الضبابية تسود في تحديد أسماء الضالعين في عملية “كروكوس” الإرهابية
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
مارس 30, 2024آخر تحديث: مارس 30, 2024
رامي الشاعر
كاتب ومحلل سياسي
لم تدهشني أي من التصريحات الغربية التي تؤكد، بكل ثقة ويقين، عدم ضلوع النظام النازي بأوكرانيا في العملية الإرهابية التي ارتكبت في ضواحي موسكو في مركز “كروكوس سيتي هول”، وأسفرت عن مقتل 143 من المدنيين العزل رمياً بالرصاص الحي.
كذلك لم يدهشني ما يدعيه الغرب من عدم وجود أي علاقة مباشرة بالأحداث الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ 2014، وتجنيد أجهزة الاستخبارات الغربية لعناصر أوكرانية، ووضع أوكرانيا بأسرها رهن مخططات الغرب الخبيثة لزعزعة الاستقرار في روسيا، وتقسيم أوكرانيا إلى غرب موالٍ لأوروبا، وشرق وجنوب لا تتم مراعاة مصالحه واستهدافه وقمعه بل وشن عمليات عسكرية ضده، ما أسفر عن انفصال الدونباس والقرم، ورغبة سكان تلك المناطق في الانضمام إلى روسيا، وخسارة أوكرانيا لتلك الأراضي ومن عليها إلى الأبد.
هكذا يدعي الغرب، وكأن روسيا بدأت الغزو دون مبرر، وبلا سبب، ولا علاقة بينه وبين أوكرانيا من قريب أو بعيد. تماماً، وبنفس الكيفية يدعي الغرب أن لا علاقة لأوكرانيا بـ “داعش”، و”خلية خراسان” التي نفذت، فيما تفيد وسائل الإعلام حتى الآن، العملية الإرهابية في “كروكوس”، على الرغم من هروب المنفذين نحو الحدود الغربية الروسية، إلى منطقة كان الجانب الأوكراني سيفتح لهم فيها نافذة ليستقبلوهم استقبال الأبطال (كما كانوا يظنّون، بينما الواقع أنه كان سيتم تصفيتهم جسدياً بمجرد عبورهم الحدود لدفن كل الخيوط المتعلقة بهذه الجريمة، كما جرى تصفية من قاموا بقتل دبلوماسيي السفارة الروسية في بغداد، ولا أستغرب أن تكون نفس الجهة المنفذة في بغداد هي نفس الجهة الغربية وراء حادث “كروكوس”).
لقد تم تجنيد هذه المجموعة من اللابشر، ولا أستطيع أن أقول مسلمين متطرفين أو حتى الملحدين، لأن الملحد قد يلتزم بقوانين ونواميس الطبيعة البشرية، فلا يقتل ولا يعيث في الأرض فساداً على هذا النحو الوحشي غير الآدمي. كذلك فلا تنطبق على هؤلاء صفة الإرهابيين، لأن حتى الإرهابيين لهم عقائد وأهداف وخلفيات سياسية يعتقدون فيها، وينفذون أعمالهم تحقيقاً لأهدافها، لهذا أسمي هؤلاء باللابشر والكائنات المجرمة التي لم ترق حتى إلى أن تنتمي لعالم الحيوان. لا بشر استأجرتهم أجهزة الاستخبارات الغربية التي تعمل الآن على الأراضي الأوكرانية، بعد الفشل الذريع الذي مني به الهجوم الأوكراني المضاد، لينفذوا العملية الإرهابية النكراء على الأراضي الروسية، لإثبات القدرة على الوصول إلى العمق الروسي أولاً، وللطعن في مصداقية وموثوقية واحترافية أجهزة الأمن الروسية ثانياً، ولمحاولة زعزعة استقرار الداخل الروسي وبث الرعب في المواطنين الروس، والشك في قيادتهم ثالثاً، ورابعاً وليس آخراً، دق إسفين في العلاقة بين روسيا ودولة طاجيكستان الواقعة في آسيا الوسطى، خاصة وأن مئات الآلاف من مواطني هذه الدولة يعملون في روسيا.
