سويف في قداس القيامة: وطننا سيتجدد بوحدة أبنائه
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
احتفل رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف بقداس منتصف الليل، في كاتدرائية الملاك ميخائيل في منطقة الزاهرية في طرابلس، لمناسبة عيد القيامة، عاونه فيه الابوان جوزيف غبش وسيمون ديب، بحضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى سويف عظة قال فيها: "إلى أحبائنا الكهنة والمكرسين والعلمانيين نحتفل بعيد القيامة فنرسخ إيماننا بالرب القائم الذي أنبأ عن موته وقيامته التي حددها في اليوم الثالث.
اضاف: "نؤمن بالرب القائم والإله الحي. القيامة هي انتصار المسيح على الموت فمعه تحوّل الموت إلى حياة جديدة، هو الذي أحيا الموتى ليهيئنا الى يوم قيامته نؤمن بمسيح إنمسح فأصبح معلماً وراعياً وكاهناً، وعلمنا بمثله وقدوته وكلامه ليُظهر لنا ملكوت الله. بقيامته ثبت رسالته كمعلم يختم ويتوج مسيرة الأنبياء التي تشير إلى شهادة الحق الذي يحرر الإنسان، ودعانا من خلال اشتراكنا بحياته وموته لأن نكون مثله معلمين. نؤمن بالرب القائم راع الخراف وقائدها، يعرفها بأسمائها وهي تعرفه (يوحنا ١٠: (۲۷)، هو الذي يحس بها فيتعاطف مع الضعيفة ويتضامن مع المشردة. فخراف المسيح هي البشرية المشتتة التي جمعها بصليبه ونفخ فيها الحياة بقيامته. هكذا تحرر الإنسان من قيود الموت بنعمة هذه الرعاية، وهكذا يدعونا المسيح لنكون رعاة تساهم في تحرير بعضنا البعض من الأنانيات والإنقسامات والنظرة الضيقة والتعاطي الفئوي الواحد تجاه الآخر. نؤمن بالرب القائم، كاهن العهد الجديد الذي يقدم ذاته ذبيحة مرضية للآب، يطيعه ويعمل مشيئته في عهد حب أبدي أعاد الإنسان إلى المعية والشركة التي سبق له وخسرها بعصيانه وكبريائه. يدعونا يسوع لنكون أيضاً كهنة العهد الجديد. فلا قيامة في حياتنا من دون موت وتقدمة دائمة للذات نُشركها بتقدمة المسيح التي تتم في كل ذبيحة إفخارستية حيث يُقَرَّب الإنسان والكون بأسره إلى الله فعل شكر وحب على عطاياه".
وتابع: "القيامة هي مسيرة شفاء، مع المسيح الذي نراه فنرى الآب وهو الطريق والحق والحياة وهو نور العالم والخبز الحي، وهو المرافق للإنسان والشافي لكل جرح، وعلة الجراح موجودة دائماً في كياننا الإنساني، والتجربة ما زالت متغلغلة في العالم، خاصةً عندما يبتعد الإنسان عن محبة الرب، فينخرط في طريق الضلال، وينجرف إلى الموت. فلقائي الشخصي بالمسيح القائم ضمن الجماعة يضمد جراح الخطيئة ويشفي من تبعياتها، ويمنح الحياة الجديدة للإنسان".
وأضاف: " القيامة على الجحيم. فلنؤمن بقوة القيامة الشافية لجرح الإنسان والمحولة كل فساد وموت إلى طهر وحياة جديدة بيسوع المسيح. نحن أصبحنا بالمسيح خليقة جديدة، وشفينا بقيامته فلا نخافن أمام الضعف البشري، ولنؤمن أننا نُشفى بقوة القائم التي تلاقي إرادة الإنسان الشفاء والتحوّل هما ثمرة اللقاء الشخصي بالمسيح حيث يتقوى ويتعزى الإنسان، ويصبح علامة محبة الله المنتصرة أمام أي شر وظلم. ويكمن لقاؤنا بالقائم في سماع الكلمة المحيية وتناول القربان الغافر بهما تشفى عندما تكون صلاتنا عميقة حيث نلتقي مع الحي ونجدد عهد الحب معه. أخشى أيها الأحباء، أن تكون احتفالاتنا بهرجات خارجية دون التزام عميق شخصي بقضية القيامة وبالمسيح الذي يعطي المعنى لوجودنا فينير دربنا لبلوغ الملكوت".
