موقع النيلين:
2025-03-18@04:33:59 GMT

الأنجوة نقيض الديمقراطية والتنمية

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT


والأنجوة مشتقة من المصطلح الأنجليزي للمنظمات غير الحكومية – NGOs . وأقصد بالأنجوة هنا جل، وليس كل، المنظمات غير الحكومية وما يسمي بمنظمات المجتمع المدني.
يقال أن تقدم وقحت هما نفس الشيء وكل ما فعله السحرة هو أنهم قلبوا المرتبة. وهذا صحيح ولكن هناك فرق حاسم.

في زواج المصلحة السابق، كان لقحت اليد العليا.

وكانت تصرف الأوامر لرئيس الوزراء والتكنوقراط وتمارس نفوذا حقيقيا.

ولكن في النسخة الجديدة “تقدم”، اليد العيا مع التكنوقراط ومنظمات المجتمع المدني فهم يمتلكون 70 بالمئة من رأس مال تقدم ومناصبها بينما لباقي الأحزاب فتات – نصيب الأسد مقارنة بنصيب الحمار .

لذا فإن نسخة تقدم أقل ديمقراطية بكثير من الإصدار القحتى السابق حيث كان للأحزاب السياسية نصيب من السلطة وتأثيرار أكبر إذ كان التكنوقراط موظفيها فانقلبت الآية. وهذا إنقلاب أبيض.

وهذه الأحزاب، سواء كانت المؤتمر السوداني، أو الأمة أو الأتحادي لديها تاريخ طويل وآلاف الأعضاء والآليات الداخلية. وعلى الرغم من أن هذه الأحزاب معيبة وغير كاملة، إلا أنها أكثر ديمقراطية وتمثيلا بكثير مقارنة بما يسمى بمنظمات المجتمع المدني التي تفتقد الديمقراطية وتتكل غالبا علي خارج ولا ينتخبها أو يفوضها أحد من داخل السودان لتمثيله.
أثار مؤخراً محمد جلال هاشم وقصي همرور مسألة المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني. فيما يلي بعض تحفظاتي بشأن ما يسمى بالمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني:

يتم تمويل جميع هذه المنظمات تقريبًا من مصادر أجنبية. وهذا يعني أن أهدافها وجدول أعمالها (أجندتها) وطريقة عملها يتم تحديده من قبل الممولين الأجانب أو على الأقل بتاثير شديد العلو منهم. ومن ثم فهي تعكس رؤى ومصالح أجنبية لا تتطابق بالضرورة دائما مع المصالح الوطنية إما في طبيعتها أو في ترتييبها في سلم الأولويات الوطنية.

حتي لو كانت بعض هذه المنظمات تمارس نشاطا لا غبار عليه فان من يحدد سلم الأولويات يمارس أشد تاثير علي مصير الوطن بترجيح وتمويل أجندة شريفة ولكنها تضع قضايا أخري – غير مريحة للمول – في سلة مهملات العمل الوطني حتي لو كانت هذه القضايا أكثر إلحاحا واعلي مردودا من منظور التنمية الأقتصادية والسياسية.

وهذه المنظمات مساءلة بصورة حقيقيقة فقط أمام الممولين الأجانب، ولكنها ليست مسؤولة بصورة حقيقية أمام هيئات وطنية أو ديمقراطية.

هذه المنظمات ليست ديمقراطية. وهي إقطاعيات تشبه إلى حد كبير أحزابنا السياسية التي يملكها الأفراد وعائلاتهم. ولا يتم انتخاب رؤساء هذه المنظمات بأي طريقة ذات معنى، ولا يتغيرون أبدًا.

وعادة ما تطالب هذه المنظمات الحكومة بممارسة الديمقراطية والشفافية إلا أنها تنسي أن تكون ديموقراطية وتنسي الشفافية المالية وتتكتم عن اسم موليها وطبيعتهم وكم دفعوا وكيف تم صرف ما دفعوا.

المفارقة: في الغرب، حيث تم اختراع هذه المنظمات، يختار الشباب المثاليون العمل مع منظمات غير الحكومية – عادة المنظمات غير الحكومية الدولية لخدمة الفقراء أو البيئة أو المضطهدين حول العالم.

ويعد هذا الاختيار بمثابة تضحية لأن المنظمات غير الحكومية تمنحهم رواتب أقل بكثير من الرواتب التي يمكن أن يحصلوا عليها إذا عملوا في القطاع الخاص أو مع حكومات بلدانهم
وايضا تستخدم أجهزة المخابرات الوجه المثالي لهذه المنظمات لتمرير أجندتها خلف ستار الأنسانية والإحسان.

