الجزيرة:
2024-11-05@12:35:37 GMT

التوترات الأميركية الإسرائيلية يجب ألا تخدعنا

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

التوترات الأميركية الإسرائيلية يجب ألا تخدعنا

امتنعت الولايات المتحدة في 25 مارس/ آذار الجاري عن استخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان.

وكانت هذه المرّة الثانية التي تتحدى فيها الولايات المتحدة حليفتَها إسرائيل في الأمم المتحدة، منذ أن امتنعت في عام 2016 عن عرقلة مشروع قرار دولي يُطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، ويؤكد عدمَ شرعية المستوطنات التي تم إنشاؤها على الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.

مع أن الخلافات الحالية بين واشنطن وتل أبيب على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أصبحت ظاهرة للعلن، فإن صحوة الضمير الأميركي المتأخرة في مجلس الأمن يجب ألا تخدعنا.

وحقيقة أن إدارة الرئيس جو بايدن التي عرقلت على مدار الأشهر الستة الماضية من الحرب العديد من مشاريع القرارات التي تُطالب بوقف الحرب، ومنحت إسرائيل كل هذه الفترة غطاءً دبلوماسيًا كاملًا ودعمًا عسكريًا غير محدود؛ لمواصلة الحرب على غزة دون أي اعتبار لأرواح المدنيين والقانون الدولي، لا يُمكن أن تتغيّر ببساطة بمُجرد أن واشنطن بدأت تنتقد الهجمات الإسرائيلية على المدنيين، وسمحت أخيرًا لمجلس الأمن بتمرير قرار يُطالب بوقف إطلاق النار.

بادئ ذي بدء، دعونا نتفق على نُقطتين واضحتين في السياسة الأميركية تجاه الحرب: الأولى؛ أن الولايات المتحدة ليست مُجرد حليف يؤمّن الدعم السياسي لإسرائيل ويحميها من الضغط الدولي، بل هي شريك لها في الحرب. إنّ جانبًا كبيرًا من الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، تأتي من الولايات المتحدة. حتى أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي فقط، كانت واشنطن قد أرسلت أكثر من 230 طائرة شحن، و20 سفينة محملة بالأسلحة إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب.

ولا يوجد ما يُشير إلى أن عمليات تصدير الأسلحة تراجعت منذ تلك الفترة، وحتى في الوقت الذي انفجرت فيه التوترات بين واشنطن وتل أبيب. ولم يكن بمقدور إسرائيل مواصلة هذه الحرب حتى الآن، لولا الدعم العسكري الأميركي على وجه الخصوص.

أما النقطة الثانية؛ فتتمثل في أن الخلافات الإسرائيلية الأميركية الحالية، ليست حول الحرب بحد ذاتها، بقدر ما تتعلق بالأزمة بين إدارة بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي ظهرت قبل اندلاع الحرب من جانب، وبمعارضة إسرائيل للتصور الأميركي لمستقبل غزة والصراع الفلسطيني الإسرائيلي في اليوم التالي لنهاية الحرب، من جانب آخر.

وبهذا المعنى، فإن واشنطن دعمت، ولا تزال، الأهداف العريضة التي وضعتها إسرائيل في هذه الحرب، لكنّها لم تعد قادرة على مواصلة تحمل تكلفة الصمت عن الآثار الكارثية التي تُسببها الحرب في غزة.

وإذا كان تحول الموقف الأميركي تجاه إسرائيل الآن مُصممًا، كما تُظهر واشنطن، للضغط على تل أبيب؛ لمنع قيامها باجتياح شامل لمدينة رفح، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المنكوبين في قطاع غزة، فإنه كان بمقدور إدارة بايدن منع حصول هذه الكارثة من الأساس لو أظهرت من البداية الخطوط الحمراء التي تضعها الآن أمام إسرائيل.

مع استثناء تمرير إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مشروع قرار في مجلس الأمن لإدانة الاستيطان الإسرائيلي، فإن شيئًا لم يتغير على الأرض

كما أن واشنطن تُصيغ تحول موقفها من منطلق مصلحة إسرائيل في إيجاد مخرج للحرب قبل حاجة الفلسطينيين لذلك. وحتى في الوقت الذي امتنعت فيه واشنطن عن عرقلة مشروع قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، فإنَّ امتناعها عن التصويت، وإن أرجعته إلى أن مشروع القرار لا يُدين حركة حماس، يعكس كيف أن الولايات المتحدة لا تزال مُترددة في إظهار موقف يضغط بشكل لا لبس فيه على نتنياهو لإنهاء الحرب.

