شعر وغناء وموسيقى وسيرة هلالية في ختام ليالي رمضان بالحديقة الثقافية
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
شهدت الحديقة الثقافية بالسيدة زينب، السبت، ختام فعاليات ليالي رمضان الثقافية والفنية التي أقيمت برعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزير الثقافة، ونظمتها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، في إطار برامج وزارة الثقافة للاحتفال بشهر رمضان.
استكمال رواية السيرة الهلاليةاستهلت الفعاليات المنفذة بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر مسعود شومان، باستكمال رواية السيرة الهلالية مع الراوي عز الدين نصر الدين الذي واصل حكي الجزء الخاص بالتغريبة، فبعد سماع نشيد مرعي من داخل السجن اطمأنت الأميرة الجاز أن أخواتها مرعي ويونس ويحيى بخير، فطلبت من أبي زيد أن تطلق زغرودة، فقال لها نحن في بلاد الأعداء ولا نريدهم التعرف علينا فنكون بين أيديهم أسرى، رضخت له لكنها قالت طالما منعتنا من الفرح بوجودهم فعليك أن تذهب بنا إلى أسواق تونس، فذهبت ومعها الثمانين فتاة فقالت لهم اسرقوا من البائعين في السوق ما يقع تحت أيديكم، وكل ذلك لتصنع فخا لأبي زيد، ثم قابلت رجلا يبيع البلح فقالت له الأميرة الجاز هل هذا البلح حلو فقال لها تذوقي فأكلت كل البلح هى والفتيات ولم يتبق إلا النوى، وبعد أن أكلن لم تعطينه نقودا، فأخذ بضرب الجاز ضربا شديدا، فقالت الأميرة الجاز لأبي زيد اقتل هذا الرجل كما قتلت منصور من قبل، ففهم أبو زيد حيلتها ومكرها، أعقب ذلك مباراة فنية وتحدي في الغناء والموال.
واحة الشعراء
استضاف مقهى "نجيب محفوظ" ضمن برنامج واحة الشعراء، أمسية شعرية شارك فيها نخبة من الشعراء بقصائدهم الشعرية منها قصيدة "في حضرتك" للشاعر أحمد عايد، ثم قدم عبد المنعم الحريري قصيدة "تناسخ"، وقدم د. عايدي على جمعة قصيدة "نفق، شغف، كعبة"، تلته ريم أحمد بقصيدة "السوق"، ومحمد الشهاوي بقصيدة "الوقت"، وألقى محمد المتيم قصيدة "غزال ذو رداء أحمر"، عادل الغماز "الأم أمنة"، وأدار الأمسية الشاعر سعيد شحاته، بمصاحبة الفنان محمد عزت الذي قدم عدة فواصل غنائية منها "والله ما طلعت شمس، مصاروه، كل من في مصر يسمع".
عطر الأحباب والاحتفاء بمسيرة فتحي عبد اللهقدم الشاعر محمد حربي لمحة عن مسيرة الشاعر الراحل فتحي عبد الله ضمن برنامج "عطر الأحباب"، أوضح بها أنه عندما رحل رحل النور، فهو ولد في قرية بمحافظة المنوفية لكنه تمرد على الأب عفيفي مطر، فصدر له أول ديوان بعنوان "راعي المياه"، وتمرده قد بدأ من دراسته فهو ابن كلية دار العلوم التى تحافظ على اللغة، فجمع أحداث الثورة في قصيدة واحدة، وكان يجمع كل المتناقضات في قلب واحد، وكذلك كان يرى الثورة في بلادنا مغدورة كما القصيدة، وقد كتب القصيدة العمودية والتفعيلية كما ينبغي لشاعر ولد في قرية وبها شاعر كبير.
وطالب "حربي" الشاعر مسعود شومان أن يجمع الدراسات التي نشرت عنه في ملف الثقافة الجديدة لنشرها في كتاب، كما فعل الشاعر الكبير عزمي عبد الوهاب عندما جمع مقالات فتحي عبد الله النقدية وأصدرها في كتاب.
وأضاف أنه سافر العراق لمدة سنتين وبعد عودته التحق بالعمل بالهيئة المصرية للكتاب، مديرا لتحرير سلسلة "كتابات جديدة"، كما عمل بمجلة "القاهرة"، وعن حرب العراق كتب ديوانه الذي أراه بيضة الديك بعنوان "رسائل عادة لا تذكر الموتى" في كل هذه الدواوين وفي كل هذه الحيوات التي عاشها فتحي عبد الله كتب أشعاره المفارقة.