واردف: "بعد القيامة دعانا المسيح وأرسلنا كي نشهد لقيامته، يسوع القائم تراءى لآلاف البشر ولمس حياتهم وهو لا يزال معنا يلامس حياتنا ويجدّدها. نحن دعينا لنكون شهوداً دائمين للمسيح القائم من خلال عيش الحب اللامحدود والإيمان الراسخ والرجاء الثابت. فالعالم اليوم في الجماعات المسيحية وكل المجتمعات الإنسانية يحتاج إلى شهود القيامة، أولاً بمحبتهم لبعضهم البعض وبعيشهم لثمار الروح القدس وهي الأخوة والتواضع والغفران والسلام، وأيضاً بكلامهم الذي يعلن البشرى السارة أنّ المسيح قام من بين الأموات فالويل لي إن لم أبشر (1) كور ١٦:٩). وشهداء القيامة هم الذين ينشرون ملكوت الله وإنجيل المسيح في قلب العالم، هم الذين يحولون الوثنية الحديثة إلى فسحات روحية حية لعبادة الله بالروح والحق (يوحنا ٤ : ٢٢-٢٤). شهود المسيح هم الذين يتركون أثراً طيباً وإنسانياً في قلوب الناس. فهكذا انتشرت الكنيسة في كل أصقاع الدنيا بفضل الشهود الصادقين الذين عاشوا وأعلنوا أفراح القيامة في العالم. أيها الأحباء، نحن اليوم بحاجة إلى شهود قيامتين عبر المغفرة والمصالحة وبناء السلام وتحقيق العدالة وعيش الأخوة الإنسانية العالم يريد أن يتعرف على المسيح، فكيف نوصله الى الناس إن لم يكن عبر الإختبار الروحي ونشر القيم الإنسانية؟ نحن شهود للقيامة بنشر المحبة ومحو الجهل والمطالبة برفع الظلم عن النساء والأطفال وبإيقاف الإتجار بالبشر وجز الشباب في ظلمة المخدرات والمراهنات. نحن نشهد للقيامة في مساهمتنا بالحد من الفقر والجوع، حيث قلة من الناس تزيد غنى وأكثرية تنحدر نحو البؤس تبدأ شهادتنا للقيامة من وطننا الحبيب الصغير لبنان الذي سيتجدد لا محال بوحدة أبنائه وبتحلي القيمين عليه بضمير حي في إدارة الخير العام واحترام الدستور وبناء المؤسسات حتى يصل لبنان الذي يبحر بين العواصف والمخاطر الى ميناء الطمأنينة والسلام".
وختم سويف: "تعالوا نشكر الرب لأنه القائم والمنتصر على الموت وهو الشافي من جراح الكبرياء والأنانية وهو الذي يواصل رسالته في قلب العالم عبر شهدائه وقديسيه له المجد الى الأبد، آمين".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
“كأهوال القيامة”.. شهادات ناجين من مجزرة جباليا الأولى قبل عام
#سواليف
ضمن #حرب_الإبادة المتواصلة شمالي قطاع #غزة، يستحضر الفلسطينيون الذكرى السنوية الأولى للمجزرة المروعة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق حي سكني كامل في #مخيم_جباليا، فيما يعرف بمجزرة جباليا الأولى.
ففي 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان أهالي بلوك 6 وسط مخيم جباليا شمال قطاع #غزة على موعد مع #مجزرة_مروعة، حيث ألقت طائرات إسرائيلية 7 أطنان من #القنابل_المتفجرة، مما تسبب في إبادة حي سكني كامل يقطنه آلاف السكان و #النازحين #الفلسطينيين.
وخلفت المجزرة أكثر من 400 #شهيد ومئات الجرحى، بالإضافة إلى عشرات #المفقودين الذين لا تزال جثامينهم تحت الأنقاض، أو تبخرت بفعل القصف الشديد، وفق بيانات رسمية صدرت وقتها عن وزارتي الصحة والداخلية في غزة.
