العنف الأسري في لبنان: الأرقام لا تصدم والتوعية موجودة.. فما العائق؟
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
بالرغم من النضال النسوي المستمرّ لانصاف المرأة من سطوة الرجل في وطن الشراكة، لا تزال النساء والفتيات عرضة في كل دقيقة لجرائم العنف الأسري في لبنان.. والذريعة الدائمة لسحب المعتدي كالشعرة من جريمته هي "الشرف" أو الضائقة المادية التي "شرّعت" في الفترة الأخيرة تعنيف المرأة باعتبارها "فشة خلق"!
الأرقام تتكلّم إرتفاع عدد الشكاوى في حالات العنف الأسري لا يشكّل صدمة، فالمجتمع ذكوري بامتياز والقانون الذي يفترض أن يحمي النساء، يتساهل والمعتدي؛ غير أن مساعي توعية المرأة وتمكينها نجحت بخرق جدار الخوف وجعلتها أكثر إقبالاً وإقداماً لتحدّي واقعها المرير، والوقوف بوجه جلّادها والإبلاغ عنه.
التوعية موجدة.. ما العائق؟ الواقع الذي تعكسه هذه البيانات ليس مفاجئاً، بل هو طبيعي وفقاً للناشطة النسوية حياة مرشاد، التي تشير في حديثها لـ"لبنان 24" الى أن "النساء هن أكثر من يحملن عبء الأزمات التي يمرّ بها البلد".
وتقول مرشاد إن "هذا العام سجّل ارتفاع بلغت نسبته 300% في جرام القتل ضدّ النساء"، معتبرة أن "ارتفاع الشكاوى في الفترات الاخيرة مرتبط بعمل المنظمات النسوية في توعية النساء على آليات الابلاغ والحماية".
وتؤكّد الناشطة النسوية وإحدى مؤسسات جمعية "fe-male" أن "المشكلة في معرفة المرأة بآليات التبليغ عن العنف، انما بحصول عمل جدي لتفعيل آليات الحماية أكثر وخلق الثقة لدى النساء بمنظومة الحماية"، فبالعودة الى ملفات جرام قتل النساء في السنوات الأخيرة، نجد ان القتلة أحرار او أن الحكم الصادر بحقّهم لم يكن قدر المتوقع وكان مخففاً بذرائع ثورة الغضب والشرف.
وتعتبر مرشاد أنه من غير المقبول وجود قضاة غير مثقفين بقضايا العنف أو التعامل باستخفاف مع هذه القضايا من قبل العناصر الأمنية. وتذكّر في خضمّ حديثها بقضية زينة كنجو التي تعرضت للاستهزاء من قبل القوى الامنية لدى ابلاغها عن تعرّضها للتعنيف وقيل لها آنذاك "كل هالحلا ومعنّفة؟!"، مؤكدة أنه "اذا ان لم تشعر المرأة بالأمان والجدية بالتعاطي مع قضيّتها ستنكفئ عن التبليغ وقد يكون الثمن حياتها".
كذلك، تلفت الى أن المماطلة بالتعاطي مع القضايا وكل الانهيار الحاصل انعكس على الفئات الأكثر تهميشاً ومنها النساء. وتقول: "نتذكر عندما حصل الاعتكاف القضائي وأن من دفع الثمن هن الناجيات من العنف"، مضيفة أنه "حتى في حال وجود منظومة مؤسساتية من القضاء للقوى الأمنية، منتظمة، ندرك قدر التحدي لنيل المرأة العدالة، فكيف اليوم وكل اجهزة الدولة معطلة؟". وتكمل مرشاد: "كل شيء معطّل والتعويل الآن على الحراك النسوي والمؤسسات التي تعمل، فلولا نشاطها كان الوضع أخطر مما هو عليه"، مشددة على أنه "لا يمكن للمنظمات النسوية أخذ مكان الدولة وهذا أمر محسوم" ومؤكدة أنه "يجب ان يكون هناك تعاطي جدي مع ملفات العنف ضد النساء وملفات قتل النساء وهذا سينعكس حكماً على ثقافة الابلاغ لدى النساء والثقة بمنظومة الحماية".