من الواضح أن إسرائيل، التي تتعامل بازدراء مع الأمم المتحدة وتحدّت على مدى عقود من احتلالها القرارات الدولية، لن تستشعر الحرج بقدر يدفعها إلى تغيير نهجها في الحرب. والوسيلة الوحيدة، التي ستضغط عليها لتغيير نهجها، تمتلكها الولايات المتحدة وحدها، وهي التهديد الصريح بوقف تصدير الأسلحة والمساعدات الاقتصادية لتل أبيب. مع ذلك، فإن مثل هذا السيناريو لا يؤخذ حتى الآن على محمل الجد في واشنطن.

لقد لوّحت كامالا هاريس نائبة بايدن مؤخرًا بعواقب أميركية على إسرائيل في حال قررت المُضي قدمًا في شن هجوم على مدينة رفح، لكنّها لم توضح على وجه الدقة طبيعة هذه العواقب. وقد ينجح الضغط الأميركي الحالي على إسرائيل في منع حدوث مذبحة أخرى في رفح، لكنّه لن يؤدي بأي حال لمعالجة آثار الكارثة التي تسببت بها الحرب الإسرائيلية على غزة.

علاوة على ذلك، فإن الدوافع الأساسية التي ضغطت على بايدن لتبني موقف متغير إزاء الحرب تكمن في جانب في سعي بايدن إلى استقطاب أصوات الديمقراطيين التقدميين والعرب في الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر/ تشرين الثاني، وفي جانب آخر بالحد من المخاطر المتزايدة التي تواجهها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ بسبب هذه الحرب.

وبمعزل عن هذه الدوافع، فإن ما يهمّنا الآن هو ما إذا كانت الولايات المتحدة قد غيّرت نهجها بالفعل. حقيقة، الواضح هو أن هذا التحول في موقف إدارة بايدن لم يرتقِ بعد إلى المستوى الذي يضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب.

لأن فشل الولايات المتحدة على مدى عقود طويلة في دفع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى مرحلة الحل، لعب دورًا في انفجار حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول. والساسة الأميركيون بدؤُوا يُدركون بشكل متزايد المسؤولية التي تتحملها واشنطن في هذا الصراع.

وقد بدأت إدارة بايدن تبني مشروع حل الدولتين من جديد. لكنّ أي مسار من هذا القبيل لا يُمكن أن يُكتب له النجاح إذا لم تتوفر الظروف المناسبة له. ولا نتحدث هنا عن الحاجة إلى إنهاء الحرب على غزة فحسب، بل أيضًا عن التطرّف الذي يُهيمن على السياسة الداخلية في إسرائيل، وعن الاستيطان الإسرائيلي الذي أحدث تغييرًا كبيرًا في الديمغرافيا الفلسطينية بطريقة تجعل من المستحيل تحقيق دولة فلسطينية دون إزالة هذا الاستيطان.

ومع استثناء تمرير إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مشروع قرار في مجلس الأمن لإدانة الاستيطان الإسرائيلي، فإن شيئًا لم يتغير على الأرض. كما أنه من غير المتصور أن تتمكن إدارة بايدن في الفترة القصيرة المتبقية للانتخابات الرئاسية من أن تعمل على إحداث تحول في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يُحقق حل الدولتين.

وكما أن نتنياهو يسعى لشراء المزيد من الوقت من أجل مواصلة هذه الحرب إلى أطول فترة مُمكنة، فإن إدارة بايدن تسعى أيضًا لشراء المزيد من الوقت من أجل التغطية على دورها الكارثي في هذه الحرب، بدلًا من ممارسة وسائل الضغط الأكثر تأثيرًا على إسرائيل لإنهاء الحرب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الولایات المتحدة فی مجلس الأمن إدارة بایدن على إسرائیل إسرائیل فی مشروع قرار هذه الحرب قطاع غزة التی ت

إقرأ أيضاً:

الحرب الأهلية الأميركية.. هل هي فرضية ممكنة الحدوث؟

وقابل مبعوث قناة الجزيرة عثمان آي فرح الدكتورة باربرا والتر، باحثة سياسية في نظرية اندلاع الحرب الأهلية، وعملت سابقا مع وكالة الاستخبارات المركزية ( سي آي إيه)، حيث تحدثت بدورها عن موضوع الحرب الأهلية وعن المخاطر التي تهدد بلادها على ضوء ما تشهده من انقسامات خلال السنوات الأخيرة.

