كان الشتاء البركاني عام 536، هو أشد وأطول فترة تبريد مناخي في نصف الكرة الشمالي خلال الألفي عام الماضية، فقد دخلت الأرض في ظلام دامس واختفت الشمس لأكثر من 20 عامًا، بحسب تقديرات العلماء في ورقة بحثية عن هذه المدة الزمنية، نشرها الموقع الرسمي لجامعة كوينز بلفاست في أيرلندا الشمالية.

وكان سبب الشتاء البركاني هو ما لا يقل عن 3 انفجارات متزامنة من أصل غير مؤكد، مع اقتراح عدة مواقع محتملة في قارات مختلفة.

معظم الروايات المعاصرة عن الشتاء البركاني مأخوذة من مؤلفين في القسطنطينية، عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية، على الرغم من أن تأثير درجات الحرارة الباردة امتد إلى ما هو أبعد من أوروبا، إذ حددت الأبحاث الحديثة أنه في أوائل عام 536 م أو أواخر 535، أدى ثوران بركاني إلى حدوث ظلام دامس للأرض.

كيف حدثت فترة الظلام؟

هذا الظلام القاتل، كان بسبب الثوارن البركاني السابق الذي بسببه جرى إطلاق كميات هائلة من هباء الكبريتات في الغلاف الجوي، مما أدى إلى تقليل الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى سطح الأرض، وتبريد الغلاف الجوي لعدة سنوات.

وفي مارس 536، بدأت مدينة القسطنطينية تشهد سماءً مظلمة وانخفاض درجات الحرارة، والقسطنطينية هي الآن مضيق البوسفور، وتحمل اسم «إسطنبول»، وجرى إنشاؤها من قبل المستعمرين اليونانيين.

ظلام قاتل للكرة الأرضية 

بسبب الشتاء البركاني الذي تسبب في خروج كميات هائلة من الغازات، التي حجبت أشعة الشمس من الوصول للأرض لعدة سنوات، انخفضت درجات الحرارة في الصيف عام 536، بما يصل إلى 2.5 درجة مئوية عن المعدل الطبيعي في أوروبا، كما جرى تعزيز التأثير المتبقي للشتاء البركاني لعام 536 في 539-540، عندما تسبب انفجار بركاني آخر في انخفاض درجات الحرارة في الصيف، بما يصل إلى 2.7 درجة مئوية أقل من المعدل الطبيعي في أوروبا.

ولم تكن أوروبا وحدها المتأثرة بهذا الظلام، الذي قتل الحياة النباتية فيها، لكنه أثر على بقية الدول وتسبب في موت بل وندرة بعض النباتات المعتمدة بشكل حيوي على أشعة الشمس، كما تسببت الانفجارات البركانية في تلف المحاصيل، وكانت مصحوبة بطاعون جستنيان، والمجاعة وملايين الوفيات، وبدأت العصر الجليدي الصغير المتأخر، والذي استمر من 536 إلى 560، وذلك وفقا لما يظهره بحث تحليل حلقات الأشجار، الذي أجراه عالم التشجير مايك بيلي، من جامعة كوينز في بلفاست في أيرلندا الشمالية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الظلام الشمس بركان درجات الحرارة

إقرأ أيضاً:

رايات الشمس البنفسجية

يستبشر أصحاب بساتين النخيل خيراعندما ترتفع درجات الحرارة في موسم الصيف؛ كونها تسارع في إنضاج التمور، وفي هذه يشتركون مع الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي (1889-1857م) في الترحيب بشمس الصيف، فهو يرى أن صبا الأرض يعود مع الصيف، والفتنة والجمال، حيث الخضرة التي تتسع كلما سقطت أشعة الشمس عليها، فهو يقول:

عادَ لِلأَرضِ مَعَ الصَيفِ صِباها

فَهي كَالخَودِ الَّتي تَمَّت حُلاها

صُوَرٌ مِن خُضرَةٍ في نَضرَةٍ

ما رَآها أَحَدٌ إِلّا اِشتَهاها

ذَهَبُ الشَمسِ عَلى آفاقِها

وَسَوادُ اللَيلِ مِسكٌ في ثَراها

ويبدو أنه قال ذلك بتأثير البيئة التي نشأ فيها الشاعر المولود في قرية (المحيدثة) في جبل لبنان، وفيها أمضى طفولته، وغادرها عام 1992 وكان قد دخل الثالثة عشرة من عمره، ليتّجه إلى الإسكندرية، وسواحلها التي يصطاف فيها السيّاح، قبل أن يهاجر إلى أمريكا، عام 1912م ويستقرّ في نيويورك، ويموت ويدفن فيها، وللبيئة تأثيراتها على ساكنيها، كما يعرف المختصّون، لذا تغنّى أبو ماضي بالصيف، وشمسه الساطعة، بينما يخالفه الشاعر العباسي أبو بكر الصنوبري الذي اشتهر شعره بوصف الطبيعة، وعاش متنقّلا بين حلب ودمشق واستقرّ وتوفي فيها عام 945م، فيرى أن الأرض تتحوّل في الصيف إلى موقد، وتنوّر يفور من شدّة حرارة الشمس، دون أن ينسى نضج الثمار في الصيف، بقوله:

