نشرت مجلة "نيوزويك" (Newsweek) مقالا ينتقد ما وصفته كاتبته بالازدواجية الصارخة في المعايير التي يتعامل بها الغرب مع النازحين من مناطق الحروب والأزمات بناء على البلدان التي ينتمون إليها.

ورأت نازك صالح، قائدة الفريق الإقليمي لمنظمة "مشروع أمل" التي تعنى بشؤون النازحين، في مقالها بالمجلة، أن هناك تناقضا صارخا بين تعاطي العالم مع الغزو الروسي لأوكرانيا وتعاطيه مع القتال المتواصل في السودان.

وقالت صالح "أنا عاملة إغاثة سودانية في بولندا، أساعد اللاجئين الأوكرانيين لأكثر من عام. وقد شاهدت عن كثب المعايير المزدوجة الصارخة التي يتعامل بها العالم مع النازحين من مختلف البلدان بناء على أصولهم".

كما رأت أن الاهتمام الانتقائي الذي تعامل به العالم مع الحرب الأوكرانية واستجابته الضعيفة لمحنة اللاجئين السودانيين؛ يعكسان غياب الإرادة السياسية وإخفاق العالم في تقديم حياة البشر على المصالح الجيوسياسية.


إغاثة النازحين الأوكرانيين

وفي مقارنة بين التعاطي مع محنة النازحين السودانيين جراء الاقتتال المستعر في بلادهم، ومحنة النازحين الأوكرانيين جراء الحرب، أبرزت عاملة الإغاثة السودانية أنه عندما شنت روسيا هجومها على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، كان رد المجتمع الدولي سريعا، حيث أدان العدوان الروسي وسارع لتقديم الدعم الفوري للاجئين الأوكرانيين.

وفتحت الدول الأوروبية المجاورة لأوكرانيا حدودها بسرعة للترحيب بملايين اللاجئين الأوكرانيين الذين تدفقوا نحو حدودها فرارا من الحرب.

وحشدتْ بريطانيا وكندا والولايات المتحدة ودول غربية أخرى -على الفور- الموارد والتمويل والمساعدات الإنسانية اللازمة لتلبية احتياجات الأوكرانيين الفارين من الصراع.

وفي غضون أيام من الحرب، هرعت منظمات الإغاثة ووكالات الأمم المتحدة والسلطات المحلية إلى النقاط الحدودية عبر العديد من الدول الأوروبية للمساعدة وتقديم خدمات الطوارئ الأساسية.


تعاطي مختلف مع النازحين السودانيين

وقالت نازك صالح "الآن أشاهد قصة مختلفة تماما تتكشف في السودان. فمنذ 15 أبريل/نيسان 2023، وجد المدنيون السودانيون أنفسهم في مرمى نيران حرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وقد أدى هذا الصراع إلى تشريد أكثر من 3 ملايين سوداني، لكن استجابة المجتمع الدولي لم تكن كافية على الإطلاق".

وأشارت إلى أن الدول المجاورة للسودان فاقمت محنة النازحين السودانيين بإقدام بعضها على إغلاق حدوده مع السودان وإقدام البعض الآخر على شروط ومتطلبات صارمة للدخول إلى أراضيها، تسببت في بقاء بعض الفارين من القتال على الحدود لأسابيع بدون ماء أو غذاء.

وقالت إن أفرادا من عائلتها تقطعت بهم السبل في "حلفا"، وهي بلدة حدودية في شمال السودان بالقرب من الحدود المصرية، وهم عالقون هناك منذ نحو شهرين، ينتظرون أن تصدر لهم القنصلية المصرية تأشيرات لدخول البلاد.

وأوضحت أن آلاف السودانيين ما زالوا عالقين في "حلفا" وغيرها من المناطق الحدودية الأخرى، وبعضهم تقطعت بهم السبل منذ أسابيع إن لم يكن شهورا، في ظروف إنسانية صعبة بدون أي دعم محلي أو دولي.

