التهديد الإسرائيلي الأخير بتوسيع الحرب ضدّ لبنان ليس جديداً من حيث "نوعية الكلام". قبل أشهر، تحدثت تل أبيب بنفس المنطق لكنها لم تفتح الجبهة، بل بقيَت الأمورُ على حالها لجهة إستمرار "الحرب المحدودة".   حينها، ما تبدّل فقط هو أن إسرائيل راحت توسع ضرباتها أكثر ضد مناطق مُحددة في العمق اللبناني وتحديداً تلك المحسوبة على "حزب الله" خصوصاً البقاع.

هنا، اعتبرت إسرائيل أنها تُحقق تقدّماً، فهي تضرب مناطق متقدمة في لبنان بينما الحزب لا يستطيع تعميق إستهدافاته أكثر، كي لا تنقلب الأمور ضده وتعتبر إسرائيل أي توسيع لجغرافية الإشتباك من قبل "حزب الله"، بمثابة إعلان حرب.   أمام هذه المشهديّة، يأتي السؤال الأهم: ما الذي تسعى إليه إسرائيل؟ وهل هي فعلياً بصدد توسيع الحرب ضدّ لبنان؟   الإجابة على هذا السؤال يمكن استقاؤها مما يُفكر به الإسرائيليّ، فالتقارير المنشورة عبر إعلامه توضح ما تسعى إليه تل أبيب، وفي كل فترة يتبين أمرٌ جديد.   أول أمرٍ يجب الوقوف عنده هو أنّ هناك تناقضات كبيرة في السلوك الإسرائيلي. قبل أيام، استدعى الجيش الإسرائيلي قوات عديدة وحشدَ ألوية مُقاتلة عند الحدود مع لبنان لإجراء مُناورة مُفاجئة. كان هذا الأمر يوم الخميس، وحينها نُقلت صورة إلى لبنان مفادها أن إسرائيل تسعى لتوسيع الحرب، وهذا الأمر ألمح إليه علناً قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أوري غوردين.   في المقابل، يتبين من خلال تقارير أخرى أنّ القيادة السياسية الإسرائيلية لا تهتم كثيراً بجبهة الشمال مع لبنان. هنا، يقول خبير الأمن القومي الإسرائيلي كوبي ماروم في إحد التصريحات إن حكومة الحرب لم تناقش على الإطلاق الوضع عند الحدود مع لبنان خلال الأسابيع الأخيرة".   ما يقوله ماروم لا يتعارض مع ما قاله المراسل العسكري الإسرائيلي يوسي يهوشوع الذي قال إن إسرائيل تتعامل مع جبهة لبنان على أنها "ساحة ثانوية".   كذلك، تبين أيضاً أن أعضاء الكنيست الإسرائيلي غير مهتمين بتاتاً بمنطقة الشمال. الدلالة على هذه ذكرتها وسائل إعلام إسرائيلية، إذ ساد غضب أوساط ممثلي الشركات الشمالية يوم الأربعاء الماضي عندما كان رئيس لجنة في الكنيست هو المشرّع الوحيد الذي حضر اجتماعاً حول تأثير الحرب مع "حزب الله".   وكان عضو الكنيست عن حزب "الوحدة الوطنية" ميخائيل بيتون العضو الوحيد في اللجنة الخاصة لتعزيز وتطوير النقب والجليل الذي حضر الاجتماع، إلى جانب ممثلين عن الوزارات الحكومية. هنا، ما يتبين أن 119 عضواً آخرين من الكنيست ليسوا مهتمين بالوضع عند الحدود مع لبنان، ويقول بيتون إن "المشرعين في الكنيست لا يقومون بما يكفي لسكان الشمال، وللأسف الدولة تغفو عندما يتعلق الأمر بالشمال". وبعد ضغط كبير وحملة حصلت، انضم 3 أعضاء فقط من الكنيست في نهاية المطاف إلى اللقاء.   فعلياً، فإن هذا الكلام لا يمكن إغفاله بتاتاً، فجبهة الشمال مهمة ولكنها "ثانوية" في الوقت نفسه، وما يحصل حالياً هو أن إسرائيل باتت تنقل معركتها إلى مكانٍ آخر.. فما هو؟ وماذا تسعى الآن؟   التقارير الإسرائيلية بمعظمها باتت تنتقد أداء الجيش الإسرائيلي من حيث قدرته على تدمير كافة البنى التحتية لـ"حزب الله". منذ 6 أشهر، تاريخ بداية الحرب، والضربات مستمرة ضد ما يسمى "البنية التحتية" لـ"حزب الله" سواء في المناطق الحدودية المتقدمة أو في تلك التي تعتبر مناطق خلفية.   إن تم النظر قليلاً في صلب الأمر، فسيتبين أن "حزب الله" لديه الآلاف من البنى التحتية.. فكيف لإسرائيل أن تدمرها بأكملها؟ هذا الأمرُ تم التلميح إليه وقد تطرق إليه ماروم في تصريحٍ له مؤخراً.