ومن أنسب في تنفيذ هذا الغرض ممن يسمّون أنفسهم بـ “المسلمين المجاهدين في سبيل الله” من الإرهابيين المتطرفين من “داعش” و”الدولة الإسلامية”، الذين لا يجرؤون على المساس بأي من المصالح الصهيونية أو الأمريكية بأي ضرر، لكنهم، وبكل أريحية، يهاجمون روسيا التي تقف إلى جانب القضية الفلسطينية وسائر القضايا العربية العادلة في سوريا والعراق وليبيا وغيرها.
لهذا السبب أعتبر تصريحات الغرب بشأن عدم وجود علاقة بين أوكرانيا والحادث الإرهابي منطقية، لا سيما أن الغرب وأجهزته يعلمون تماماً كيف تم التخطيط لهذه الجريمة النكراء، التي تخدم أهداف الحرب الهجينة التي يخوضها ضد روسيا منذ سنوات، والتي تتلخص في “إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا”، وضرب المصالح الروسية في آسيا الوسطى، وزعزعة استقرار روسيا من الداخل.
في اليوم التالي للحادث الأليم، وفي الطابق العلوي من محل سكني بالعاصمة الروسية موسكو، يتم إصلاح شقة، حيث يقوم بأعمال البناء والإصلاح عدد من العمال الذين تعود أصولهم إلى طاجيكستان، وقد التقيتهم كالعادة من كل صباح بتحية الإسلام: “السلام عليكم”، فكانوا متجهمين، يلفهم القلق والتوتر مما يمكن أن يصيبهم بعد أن قام بعض الأشقياء ممن ينتمون إلى نفس الجنسية بهذا العمل الإرهابي المشين.
قلت لهم إن ما حدث لا يمكن أن ينعكس أبداً على علاقة الدولة الروسية أو الشعب الروسي بشعب طاجيكستان الشقيق، فما يربط البلدين أعمق وأقوى بكثير من أن تؤثر فيه حادثة، مهما كانت بشاعتها. دعوت هؤلاء الرفاق إلى تناول إفطار رمضاني في اليوم التالي، وصعدت إليهم وأفطرنا سوياً، واستمعت إلى وجهة نظرهم، وهم مسلمون ملتزمون بتعاليم الإسلام وشعائره، من صلوات وصيام وقيام وغيرها، فقالوا إن من قام بهذه الجريمة الشنعاء لا يمكن أن يمت إلى الإسلام بأدنى صلة، ووصفوهم بـ “الملحدين” قولاً واحداً.
أما بشأن التحقيقات الجارية بشأن عملية “كروكوس سيتي هول” الإرهابية، فأفضل ألا نتعجل الأمور، وننتظر التقرير الرسمي الذي ستعلنه لجنة التحقيق المختصة، لكني أرجح أن الحقيقة ستكون فيما أسلفته بمقدمة مقالي هذا. وما يمكن أن يدعو إلى بعض الدهشة هو ما أظنه من أنني أظن أن من قام بالتخطيط والتنسيق والتمويل لهذا العمل الإرهابي هو جهاز أمني غربي على الأغلب، ويعمل على الأراضي الأوكرانية، وأهدافه متعددة من خلال استخدام العامل الديني، والعرقي، مثلما فعلوا في عدة مناطق في محيط روسيا، مثل ما يحدث في قره باغ، وفي بريدنيستروفيه، ومحاولة تدمير أي محاولة للجلوس إلى طاولة المفاوضات وإنهاء العمليات العسكرية، بعدما أصبح من الواضح استحالة هزيمة روسيا عسكرياً أو اقتصادياً أو إعلامياً. لهذا لجأ الغرب إلى الإرهاب، كما حدث من قبل، لوضع القيادة الروسية في وضع محرج أمام مجتمعها المتماسك، والذي أدلى بأغلبية ساحقة من أصواته لصالح الرئيس المنتخب ديمقراطياً فلاديمير بوتين، في انتخابات شفافة ونزيهة، فكان لزاماً عليهم أن يشوّهوا هذه الصورة على هذا النحو الإجرامي الإرهابي المعتاد من جانبهم. يريدون أن تتنازل روسيا عن بعض مطالبها العادلة، على الرغم من انتصارها في الحرب، حتى لا تنكشف هزيمة النخب الغربية أمام شعوبها ودافعي الضرائب، الذين موّلوا الهجوم الأوكراني المضاد الفاشل، خاصة وأن أوان الحساب قد آن، وسوف يسائل الناخبون مرشحيهم حول ما فعلوه بثقتهم، وما بددوه من قوتهم ومواردهم من أجل أوهام وفساد ونازية جلبت لأوروبا الخسارة والتدهور في شتى المجالات .
