بعد أن أقترب تاريخ إنتهاء صلاحية تكنيك شرعنة الحلف الجنجويدى تحت دعاوي أن الجيش يسيطر عليه الكيزان ها هم يرفعون الجرعة ويلوحون بفزاعة داعش.

وهذا يقودنا لظاهرة أن القوي السياسية تنافق ولا تفكر. خذ علي سبيل المثال إصرار “تقدم” وأحزابها وتكنوقرطها علي إبعاد الإسلاميين من أي مشاركة سياسية في الوقت الذي يؤكدون فيه أن نفس الأخوان يسيطرون علي الجيش.

من حق تقدم وجمعها أن تتبني هذا الموقف السياسي ولكن عليها أن تمتلك ما يترتب عليه:

أولا، إصرار تقدم علي إستبعاد طرف تدعي أنه يسيطر علي الجيش يعني أن أولويتها ليس السلام إذ أن الأولوية هي إبعاد الأخوان من المشاركة السياسية ومن ثم العبور إلي “سلام” بشروطها وبما يتيح لها أن تعطي وتمنع حق المشاركة السياسية.

قد يقول قائل أن الكيزان أجرموا في حق السودان لذلك لا بد من حرمانهم من حق العمل السياسي. ولكن هذا الموقف يثير أسئلة أخري مثل هناك جهة قادرة علي منعهم؟ الإسلام السياسي فكرة قادرة علي العودة بمختلف الأشكال ولن تكلفها العودة سوي تغيير اليافطة.
والسؤال الثاني إذا كان من حق الدعم السريع المشاركة، ما هو منطق إبعاد الأخوان وهل ارتكبوا موبقة لم يرتكبها الجنجويد؟ لن نتطرق هنا لحق العملاء ومن باع الوطن في المشاركة السياسية. وإذا كانت مشاركة الجنجويد في مفاوضات السلام وما بعده ضرورية بحكم واقع بندقيتهم وسندهم الخارجي، ألا ينطبق الأمر علي كيزان لهم بنادق وامتدادات خارجية في كل أنحاء العام؟

بعد سقوط نظام البشير الذي قاومته من مهده إلي لحده كتبت في عام 2019 مقالا بعنوان “ضد حل تنظيم الأخوان المسلمين” قلت فيه أن الموقف الديمقراطي يرفض إحتكار الأخوان للعمل السياسي ولكنه لا يمنع مشاركتهم علي قدم المساواة مع المجموعات الأخري المتنافسة. واضفت أن الأخوان تتم مقاومتهم بالفكر والنظافة وحسن إدارة الشأن العام وليس بفرمانات أمنية وبوليسية تمنح وتمنع حق المشاركة السياسية .

ثانيا، إذا كانت “تقدم” تصر علي إبعاد الكيزان من الفضاء السياسي، ماذا تتوقع منهم غير القتال إلي آخر جندي؟ وهاهم الآن يتسلحون مباشرة إضافة إلي مزاعم “تقدم” عن سيطرتهم علي الجيش. ولو كتمت علي الكيزان واستطالت الحرب فان ظهور “مجاهدين” من خارج السودان إحتمال وارد لن يفاجئ من يفهم قليلا في السياسة.

إن حماقات الفترة الانتقالية وضعف إدارتها فتحت الطريق لعودة الأخوان سياسيا أولا وبعد إندلاع الحرب مهدت خيارات البصيرة أم حمد لعودتهم مسلحين هذه المرة.

إدارة الشأن العام بالشعارات السهلة وعدم فحص ما يترتب علي مواقف سياسية معلنة شغل حبرتجية يكلف خوارهم وضعفهم المعرفي البلاد رهقا فوق رهق. ولكنهم قوم يحبون أكل الكبسة والمحافظة عليها.

معتصم أقرع

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المشارکة السیاسیة

إقرأ أيضاً:

التغيير في العراق: واختلاف طريقة التفكير!

