باحثون في جامعة خليفة يطورون حلاً يفرز النفايات باستخدام الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
أبوظبي: عبد الرحمن سعيد
طور فريق من الباحثين في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي، حلاً تكنولوجياً جديداً قد يُحدث نقلة نوعية في مجال إعادة التدوير والإدارة المستدامة للنفايات باستخدام ذكاء الآلة وأنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث إن الحل مخصص لفرز النفايات بناءً على الخصائص الفعلية لمخلفات المواد المستهلَكة بدلاً من الاعتماد فقط على الاختلافات البصرية، ويتصدّى الحل إلى مشكلة التلوث البلاستيكي ويتماشى أيضاً مع أهداف دولة الإمارات، للتخلص من 75% من النفايات في مكبات النفايات.
وضم الفريق البحثي من جامعة خليفة بإشراف الدكتور خالد عسكر، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية، بالتعاون مع شركة سايكلد تكنولوجيز، المتخصصة في تكنولوجيا إعادة التدوير في منطقة الشرق الأوسط عدداً من المختصين.
ويهدف المشروع البحثي، والذي يعتبر خطوة جديدة في إطار مكافحة التلوث البلاستيكي وتعزيز الاستدامة، إلى تغيير نموذج إدارة النفايات بشكل دائري للتصدي لأحد أكثر التحديات إلحاحاً في العالم وهو التلوث البلاستيكي، الذي يُمثل مصدراً لقضية بيئية حظيت باهتمام كبير في مؤتمر الأطراف (كوب 28) الذي عُقد في دولة الإمارات.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور خالد: «يسهم المشروع في تحفيز المجتمع على إعادة التدوير من خلال إيجاد قيمة من النفايات بشكل يحد من التكاليف والآثار البيئية المرتبطة بتنفيذ ممارسات إدارة النفايات بشكل دائري، كما يتماشى هذا المشروع مع أهداف دولة الإمارات الطموحة للتخلص من 75% من النفايات في مكبات النفايات، حيث يمثل عامل تمكين حاسم لهذا الهدف البيئي، وتُعتبر زيادة إمكانية التتبع الفوري لمخلفات المواد المُستهلَكة، من المزايا الرئيسية الأخرى للمشروع البحثي، الأمر الذي يمهد الطريق لقطاع صناعي رقمي بالكامل وأكثر ذكاءً لإدارة النفايات».
ويسعى الدكتور خالد من خلال التعاون مع أيولا بريمو، المؤسس المشارك ومدير العمليات في سايكلد تكنولوجيز، وشيا يون لاي، مساعد بحوث في قسم علوم وهندسة المواد، إلى توسيع قدرة التكنولوجيا الحالية لفرز النفايات في قطاع إعادة تدوير البلاستيك من خلال الاستفادة من قوة خوارزميات الأنظمة الذكية القائمة على الشبكة العصبية الملتفة، حيث تعالج هذه التكنولوجيا الجديدة بيانات التوصيف لتحديد بداية تلوث أسطح المواد البلاستيكية والكشف عنها.
من جهته، قال أيولا بريمو: «يسعدنا أن نتعاون مع جامعة خليفة لتغيير الطريقة التي نتعامل بها مع إعادة التدوير والإسهام في بناء مستقبل أكثر استدامة انطلاقاً من رؤيتنا لإنشاء قطاع أكثر ذكاء ومسؤولية من الناحية البيئية لإدارة النفايات، حيث يعزز هذا التعاون البحثي من ثقافة الابتكار والتقدم التكنولوجي ويظهر حرصنا على تقديم الحلول المستدامة والسعي نحو النمو الاقتصادي والتصدي لأزمة التلوث البلاستيكي، كما يعزز من ممارسات الإدارة المستدامة للنفايات، ما يمثل خطوة مهمة إلى الأمام في المشهد البيئي والاقتصادي في المنطقة».
ويتضمن المشروع نموذجاً أولياً موجوداً في المحطة الميدانية لمعهد مصدر.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا أبوظبي التلوث البلاستیکی إعادة التدویر جامعة خلیفة
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي: ثورة عقلانية في فضاء التقنية الحديثة
في خضم التحولات التقنية الكبرى التي يشهدها العالم، يبرز الذكاء الاصطناعي كأحد أهم الابتكارات العلمية التي تمثل نقطة تحول في تاريخ البشرية. فقد تجاوز الذكاء الاصطناعي كونه تقنية جديدة إلى كونه مجالًا فلسفيًا وعلميًا يسعى إلى فك ألغاز العقل البشري ومحاكاته بأسلوب يثير إعجاب العلماء والمفكرين على حد سواء. ومع تعاظم تطبيقاته في مختلف الميادين، يغدو الذكاء الاصطناعي قاطرة تقود العالم نحو أفق جديد من الفرص غير المسبوقة، وكذلك التحديات التي تلامس جوهر وجود الإنسان.
تعريف الذكاء الاصطناعي وأبعاده المتعددة
الذكاء الاصطناعي هو مجال من مجالات علوم الحوسبة يهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على محاكاة القدرات العقلية للبشر، مثل التفكير المنطقي، التعلم من التجارب، اتخاذ القرارات، وحل المشكلات. لكن ما يميز الذكاء الاصطناعي ليس فقط قدرته على تنفيذ المهام، بل أيضًا قدرته على التعلم والتكيف مع التغيرات، مما يجعله يشبه، وإن لم يكن يطابق، عمليات التفكير البشري.