وقالت عاملة الإغاثة السودانية التي تعمل منذ سنين في بولندا إنها ترى يوميا مزيدا من المنظمات تنشئ مكاتب في وارسو لتقديم العون لدعم للاجئين الأوكرانيين في بولندا، بينما لا تزال البلدات الحدودية في تشاد ومصر خالية من منظمات الإغاثة. وأرجعت ذلك إلى التفريق بين قيمة البشر وتفضيل حياة بعضهم على البعض الآخر.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

عزلتهم أم عزلهم !!

 

عزلتهم أم عزلهم !!

صباح محمد الحسن

طيف أول:
وطن ينتظر
الأوان الذي لم يحن
ولو تأخر
فمازال صوت أمنياته يزداد حرارة بنبرة تصغي للأمل
فأحلام شعبه
تفوق هذا المتسع الوجع!!

وقبل أكثر من اسبوع كنا تناولنا تداعيات إقامة مؤتمر لندن من أجل إيجاد حلول لأزمة السودان الذي تعد بريطانيا لإقامته بعيدا عن الحكومة السودانية، وذكرنا أن تسمية المنظمين للمؤتمر المزمع عقده في 15 ابريل، تزامنا مع ذكرى الحرب اللعينة، تسميته “منصة محايدة ” هو عدم إعتراف واضح بوجود طرفي الصراع وعدم إعتراف بحكومة بورتسودان، وأن دعوة أكثر من 20 دولة للمؤتمر عدا السودان يجدد التذكير لحكومة البرهان بأن العزلة الدولية مستمرة!!

ولكن يبدو أن القصد لا يتوقف عند إستمرار عزلة حكومة بورتسودان، ويكشف التجاوز أن الامر يتعلق بعزلها وليس عزلتها، وأن الطريق نحو إستعادة الحكم المدني الديمقراطي بدأ العمل على تعبيده بصورة جادة، وبالأمس قالت المعلومات الواردة من هناك إن المنظمين للمؤتمر بدأوا في مشاورات مكثفة مع الدكتور عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء السابق المستقيل
فبالرغم من أن وزير الشؤون الافريقية البريطاني اللورد كولينز الذي تحدث في مجلس اللوردات عن أنهم يعدون لمؤتمر رفيع المستوى حول السودان في منتصف ابريل، وقال اننا نجري مشاورات حوله مع المجتمع المدني السوداني لا سيما قيادة صمود
إلا أن المشاورات مع قيادة “صمود” تكشف انها ليست مجرد تشاور يتعلق بدعوتها للمشاركة في المؤتمر ولكنه اعتراف بحكومة الثورة التي نزع البرهان منها الحكم بالسلاح، ويرى المنظمون للمؤتمر أن “صمود” تمثل واجهة سياسية مهمة بصفتها من أكثر التحالفات السياسية التي تبنت موقفا محايدا وواضحا من الحرب وعملت من أجل تحقيق السلام والمطالبة بإستعادة الحكم الديمقراطي، للانتصار لثورة ديسمبر المجيدة، وبالرغم من أن “صمود” تُعد لاعبا أساسيا في ملعب الحل السياسي للأزمة السودانية، كواجهة سياسية يلتقي طرحها مع رؤية المؤتمر الذي يسعى لبذل المزيد من الجهود المبذولة سيما أنها تقف على نقطة الحياد من طرفي الصراع وأن المؤتمر أكد منظموه انه “منصة محايدة” إلا أن ضرورة توسيع دائرة التشاور وتقديم دعوات لتشمل المجموعات السياسية السودانية المحايدة، والتي كشفت عن موقفها الرافض للحرب والداعي لوقفها، تبقى ضرورة ملحة، وذلك لما يكون له من أثر إيجابي في تحقيق اهداف المؤتمر الرامية لوقف الحرب والتي بلا شك يفيدها جمع أكبر عدد من القوى السياسية والمدنية الفاعلة لتشكيل جبهة سياسية عريضة تحت مظلة المؤتمر لتحقيق الغاية المنشودة، بغية أن التحالفات الأخرى تسعي أيضا لاستعادة المسار الديمقراطي .
كما أن المزيد مما يدعم فكرة وقف الحرب وتحقيق السلام هو أن ثمة وقفات، يومي ١٥ و١٩ أبريل في لندن وجنيف لتوجيه رسائل للمجتمع الدولي لإنقاذ المدنيين وإنهاء الحرب