بقلم : د. سمير عبيد ..

تمهيد :
١-بلا شك ان التغيير السياسي في العراق أصبح ضرورة محلية واقليمية ودولية بعد الفشل السياسي والإداري والاقتصادي الذريع في أهم بلد في منطقة الشرق الأوسط (شماله في اوربا حيث تركيا ،وجنوبه في المنظومة الشرقية “ان صح التعبير” حيث ايران والقوقاز وروسيا وصولا للصين ” )وهذا لا يختلف عليه اثنان في المحافل الدولية ” .فمعظم المختصين باتوا يعرفون ان العالم على أبواب تشكيل جديد ،وهذا معروف لدى المفكرين والمختصين والاستراتيجيين في العالم .والعراق منطقة ليست رخوه استراتيجيا بل منطقة صلبة جدا في عملية التغيير العالمي والاقليمي حيث منه سوف تتحدد حدود وفواصل وعلامات !
٢-فبعد الحرب العالمية الاولى تشكل عام جديد، ثم جاءت الحرب العالمية الثانية فتشكل عالم آخر مختلف عن الاول عندما ولدت المعاهدات الدولية واهمها معاهدة ” سايكس بيكو” التي فصلت عالمنا العربي ومنطقة الشرق الأوسط . وصار لزاما ان يتشكل عالم جديد يضمنه منطقة الشرق الأوسط .ولن يستشكل العالم الجديد إلا من خلال حرب عالمية ثالثة. حاولوا ان يجعلوها حرب عالمية بالتقسيط هذه المرة من خلال فصول ( جائحة كورنا هي احد فصول الحرب العالمية الثالثة ، ثم الأزمة الاقتصادية واضعاف الدول ، ثم الحرب الاوكرانية ، ثم الحرب في غزة وتداعياتها في البحر الاحمر، ثم تغييرات الأنظمة في أفريقيا ، ثم الحرب الداخلية السودانية ، ثم مايدور بين لبنان وإسرائيل، وصعود أحزاب اليمين المتطرف اخيرا في اوربا …الخ ) وان التغيير السياسي في العراق احد هذه الفصول . ومع ذلك هناك من يلوح وهناك من يجزم بحرب عالمية ثالثة سلاحها النووي !
ولكن السؤال :
هل سيفلت العيار وتسقط استراتيجية التقسيط والفصول نحو ولادة عالم جديد .. وتكون هناك ضربة كبرى لأحداث الحرب العالمية الثالثة، وبعدها سنرى عالم جديد بضمنه واقع جديد في منطقة الشرق الأوسط ؟
نقطة نظام !
علما ان جميع الدول في المنطقة وضعت استراتيجياتها وكذلك حددت وجهتها قبيل زلزال التغيير العالمي الذي تحدثنا عنه في الاسطر الماضية. إلا العراق فليس لديه اي استراتيجية تُذكر ، وكذلك لم يحدد وجهته على الإطلاق وتراه تارة مع المحور الاميركي وتارة مع المحور الروسي الصيني وتارة مع ايران وتارة يبيع عنتريات ضد الدول . والسبب في فشل القيادة العراقية التي لا تفكر إلا بمصالحها الذاتية وكمية المناصب والمغانم والبقاء في السلطة ( اما مصالح العراق كدولة ومجتمع فليس في اولويات القيادة العراقية )!
اختلاف في طريقة التفكير !
١-أن موضوع التغيير السياسي في العراق قد تقرر وحُسم وبقرار من المجتمع الدولي وليس بقرار أميركي او بريطاني ” بل بتحالف يقوده المجتمع الدولي ” !
٢-ان التغيير في العراق ينتظره ٩٠٪؜ من العراقيين ومن مختلف الشرائح والمستويات والأعراق والمذاهب والطوائف والاديان. فجميع هؤلاء ال ٩٠٪؜ يدعون الله ليل نهار ان يُعجّل في التغيير بعد ان كرهوا ومقتوا وجوه وقادة الطبقة السياسية !
