تجلس الجميلة شهرزاد أرضًا بجوار سيدها شهريار، وتقص عليه حكاية جودر ابن عمر المصري، ابن التاجر الذي وردت قصته في الليلة السابعة بعد الـ600 من حكايات ألف ليلة وليلة، وفي المسلسل روت ياسمين رئيس شهرزاد لـ ياسر جلال الذي شهريار حكاية جودر من أول ليلة، وبدأتها منذ ولادة الصغير وحكاية طير الحمام الذي كان يتناوب على حراسته، لكن القصة الخيالية كان لها سرد آخر في روايات ألف ليلة وليلة نستعرضها في السطور التالية.

.

التاجر عُمر وميراث ابنه جودر

وعلى لسان شهرزاد في كتاب «ألف ليلة وليلة»، يُحكى أن رجلا تاجرًا اسمه عمر قد خلف من الذرية ثلاثة أولاد أحد هم يسمى سالمُا والأصغر يسمى جودر والأوسط يسمى سليما، وربَّاهم الى أن صاروا رجالًا ولكنه كان يحب جودرًا أكثر من أخويه، فلما تبين لهما أنه يحب الصغير أخذتهما الغيرة وكرها جودر فبان لأبيهما أنهما يكرهان أخاهما وكان والدهم كبير السن وخاف أنه إذا مات يعاني جودر من مشقة بسبب أخويه.

استدعى التاجر جماعة من أهله وأحضر جماعة قسامين من طرف القاضي وجماعة من أهل العلم وقال هاتوا لي مالي وقماشي؛ فأحضروا له جميع المال والقماش فقال يا ناس اقسموا هذا المال والقماش أربعة أقسام بالوضع الشرعي فقسموه فأعطى كل ولد قسما وأخذ هو قسما وقال هذا مالي وقسمته بينهم ولم يبقَ لهم عندي ولا عند بعضهم شيء فإذا مت لا يقع بينهم اختلاف لأني قسَّمت بينهم الميراث في حياتي، وهذا الذي أخذته أنا فإنه يكون لزوجتي أم هذه الأولاد فتستعين به لمعيشتها.

طمع أبناء التاجر في أخيهم

فلما كانت الليلة السابعة بعد الستمائة قالت شهزراد: بلغني أيها الملك السعيد إنه لما قسم التاجر عُمر والد جودر ماله وقماشه 4 أقسام، أعطى كل ولد من الأولاد الثلاثة قسمًا، وأخذ هو القسم الرابع وقال هذا القسم يكون لزوجتي أم هذه الأولاد تستعين به على معيشتها، ثم بعد مدة قليلة مات والدهم ولم يرضَ أحد بما فعل والدهم عمر بل طلبوا الزيادة من جودر وقالوا له إن مال أبينا عندك وأحضروا الحكام، وجاء المسلمون الذين كانوا حاضرين وقت القسمة وشهدوا بما علموا، فخسر جودر جانبًا من المال وخسر إخوته كذلك بسبب النزاع فتركوه مدة ثم مكروا به ثانيًا فترافع معهم إلى الحكام فخسروا جملة من المال.

لم ينتهِ الخلاف بين جودر وأشقائه بل ظلوا يطلبون أذيته ويخسرون ويخسر حتى صار الثلاثة فقراء ثم جاء أخويه إلى أمهم وضحكا عليها وأخذا مالها وضرباها وطرداها فجاءت الى ابنها جودر، وقالت له قد فعل أخواك معي كذا وكذا وأخذا مالي وصارت تدعو عليهما فقال لها جودر يا أمي لا تدعي عليهما فالله يجازي كلا منهما بعمله ولكن يا أمي أنا بقيت فقيرا وأخواي فقيران والمخاصمة تحتاج لخسارة المال واختصمت أنا وإياهما كثيًرا بين أيدي الحكام ولم يعد لنا ذلك شيء بل خسرنا جميع ما خلفه لنا والدنا وهتكنا الناس بسبب الشهادة وهل بسببك اختصم وإياهما وتترافع إلى الحكام مرة أخرى؟، فهذا شيء لا يكون إنما تقعدين عندي والرغيف الذي أكله أخليه لك وادعي لي والله يرزقني برزقك واتركيهما يلقيان من الله فعلهما.

صار جودر یطيب خاطر أمه حتى رضیت ومكثت عنده فأخذ له شبكة وصار يذهب إلى البحر وكل مكان فيه ماء وصار يذهب كل يوم الى جهة فصار يعمل يومًا بعشرة و يوما بعشرين و يوما بثلاثين ويصرفها على أمه ويأكل طيبا ويشرب طيبا ولاصنعة ولا بيع ولا شراء لأخويه، ودخل عليهما البلاء اللاحق وقد ضيعا الذي أخذاه من أمهما وصارا من الصعاليك هربانين يأتيان إلى أمهما ويتواضعان لها زيادة ويشكوان إليها الجوع وقلب الوالدة روف فتطعمهما عيشا معفنا وإن كان هناك طبيخ بائت تقول لهما كلاه سريعا وروحا قبل أن يأتي أخوكما فإنه ما يهون عليه ويقسي قلبه علي وتفضحاني معه فيأكلان باستعجال ويروحان.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: جودر مسلسل جودر ألف لیلة ولیلة

إقرأ أيضاً:

ثقافة التسول

 

سالم بن نجيم البادي

حضر إلى مكتبي أحد الرجال الذين أعرفهم معرفة وثيقة وأعرف ظروفه المالية وأحوال أسرته وبعد التحية المعتادة بادرني بالقول وبدون مقدمات: "خبر ربعك وسوولنا جمعية"، ويقصد أنه يريد منَّا أن نجمع لهم المال.

