العشر الأواخر من رمضان 2024.. تلاوة القرءان: فضل وثواب
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، يتزايد الحماس والتفاني في أداء العبادات والطاعات، ومن بين هذه العبادات النبيلة تأتي تلاوة كتاب الله العزيز. إن تلاوة القرآن خلال هذه الأيام المباركة تحمل فضلًا عظيمًا وثوابًا لا يضاهى، فهي لحظات ينعم فيها المؤمن بقرب الله وتقربه إليه من خلال تلاوة كلماته المباركة.
ففي هذه المقدمة، سنستعرض معًا أهمية تلاوة القرآن في العشر الواخر من رمضان، والفضائل التي وردت في السنة النبوية حول هذا العمل النبيل، بالإضافة إلى الثواب العظيم الذي ينتظر المؤمنين الذين ينغمسون في تلاوة كتاب الله في هذه الأيام المباركة.
الفضائل المتعلقة بتلاوة القرآن الكريم وختمه هي من بين أعظم الأعمال الصالحة التي يمكن للمسلم أن يقوم بها. تلاوة كتاب الله تعالى عبادة عظيمة تجلب الأجر العظيم، ففي الحديث الشريف يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه"، وأيضًا: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف". فتلاوة القرآن وختمه تجلب الثواب العظيم في الدنيا والآخرة.
فالسلف الصالح كانوا يحرصون على تلاوة القرآن وختمه بانتظام، فمنهم من يختم القرآن في كل شهر، ومنهم من يختمه في كل عشرين يومًا، ومنهم من يختمه في كل عشرة أيام، ومنهم من يختمه في كل سبعة أيام، وهكذا. يجب على المؤمن أن يختار الجدول الزمني الذي يناسبه ويمكنه الالتزام به دون تعريضه للإرهاق، سواء كان ختم القرآن كل شهر أو كل أسبوع أو حتى كل يوم، وذلك حسب قدرته وتفرغه وظروفه الشخصية.
أحدايث فضل قراءة القرءانفي سنن الترمذي وغيره من حديث عبدالله بن مسعود قال: قال صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف.
وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها. صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير.
وهذه الآثار التي تدل على الترغيب في تلاوة القرآن لا شك أنها تنطبق على ختمه من باب أولى لأن الختم هو تلاوته كله، ولاشك أن هذا أعظم ثوابا من تلاوة بعضه.
وكان السلف الصالح من الصحابة وغيرهم يحرصون على تعمير أو قاتهم بتلاوة القرآن والمواظبة على ختمه.
فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص يأمره النبي صلى الله عليه وسلم قائلا:
واقرأ القرآن في كل شهر، قال: قلت: يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فاقرأه في كل عشرين، قال: قلت: يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فاقرأة في كل عشر، قال: قلت: يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فاقرأه في كل سبع ولا تزد على ذلك. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: رمضان 2024 العشر الأواخر من رمضان 2024 صلى الله علیه وسلم تلاوة القرآن کتاب الله
إقرأ أيضاً:
الشهيد القائد وسيكولوجية الجماهير
محمد الجوهري
في كتابه الشهير “سيكولوجية الجماهير”، تحدث “غوستاف لوبون”، الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي الشهير، عن أهمية القيادة الواعية وضرورتها للجماهير، وكيفية تعاملها معها. وأكد أن القائد الفعلي هو الذي يدرك طبيعة الروح الجماعية ويستطيع توجيهها نحو أهداف إيجابية ومستدامة، وأن تجاهل الجماهير لتلك القيادة قد يؤدي إلى كوارث على المستويين الفردي والجماعي.