ومن جهة موازية لدعم الحراك الدولي نحو حل الأزمة، فإن نائبة المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية منيون هيوستن تقول إن امريكا تريد من كافة الأطراف أن تتنحى عن اسلحتها وتلبي رغبة الشعب السوداني، في وقف الحرب، ولأن المجتمع الدولي لا ينظر الي ما يحدث على الارض سوى انه فوضى تستهدف ارواح المدنيين وتزيد في توسيع مأساتهم الإنسانية، قالت منيون للحدث في إجابة على سؤال كيف تنظر امريكا لتقدم الجيش على الأرض وسيطرته على العاصمة الخرطوم، قالت: هذا لا يغير في موقف امريكا المطالب بالتخلي عن السلاح وضرورة الجلوس للتفاوض، وهذا يؤكد أن السيطرة الناتجة عن الإنسحاب المتفق عليه غير “محسوبة ‘ في ميزان الحل الدولي،
وربما لوكان الجيش وسع مساحات سيطرته بمعارك عسكرية وانتصر فيها، لكان هذا له وزنه ومقداره في إعادة تشكيل وملامح الحل الدولي، ولكن!!

عليه فإن مؤتمر لندن الذي إختار صمود بقيادة حمدوك للتشاور معها دون حكومة السودان وربما تكون حضورا بتمثيلها المعلن او غير المعلن مع إصرار أمريكا على الحل السياسي بالرغم من فرض السيطرة لصالح الجيش بالعاصمة الخرطوم،
بالإضافة الي جهود المملكة العربية السعودية ولقاء الأمس الذي جمع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، برئيس المجلس الإنقلابي الفريق عبد الفتاح البرهان في قصر الصفا بمكة المكرمة

وما سبقه من تغيير في الخطاب العسكري للبرهان الذي بدأ يتحدث عن ضرورة السلام والنأي بالجيش من العملية السياسية، وذلك بقوله أن لا رغبه لهم في المشاركة السياسية مستقبلا، كلها خطوات تؤكد أن نافذة للحل فُتحت من جديد، وأن الإطلالة عبرها، ربما تأتي بتأثير حلفاء القيادة العسكرية عليها دون الحاجة الي عصا، وإن فشل الحلفاء فإن استخدام العصا لكسر العناد وارد، المهم أن القادمات من أيام لا تبشر دعاة الحرب وفلول النظام البائد، هذا إن لم تكن تُنذرهم
طيف أخير:
#لا_للحرب
الرافضون للسلام قد يتخلوا عن معاركهم السياسة لعرقلته، ولكن قد يكون الإحتجاج عسكري ميداني ليس لرفض السلام ومبدأ التفاوض، ولكن لأن خيار الحل السلمي هذه المرة غير قابل للإنهيار بالخطة والمؤامرة السياسية.

 

الوسومصباح محمد الحسن صمود عزلتهم عزلهم

مقالات مشابهة

  • بوتين يستدعي 160 ألف شاب روسي للقتال في الحرب ضد أوكرانيا
  • ترامب يوضح ما يريده من بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا
  • من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
  • العدل والمساواة تهنئ السودانيين بالعيد وتؤكد ان لا مكان للمليشيا واعوانها في مستقبل السودان
  • الخارجية الروسية: لن ننسى ولن نغفر كل شيء بسرعة للشركات الأوروبية التي انسحبت من سوقنا
  • عزلتهم أم عزلهم !!
  • واشنطن بوست: منظمات الإغاثة تكافح لتوفير احتياجات آلاف النازحين في الضفة الغربية
  • حميدتي: الحرب في السودان لم تنته وسنعود إلى الخرطوم أشد قوة
  • مواقف الإمارات ومحنة السودان
  • ترامب يربك أوروبا.. أوكرانيا ليست الحالة الوحيدة