وقد ذكر لي أنه يريد علاج زوجته في مؤسسة صحية خاصة وأن هاتف أحد أولاده خربان ويريد إصلاحه، كما ذكر بعض الأشياء الكمالية التي يمكن الاستغناء عنها، وهي غير ضرورية وكان يمكن أن يعالج زوجته في المستشفيات الحكومية، والعلاج فيها متاح لمثل مرض زوجته وهو من الأمراض المزمنة. كما يمكن تأجيل إصلاح هاتف ولده الصغير الذي لا يزال على مقاعد الدراسة.

وقبل سنة من الآن دخل مواطن إلى مكتبي، تظهر عليه سيماء النعمة والمظهر الحسن والهندام الجميل، ولم أكن أعرفه وقد جاء من محافظة بعيدة

وطلب مني وبطريقة غير مهذبة أن نجمع له المال، فاعتذرت له بلطف، وخرج غاضباً وناقماً.

وأخبرني أحد المعلمين أن بعض الطلبة يأتون قبيل وقت الاستراحة ويطلبون المال من المعلمين، بذلٍ وانكسارٍ، ويقول أحدهم "أستاذ أنا اليوم نسيت أجيب فلوس"، ويقول آخر "أهلي ما يعطوني فلوس"، وقد يدعي بعضهم أن فلوسه سرقت في المدرسة.

ومن المؤسف أن تستمع إلى أحد الطلبة الصغار وهو يقول: "أستاذ عطني 100 بيسة تسدني".

ولا ينبغي منح هؤلاء الطلبة المال قبل دراسة أحوالهم، والتأكد من أنهم بحاجة فعلا إلى المال حتى لا نشجعهم على التسول. وإن كانوا يكذبون من أجل الحصول على المال، فإنهم يحتاجون إلى النصح والإرشاد وإبلاغ ذويهم وتوعية المجتمع بخطورة التسول، وإنها لا تتفق مع الكرامة الإنسانية وعزة النفس والمروءة والشهامة والأخلاق الفاضلة .

ويُعتقد أن بعض الذين نراهم في الطرقات وعلى جوانب الشوارع وهم يبيعون المأكولات وخاصة الذين يحضرون أطفالهم معهم، أنهم يمارسون نوعًا من أنواع التسول وقد تم اكتشاف بعض الحالات التي تمارس هذا النوع من "التسول المُقنَّع".

والفرق الخيرية تواجه حالات من التسول، حين يأتي إليهم من يدعي الحاجة ويتضح أنه غير محتاج للمساعدة.  وكذلك بعض الذين يظهرون على وسائل التواصل الاجتماعي وهم يتحدثون عن سوء أوضاعهم المالية اتضح أن أحوالهم ليست بذلك السوء أو أنهم يبالغون بغرض لفت الانتباه إليهم.

وتحدث حالات من التسول وفي أماكن مختلفة وأتكلم هنا عن المواطنين الذين يتسولون ويخشى أن تنتشر ثقافة التسول لاسمح الله في المجتمع. إذا لم يتعاون الجميع في محاربة ظاهرة التسول.

ولذا علينا عدم الانسياق وراء العواطف والحذر من حيل وخداع المتسول وكلامه العاطفي الذي يستجدي به الرحمة والشفقة والعزف على وتر الدين والإنسانية.

وقد سمعت بعض الناس يستشهدون بالآية التاسعة من سورة الضحى "وأما السائل فلا تنهر"، حينما يمنحون المال للمتسول. ونقول لهم طيب لا تنهره ولكن تأكد أولاً هل هو حقاً يحتاج إلى المال!

وسبق الحديث عن ظاهرة تسول بعض الوافدين وفي هذه الأيام عانيت شخصياً من هذه الظاهرة وما فيها من الإحراج والإزعاج؛ فأحدهم تهدم بيت ابنته- كما يقول- بفعل السيول، ويريدني أن أتبرع لإعادة بنائه. والآخر يريدني أن أعطيه 60 ريالًا لشراء طعام لعائلته في بلده. والآخر قال إنَّ ابنته الكبرى سوف تتزوج ويحتاج إلى مساعدة. وامرأة وافدة تعرض تقارير طبية تدل على أن زوجها أقعده المرض ولا معيل لها هي وطفلها.

ومع كل ما ذكر لا نريد أن نهول من قضية التسول؛ فهي لاتزال محدودة بين المواطنين، لكن وحتى لا تصبح ثقافة التسول منتشرة فإنَّ مسؤولية مكافحة التسول تقع على عاتق الأسرة ومؤسسات التعليم والمساجد والجهات المختصة وكل الناس في المجتمع.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • أب يربط ابنه بحبل في مكان عام لفشله في التعليم
  • كنت كابوسًا على الصهاينة.. هكذا نعت ابنه حسن نصر الله أبيها
  • اتحاد الكرة المصري يُفاضل بين ستيف بينيت وهاوارد ويب لرئاسة لجنة الحكام
  • ثقافة التسول
  • الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح
  • موعد انطلاق معسكر إعداد الحكام في الإسكندرية
  • مفاجأة عن أم 4 أطفال يقفون أمام القبر بملابس المدرسة.. «طلعت عايشة»
  • وضع مصحف بجوار الجثة.. المتهم بقتل زوجته يكشف تفاصيل مثيرة
  • ختام معسكر الحكام للسيدات
  • 23 شهيداً من العمال السوريين في يونين وليلة عنيفة من الغارات على البقاع الشمالي- (فيديوهات)