هذا التعريف العلمي يغفل البعد الفلسفي العميق الذي يحمله الذكاء الاصطناعي، فهو يمثل محاولة لتفسير الذكاء البشري بآليات رياضية وبرمجية، ما يثير تساؤلات عميقة حول ماهية العقل ذاته. هل يمكن ترجمة المشاعر، الإبداع، والتفكير الأخلاقي إلى رموز خوارزمية؟ أم أن الذكاء الاصطناعي سيظل في جوهره تقنيًا لا روح فيه؟
الأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي لا يُعدّ فقط ثورة في مجال التكنولوجيا، بل إنه إعادة تعريف لمفهوم الاقتصاد والإنتاجية. فقد أصبح أداة مركزية في تحقيق الكفاءة الاقتصادية من خلال تسريع العمليات، تقليل الأخطاء البشرية، وتقديم حلول مبتكرة. في القطاعات الصناعية، على سبيل المثال، تساهم الروبوتات الذكية في تحسين الإنتاج وخفض التكاليف. كما أظهرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الخدمات، مثل الطب والرعاية الصحية، إمكانيات هائلة في التشخيص المبكر للأمراض، وتخصيص خطط علاجية موجهة تعتمد على البيانات.
علاوة على ذلك، أصبح الذكاء الاصطناعي محركًا أساسيًا للاقتصاد الرقمي. فالشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي تشهد نموًا كبيرًا في الإيرادات، لا سيما مع تطور مجالات مثل تحليل البيانات الضخمة، تقنيات التعلم العميق، والشبكات العصبية الاصطناعية. وتشير الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم في تحقيق مكاسب اقتصادية عالمية تتجاوز تريليونات الدولارات خلال العقد المقبل .
الأثر الاجتماعي والثقافي
على المستوى الاجتماعي، يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل العلاقات بين الأفراد والمؤسسات. فقد ظهرت أنماط جديدة من التفاعل الإنساني بفضل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل التعليم، حيث أصبحت منصات التعلم الإلكتروني تعتمد على تقنيات تحليل البيانات لتوفير تجربة تعليمية مخصصة لكل طالب. كما يتيح الذكاء الاصطناعي فرصًا لدمج الفئات المهمشة في المجتمع من خلال توفير أدوات تعزز من قدرتهم على التواصل والإنتاج.
لكن في الوقت ذاته، يثير الذكاء الاصطناعي قلقًا عميقًا حول تأثيره على القيم الإنسانية. إذ إن الأتمتة الواسعة قد تؤدي إلى تقليل فرص العمل التقليدية، ما يفاقم الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. كما أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تراجع المهارات البشرية التقليدية، ويثير تساؤلات حول فقدان الإنسان لسيطرته على قرارات حيوية.
التحديات الأخلاقية والقانونية
لا يمكن الحديث عن الذكاء الاصطناعي دون التطرق إلى التحديات الأخلاقية التي يطرحها. فالقدرة على معالجة كميات هائلة من البيانات وتحليلها بأسلوب يفوق القدرات البشرية يثير مخاوف حول الخصوصية وسوء الاستخدام. على سبيل المثال، تعتمد الشركات الكبرى على خوارزميات ذكاء اصطناعي لجمع وتحليل بيانات المستخدمين، ما يثير تساؤلات حول حدود استخدام هذه البيانات ومدى احترامها لحقوق الأفراد.
من ناحية أخرى، يواجه المشرعون صعوبة في تطوير أطر قانونية قادرة على مواكبة التطورات السريعة للذكاء الاصطناعي. كيف يمكن تحديد المسؤولية القانونية إذا اتخذ نظام ذكاء اصطناعي قرارًا تسبب في ضرر؟ وهل يمكن محاسبة الشركات أو الأفراد الذين صمموا هذه الأنظمة؟ هذه الأسئلة تعكس حاجة ملحة إلى وضع أطر تشريعية توازن بين الابتكار وحماية الحقوق.
الإبداع والذكاء الاصطناعي
من بين أكثر الجوانب إثارة للجدل هو تأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع. هل يمكن لنظام ذكاء اصطناعي أن يكون مبدعًا؟ الإجابة ليست بسيطة. فبينما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يولّد أعمالًا فنية، يؤلف الموسيقى، ويكتب النصوص، فإنه يفتقر إلى الحس الإنساني الذي يمنح الإبداع معناه العميق. فالذكاء الاصطناعي يعتمد على تحليل الأنماط والبيانات السابقة، مما يجعله “مقلدًا ذكيًا” أكثر من كونه مبدعًا حقيقيًا.
مستقبل الذكاء الاصطناعي
لا شك أن الذكاء الاصطناعي سيواصل تطوره ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للبشرية. لكن السؤال الذي يظل قائمًا هو: كيف يمكن للبشرية أن تضمن استخدام هذه التقنية بطريقة تخدم مصالحها وتُعزز من قيمها الأخلاقية؟ الإجابة تكمن في بناء شراكة بين الإنسان والآلة، شراكة تستند إلى التفاهم العميق للحدود والقدرات، وإلى رؤية واضحة لمستقبل يشكل فيه الذكاء الاصطناعي وسيلة للارتقاء، وليس أداة للهيمنة.
الذكاء في خدمة الإنسانية
في نهاية المطاف، يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة نادرة لإعادة تعريف معاني التقدم والإبداع. لكنه يحمل في طياته مسؤولية كبيرة تتطلب من البشرية تبني نهج شامل ومتزن، يوازن بين الطموح التكنولوجي واحترام القيم الإنسانية. ولعل أعظم درس يمكن أن نتعلمه من هذه الثورة التقنية هو أن الذكاء، سواء كان طبيعيًا أو اصطناعيًا، لا يكتمل إلا إذا اقترن بالحكمة.