مقالات ذات صلة نتنياهو: نغيّر وجه الشرق الأوسط ولا موعد لنهاية الحرب 2024/11/01وشُطبت أسر عديدة من السجل المدني، ولم يجد أقاربهم بعد المجزرة ما يدل عليهم، فعشرات الجثامين التي تعود لعوائل: أبو نصر، وأبو القمصان، وحجازي، ومسعود، والبهنساوي، وعكاشة، لم يجد أقاربهم منها ما يواسون به أنفسهم.
وتحل الذكرى السنوية الأولى لتلك المجزرة، في حين بدأ الجيش الإسرائيلي في 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمالي القطاع، قبل أن يجتاحها في اليوم التالي بذريعة منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة.
بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل على احتلال شمال غزة وتحويله إلى منطقة عازلة وتهجير المواطنين، تحت حصار مطبق يمنع دخول الغذاء والماء والأدوية وقصف مكثف قتل أكثر من ألف فلسطيني خلال أقل من شهر.
صدمة لا تنسى
وتقول الفتاة إسراء حجازي -التي انتُشلت مصابة من تحت الركام- إنها تستذكر يوم المأساة الأشد قسوة في حياتها، حين فقدت 11 فردا من عائلتها بعد انهيار منزلهم والبيوت المجاورة فوق رؤوسهم.
وتوضح حجازي، لمراسل الأناضول، أن ذلك اليوم ترك صدمة كبيرة في نفسها لم تتعاف منها بعد، ولا يبدو أنها ستتعافى قريبا، فالمصيبة كبيرة.
وتضيف الشابة العشرينية: في لحظات معدودة، فقدت أمي وشقيقاتي جميعهن ومعظم أهلي، وبيتنا الدافئ الذي كان يؤوينا.
وتتابع موضحة: كنت وقت المجزرة برفقة والدتي في المطبخ، فبيتنا كان مليئا بالنازحين من أقاربنا، وبناؤه قديم ومهترئ، وهو من طابق واحد وسقفه مصنوع من الصفيح والقرميد.
وتردف أن منزلهم تحول إلى مقبرة حين تساقطت القنابل الإسرائيلية على حارتنا، وانهارت البيوت المجاورة فوق رؤوسنا، ودُفنا جميعا تحت الركام.
وتؤكد الفتاة المنكوبة أنها عاشت لحظات مرعبة كأنها من الخيال، فقد تحول المشهد إلى ظلام دامس مع أننا في وضح النهار، وغطّت المنطقة سحب من الدخان.
وتكمل: بمجرد انقشاع الغمام بدأت معالم الصورة تتكشف، وبالكاد التقطت أنفاسي، ولم أستطع المناداة على أحد من هول الصدمة، ولم تمض لحظات حتى وصل الناس من الحارات المجاورة ليكتشفوا ما حل بنا.
وعن إنقاذها، تقول إسراء: دقائق معدودة مرت كأنها ساعات طويلة، حتى تمكن الناس من انتشالي من تحت الركام، ورأيت بعضا من جثث أهلي بين الركام، وبقيت صامتة حتى تم نقلي للمستشفى الإندونيسي.
وتتساءل الشابة الفلسطينية: ماذا تبقى لي؟ جروح جسدي ستندمل مع الأيام، أما جرح قلبي فلن تمحوه أعوام طويلة.
فكانت تأمل تلك الفتاة المنكوبة أن تكون ناشطة إعلامية ومجتمعية، وتساهم في انتشال أسرتها من الفقر المدقع، لكن عاما من حرب الإبادة الإسرائيلية كان كفيلا بوأد أحلامها، وقلب حياتها رأسا على عقب، وفق قولها.
كأنها أهوال القيامة
وبشأن أفراد عائلتها، تقول إسراء إن أسرتي تمزقت، فقدت أمي وأخواتي، واعتقل الاحتلال والدي وأخي الكبير في اجتياح جباليا الأول قبل قرابة عام، وها أنا نازحة مجددا برفقة أقاربي وأخي الأصغر، فقد عاود الاحتلال اجتياح مخيمنا من جديد ويعمل على تفريغه وتهجير كامل سكانه.
فقد الفلسطيني رامي التلمس عددا من أفراد عائلته -بينهم ابنه وشقيقه وابن شقيقه- وظل بجوار جثامينهم لعدة أيام، دون أن يتمكن من انتشالهم، بينما أصيب هو وباقي أفراد العائلة.