٣- الاختلاف في طريقة التفكير :
أ:- طريقة التفكير عند الغرب مختلفة فهي التأني والصبر في اتخاذ القرار بسبب جمع آراء المعاهد والمراكز المختصة وتهيئة اللوجست الإعلامي ” وهذا كله يحتاج إلى جهد وعمل واموال ضخمة” . إضافة إلى دراسة التدخل اقتصادياً وامنيا وسياسيا ،ناهيك عن الرصد المالي لعملية التغيير ، ووضع الخطط لما بعد التغيير لكي لا يتكرر الفشل الاميركي في العراق والذي بسببه سوف يتدخل المجتمع الدولي لإصلاح مادمرته امريكا في العراق . وان هذا الصبر والتأني أصاب الشعب العراقي باليأس !.لا بل حتى الطبقة السياسية الحاكمة ظنت ان لا تغيير لها اطلاقاً وتمارس سطوتها على انها لن تتغير ” وهي سذاجة سياسية وانعزال عن الواقع ” ولم يتذكروا شاه ايران ، وحسني مبارك … الخ
ب:-وطريقة التفكير العراقية المستوحاة من حقبة حزب البعث “٣٥ سنة” والتي تستند على المنطق الديكتاتوري ومنطق القائد الأوحد الذي يأمر فينفذ طلبه خلال ساعات وحتى وان كان الأمر حرباً ضد دول ( وجميعنا شهود على ذلك ) . العراقيون يعتقدون أن عملية تغيير النظام السياسي الفاشل في العراق هي مجرد ايام او اشهر قليلة وينتهي الموضوع لانه هكذا ثقافتهم !
ج:- المجتمع الدولي غير خائف وغير مكترث للطبقة السياسية ومليشياتها ان قرر التدخل ولكن هناك أمور ومثلما ذكرنا سابقا يجب ان تكتمل اضافة للجنبة ( القانونية ) وحال اكمالها فموضوع التغيير واصلاح النظام السياسي قادمة وبنسبة ٩٩٪؜ !
د:- وللعلم فمتى ما تدخل المجتمع الدولي سيكون فتح الملفات ” الفساد ، وانتهاكات حقوق الإنسان ، وسرقة أصول الدولة وثروات العراق ، والإعدامات ، والاعتقالات ، والسجون ،وتمويل المنظمات الأرهابية، وتهريب عملة البلد …الخ ) كلها ستفتح بأثر رجعي منذ مجلس الحكم وحتى آخر يوم من عمر هذه الطبقة السياسية . وان جميع الدول المجاورة للعراق والعالم سوف تتعاون مباشرة مع المجتمع الدولي بكشف الحسابات والاموال والعقارات والاستثمارات التابعة للطبقة السياسية الحاكمة !
سمير عبيد
٣ تموز ٢٠٢٤

سمير عبيد

مقالات مشابهة

  • حزب الأمة القومي يعلن المشاركة في مؤتمر القاهرة
  • مؤتمر القاهرة.. الفرصة الأخيرة للقوى السياسية السودانية
  • التغيير في العراق: واختلاف طريقة التفكير!
  • قيادي في (تقدم) السودانية لـAWP: لا جلوس مع المؤتمر الوطني ويجب أن تكون السلطة للمدنيين
  • هل ينجح الانقلاب على البرهان هذه المرة؟
  • التوافق السياسي السوداني: تأملات واقتراحات
  • (تقدم) ترحب بدعوة الخارجية المصرية لعقد مؤتمر للقوى السياسية والمدنية السودانية يومي ٦-٧ يوليو بالقاهرة
  • «تقدم» ترحب بالمشاركة في مؤتمر القوى السودانية بالقاهرة
  • الجنابي وأمين عام تقدم يبحثان تطورات المشهد السياسي
  • تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان تردّ على دعوة مصرية