وثيقة بكركي في خطر.. هل مضى جعجع فأجهز عليها؟
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
كتب رضوان عقيل في"النهار": كثيرون قرأوا في اطلالة سمير جعجع على "تلفزيون لبنان" ان المسائل المطروحة في وثيقة بكركي المنتظرة والتي تحظى برعاية خاصة من البطريرك بشارة الراعي مفخخة بجملة من الهواجس والثقة المفقودة بين الافرقاء المتحاورين للرد على قضايا حساسة تخص كل اللبنانيين وفي مقدمها انتخابات رئاسة الجمهورية.
في المقابل، لا ينفك "التيار" عن تأكيد تمسكه بالحوار المفتوح في بكركي والاصغاء لكل نصائح البطريرك الراعي. وفي تعليق على كلام جعجع ترى مصادر في "التيار" ان جعجع لا يريد هذا الحوار في الاصل ولم يكن في وارد تلبية دعوة بكركي الى ان لمس انه غير قادر على عدم المشاركة في اللقاء، ولا سيما بعد تيقّنه من انه لا يستطيع وضع ما يريده في الوثيقة، وان الاجواء المرافقة لا تصب في مصلحتها، ولذلك يعمل على التنصل من الوثيقة إذ عمد الى اطلاق النار على اللقاء، "وهذا الهجوم الذي استهدف التيار الوطني الحر اصابت شرارته بكركي اولا، وان الهجوم على الآخرين بهذه الطريقة لا يساعد المتحاورين ولن يؤدي بالطبع الى ولادة الوثيقة المطلوبة". وثمة ثوابت يركز عليها "التيار" ولا مانع لديه من طرحها على طاولة بكركي، في مقدمها عدم السير بأي مشروع يجر المسيحيين الى مغامرات جديدة أثبتت فشلها في الماضي ولم تجلب إلا الضرر. واذا كان "التيار" لا يؤيد "حزب الله" في معادلة "وحدة الساحات" وتجاوز مساحة الدفاع عن لبنان، الى الاعتراض على ضرب مفهوم الشراكة الذي يتمثل في اكثر من محطة في الحكومة، ورغم كل ذلك لن يقدم "التيار" على عزل "الحزب". من جهة اخرى، يرد "التيار" على مسؤولين "قواتيين" يكررون ان باسيل يستعجل لقاء جعجع للحصول على صورة معه بالقول ان "أي كلام من هذا النوع لا اساس له من الصحة ونحن لم نطلب اي لقاء". وتبقى العلاقة محصورة بين الطرفين بواسطة نواب مشتركين يتولون متابعة "لجنة جهاد أزعور"، فضلا عن اللقاء القائم في بكركي وتحت مظلتها، مع تشديد العونيين على حماية الوثيقة من اطلاق النار عليها من اي جهة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
التفاهم مع بكركي مكسب آخر لحزب الله
كتب غسان سعود في " الاخبار": من لا يعرفون البطريركية المارونية عن قرب (بمن فيهم الجمهور العوني) يتعاملون مع البطريرك الراعي بوصفه استمرارية سياسية للبطريرك نصر الله صفير. لكن من يعرفون البطريركية والراعي، يعلمون أنه هو من بادر إلى الذهاب إلى دمشق في ذروة الحرب عليها، وهو من «علّق» علاقاته مع «الأمّ الحنون» جراء الموقف الأوروبي في ملف النازحين السوريين ومحاصرة سوريا ورفض الأوروبيين الاعتراف بهزيمتهم في الشام، وهو من «أخّر» إصدار «وثيقة بكركي» حتى لا يصدر عن الصرح في لحظة الحرب وسقوط الشهداء موقف رسمي ضد فريق لبناني. والأهم من هذا كله، ما فعله الراعي على مستوى الإدارة الكنسية حين سلّم الأبرشيات الرئيسية المؤثرة والكبيرة لمطارنة أقلّ ما يقال عنهم إنهم غير معادين للمقاومة ولا مقرّبين من القوات اللبنانية، ما يسمح للصوت الآخر الداعي إلى الحوار والهدوء والتفاهم بالحفاظ على مشروعيته المسيحية رغم كل التخوين والتهويل القواتيين. وعليه، لا ينبغي أن تواجه دعوات الراعي إلى الحوار والنقاش أو حتى العشاء بهذه السلبية، وخصوصاً أن حزب الله وحركة أمل يطالبان بالحوار يومياً، ويعيبان على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رفضه الحوار... إلا إذا كان الحزب يعرف أشياء لا يعلنها.
أيّ خلاف بين حزب الله وكلٍّ من القوات اللبنانية أو التيار الوطني الحر أو الكتائب، أو الثلاثة معاً، يمكن أن يبقى في إطار سياسي مهما تفاقم، لكن الخلاف مع هؤلاء وبكركي وقيادة الجيش في الوقت نفسه، يأخذ على الفور طابعاً مسيحياً - شيعياً، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية في المدارس والمعاهد والمستشفيات والجامعات وأماكن العمل والبلدات المختلطة والقرى المتجاورة وغيرها من المساحات المشتركة. وهو ما يمكن التعايش معه أو تحمّل تبعاته لو كانت المعركة تفرض ذلك. وهنا، ينبغي الأخذ في الحسبان أن الضرر الحاصل على المستوى المسيحي دفع بأبناء بيوتات سياسية صديقة للحزب، لا تخشى على شعبيتها من الموجات العابرة، إلى إصدار مواقف تضامنية مع بكركي.
في حال كانت لدى الحزب نية بالمعالجة، لا بدّ من لحظ عاملين أساسيين عند إعداد خريطة طريق جديدة للعلاقة مع بكركي، وهما:
أولاً، رغم أن الأصدقاء المشتركين بين الحزب وبكركي شرحوا مراراً للبطريركية بأن المسؤول في حزب الله الذي يُكلّف بمتابعة ملفّ ما هو عادةً أهم من وزير أو نائب ومن الشخصيات المعروفة إعلامياً، لا تزال بكركي تتطلّع إلى تواصل أعلى من المستوى المعمول به منذ سنوات، يُشعر سيّد الصرح بأنه ليس مجرد شخصية دينية في «ملف رجال الدين المسيحيين».
ثانياً، تعامل البطريرك مع موقعه كأكثر من مجرد رئيس روحي لطائفة كبيرة، يفترض أن يشمل النقاش معه القضايا السياسية لا «شؤون الرعية» الروحية. أضف إلى ذلك أن رفع البطريرك الصوت مراراً بشأن القرى الحدودية المسيحية كان ولا يزال يمثل فرصة لعمل مشترك بين فعاليات البلدات الحدودية، برعاية بكركي والحزب والوزارات المعنية، يقطع الطريق على من يريدون توسيع الهوّة من جهة، ويعزّز دور المجالس البلدية وآباء الكنائس في تلك القرى من جهة أخرى.
من التيار إلى البطريركية المارونية، فالبطريركيات الأخرى التي لم يترجم الحزب العلاقات الإيجابية المفترضة معها، إلى أصدقاء الحزب المسيحيين الذين تقول مصادره إنها تعزّز منذ أشهر آليات التعاون معهم دون أن تظهر أيّ نتائج إيجابية لذلك، ومع انتقال وزراء سابقين ونواب حاليين وفنانين ومسؤولين سابقين في أحزاب صديقة للحزب من ضفة التأييد المطلق إلى ضفة الانتقاد اللاذع، لا ينبغي أن يترك الأمر للجمهور الافتراضي للحزب، بل أن يسارع الأخير إلى فهم الأسباب والمعالجة.