نوف الموسى (دبي)

أخبار ذات صلة «شعر الابتهال» في النادي الثقافي العربي أندريه ريمون.. مستشرق عاشق لتاريخ المدن العربية

لا يُمكن اليوم الحديث عن الموسيقى بمعزل عن الأشكال الإبداعية، والتعبيرات الثقافية، والمشروعات المعرفية والفكرية والإنسانية الأخرى، فالتوجه الثقافي الجديد، وفق السياسات الثقافية الدولية والعالمية، أو ما يسمى كذلك بالدبلوماسية الثقافية، يبحث في رؤية التداخل النوعي لكل أطياف الممارسات الإنسانية وتفاعلاتها اللحظية مع الإنتاج الثقافي، وقراءة أثر التمازج بين الموسيقى والفنون البصرية والرقصات والمسرح، وأيضاً السينما، إضافة إلى حضور منصات التواصل الاجتماعي كمحرك استثنائي في النشاط الثقافي والمجتمعي، وما يؤديه من دور في إتاحة فرص نوعية لكيفية استقبال الجمهور للحالات الموسيقية، توضيح أشار إليه الموسيقي والملحن التونسي عماد عليبي، المدير السابق لمهرجان قرطاج الدولي لـ «الاتحاد»، مبيناً أن الموسيقى تحفظ تاريخية الأمكنة وموروثها الثقافي، وأنه إذا ما رجعنا للدراسات الأنثروبولوجية، فإنها أثبت أن الشعوب ذات الموروث الموسيقي هي التي امتدت في الزمن، كون الإيقاع بطبيعته يجذر الهوية، تشعر به هنا في الإيقاعات الحجازية بمنطقة الخليج العربي، أو في سلفادور دي باهيا في البرازيل، ومنه فإن الاستفادة القصوى من التكنولوجيا الحديثة، سواء على مستوى الإنتاج أم التوثيق أم التعريف بالموروث الموسيقي، بحسب الموسيقي عماد عليبي، ضرورة لإحداث التوازن واستدامة فعل الحياة العصرية عبر إدراك أدبيات الموسيقى، وامتداد ذائقتها الحسية في التجربة الثقافية لشعوب العالم.