ثغرات القانون الحالي المعدّل صحيح أن قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري في لبنان شهد تعديلاً، إلّا أنه لا يزال يخفي في طيّاته ثغرات وأخطاء كعدم تجريم الاغتصاب الزوجي.
وينقسم القانون رقم 293 المعدل بالقانون رقم 204 الى قسمين، الأوّل عقابي يشدد العقوبات على بعض الجرائم المرتكبة بين افراد الأسرة ويجرّم العنف المعنوي والاقتصادي. أمّا الثاني فحمائي، يمكّن الضحية من طلب الحماية بهدف إبعاد المعنف عنها وعن أطفالها عبر إبعاده عن المنزل أو نقلها مع أطفالها إلى مكان آمن.
تؤكّد مرشاد لـ"لبنان24" أن "القانون الحالي يساعد كثيراً، لكن ما ينقص هو العمل عل صعيد المؤسسات"، لافتة الى أن "القوانين أساسية، لذا النضال دائم لاقرارها ويجب تفعيل كلّ اليات التطبيق على الصعد كافة".
كما تلفت الى أن "القانون المعدّل لمّ يقرّ بالاغتصاب الزوجي، غير أنه أوجد صندوقا لدعم الناجيات لكنّه حتى اللحظة فارغ".
وهنا تشير الى أن دور الجمعيات النسوية لا يقتصر على التوعية فقط، بل تقدّم الدعم القانوني والاجتماعي والنفسي، فهناك العديد من النساء يفتقرن الى القدرة على توكيل محامي أو حتى الاستحصال على تقرير حكيم شرعي لإثبات موضوع العنف. كما انها تؤمّن مراكز ايواء للنساء المعرضات للقتل، إذ لا مركز ايواء خاص في الدولة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العنف الأسری فی حالات عنف من العنف الى أن
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب يستقبل 2 مليون زائر خلال 5 أيام.. أنشطة للتثقيف والتوعية والترفيه
استمر معرض القاهرة الدولى للكتاب فى استقبال الجمهور لليوم السادس أمس، وسط إقبال جماهيرى كبير على فعاليات المعرض فى دورته الـ56، حيث بلغ عدد الزوار على مدار 5 أيام، منذ افتتاح المعرض للجمهور، نحو 2 مليون زائر، من بينهم 356 ألفاً و144 زائراً فى اليوم الخامس (الثلاثاء).
وقال الدكتور أحمد بهى الدين، رئيس الهيئة العامة للكتاب، إن هذا الإقبال الكبير، الذى يشهده معرض الكتاب، يأتى تتويجاً لتضافر جهود مؤسسات وزارة الثقافة فى إرساء دعائم الفكر والثقافة، كما يُمثل هذا الإقبال علامة مبشّرة بأن هذه الدورة «استثنائية» فى تاريخ المعرض، على صعيد الأهمية والمردود والمحتوى الثقافى والفنى الذى يقدّمه المعرض للجمهور. وأشاد باهتمام الكثير من الأسر المصرية وحرصها على زيارة المعرض، إدراكاً منها لقيمة المعرفة فى بناء المجتمعات.
ويسعى المعرض من خلال الأنشطة الفكرية والفنية إلى تقديم باقة متنوعة من التثقيف والتوعية والترفيه لرواده، كما يسعى للارتقاء بصناعة النشر، على المستوى المحلى والإقليمى.
وعقد المعرض عدداً من الفعاليات لتحقيق هذا الهدف، حيث تشهد الصالة رقم 5 إقبالاً كبيراً على الأنشطة والفعاليات التى يقدّمها المركز، وأعرب الباحث أحمد عبدالعليم، رئيس المركز القومى للطفل، لـ«الوطن»، عن سعادته بإقبال الأسر والأطفال على المعرض فى العموم، ومعرض الأطفال بصفة خاصة، وقال إن «المعرض يُمثل لنا دائماً تظاهرة نعرض فيها أنشطتنا، وإصداراتنا على مدار العام، ولدينا فى هذه الدورة مجموعة متنوعة من الأنشطة المهمة والمتنوعة، التى يُقبل عليها الأطفال». وأضاف أن المركز القومى للطفل أصدر هذا العام مجموعة متنوعة من الروايات، مُعرباً عن تفاؤله بمستوى الحضور والإقبال الكبير على المعرض. وتابع: «كل عام نُجرى استطلاع رأى للأطفال، لأن الاستماع للأطفال مهم جداً، ونحاول تلبية رغباتهم عند تنفيذ أى نشاط، وبالتالى كل نشاط يخص الأطفال نجد له مردوداً إيجابياً من الأطفال». ولفت إلى أن التنظيم الجيد للمعرض يحقّق سهولة فى تنفيذ هذه الأنشطة، سواء كانت ندوات أو حفلات توقيع أو فنون تشكيلية أو ورشاً.
