليميُّ: كان النبي صلى الله عليه وسلمَ يُسلِّمُ للعصْمَةِ، وكان مأمونًا من الفتنة، فمن وثق من فتنته بالسلام فليسلم، وإلا فالصمتُ أسلم اهـ. فالحاصل أن سلام الرجل عليهنَّ جائز في نفسه، بل مسنون، لكن بشرط السلامة بأن ظنَّ بها، وإلا تعين الترك] اهـ.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي السؤال: فيجوز شرعًا إلقاء السلام وردُّه بين جماعة كل من الرجال والنساء، أو بين جماعة الرجال وامرأة منفردة، أو بين جماعة النساء ورجل منفرد، أو بين رجل وامرأة منفردين إذا أمنت الفتنة، وإلَّا حرم الإلقاء والرد.