 
حضور الإبداع
اعتبر الموسيقي عماد عليبي أنه أصبح في العالم ما يشبه مساحة للعمل الجماعي، فالأمر لا يقتصر على منصات التواصل الاجتماعي، وتفاعلاتها اللانهائية، من حيث التعبير عن البنية الموسيقية، وطبيعة إنتاجها، وقياس ردود الفعل النقدية، ولكنه بالنظر إلى فعل الإنتاج الموسيقي نفسه، نجد كيف أن الفنان يعمل اليوم مع مصمم جرافيك ومهندس معماري ومدير فني، وفريق كامل يبني العلامة الفنية الخاصة فيه، وهو ما يعود بنا إلى مسألة الفنون وارتباطها بالمهن الفنية والصناعات الإبداعية بشكل عام، وصولاً إلى مسألة السياسات الثقافية، والتي تبنى بالتأكيد على أساس حضور الإبداع وتطويره، فأغلب النقاشات والبحوث في الملتقيات العالمية، أجمعت على محور الحديث عن الثقافة في العموم، أكثر من موضوع الفن بحد ذاته، ما يجعل محوراً مثل «المكان» في عالم الإنتاج الموسيقي، جزءاً حيوياً في التباحث حول من ينتج الموسيقى، فهناك أمكنة تُنتج الموسيقى من خلالها، وهناك أمكنة تصمم لموسيقى معينة، ويؤكد الموسيقي عماد عليبي أن بيان الحدود الفاصلة بين الثقافة والفن لا يمكن الجزم به، طالما أن تاريخ الحضارة الإنسانية قائم على حالة من التمازج لكل التعبيرات الإبداعية للحياة من حولنا. 
حاضنة ثقافية
تاريخية الأمكنة وارتباطها بالمهرجانات الموسيقية، مثلما مهرجان قرطاج الدولي، يراها الموسيقي عماد عليبي، بمثابة حاضنة ثقافية في عالم صناعة الموسيقى، فعندما نتحدث عن إقامة حفلات موسيقية في مكان أثري، من مثل «العُلا» في السعودية، و«جرش» في الأردن، ومهرجان سوسة الدولي وغيرها، فنحن بالضرورة نفتح فضاءات السؤال حول الموقع نفسه، موضحاً أنه بالنظر إلى حقبة السبعينيات والثمانينيات، فقد كان هناك تجاهل غير مقصود لهذه المسألة المهمة في قراءة مشهدية المكان عبر فعل تنظيم الحفلات الموسيقية، ومنه عمل الموسيقي عماد عليبي، إبان فترة إدارته لمهرجان قرطاج الدولي على مشروع أرشفة مضامين المهرجان، وتوثيقها ببعد يقرأ سنوات تأسيس المسرح وامتدادات اتصاله بالعهد الروماني، وتناول مباحث ثقافية وفكرية حول العلاقة بين قرطاج وروما.
حدود التكنولوجيا
«من المهم أن نعرف حدود التكنولوجيا أين تقف عندما يكون هناك إبداع»؛ هنا أكد الموسيقي عماد عليبي، أهمية التوازن فيما يتعلق بالموسيقى التقليدية، والآليات الحديثة في إنتاج الموسيقى، مبيناً أنه لا يمكن أن تفرض على الموسيقى التقليدية أشياء معينة، بقدر ما أنك تحترمها، إلا أنه في الموضوع ذاته، أظهر الموسيقيون الشباب، قدرات إبداعية لافتة في الاشتغال على الموروث بشكل عصري، وجعله أكثر عالمية، وفي متناول اليد، فأحياناً يكون من الصعب أن تأتي بالفرق الشعبية من مختلف البقاع العربية، لإحياء عروض حيّه، مضيفاً أن هناك جيلاً جديداً يستمع للموسيقى بطريقة مختلفة، قائلاً حول ذلك: «لا أتفق مع فكرة أن الشباب لا يفضلون الموسيقى التقليدية، فقد أثبتت منصات التواصل الاجتماعي، أنه بمجرد أن ينشر مقطع لمعزوفة تراثية من الصعيد أو أسوان، فإنها تلقى إقبالاً وانتشاراً واسعين، ما يهدينا رؤية مغايرة، أن للجيل الجديد استقبالاً وتفاعلاً للموسيقى عبر «انستغرام» و«تيك توك»، مختلفاً عنه في القنوات التلفزيونية وبصورتها الاعتيادية». 
الخيارات الموسيقية
من جهته، أشار الموسيقي عماد عليبي إلى أهمية الاستقلالية في مجال الصناعة الموسيقية، للحفاظ على الموروث الموسيقي وتطويره، وبناء ذائقة موسيقية تتفرد بها المجتمعات المتعددة، خاصةً أنه لا يمكن إغفال سنوات من تأثير التكنولوجيا العالمية، وبالأخص الأميركية والأوروبية؛ لكونها تنتج التكنولوجيا الموسيقية، ومتقدمة في مسألة حفظ حقوق المبدعين، وتدير صناعة الإعلام، فمن خلال فرض شكل واحد من الموسيقى على العالم، من مثل موسيقى «البوب»، والذي يحمل معه منحى اقتصادياً تسويقياً، فإنه يصعب بعدها إقناع الأجيال الجديدة بالأشكال الموسيقية النابعة من صميم ثقافتهم، فالأمر برمته يحتاج إلى وقت، والمشكل ليس في الأشكال الموسيقية أياً كانت، ولكن بأحادية العرض، فالوضع الصحي لأي فضاء موسيقي في العالم، أنه يتيح للجمهور جميع الخيارات الموسيقية ويدعه هو من يختار ويتذوق.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الموسيقى الثقافة

إقرأ أيضاً:

النيابة العامة تُشارك في الدورة التدريبية المتخصصة لكشف المستندات والوثائق المُزوَّرة الخاصة بالآثار والممتلكات الثقافية

شارك عدد من أعضاء النيابة العامة، تحت إشراف إدارة التفتيش القضائي، في فعاليات الدورة التدريبية المتخصصة المعنية بكشف المحررات والوثائق الرسمية التي يتم تزويرها باستخدام الوسائل التكنولوجية المستحدثة، بالتعاون والتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، وعدد من الأجهزة والمؤسسات الوطنية المعنية، وذلك خلال الفترة من الثلاثين من يونيو حتى الثاني من يوليو الجاري.