ودعا «عبدالعليم» أطفال مصر إلى زيارة المعرض للتعرّف والاستفادة بما يقدّمه جناح الطفل هذا العام، وليحصلوا على الهدايا التى يقدّمها المركز القومى لثقافة الطفل لزواره، وهيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة وغيرها من الهيئات المشاركة هذا العام فى المعرض، مشيراً إلى أن القطاعات ودور النشر المشاركة فى معرض كتاب الطفل تتزايد عاماً بعد آخر، وتقدم أسعاراً فى متناول الجميع، وتشجّع على تنمية الخيال.
وأضاف أنه يجرى حالياً استطلاع رأى على تطبيق «تحوت» للذكاء الاصطناعى، خلال تجريبه فى هذه الفترة، على أن تطلقه بشكل كامل بعد أخذ ملاحظات الأطفال فى الاعتبار، كما أطلقنا مسابقة «قارئ الشهر» للأطفال، وسوف تستمر بعد المعرض، بهدف التشجيع على القراءة، وتتضمّن تقديم جوائز مالية وعينية، ومن ضمن الفعاليات أيضاً فى جناح الطفل، حفلات توقيع الكتب الفائزة بجائزة المبدع الصغير، المقدّمة من وزارة الثقافة، وهى من الفعاليات التى تشجّع الأطفال على إبداء الرأى، وتشجيع باقى الأطفال على المشاركة فى الجائزة المهمة التى أطلقت تحت رعاية قرينة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ويسعى المعرض لدعم صناعة النشر، حيث اختتم أمس، فعاليات البرنامج المهنى «برديات 4: القاهرة تنادى»، التى تُعقد للعام الثامن على التوالى، بالتعاون مع الهيئة العامة المصرية للكتاب. وقال الناشر شريف بكر، منسق الفعالية، إن البرنامج يمثل فرصة للناشرين المصريين والعرب للتواصل والتفاعل مع الناشرين الأجانب، موضحاً أن البرنامج هذا العام يضم نحو 34 ناشراً أجنبياً من مختلف أنحاء العالم.
وأضاف فى تصريحات لـ«الوطن» أن الضيوف الأجانب كانوا سعداء بالمشاركة، خاصة أن معظمهم يزور مصر للمرة الأولى، لافتاً إلى أنهم انبهروا بالمعرض، وحجم الإقبال الجماهيرى عليه، وعدد الكتب والعارضين، وكانت أمامنا تحديات بسبب اللغة والتفاهم، إلا أن الشباب المتطوعين تمكنوا من حل هذه الإشكالية من خلال الترجمة، كما قدّم المتطوعون من طلاب الجامعات نموذجاً متميزاً فى الترجمة والتواصل وحُسن التعامل وتعريف الضيوف بملامح وثقافة هذا البلد، مشيراً إلى أن هذا الاستقبال الطيب نقل إليهم صورة جميلة عن الروح المصرية التى تتميز بالدفء والكرم.