ومن المسلم به أن أغلب كوارث الأمة كانت بسبب انحراف في مفهوم القيادة، وتخلي الناس عن القائد الذي يعبر عن روح الجماهير وقضاياها العادلة. ولم نرَ قيادة قط تهتم بأمر الأمة إلا تلك الآتية من بيت رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، فهي النموذج المعبر عن المفاهيم النبيلة، كالحرية والعدالة والمساواة، وهي قيم مستمدة من الدين الإسلامي الحنيف. لكنها لم تجد سبيلاً في أوساط الأمة بعد وفاة الرسول، فكانت النتيجة هي الانحطاط الكبير للمسلمين، وهيمنة أعدائهم على الإنسانية كلها، وما الكيان الصهيوني إلا رمزٌ لسيطرة قوى الشر على العالم أجمع.
والشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، كان نموذجاً للقيادة التي تؤمن بأن الرسالة الإلهية كانت من أجل إنقاذ البشرية، وأن القائد المثالي هو من يهتم بأمر الأمة ويدافع عنها ويقدم حتى نفسه شهيداً في سبيل الله ونصرة المستضعفين، لأنه كان قائداً بحجم الأمة الإسلامية قاطبة، فحمل همومها كلها واتجه لمعاداة أعدائها الفعليين، حسب التوجيهات الإلهية والمنهج القويم.
ولأنه كذلك، فقد تحول السيد حسين نفسه إلى رمزٍ من رموز الحق، حتى بعد شهادته، وأصبح في حد ذاته علماً يفرز الناس إلى فريقين: حق صريح وباطل صريح. وهكذا كان كل الأنبياء والآمرين بالقسط من قبله، ولم يكن بدعاً من الهداة المهتدين، بل متمماً لمسيرتهم العظيمة، وناصراً لأهل الحق والمظلومين أينما كانوا.
ولأن أعلام الهدى يخاطبون الناس بلغة القرآن، فقد ترجم السيد حسين القرآن إلى واقعٍ عملي، وكشف مضامين الواقع من القرآن نفسه، فأعاد للكتاب الكريم قيمته في نفوس الناس، بعد أن رأوا فيه منهجاً عملياً يخاطب الحياة بكل مواقفها، وهو ما لم يتحقق على يد الدعاة المزيفين في زمن السيد حسن، وإن كثروا وضجت بهم المنابر والساحات.
مقولاته الخالدة “إن وراء القرآن من أنزل القرآن” هي عبارة فلسفية عميقة جداً، فالكتب التي بين أيدينا هي من مؤلفات بشر قضوا قبل سنوات وانتهى بذلك تأثيرهم في الحياة، أما القرآن فهو باقٍ لأن من أتى به يتولى رعاية من يعمل به. فهو كتاب حي يخاطب البشر في كل مواقفهم وتحركاتهم، ويظهر الواقع للمتبصرين فلا يضلون، سواءً في هذا العصر أو سائر العصور السالفة والمقبلة، وأنَّى لكتابٍ آخر أن يعطينا كل هذه البصائر، ومن هنا برزت حكمة السيد التي هي امتداد لنور الله عز وجل.
أضف إلى ذلك، أن الشهيد القائد، رضوان الله عليه، كسر كل الأصنام التي جمدت الأمة، سواءً ما كان منها على شكل كتب أو أسماء أو كيانات، وكانت سبباً في جمود المسلمين وتخاذلهم عن نصرة دينهم. ويكفي أن صرخته اليوم قتلت هيبة الطغاة بكل أشكالهم، وتجلت في الميدان كعصا موسى أو معول إبراهيم الذي حطم أصنام عصره. فكل ما يتعارض مع الصرخة ومشروعها هو من صنع اليهود، ولو كان على شكل عقائد باطلة.
إن القيادة الواعية، مثل تلك التي جسدها الشهيد القائد، تعتبر قادرة على توجيه الجماهير نحو المصير الأفضل. من الضروري أن نتذكر دائماً أن القيم النبيلة هي التي يجب أن تقودنا، وأن نتعلم من تجارب الماضي لنستشرف مستقبلاً مشرقاً. فلنستمر في السعي نحو تحقيق العدالة والحرية، ولنجعل من شهدائنا، مثل السيد حسين، قدوة لنا في العمل من أجل الحق والمظلومين.