«الوطنية للانتخابات» تواصل تلقي أوراق المتقدمين للترشح لـ انتخابات الشيوخ لليوم الثالثالوطنية للانتخابات: 236 مواطنا عدد المتقدمين للترشح لانتخابات الشيوخالوطنية للانتخابات: تقدم 201 شخص بأوراق الترشح لانتخابات الشيوخ فرديالهيئة الوطنية: انتخابات مجلس الشيوخ أول أغسطسالوطنية للانتخابات: لأول مرة بطاقات اقتراع لذوى الإعاقة البصرية والسمعيةالوطنية للانتخابات: 109 لجان و27 معملا لإجراء الكشف الطبي لمرشحى الشيوخ

جاء ذلك في إطار توجيهات النائب العام المستشار محمد شوقي، بتعزيز قدرات أعضاء النيابة العامة في التصدي للجرائم المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وتطوير مهاراتهم في التعامل مع الجرائم المستحدثة، لا سيما تلك المرتبطة بالممتلكات الثقافية والآثار.

تأتي مُساهمة النيابة العامة، من خلال عدد من أعضائها المتخصصين، في إطار الحرص على صقل قدراتهم، وتطوير مهاراتهم الفنية في التعامل مع جميع أنماط الجرائم المستحدثة، ومواكبة تطور أدوات الجريمة الإلكترونية.


وقد شملت فعاليات الدورة التدريبية عددًا من العروض والمحاضرات النظرية، والتطبيقات العملية، التي تناولت أساليب الاتجار غير المشروع في الآثار، وسبل التلاعب بالمحررات والوثائق المرتبطة بها، وطرق رصد البيانات الخاصة بالمحررات الصحيحة، وآليات إثبات أصل تلك المحررات، إلى جانب استعراض أحدث وسائل الفحص الميداني باستخدام الأجهزة التقنية المتطورة، وأفضل التقنيات المستحدثة في مجال التحقيق، فضلًا عن تسليط الضوء على الدور المحوري الذي تضطلع به النيابة العامة في التحقيق في جرائم الاتجار بالممتلكات الثقافية والآثار، وتزوير الوثائق والمستندات المرتبطة بها.

طباعة شارك النيابة العامة إدارة التفتيش القضائي كشف المحررات والوثائق الرسمية النائب العام الوسائل التكنولوجية

مقالات مشابهة

  • كاريكاتير عماد عواد
  • أحمد فؤاد هنو: معهد الموسيقى العربية آمن بالكامل ولم يتأثر بالحريق.. شاهد
  • وزير الثقافة يكشف حقيقة تأثر معهد الموسيقى العربية بحريق سنترال رمسيس
  • وزير الثقافة يصل معهد الموسيقى العربية ويؤكد سلامته والعاملين به بعد حريق سنترال رمسيس
  • كيف تستخدم اليابان التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد والحرف التقليدية لحماية التراث الثقافي من مخاطر المناخ
  • النيابة العامة تُشارك في الدورة التدريبية المتخصصة لكشف المستندات والوثائق المُزوَّرة الخاصة بالآثار والممتلكات الثقافية
  • السلطة بلا ظهير.. عطب الحركات الإسلامية بين العزلة النقابية والعطالة الثقافية
  • تكريم الفائزين في مسابقات الإبداعات الثقافية بنادي نزوى
  • بعد تصدره التريند.. رامي جمال يوجّه رسالة مؤثرة لجمهوره: الموسيقي متعة مش تعصب
  • بوستر "صيف عسيلي 2025" يتصدّر المشهد الموسيقي.. وتفاصيل الألبوم تكشف عن موسم استثنائي