وقال «بكر» إن البرنامج تضمّن الكثير من اللقاءات مع الناشرين، بأنشطتهم المختلفة، سواء متخصصين فى كتب الأطفال، أو الروايات وغيرها، كما أبدى الضيوف الأجانب اهتمامهم بالترجمة عن اللغة العربية خصوصاً، وبالأصوات النسائية العربية المتميزة، ليتم ترجمتها إلى الهولندية والإيطالية والأذربيجانية، والإنجليزية، كما أتيح للناشرين الضيوف الخروج خارج المعرض ليتعرّفوا على المكتبات، والشوارع ليتعرّفوا على روح المدينة بأنفسهم، وآخر يوم تضمن البرنامج زيارات ترفيهية للناشرين الأجانب، بالتعاون مع وزارة الثقافة إلى المعالم السياحية مثل منطقة الحسين وشارع المعز والقاهرة القديمة، وكذلك أهرامات الجيزة والمتحف المصرى. وأضاف أن هذه الزيارات تُمثل بدايات تعارف واحتكاك وعلاقات بين الناشرين من دول وثقافات مختلفة، تمهيداً لتبادل حقوق الترجمة والنشر فى أطراف مختلفة، فهى تعتبر بدايات مشروع ستؤتى ثمارها مع الوقت، وهو هدف البرنامج الأساسى، وسيكون من نتاج هذه الفعاليات تعاقدات على الترجمة من العربية والعكس، وهو ما يمثل إضافة وتطويراً لصناعة النشر والثقافة فى العموم.
وفى سياق الاهتمام بإصدارات الأطفال، نظم الملتقى العربى لناشرى كتب الأطفال دورة تدريبية متقدّمة للناشرين، وذلك ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب 2025، وذلك على مدار يومين، حيث تم طرح الكثير من المحاور المتصلة بتعزيز المهارات ومواكبة التطورات ومواجهة تحديات قطاع النشر الذى يُعتبر ضمن أكثر القطاعات الحيوية فى إطار الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، وشهدت الندوة مشاركة واسعة من ناشرين مؤثرين من عدد من الدول العربية، أشادوا فيها بالدورة وبطرحها الكثير من القضايا الحيوية والواقعية التى لامست اهتمامات ناشرى كتب الأطفال، مثل استراتيجيات التسويق والتوزيع والابتكار فى تصميم المحتوى، بجانب أهمية التكنولوجيا الرقمية فى صناعة النشر وتحديات حماية حقوق الملكية الفكرية.
وقد ناقش برنامج اليوم الأول علاقات المؤلف وسيناريوهات لعب الأدوار، لممارسة إدارة علاقات المؤلف، تحدث فيه وتناوله بالشرح والتفصيل الدكتور محمد فتحى، كما تناول الدكتور حسام لطفى الجانب القانونى المتمثل فى إدارة عقود النشر والحقوق.
أما فى ما يتعلق بمحور الكتب الصوتية، فقد تحدّث المهندس على عبدالمنعم عن كيفية بناء البيانات الوصفية للكتب الصوتية واستخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعى فى التوزيع الرقمى، كما قدّم خالد البلبيسى استعراضاً لكيفية تصميم الكتاب وسير عملية الإنتاج، أما برنامج اليوم الثانى فقد خصّص لتناول أحد أهم الجوانب الحيوية فى مجال النشر، وهو التسويق والتوزيع، حيث قدّمت داليا إبراهيم نظرة عامة على صناعة النشر والاتجاهات المستقبلية. كما استعرض بشار شبارو الاستراتيجيات الخاصة بالتسويق والتوزيع، كما طرح جمال حافظ الكثير من الأفكار التطويرية عن النشر الرقمى والذكاء الاصطناعى واستخداماته فى كتب الأطفال. هذا بجانب الخطة التسويقية المتكاملة للمشاركة فى معرض بولونيا الدولى لكتب الأطفال، التى طرحت للمناقشة من قِبل خالد البلبيسى.
وقال محمد شعبان، عضو مجلس إدارة الملتقى ورئيس لجنة المعارض، إن هذه الدورة التدريبية تأتى ضمن حزمة من الفعاليات والأطر التطويرية التى ينظمها الملتقى، بهدف دعم الأعضاء ورفدهم بالخبرات اللازمة. كما أشار «شعبان» الذى قام بالتنسيق والإشراف على مشاركة الملتقى فى معرض القاهرة للكتاب، إلى أن هذه الدورة تُعتبر استثنائية، وهى تأتى فى إطار المساهمة فى تحقيق أهداف الملتقى العربى لناشرى كتب الأطفال والمتمثلة فى دعم الناشرين ومساعدتهم على مواكبة المستجدات والتطورات المتسارعة من خلال آلية وأساليب التدريب الذكى الذى يُعتبر الطريق الأمثل لتحقيق القفزات النوعية فى صناعة الكتاب.