وعلى المسرح الكبير اختتمت الليلة بعرض فني للفرقة المصرية للموسيقى العربية، بقيادة المايسترو أحمد مصطفى، تضمن باقة من الأغاني المتميزة منها: "قولي اعملك ايه، وأنا مالي، ساكن في حي السيدة، روحي وروحك، لاجل النبي، مستنياك، على الحلوة والمرة".
وفي جناح الطفل اختتمت الورش الفنية المتنوعة بورشة معلقات بالخيوط الصوف "صائد الأحلام"، وتلوين ومسابقة ثقافية، اكتشاف مواهب في الشعر، كما أقام قصر ثقافة 25 يناير للطفل معرضا فنيا نتاج الورش التي تم تنفيذها خلال شهر رمضان.
وفي الختام قدم الباحث والشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية الشكر.
وفي نهاية الفعاليات توجه الشاعر مسعود شومان بالشكر لوزيرة الثقافة ورئيس هيئة قصور الثقافة لدعمهما الكبير لفعاليات ليالي رمضان، كما وجه الشكر لكل مديري العموم الإدارات التابعة، أماني شاكر مدير عام المكتبات والمشرف التنفيذي للفعاليات بالحديقة، الشاعر عبده الزراع مدير عام الثقافة العامة، الحسيني عمران مدير عام النشر، عبير الرشيدي مدير عام الجمعيات الثقافية، د. هبة كمال مدير عام التمكين الثقافي لذوي الاحتياجات، المخرج محمد صابر مدير عام المواهب، والادارات المشاركة في ليالي رمضان الثقافية والفنية منهم إدارات الإعلام والأمن والشئون الهندسية والتسويق والشئون الإدارية، كما قدم الشكر للمركز القومي لثقافة الطفل، وإدارة الحديقة الثقافية.
يشار أن البرنامج الثقافي قدم بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية، ومن خلال الإدارات العامة التابعة، بينما أقيمت العروض الفنية بإشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان تامر عبد المنعم، من خلال إدارتي المهرجانات والموسيقى.
وقدمت هيئة قصور الثقافة برنامجا حافلا بالحديقة الثقافية بالسيدة زينب هذا العام انطلق في 11 رمضان، وشهد تفاعلا كبيرا وإقبالا جماهيريا غفيرا من الجمهور على الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة التي تقدمها الهيئة، حيث تنوعت بين ليالي السيرة الهلالية والعروض الفنية وأنشطة الأطفال وذوي القدرات الخاصة ومعرض الكتاب والأمسيات الشعرية لنخبة من الشعراء من جميع المحافظات المصرية، إضافة إلى الاحتفاء بمسيرة الكثير من المبدعين، ومناقشات إصدارات الهيئة.
وكانت الهيئة قد أطلقت الليالي الرمضانية بمواقعها المركزية الكبرى، في 4 مواقع بالقاهرة منها قصر ثقافة روض الفرج والحديقة الثقافية بالسيدة زينب ومسرح السامر وقصر السينما.
كما أطلقت فعاليات ليالي رمضان في 6 محافظات مصرية تمثل أقاليم مصر كافة، وهي المنيا والإسماعيلية والأقصر والبحيرة والدقهلية والفيوم، بجانب أنشطة هيئة قصور الثقافة المتعددة فى الفروع الثقافية بكل المحافظات.
وأعدت الهيئة برنامجًا لأطفال المناطق المطورة "بديل العشوائيات"، كما تقدم أنشطة مكثفة بمبادرة "أنت الحياة"، بالتعاون مع مؤسسة "حياة كريمة" في 14 محافظة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قصور الثقافة رئيس هيئة قصور الثقافة وزيرة الثقافة الثقافة العامة الحديقة الثقافية السيدة زينب ليالي رمضان الثقافية الهيئة العامة لقصور الثقافة شهر رمضان الشاعر مسعود شومان الإدارة المرکزیة لیالی رمضان مدیر عام فتحی عبد
إقرأ أيضاً:
المقاومة في قصائد الشاعر الفلسطيني سميح القاسم
خليل المعلمي
لقد أبدع الشعراء الفلسطينيون في شتى المجالات الثقافية والسياسية والعسكرية، وذلك بفعل المعاناة التي عاشها هذا الشعب عبر أجيال وعبر أكثر من مائة عام منذ بداية الانتداب البريطاني على فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى وحتى وقتنا الحالي، فقد تحالف ضد هذا الحيز الجغرافي وهؤلاء السكان الباقون على أرضهم ما بقيت الحياة قوى الشر في العالم بريطانيا وأمريكا ومعظم الدول الأوروبية.