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
WP: عملية السلطة في جنين لها علاقة بالحصول على دور في غزة بعد الحرب
سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الضوء على العملية الأمنية التي تنفذها أجهزة السلطة في جنين، مؤكدة أن لها علاقة بالحصول على دور في قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة منذ أكثر من 14 شهرا.
وقالت الصحيفة في تقرير أعده الصحفيون ميريام بيرغر وهايدي ليفين وسفيان طه، إن "السلطة الفلسطينية والمسلحين الذين يسيطرون على مخيم جنين يخوضون معركة مفتوحة نادرة"، موضحة أنه "خلال الأسبوعين الماضيين كان المسلحون في جنين يخوضون معركة مفتوحة نادرة مع عدو داخلي".
السلطة تسعى لحكم غزة
وذكرت الصحيفة أن السلطة أطلقت أكبر عملية مسلحة لها منذ ثلاثة عقود، لإحباط المقاومة المتنامية في الضفة الغربية، مشددة على أنها "تحاول إثبات قدرتها على إدارة الأمن في المناطق المحدودة من الضفة الغربية التي تسيطر عليها، في حين أنها تسعى لحكم قطاع غزة بعد الحرب".
ولفتت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استبعد عودة السلطة إلى غزة، مضيفة أن "شخصيات رئيسية في ائتلافه اليميني المتطرف دفعت إلى ضم جزء أو كل الأراضي الفلسطينية، لكن في الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار، وافقت إسرائيل على السماح للسلطة بتولي إدارة معبر رفح لفترة قصيرة".
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم أجهزة السلطة أنور رجب، أن "العملية في جنين تهدف إلى استعادة المخيم عبر استهداف الخارجين عن القانون، والذين ينشرون الفوضى والاضطرابات ويضرون بالسلم الأهلي"، على حد قوله.
ونوهت إلى أن أجهزة السلطة قتلت 13 فلسطينيا بينهم ثمانية في جنين، منذ حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة بتاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2023.
من جانبه، تحدث صبري صيدم مستشار رئيس السلطة محمود عباس وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح لصحيفة "واشنطن بوست"، قائلا: "لا نريد أن نرى قطرة دم واحدة تُراق. ما نود تحقيقه هو حالة من الهدوء، والجلوس مع الفصائل المختلفة والاتفاق على الطريق إلى الأمام".
بينما قال مسؤول فلسطيني مقرب من عباس، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن رئيس السلطة الفلسطينية قرر المضي وعدم التراجع في جنين.
وبحسب الصحيفة، فإنه بعد مرور أسبوعين على الحملة الأمنية، فلا يزال المسلحون يتجولون بحرية في مخيم جنين. وتدوي أصوات إطلاق النار ليلا ونهارا. وقد أوقفت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين الدراسة في المدارس، وأغلقت الشركات أبوابها.
غضب متصاعد
وسمع مراسلو صحيفة "واشنطن بوست" ما بدا وكأنه إطلاق نار قادم من سطح المستشفى. وقال إن الرصاص أصاب مدخل الطوارئ واخترق نافذة أحد المكاتب، وإن المرضى والموظفين خائفون للغاية من القدوم إلى المستشفى.
ولفتت الصحيفة إلى أن الغضب ارتفع تجاه قوات الأمن في الضفة الغربية، مبينة أن أجهزة السلطة، التي تحاصرها قوات الاحتلال الإسرائيلي، تعمل في مساحة متقلصة باستمرار، وبموجب الاتفاقيات الأمنية، ولا يجوز لها التدخل لوقف عنف المستوطنين الإسرائيليين أو الغارات العسكرية القاتلة.
ويرى العديد من الفلسطينيين أن "هذه الأجهزة هي عبارة عن مقاولين من الباطن لإسرائيل وأداة عباس للفساد وقمع المعارضة الداخلية".
وذكرت "واشنطن بوست" أن أجهزة السلطة هي من بين الخيوط الأخيرة التي تربط اتفاقات أوسلو، التي تم توقيعها في تسعينيات القرن العشرين لإنشاء دولة فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس المحتلة. وفي العقود التي تلت ذلك، وسعت إسرائيل سيطرتها على الضفة الغربية ورسختها، ما أدى إلى تآكل اختصاص السلطة.