أما في السودان، فالأمر على العكس من ذلك، حيث يحصل موظفو المنظمات غير الحكومية على رواتب عالية جدًا وفقًا للمعايير المحلية، وبالتالي يصبحون نخبة اقتصادية، على عكس نظرائهم الغربيين الذين يضحون بأنفسهم. وصار بعضهم لوردات منظمات كمعادل مدني للوردات الحرب.

وهكذا أختفت ميزة التضحية ونكران الذات في النسخة العالم-ثالثية لهذه المنظمات والتي صارت في بعض الاحيان مصانعا للكمبرادور ولوردات العولمة الليبرالية المهيمنة. والكمبر دور كلمة متقعرة تعني خادم الأجانب ووكيلهم. أبدع قاموس الشباب السوداني حين عرف الكومبرادور بانهم الكرزآيات – من حامد كرزاي.

لقد أدى النمو السرطاني للمنظمات “غير الحكومية” وما يسمى بمنظمات المجتمع المدني (دعنا نقول منظمات الأنجوة) إلى إضعاف العمق والعمل السياسي بين المواطنين والشباب، وبالتالي أعاق التنمية المحتملة في السودان بخلق بيئة تمتص الشباب القادرين وذوي التوجهات السياسية المحترمة وتبعدهم عن العمل الوطني المباشر.

في عالم بديل، بدلا عن مطاردة منظمات الأنجوة كان هؤلاء المهنيون الشباب سيعملون علي تشكيل أحزابهم السياسية الوطنية ونقاباتهم وجمعياتهم وأجسامهم السياسية والثقافية المعتمدة على مواردهم الخاصة والمتحررة تمامًا من السيطرة الأجنبية والأجندات الخارجية. وهكذا سممت منظمات الأنجوة المجال السياسي وأعاقت النمو السياسي المحتمل بكمبرة قطاعات إجتماعية حاسمة التاثير.

من المهم القول أنه بتسليط الضوء على الآثار السامة للمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، لا أقصد إدانة أي فرد يعمل في صفوفها. فقط أقصد إبانة هيكلها المناهض للتنمية، بدون أي قدح في الأفراد المشاركين والعاملين مع هذه المنظمات. إذ أن العديد منهم أصدقاء طيبون وصادقون يبذلون قصارى جهدهم لتقديم مساهمة إيجابية للمجتمع في ظرف قاسي لم يخلقوه.

وكما أشارالبعض مؤخرًا، فإن الاقتصاد السوداني لم يكن قادرًا على إنتاج ما يكفي من فرص العمل لتوظيف المهنيين الشباب. وفي مثل هذه الظروف يلتحق الباحثون عن عمل بأي منظمة تؤمن لهم فرصة.

ولا ألمح إلى أنه ينبغي لأي شخص أن يستقيل من وظيفته في منظمات الأنجوة، ولكني أدعو إلى فهم حقيقي لطبيعتها حتى يكون الجميع الناس، بما في ذلك من يعملون معها، على دراية بالجانب المظلم ومحاولة تقليل ضرره.

فقط للتأكيد على أن هذا المقال يدور حول بنية شريرة، وليس المقصود منه هجوم على أفراد طيبين الذين وجدوا أنفسهم في أوضاع مستحيلة، أود أن أقول لو كنت شابًا في سودان البشير أو من ورثه – في ظروف شح فرص العمل لاسباب إقتصادية أو سياسية – ربما شعرت بإغراء العمل مع مثل هذه المنظمات لان المعايش جبارة ولأن البقاء علي قيد الحياة ودفع الفواتير هو القانون الأول للوجود.

قال نابليون بونابرت: “لم استطع إنهاء حرب الفاندي إلا بعد أن تظاهرت بأني كاثوليكي حقيقي ولم استطع الإستقرار في مصر إلا بعد أن تظاهرت بأني مسلم تقي وعندما تظاهرت باني بابوي متطرف استطعت أن أكسب ثقة الكهنة في إيطاليا “.

يقيني لو عاد نابليون اليوم إلي أفريقيا لقال ولم أستطع أن أوطن مشروع هيمنتى إلا بعد أن تظاهرت بأني مناصر لحقوق الإنسان والجندر والاقليات وداعم لتحول مدني ديمقراطي.

