الدواعش وأكل الكبسة والمحافظة عليها في الحرب السودانية
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
بعد أن أقترب تاريخ إنتهاء صلاحية تكنيك شرعنة الحلف الجنجويدى تحت دعاوي أن الجيش يسيطر عليه الكيزان ها هم يرفعون الجرعة ويلوحون بفزاعة داعش.
وهذا يقودنا لظاهرة أن القوي السياسية تنافق ولا تفكر. خذ علي سبيل المثال إصرار “تقدم” وأحزابها وتكنوقرطها علي إبعاد الإسلاميين من أي مشاركة سياسية في الوقت الذي يؤكدون فيه أن نفس الأخوان يسيطرون علي الجيش.
أولا، إصرار تقدم علي إستبعاد طرف تدعي أنه يسيطر علي الجيش يعني أن أولويتها ليس السلام إذ أن الأولوية هي إبعاد الأخوان من المشاركة السياسية ومن ثم العبور إلي “سلام” بشروطها وبما يتيح لها أن تعطي وتمنع حق المشاركة السياسية.
قد يقول قائل أن الكيزان أجرموا في حق السودان لذلك لا بد من حرمانهم من حق العمل السياسي. ولكن هذا الموقف يثير أسئلة أخري مثل هناك جهة قادرة علي منعهم؟ الإسلام السياسي فكرة قادرة علي العودة بمختلف الأشكال ولن تكلفها العودة سوي تغيير اليافطة.
والسؤال الثاني إذا كان من حق الدعم السريع المشاركة، ما هو منطق إبعاد الأخوان وهل ارتكبوا موبقة لم يرتكبها الجنجويد؟ لن نتطرق هنا لحق العملاء ومن باع الوطن في المشاركة السياسية. وإذا كانت مشاركة الجنجويد في مفاوضات السلام وما بعده ضرورية بحكم واقع بندقيتهم وسندهم الخارجي، ألا ينطبق الأمر علي كيزان لهم بنادق وامتدادات خارجية في كل أنحاء العام؟
بعد سقوط نظام البشير الذي قاومته من مهده إلي لحده كتبت في عام 2019 مقالا بعنوان “ضد حل تنظيم الأخوان المسلمين” قلت فيه أن الموقف الديمقراطي يرفض إحتكار الأخوان للعمل السياسي ولكنه لا يمنع مشاركتهم علي قدم المساواة مع المجموعات الأخري المتنافسة. واضفت أن الأخوان تتم مقاومتهم بالفكر والنظافة وحسن إدارة الشأن العام وليس بفرمانات أمنية وبوليسية تمنح وتمنع حق المشاركة السياسية .
ثانيا، إذا كانت “تقدم” تصر علي إبعاد الكيزان من الفضاء السياسي، ماذا تتوقع منهم غير القتال إلي آخر جندي؟ وهاهم الآن يتسلحون مباشرة إضافة إلي مزاعم “تقدم” عن سيطرتهم علي الجيش. ولو كتمت علي الكيزان واستطالت الحرب فان ظهور “مجاهدين” من خارج السودان إحتمال وارد لن يفاجئ من يفهم قليلا في السياسة.
إن حماقات الفترة الانتقالية وضعف إدارتها فتحت الطريق لعودة الأخوان سياسيا أولا وبعد إندلاع الحرب مهدت خيارات البصيرة أم حمد لعودتهم مسلحين هذه المرة.
إدارة الشأن العام بالشعارات السهلة وعدم فحص ما يترتب علي مواقف سياسية معلنة شغل حبرتجية يكلف خوارهم وضعفهم المعرفي البلاد رهقا فوق رهق. ولكنهم قوم يحبون أكل الكبسة والمحافظة عليها.
معتصم أقرع
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المشارکة السیاسیة
إقرأ أيضاً:
هل من أستاذ يزيل جهلي السياسي في قضية الحرب علي السودان؟
من الثابت غير القابل للنقاش – إلا من متورط أو غبي مستحكم الغباء – أن السودان يتعرض لغزو إستعماري علي أسنة ميلشيا إرهابية نكلت بالشعب السوداني من مدنيين عزل في مدن وقري لا يوجد بها جيش ولا كوز. في هذا السياق غير القابل للتزوير، حتي ألان لا أفهم كيف يمكن الدفاع فكريا وأخلاقيا عن موقفين:
– موقف الحياد تجاه الإغتصاب الواسع للسودان بمعني الكلمة الحرفي والمجازي.
– الموقف الذي يساوي ضمنا بين ميليشيا تغتصب وبين جيش(رغم عيوبه المعروفة) لا يفعل عشر ما تفعل الميليشيا من جرم ويهرب المواطن إلي مناطق سيطرته لان المدنيين فيها أمنين علي حياتهم وعرضهم ومالهم.
إما أن المدنيين الهاربين إلي مناطق سيطرة الجيش أغبياء لا يعرفون مصالحهم ولا يفهمون أن الجيش لا يختلف عن المليشيا الإقطاعية أو أن الأفراد والجماعات التي تساوي ولو ضمنا بين “طرفي الحرب” قد أسقطت كرامة الشعب وسلامته من حساباتها لصالح مسبقاتها السياسية أو لأن التموقع في المنتصف أكثر أمنا علي المدي الطويل لانه يقلل من مخاطر محتملة قد تنجم من إنتصار الحلف الجنجويدي بالضربة القاضية أو عودته إلي السلطة في شراكة مع الجيش. وفي هذا خيانة للشعب المستباح تحدث في أشد الساعات حلكة في التاريخ الحديث.
التاريخ لا ينسي وكتابه الطويل سيقول قولته.
لا أستبعد أن تكون عدم قدرتي علي فهم الموقفين أعلاه ناجمة عن قصور ذاتي وضعف تحليلي، لذلك كلي أمل أن يشرح لي أصحاب الحياد وأصحاب المساواة الضمنية بين “طرفي الصراع” كيف يمكن الدفاع الفكري والأخلاقي عن هذين الموقفين.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب