في قلوب المؤمنين تتسارع الأمنيات وتتفجر الدعوات في ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، خاصةً في ليلة القدر التي يتوق القلب لرؤيتها والاستماع إلى أمنياتها. لكل لحظة في هذه الليالي فضل عظيم وثواب جزيل، ولكن من بينها يبرز فضل الذكر والدعاء في ليلة القدر، وخاصةً في ليلة الـ21 من شهر رمضان.

تعد ليلة القدر أمانة عظيمة ومنحة لا تعوض من الله تعالى، حيث يمنح المؤمن فيها الفرصة الذهبية لتضاعف الحسنات وتكفير السيئات.

وفي هذه الليلة المباركة، ينبغي للمؤمن أن ينغمس في ذكر الله والدعاء، مستغلًا هذه الفرصة الفريدة للتواصل مع الخالق وتحقيق القرب منه.

ليست الأماني والدعوات في هذه الليلة مجرد أحلام تطير في الهواء، بل هي رسائل موصولة إلى الله تعالى، يستجيب لها بعد الصبر والتضرع. ومن أعظم الأذكار التي ينبغي للمؤمن أن يحرص على تكرارها في هذه الليلة الفاضلة هي قوله: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، وكذلك قوله: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عنا"، وقوله: "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفو عنا".

إن ليلة القدر هي ليلة الإجابة والقبول، فليكن ذكر الله والدعاء سلاح المؤمن في هذه الليلة، وليكن همه الأساسي تحقيق القرب من الله واستجابة دعائه. فالله عز وجل وعد بالإجابة لمن يدعوه بقلب خاشع وإيمان صادق، وليس هناك أجمل من ليلة القدر لتكون هذه الدعوات مستجابة وهذه الأماني محققة.

 شرح سورة القدر 

تفتح سورة القدر بتأكيد الله تعالى على أنه نزل القرآن، وهو الكتاب المقدس والمبين، بالإضافة إلى أنه كلام الله الذي أنزله كاملًا من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ليتم تنزيله بشكل مفصل على مدار ثلاث وعشرين سنة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وتتميز ليلة القدر بكونها الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وهي ليلة مباركة وعظيمة بفضلها وبركتها وفضيلتها.

وصف الله ليلة القدر بأن فيها يُفرَق فيها كل أمر حكيم، أي يُفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة ما هو كائن من أمر الله تعالى في تلك السنة من الأرزاق والآجال، والخير والشر وغير ذلك من أوامر الله المحكمة المتقنة. وقد أورد العلماء خمسة أقوال مختلفة في تفسير معنى "القدر" في هذه السورة، فمنهم من ربطها بالعظمة، ومنهم من ربطها بالضيق والتقييد، وآخرون ربطوها بالحكم والتدبير، والبعض الآخر ربطها بالقدرة والتوفيق، والخامس ربطها بنزول القرآن والرحمة والملائكة.

تلك هي سورة القدر، التي تحمل في طياتها عظمة الليلة المباركة، وتذكيرنا بفضل الله علينا بإنزال القرآن وتبيان الأمور والتدبير في ليلة القدر.

فضائل ليلة القدر

سميت الليلة بهذا الاسم؛ لأن الله تعالى يقدر فيها الأرزاق والآجال، وحوادث العالم كلها، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والناجون والهالكون، والسعداء والأشقياء، والعزيز والذليل، وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة، ثم يدفع ذلك إلى الملائكة لتتمثله، كما قال تعالى: "فيها يفرق كل أمر حكيم". وهو التقدير السنوي، والتقدير الخاص، أما التقدير العام فهو متقدم على خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحت بقوله الأحاديث.

تعتبر ليلة القدر إحدى أعظم الليالي التي يُحييها المسلمون خلال شهر رمضان، ففيها نزل القرآن الكريم، المعجزة الخالدة التي أُنزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. إنها ليلة مليئة بالبركة والرحمة، وتُقدر فيها الأجال وتُوزَّع فيها الأرزاق وتحدث فيها حوادث الليل والنهار.

وقد ورد في السنة النبوية أن قيمة العبادة في ليلة القدر تفوق قيمة العبادة في ألف شهر، ففيها يتنزل الملائكة وهم يحملون الخير والبركة والرحمة، ويعتبرونها فرصة لعتق العباد من النار وتخفيف الآفات والعقوبات.

ومن أعظم فضائل ليلة القدر أن من قام بها بإيمان واحتساب، سيغفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما أخبرنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف.

وبالرغم من أن هناك اختلافات في تحديد تاريخها بين العلماء، إلا أن الأقرب للصواب هو أن ليلة القدر تقع في العشر الأواخر من شهر رمضان، وخصوصًا في الليالي الفردية منها.


 

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ليلة القدر 2024 ليلة القدر فی لیلة القدر فی هذه اللیلة الله تعالى شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

كبار العلماء: لا يجوز الحج دون أخذ تصريح وأن من حج دون تصريح فهو آثم

الرياض

جدّدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء التأكيد على ما صدر عن هيئة كبار العلماء ببيانها المؤرخ في 12 شوال 1445هـ، بخصوص وجوب استخراج التصريح لمن أراد الذهاب إلى الحج، وأنه لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح، وأن من حج دون تصريح فهو آثم.

وقال معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد: “إن فتوى هيئة كبار العلماء بهذا الخصوص استندت إلى عددٍ من الأدلة والقواعد الشرعية، يأتي في طليعتها ما تقرره الشريعة الإسلامية من التيسير على العباد في القيام بعبادتهم وشعائرهم، ورفع الحرج عنهم، قال الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، وقال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، والإلزام باستخراج تصريح الحج إنما جاء بقصد تنظيم الحجاج، بما يمكِّن هذه الجموع الكبيرة من أداء مناسكهم بسكينة وسلامة، وهذا مقصد شرعي صحيح تُقرره أدلة الشريعة.

وهو كذلك -أي الالتزام باستخراج التصريح- يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا، ذلك أن الجهات الحكومية المعنية بتنظيم الحج، ترسم خطة موسم الحج بجوانبها المتعدِّدة، الأمنية، والصحية، والإيواء والإعاشة، وفق الأعداد المصرَّحة لها، وكلما كان عدد الحجاج متوافقًا مع المصرَّح لهم، كان ذلك محقِّقًا لجودة الخدمات التي تُقدّم للحجاج، وهذا مقصود شرعًا، كما في قوله تعالى: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود).

وأضاف معاليه: “إن الالتزام باستخراج التصريح هو من طاعة ولي الأمر في المعروف، قال الله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، والنصوص في ذلك كثيرة كلها تؤكد وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف، وحرمة مخالفة أمره، والالتزام باستخراج التصريح من الطاعة في المعروف، يُثاب من التزم به، ويأثم من خالفه، ويستحق العقوبة المقرَّرة من ولي الأمر”.

وأوصت هيئة كبار العلماء بالالتزام باستخراج التصريح؛ ذلك أن الالتزام بذلك يدفع -بحول الله- أضرارًا كبيرة، ومخاطر متعدِّدة تنشأ عن عدم الالتزام باستخراج هذا التصريح، منها التأثير على سلامة الحجاج وصحتهم، وعلى جودة الخدمات المقدَّمة لهم وعلى خطط تنقلاتهم وتفويجهم بين المشاعر.

وأوضحت الهيئة أن الحج بلا تصريح لا يقتصر الضرر المترتِّب عليه على الحاج نفسه، وإنما يتعدى ضرره إلى غيره من الحجاج الذين التزموا بالنظام، ومن المقرَّر شرعًا أن الضرر المتعدي أعظم إثمًا من الضرر القاصر، وفي الحديث المتفق عليه عنه صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”، وعنه صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”.

وختمت بيانها بأن الالتزام باستخراج التصريح هو من تقوى الله تعالى؛ فإن هذه الأنظمة والتعليمات ما قُرِّرت إلا لمصلحة الحجاج، يقول الله تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج).

مقالات مشابهة

  • الأزهر للفتوى يحدد القدر المجزئ في الوقوف بعرفة لكبار السن
  • 3 أمور ترفع قدرك عند الله.. تعرف عليها
  • علي جمعة: تعظيم النبي أمر إلهي وليس اختراعا بشريا
  • كيفية اختيار الأصدقاء .. الأزهر للفتوى يوضح
  • كبار العلماء: لا يجوز الحج دون أخذ تصريح وأن من حج دون تصريح فهو آثم
  • ما هي عقيدة القدر المتجلي الخطيرة التي يسعى ترامب إلى إحيائها؟
  • ما هي مفاتيح النجاة؟.. علي جمعة يكشف عنها
  • علي جمعة: التوكل على الله من مفاتيح النجاة
  • أذكار الصباح اليوم الأحد 27 أبريل 2027
  • تفاصيل معركة الشجاعية التي قتل فيها ضابط وجندي إسرائيلي