معتصم اقرع

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المنظمات غیر الحکومیة منظمات غیر الحکومیة المجتمع المدنی هذه المنظمات

إقرأ أيضاً:

خلال اجتماع موسع.. محافظ قنا يبحث آليات تنفيذ معايير السلامة والصحة المهنية بالقطاعات الحكومية

في إطار حرص محافظة قنا على تعزيز معايير السلامة والصحة المهنية داخل القطاعات الحكومية والخاصة، وترسيخ بيئة عمل آمنة تضمن سلامة العاملين وتحافظ على المنشآت، عقد الدكتور خالد عبد الحليم، محافظ قنا، اجتماعًا موسعًا للجنة الاستشارية للسلامة والصحة المهنية، وذلك لمناقشة آليات تنفيذ الإجراءات الوقائية والتدابير اللازمة لحماية بيئات العمل من المخاطر المحتملة.

جاء ذلك بحضور الدكتور حازم عمر نائب محافظ قنا، واللواء هاني الأتربي، مدير إدارة الحماية المدنية بقنا، بالإضافة إلى مديري المديريات بالمحافظة، ومسؤولي قطاعات الكهرباء، الزراعة، الطرق والنقل، التربية والتعليم، الإسكان، الصناعة، البترول والثروة المعدنية، إلى جانب ممثلي منظمات العمالة، الصحة المهنية، والتأمينات الاجتماعية.

وخلال الاجتماع، ناقش محافظ قنا مع أعضاء اللجنة آليات تعزيز السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، من خلال الالتزام بالإجراءات والمعايير المعتمدة في المنشآت الحكومية ومنشآت القطاع الخاص، مشددًا على أهمية تفعيل دور اللجنة في متابعة هذا الملف الحيوي.

كما تناول الاجتماع استعراض ما تم تنفيذه بشأن الكشف الطبي الدوري على العاملين بالمنشآت، ومناقشة سبل تعزيز التنسيق لتنظيم أعمال تحرير المحاضر أثناء التفتيش على المنشآت، إلى جانب متابعة مدى توافر اشتراطات السلامة الموسمية والتأكد من إجراءات التأمين ضد المخاطر المحتملة.

وفي إطار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية، وجه محافظ قنا القطاعات الخدمية بتشكيل لجان متخصصة لتوعية العاملين، وفقًا للنماذج المعتمدة من مديرية العمل، مع إمكانية تلقي تدريب من معهد السلامة والصحة المهنية التابع لاتحاد العمال، مؤكدًا ضرورة التزام وكلاء الوزارة بمتابعة وتفعيل دور هذه اللجان لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

وأكد المحافظ أن ملف السلامة والصحة المهنية يأتي على رأس أولويات الحكومة، مشيرًا إلى وجود مراجعات دورية لضمان سلامة تشغيل المنشآت الخدمية، الحيوية، والإنتاجية، والتأكد من التزامها بتطبيق كافة الإجراءات والاشتراطات اللازمة للحفاظ على سلامة العاملين بها، كما شدد على أهمية ترسيخ ثقافة السلامة والصحة المهنية في مختلف القطاعات البيئية والإنتاجية والخدمية، موجهًا بإعداد حصر شامل لكافة المواقع والمنشآت التي تحتاج إلى مزيد من تفعيل وتوفير اشتراطات الأمن والسلامة المهنية.

مقالات مشابهة

  • من يراقب “القفة السياسية”؟.. الأحزاب توزع المساعدات الرمضانية بطاي طاي
  • محمود فوزي: تجاوزنا التحديات بفضل الإرادة السياسية والتحالف بين القوى السياسية
  • محافظ قنا يبحث آليات تنفيذ معايير السلامة والصحة المهنية بالقطاعات الحكومية
  • خلال اجتماع موسع.. محافظ قنا يبحث آليات تنفيذ معايير السلامة والصحة المهنية بالقطاعات الحكومية
  • مؤشرات أخلاقيات المنظمة (2)
  • حزب الجيل ينظم حفل سحوره السنوي بحضور رؤساء الأحزاب والكيانات السياسية
  • إعلام أمريكي: تطبيق قواعد إسرائيلية صارمة على منظمات الإغاثة في فلسطين
  • واشنطن بوست: إسرائيل تطبق قواعد صارمة على منظمات إغاثة الفلسطينيين
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • إسرائيل تفرض قيودًا صارمة جديدة على منظمات الإغاثة بالأراضي المحتلة