من أجل كل ذلك لقد سعت الدول العظمى في بداية القرن العشرين إلى التخلص من أقذر شرذمة عرفها التاريخ وهو اليهود الذين عاثوا في الأرض الفساد، فزرعتهم ككيان سرطاني في قلب أمتنا العربية والإسلامية، وكان هذا أحد السببين أما السبب الآخر فهو السيطرة على مقدرات وثروات الوطن العربي والإسلامي وعدم السماح بقيام حضارة تنافس حضارتهم الحديثة.
واستمر الدعم بداية من مساعدتهم في الهجرة إلى فلسطين ومن ثم تمكينهم من السلاح والأرض والاعتراف بهم كدولة، حتى السكوت على جرائهم المستمرة والمتكررة والتي ليس لها مثيل على مدى التاريخ.
فمن رحم هذه المعاناة تتوالى الإبداعات الفلسطينية، بداية في الصمود الأسطوري على مدى أكثر من مائة عام والاستمرار بالمقاومة بشتى السبل والإمكانيات والتأقلم مع كل الظروف الحياتية والمعيشية والاجتماعية والاقتصادية، فكان من ثمار ذلك الحفاظ على القضية الفلسطينية التي تحاول قوى الشر والاستكبار العالمي القضاء عليها وتصفيتها وتحييد العرب ليبقى الفلسطينيون لوحدهم يواجهون هذا الكيان الغاصب.
تُعَد المقاومة حقاً مشروعاً في الدفاع عن الأرض والعِرض ومقدرات الأوطان، ولا تخضع المقاوَمة – بشكلٍ عام – لحسابات القوى والتوازن بين طرفي الصراع، وإلا لما كانت هناك مقاومة في مصر ضد الإنجليز، وأخرى في ليبيا تجاه الغزاة الإيطاليين، وثالثة في الجزائر نحو الفرنسيين، وغيرها من سائر البلدان التي تعرضت للعدوان والاحتلال.
وتتعدد أشكال المقاومة بدءاً من حمل السلاح، وانتهاءً باستخدام الكلمة المُحرِّضة على مجابهة العدو الغاشم الذي يريد كسر إرادة المقاومين وهزيمتهم، والتَّنعم باحتلال أراضيهم.
وبجانب المقاومة بالسلاح لا يجب أن تغيب عن سماء أفكارنا أهمية المقاومة بالكلمة، خاصة الكلمة المبدعة؛ كالقصة أو القصيدة أو الرواية أو المسرحية، فكلها وسائل تحث على مواصلة النضال، وتكشف عن بشاعة المشهد المترع بالأشلاء والدماء، وتضع أمام الجيل الحالي والأجيال اللاحقة حقائقَ دامغةً لا تقبل الزيف أو الخداع.
ولعلنا هنا بصدد الكلمة الشعرية، وتحديداً ما خطه قلم الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم (رحمه الله)، فقد جمعت قصائده بين الحماسة والتحريض والشجاعة، غير مكترثةٍ بقدرات الأعداء وتفوقهم، لأن المسألة في النهاية تتعلق بقداسة الوطن ولا شيء آخر غيره.
يقول الشاعر سميح القاسم:
دم أسلافي القدامى لم يزل يقطر مني
وصهيل الخيل مازال، وتقريع السيوف
وأنا أحمل شمساً في يميني وأطوف
في مغاليق الدجى.. جُرحاً يغني
هو في حقيقة الأمر لم ينسَ ثأره القديم، مستلهماً قرع السيوف (القوة)، وراجياً أملاً لا يأفل (الشمس)، ومصراً على التطواف المُجَابِه. ورغم الظلمة الحالكة إلا أنه يجعل من جراحه غناءً يؤكد وجوده غير القابل للفَناء.
وفي نَصِّه الشعري “أمطار الدم” يصيح بأعلى صوته بُغية إيقاظ النائمين أو الغافلين من بني بلاده ليتصدوا لقوى الاحتلال الباغي:
ألقى عباءته المبللة العتيقة في ضجر
ثم ارتمى..
– يا موقداً رافقتَني منذ الصِغَر
أتُراكَ تذكُر ليلةَ الأحزان. إذ هزَّ الظلام
ناطور قريتنا ينادي الناس: هبوا يا نيام
دهمَ اليهود بيوتكم..