إزاء كل ذلك، فإن إسرائيل أرادت أن تضرب في "عمق حزب الله الإستراتيجي"، أي في سوريا. لهذا السبب، جاءت ضربة حلب الأخيرة، فالأساس من ذلك هو أنّ تل أبيب تريد تحجيم الغطاء العسكري لـ"حزب الله" والذهاب أكثر نحو "المنبع الداعم له" أي في سوريا. كذلك، فإن الهجمات هناك، من حيث المفهوم العسكري، قد تؤدي إلى إضعاف "حزب الله" وتشتيته بين سوريا ولبنان خصوصاً أن كبار القادة الإيرانيين يتواجدون في دمشق وفي مدن سورية أخرى.   ضُمنياً، فإن ساحة لبنان تعتبر "ثانوية" بالنسبة للإسرائيليين من ناحية واحدة وهي أنها ليست "المصنع" للإمدادات، كما أنها ليست "المعقل الأساسي" لتجميع المعدات العسكرية المتطورة. بشكل أو بآخر، فإن سوريا تعتبر موئلاً مهماً لـ"حزب الله" وضربةُ حلب أثبتت ذلك حرفياً نظراً لعدد شهداء "حزب الله" الذين سقطوا هناك.   إنطلاقاً من كل ذلك، فإنّ إسرائيل ترى أن ضرباتها لسوريا ستُساهم في إضعاف الخلفية العسكرية للحزب، وأيضاً ستدفع الإيرانيين لإعادة حساباتهم أكثر من حيث الإنتشار في العمق السوري. وعليه، ستكون هناك فرصة لإسرائيل بالتضييق على الحزب من خلال 3 مناطق برية: الأولى وهي سوريا، الثانية البقاع، والثالثة جنوب لبنان. أما الأمر الأخطر فيرتبط بـ"مغامرة إسرائيلية" قد تحصل في أي وقت وتتصل باستهداف قوافل جوية ترى تل أبيب أنها تحمل أسلحة للبنان، وهذا ما سعت التقارير الإسرائيلية للحديث عنه مؤخراً ولكن بشكل خجول.   في خلاصة القول، المعركة تتمدّد جغرافياً ولكن وفق الحرب المحدودة، وإذا تم النظر في مضمون ما يجري، فإن إسرائيل سترى أن استفادتها على هذا الصعيد هي أكبر، وهي تعمل حالياً على نطاقين: الأول وهو إثارة حرب نفسية من خلال الحديث عن توسيع الحرب البرية ضد لبنان، بينما النطاق الثاني وهو الأخطر يتمثل بتوسيع نطاق الحرب المحدودة.. والسؤال الأساسي هو: ماذا سيفعل "حزب الله" في هذه الحالة؟ وماذا سيحصل في حال وجد أن هناك تهديدات وجودية تطاله في أكثر من منطقة؟ الإجابة تكمنُ في الأيام المقبلة... المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مع لبنان حزب الله تل أبیب من حیث

إقرأ أيضاً:

خبير استراتيجي: انتهاكات إسرائيل للهدنة في لبنان تتم تحت أنظار لجنة المراقبة

قال العميد طارق العكاري، المتخصص في الشأن الاستراتيجي والاقتصاد العسكري، إنه أثناء اجتماع اللجنة «الأمريكية - الفرنسية»، المراقبة لوقف إطلاق النار في لبنان مع قوات حفظ السلام، كانت الطائرات المسيرة الإسرائيلي على بعد أمتار من الاجتماع الذي عقد في رأس الناقورة، تفجر وتنسف المنازل.

انتهاكات إسرائيلية مستمرة للهدنة

وأضاف «العكاري» خلال مداخلة هاتفية بقناة «القاهرة الإخبارية»، أن رأس الناقورة لم يستطع جيش الاحتلال الإسرائيلي الدخول إليها أثناء القتال مع حزب الله، ودخلها منذ أيام فقط، مشيرا إلى أنه دخل إلى البلدات الغربية والقطاع الغربي وطالت الخروقات القطاع الشرقي، وتوغلت الدبابات الإسرائيلية إلى بلدة بني حيان.

ولفت المتخصص في الشأن الاستراتيجي والاقتصاد العسكري، إلى أن قوات حفظ السلام «اليونيفيل» كانت على بعد أمتار من التفجيرات التي تتم في القرى اللبنانية.

خلافات غير ظاهرية بين حزب الله والحكومة اللبنانية

وأوضح أن الأمر الأن لا يتعلق بمسألة الخروقات الإسرائيلية لهدنة وقف إطلاق النار، بل يتعلق بخلافات غير ظاهرية بين حزب الله والحكومة اللبنانية؛ إذ أن «الأول» مستاء خاصة أنه بعد تركه الجنوب اللبناني والحدود المتاخمة للأراضي الفلسطينية المحتلة لم يستطع الجيش اللبناني وقف الخروقات بسبب الحالة الضعيفة التي عليها.

مقالات مشابهة

  • ‏إذاعة الجيش الإسرائيلي: "الكابينت" يجتمع هذه الأثناء وعلى جدول أعماله التطورات في سوريا
  • اقتلعنا أنياب الأفعى..إسرائيل تهدد بسحق حزب الله
  • إبراهيم شعبان يكتب: نظرية العصر الإسرائيلي
  • ‏الحوثيون يهددون إسرائيل باستهداف مقراتها الحيوية
  • ‏الجيش الإسرائيلي يعلن اعتقال شخصين جنوبي سوريا
  • ‏وسائل إعلام إسرائيلية: الجيش الإسرائيلي يبدأ التحقيق في أسباب عدم اعتراض الصاروخ الذي أطلق من اليمن
  • هذا ما يفعله حزب الله الآن.. تقريرٌ إسرائيلي يكشف
  • عميل للموساد الإسرائيلي يكشف تفصيل عملية تفجيرات البيجر في لبنان
  • خبير استراتيجي: انتهاكات إسرائيل للهدنة في لبنان تتم تحت أنظار لجنة المراقبة
  • لماذا لا يردّ حزب الله على الخروقات الإسرائيليّة؟