إن كان في الصيف ريحان وفاكهة

فالأرض مستوقد والجوّ تنّور

ما الدهرُ إلا الربيعُ المستنيرُ إِذا

أتى الربيعُ أتاكَ النَّورُ والنور

هذا البنفسجُ هذا الياسمينُ وذا الـ

نّسرينُ ذا سوسنٌ في الحُسْنِ مشهور

وورد البنفسج الذي يسهب الصنوبري بوصف جماله في الربيع، يتحوّل اسمه إلى نقمة ورعب في الصيف، عكس الشعور بالارتياح الذي يخلّفه البنفسج، ملهم الشعراء والمغنين، ومنهم المطرب ياس خضر الذي غنى للبنفسج واحدة من أجمل الأغاني التي كتب كلماتها الشاعر مظفر النواب هي «يا ليلة من ليل البنفسج» مشيرا للّيلة المقمرة التي تفوح فيها رائحته، وتلهب خياله، بينما لون البنفسج في الصيف ينذر بالخطر، فحين تصل درجات الحرارة إلى درجة تهدّد حياة الإنسان، وتستهدف سلامته، تُرفع الراية البنفسجية، كما فعلت الشركات الأجنبية المستثمرة في حقل غرب القرنة وحقول نفطية في البصرة، قبل أيّام قليلة، بعد أن تخطّت درجات الحرارة حاجز الـ 52 درجة، فاللون البنفسجي مأخوذ من الأشعة فوق البنفسجية القصيرة، التي إذا ما تعرّض لها الإنسان، فسيصاب بضربة شمس، وهي كفيلة بقتل خلاياه الحية، لذا تحذّر الشركات العاملين من خطرها للحيلولة دون ما لا يحمد عقباه، وتطلب منهم الابتعاد عن الشمس في ساعات الظهيرة، تلك التي تكون فيها الشمس عمودية، إذ يشتدّ الحر في «الهاجرة» ويوصي الأطباء بتجنّب التعرّض للشمس وقت الهجير الذي هو شدّة الحر في منتصف النهار، وفي ذلك يقول الأصمعي، كما جاء في كتاب (المحاسن والمساوئ) للبيهقي: «بينا أنا ذات يوم قد خرجتُ في الهاجرة والجو يلتهب ويتوقّد حرّا، إذ أبصرتُ جارية سوداء قد خرجتْ من دار المأمون ومعها جرّة فضة تستقي فيها ماء، وهي تردّد هذا البيت بحلاوة لفظ وذرابة لسان:

حرُّ وجدٍ وحرُّ هجرٍ وحرُّ

أيّ عيشٍ يكونُ من ذا أمرُّ؟»

وإذا كانت حرارة الوجد تزيد من سخونة الجو في البيت الذي ذكرته الجارية، فالراية البنفسجية التي تناقلت أخبارها وكالات الأنباء ترفع درجات الخوف وهذه تزيد درجات الحرارة بدلا من تخفيضها، ويتّفق الجميع أن الإكثار من شرب الماء في مثل هذه الأيام ضروري، للتعويض عن السوائل المفقودة، وكذلك تناول اللبن مع حبّات التمر التي تكون قد نضجت بفعل حرارة الشمس، لقطع المراحل الثلاث المطلوبة لنضجه التي كما يقول المزارعون: (صباغ اللون)، و(طباخ التمر) و(جداد النخل)، وحتى يصل المرحلة الثالثة تكون الأرض قد رفعت أكثر من راية بنفسجية !.

عبدالرزّاق الربيعي شاعر وكاتب عماني

مقالات مشابهة

  • إنترناشيونال أس أو أس" تحثّ الشركات على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة القوى العاملة وسط موجات الحر الشديدة
  • رايات الشمس البنفسجية
  • لماذا يُعد يوليو/تموز أكثر الشهور حرارة كل عام؟
  • طقس الفيوم.. شديد الحرارة رطب نهارا والعظمى 37 درجة
  • الحرارة إلى ارتفاع والجو صيفي حار صباحاً ومعتدل ليلاً
  • مشاهد طريفة لعمال هنود يجمعون الأرز من حقولهم تحت لهيب الشمس الحارقة
  • الرطوبة تتجاوز 90 %.. الأرصاد تكشف أسباب اختفاء الشمس في الصباح (فيديو)
  • مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للتخلص من البقع الشمسية
  • مع ارتفاع درجات الحرارة.. طرق الوقاية من ضربات الشمس والإجهاد الحراري
  • طقس الفيوم.. شديد الحرارة رطب نهارا