دهم اليهود بيوتكم
أتُراكَ تذكُر؟.. آهٍ.. ياويلي على مدن الخيام
ويذكِّرنا سميح القاسم – ضمنياً – بوعد بلفور المشؤوم الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، راصداً مرارة المشهد بإيقاع ينم عن المأساة الكبيرة، نتبين ذلك من خلال نصه “أطفال سنة 1948”:
كومٌ من السَّمك المُقَدَّد في الأزقة.. في الزوايا
تلهو بما ترك التتار الإنكليز من البقايا
أنبوبة.. وحطام طائرةٍ.. وناقلة هشيمة
ومدافع محروقة.. وثياب جندي قديمة
وقنابل مشلولة.. وقنابل صارت شظايا
ويستلهم من خلال قصيدة “توتم” التراث الإفريقي، وتوتم هي رقصة إفريقية تمثل – كما هو معروف – صراع القبيلة مع وحشٍ أسطوري مخيف يهاجم ضاربها من الغابة، ولكنها تنتصر عليه.
وكأن الشاعر – بهذا – يدعو إلى الصبر، والبشارة بانتصار قادمٍ لا محالة.
ألسنة النار تزغرد في أحشاء الليل
ويدمدم طبل
وتهدُّ بقايا الصمت طبول ضارية وصنوج
ويهيج الإيقاع المبحوح.. يهيج
فالغابة بالأصداء تموج
وتتبدى مشاعر البوح في خضم الأحداث والخطوب، عبر سطورٍ عنونها مبدعنا بـ”رماد”:
ألا تشعرين؟
بأنا فقدنا الكثير
وصار كلاماً هوانا الكبير
فلا لهفة.. لا حنين..
ولا فرحة في القلوب، إذا ما التقينا
ولا دهشة في العيون
ويتكئ على شعر الحماسة بهدف شحذ العزائم، وحث المناضلين والمقامين على مواصلة الكفاح، مؤكداً لهم أنَّ قتل الأطفال والشيخ ومشاهد الأمهات اللائي فقدن أبناءهن لا يجب أن يكون مدعاة للتهاون أو الاستسلام، وأن صور التشرد والهدم واليُتم لا يجب أنْ تكون سبباً في كسر الإرادة أو الهزيمة:
– تقدموا.. تقدموا
كلُ سماءٍ فوقكم جهنمُ
كلُ أرضٍ تحتكم جهنمُ
تقدموا..
يموت منَّا الطفلُ والشيخُ لا يستسلمُ
وتسقط الأم على أبنائها القتلى ولا تستسلمُ
تقدموا بناقلات جندكم
وراجمات حقدكم
وهددوا وشردوا ويتموا وهدموا
لن.. لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن القضاء المبرمُ
وفي قصيدته الشهيرة “أمشي” يحسم الأمر، ويبين أن جهاده ضد الأعداء له ما يبرره، ومع ذلك يمد يده للسلام والعيش الآمن، وكأنه يدعو إلى إنهاء الاحتلال مقابل السلام، وأنه في سبيل ذلك لا يهاب الموت ولا يخافه، فهو في كل الأحوال يزهو بنفسه وبعروبته ووطنه:
منتصب القامة.. أمشي
مرفوع الهامة.. أمشي
في كفي.. قصفةُ زيتون وحمامة
وعلى كتفي.. نعشي
ولا عجب، ذلك أن الأديب الشاعر سميح القاسم كان يرى كل شعراء العرب الملتزمين شعراء مقاومة، ويؤمن بالقصيدة كأداة فُضْلى بالنسبة للعرب للتعبير عن أنفسهم، فالقصيدة برأيه تطلق صيحة الألم والأمل في نفس الوقت.
وكان يجزم بأن النكبة الحقيقية لأبناء الشعب الفلسطيني بدأت مع وعد بلفور، كما كان يجهر بحبه لبلاده لأن بلاده أيضاً تحب أبناءها.
ويؤمن بضرورة محاربة معاهدة “سايكس بيكو” التي أُبرِمَتْ سِراً سنة 1916، تلك المعاهدة التي قسَّمت الوطن العربي إلى مناطق نفوذ للدول الكبرى.
لقد كانت ومازالت وستظل قصائد الراحل العظيم سميح القاسم أنموذجاً يحتذى للشعر العربي المقاوِم في فلسطين وخارجها.