يذكر أن لولايات المتحدة شهدت بين عامي 1861 و1865 حربا أهلية دامية قتل فيها أكثر من 200 ألف، وانتصر فيها الاتحاديون بقيادة أبراهام لينكولن، الذي استطاع لم شمل الولايات التي طالبت بالانفصال وإلغاء العبودية.

بدأت باربرا دراسة العنف السياسي والحروب الأهلية عام 1990، وانضمت عام 2017 إلى فريق عمل تابع للاستخبارات الأميركية، في مهمة إيجاد طريقة للتنبؤ بالدول التي كانت على وشك الدخول في حرب أهلية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"زيد مثل عبيد".. ترامب وهاريس بعيون تونسيةlist 2 of 2بالإنفو غراف.. الانتخابات الأميركية من صناديق الاقتراع إلى البيت الأبيضend of list

وتقول إنه إذا اندلعت حرب أهلية في بلد ما، فالاحتمالات كبيرة أن تندلع مرة ثانية وثالثة.

وتوضح أن أي دولة تكون معرضة لعدم الاستقرار والحرب الأهلية عندما لا تكون ديمقراطية، وعندما ينظم الأفراد أنفسهم في أحزاب سياسية قائمة على العرق أو الدين أو الإثنية عوضا عن الأيديولوجية.

وفي حال اجتمع العاملان السابقان في دولة ما، فإنها تعتبر "عرضة بشكل كبير لعدم الاستقرار والعنف خلال العامين القادمين، وحينها توضع هذه الدولة على قائمة "تحت المراقبة".

أنصار ترامب خلال اقتحامهم مبنى الكونغرس (غيتي)

وعن الطرف الذي يشعل الحرب الأهلية، توضح الباحثة الأميركية أن الحروب التي تندرج مسبباتها تحت الإثنية أو الدينية أو العرقية، فإن من يتسبببون في هذه الحروب ليسوا الفقراء، بل من يملكون الهيمنة السياسية أو الاقتصادية.

عوامل الخطر

وفيما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية مرشحة لأن تعيش الحرب الأهلية مرة أخرى، قالت باربرا "إن عوامل الخطر تتربص بشكل شديد بالولايات المتحدة"، لكنها استبعدت أن تكون بلادها على شفا حرب أهلية.

غير أنها أضافت: "لو أننا كنا درسنا الوضع في الولايات المتحدة فمن المحتمل أننا كنا وضعناها في قائمة تحت المراقبة". وذكرت أن الوضع اليوم أحسن بقليل، ولكن يمكن أن يسوء بسهولة، لأن المؤسسات الأميركية لا تزال اليوم بنفس ضعفها في عام 2020.

واستعرض برنامج " الطريق 66″ آراء بعض الأميركيين حول احتمالات اندلاع حرب أهلية في بلادهم، وكانت إجابتهم متفاوتة، بين من يرى أن الاحتمالات قائمة وبين من يستبعدها.

كما زار عثمان آي فرح بعض المقرات الانتخابية الخاصة بالحزبين الديمقراطي والجمهوري لاستطلاع آراء البعض حول احتمالية حدوث أعمال عنف في الانتخابات المقبلة، وكانت الإجابات أيضا مختلفة.

ويذكر أنه في 6 يناير/كانون الثاني 2021، أثار المئات من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الفوضى وقاموا بأعمال عنف في مبنى الكونغرس (الكابيتول)، في وقت كان أعضاء الكونغرس يصادقون على فوز المرشح الديمقراطي حينها جو بايدن في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

4/11/2024

مقالات مشابهة

  • إدارة بايدن: إسرائيل "فاشلة" في تحسين الوضع الإنساني في غزة
  • مشرعون أمريكيون لـ"بايدن": تورط الجيش الأمريكي بالصراعات الإسرائيلية ينتهك الدستور
  • إيران الأميركية بعد الحرب
  • الحرب الأهلية الأميركية.. هل هي فرضية ممكنة الحدوث؟
  • إسرائيل تستعد للانصياع الفعلي للضغوط الأميركية وإنهاء الحرب بغزة
  • واشنطن بوست: دول عربية تقاوم توسلات واشنطن وترفض الضغوط الأميركية لإدانة الحوثيين؟
  • بيونج يانج وموسكو تتهمان واشنطن وحلفاءها بـتصعيد التوترات في شبه الجزيرة الكورية
  • واشنطن بوست: لماذا الدول العربية تقاوم الضغوط الأميركية لإدانة الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • واشنطن بوست: الناخبون أمام أسوأ خيارات في تاريخ الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تحذر إيران من مهاجمة إسرائيل: لن نقدر على كبحها