ويقول للأناضول إن مشهد مجزرة جباليا سيظل كابوسا لن يمحى من ذاكرتي، وكأني شهدت جانبا من أهوال يوم القيامة.
وبنبرة الألم والحزن العميق، يروي رامي تفاصيل ذلك اليوم، ويقول: كنا جالسين في منزلنا حينما تساقطت علينا القنابل الإسرائيلية، فخطفت أرواح عدد من أفراد أسرتي بينهم ابني الأكبر وشقيقي وابنه.
وأوضح رامي -الذي تمكن من الخروج من تحت الركام بكدمات وجروح دامية في رأسه- أنه ظل بجوار مكان دفن ابنه وأخيه، لعلّه يتمكن من انتشالهم.
ولفت إلى أنه بعد ساعات طويلة من الحفر اليدوي برفقة متطوعين من السكان استطاع العثور على أطراف من جثامين مفقوديه، لكنه لم يفلح في انتشالهم.
ويقول: نظرا لشح الآليات كنا عاجزين عن انتشالهم، وبقيت عدة أيام جالسا بجوارهم دون أن أستطيع فعل شيء، حتى تمكنا أخيرا من ذلك بشق الأنفس.
ويفصح، الرجل الأربعيني، عن حجم القهر والحسرة اللذين يختلجان صدر الأب حينما يفقد ابنه الأكبر، وهو صبي يافع لم يتجاوز 16 عاما.
ويضيف: سميته رامز تيمنا بأخي الذي استشهد بقذيفة دبابة إسرائيلية في اجتياح سابق لمخيم جباليا عام 2004، وكنت أرقب نموّه أمام ناظري بسرور وفخر كبيرين.
وفيما يتعلق بصفات رامز، يضيف الوالد المكلوم: واظب رامز الصغير على الرياضة واللياقة وكمال الأجسام، وكنت أرى فيه عمّه الشهيد بكل صفاته الرجولية وحبه للحياة.
وفي جانب آخر من الصورة، كان الشاب محمود أبو نصر يمنّي النفس بأن يعثر على رفات 20 من أفراد عائلته الذين تبخرت جثامينهم.
ويقول محمود للأناضول إنه كان جالسا في منزله بمشروع بيت لاهيا، حينما سمع بوقوع المجزرة في “حارة السنايدة” حيث يقع بيت جده المكون من طابق واحد.
ويوضح أنه هرع وشقيقه إلى المنطقة ليرى ما لا تطيقه العين أو يستوعبه العقل، بعدما قُلبت الحارة رأسا على عقب، ولم يجد أيا من معالمها، وتاه عن مكان البيت.
ومتحدثا عن حجم الدمار الهائل، يقول: وأنا أتنقل بين الركام، حدّقت النظر جيدا لعلّي أهتدي إلى مكان بيت جدي، فلم أستطع التمييز، وقد وجدت البيت كأنه تبخّر تماما، وحدثت مكانه حفرة كبيرة يتجاوز قطرها 10 أمتار.
ويتابع: بحثت فلم أعثر على أفراد عائلتي، وقررت الذهاب إلى المستشفى الإندونيسي، وهناك رأيت الجزء الآخر من المأساة، فعشرات الجثث ملقاة عند ثلاجة الموتى وأمام بوابات المستشفى.
ومحاولا تقريب الصورة، يقول محمود: رائحة الموت كانت منتشرة في كل مكان، ورأيت في عيون الناس الحيرة الحسرة والصدمة، وكأن زلزالا قد أصاب المنطقة برمتها.
ويشير محمود إلى ساعات طويلة من البحث حتى حل المساء دون جدوى، ومع ذلك فقد عاود البحث صباحا، واستمر على هذا الحال أياما.
وختم بقوله: ما زالت الحسرة والألم يعتصران قلبي، فكنت أود فقط أن أعثر على جثامين جدي وعمي وعماتي وأبنائهم لأودعهم، وأدفنهم، ولكن قنابل الحقد الإسرائيلية حالت بيني وبين ذلك.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل بدعم أميركي مطلق حرب إبادة جماعية على غزة، أسفرت عن أكثر من 144 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.