الفناء تعبير قرآنى ورد بسورة الرحمن: (كلُّ مَنْ عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) بمعنى المَحْق والإبادة وإنهاء الوجود، وقد أكدت هذا المعنى سورة القصص: (كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون).
فقد كتب الله الفناء التام على مَنْ سواه من المخلوقات سواء أكانت أحياء عاقلة كالإنس والجن وهؤلاء المقصودون فى لفظة (مَنْ)، أو كانت كائنات غير عاقلة أو جمادات وهى المقصودة فى لفظة (كل).
إذ تتضمن مشاهد يوم القيامة المرعبة بدء الأهوال بالنفخ فى الصور: (ونُفخ فى الصور فصعق مَنْ فى السموات ومَنْ فى الأرض إلا مَنْ شاء الله)؛ ليتم فناء الأحياء، ثم تتوالى مشاهد فناء الموجودات الهائلة فتنشق السماء وتصبح سائلة مثل الحديد والنحاس المنصهر: (يوم تكون السماء كالمهل)، وتُكوَّر الشمس ويذهب نورها: (إذا الشمس كُوِّرت)، وتتساقط النجوم وينطمس نورها: (وإذا النجوم انكدرت)، وتهوى الكواكب وتتفرق وتتبعثر أشلاء: (وإذا الكواكب انتثرت)، والجبال تُزال وتُدكُّ وتُسوَّى بالأرض: (ويسألونك عن الجبال فقُلْ يَنْسفها ربى نسفاً)، وتتفجر البحار وتلتهب: (وإذا البحار سُجِّرت).
فينتفى الوجود ويتلاشى فلا يبقى إلا وجود الله الواحد الأول والآخر.
لكنَّ معنى لفظ هذا الفناء المرعب بأهواله وأحواله قد تحول على يد أهل العرفان من الصوفية إلى مقام عال من القرب الإلهى والأُنْس به سبحانه.
فالفناء كما يرى الهجويرى هو قمة الحياة الروحية فى التصوف، ودرجة كمال لا يبلغها إلا العارفون الذين انتهى بهم الطلب إلى الكشف فَفَنَوا فى مقصودهم وفنِيتْ فى هذا المقصد كل مقاصدهم، مما تعجز اللغات عن بيانه والتعبير عنه.
وقد بدأ هذا المقام فيما يبدو من مقام المحبة الذى أرسته سيدة المحبة رابعة العدوية حيث تغيب النفس والموجودات ولا يُشاهَد سوى جمال المحبوب ذى الجمال المطلق والخير المطلق والعدل المطلق.
بل يصبح الفناء شرطا لتلك المحبة على يد ابن الفارض:
فلمْ تَهْوَنى ما لم تكُن فيَّ فانياً..
ولم تَفْنَ ما لمْ تُجْتَلى فيكَ صُورتي
هو الحُبُّ إنْ لم تَقْضِ لم تقضِ مأرباً..
من الحُبّ فاخْتَرْ ذاكَ أوْ خَلِّ خُلَّتي
ثم استوى الفناء لديهم على سُوقه بنوعين من الفناء:
١. الفناء الذوقى أو فناء شهود السِوى فى عالم المُلك والملكوت
٢. الفناء الأخلاقى بسقوط الأوصاف المذمومة والتخلص منها، واستبدالها بالأوصاف والأخلاق المحمودة
لكنه انتهى بفَنَاء مظنون عن وجود السوى فى ظلال من فلسفة وحدة الوجود أو الحلول والاتحاد، كما يبدو فيما يفهم ظاهريا من عبارة الحلاج (أنا الحق)، ووحدة الأديان أو الوجود لدى الشيخ الأكبر ابن عربى.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
مشيرب: المشري وحزبه ملوك الكولسة والتنازلات المخزية
ليبيا – اتهم خطيب مسجد بن نابي في طرابلس والعضو السابق بالجماعة الليبية المقاتلة، عبد الرزاق مشيرب، خالد المشري وحزبه بممارسة التزوير والبلطجة.
وكتب مشيرب الموالي بشدة لمفتي المؤتمر المعزول الصادق الغرياني، في منشور عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تحت عنوان (بكائيات المشري): “إذا كان هناك تزوير، فأنت وحزبك أول من مارس التزوير. وإذا كانت هناك رشاوى، فأنت وحزبك أول من قبض رشاوى ليون. وإذا كانت هناك بلطجة، فأنت وحزبك أول من مارس البلطجة بحق شرفاء المؤتمر الوطني. وإذا كان هناك تكوليس، فأنت وحزبك ملوك الكولسة وشياطينها”.
وأضاف: “وإذا كان هناك بيوع، فأنت وحزبك أول من باع، وبدون ثمن. وإذا كانت هناك تنازلات مخزية، فأنت وحزبك ملوك التنازلات والتطبيس”.
وختم مشيرب منشوره قائلًا: “طباخ السم لازم يذوقه، فاحتفظ ببكائياتك ودموعك، فأنت في أمس الحاجة إليها يوم الحساب. يوم يُقال لك: ذق ما جنته يداك، وما أنت بعزيز ولا كريم. يوم يتبرأ منك فرعون حزبك ويقول لك: وما كان لي عليك من سلطان إلا أن دعوتك فاستجبت لي، فلا تلومني ولُم نفسك”.