لجريدة عمان:
2025-03-13@22:35:31 GMT

يوم الأرض الفلسطيني.. ودلالة الصمود

تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT

يوم الأرض الفلسطيني.. ودلالة الصمود

ليس واضحا على وجه التحديد ما إذا كان العالم الذي يتعاطف -أخيرا- مع الشعب الفلسطيني المتعرض لأسوأ إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين، يستطيع الشعور بما يشعر به الفلسطيني وهو يحتفي بذكرى «يوم الأرض الفلسطيني» الذي استذكره الفلسطينيون أمس بكثير من الألم وهم يعيشون أسوأ أيامهم منذ بدء الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين.

. فيوم الأرض العالمي الذي يصادف 22 من أبريل يسعى لإظهار دعم الناشطين البيئيين بخطر التلوث الذي يهدد الأرض نتيجة تطرف أنشطة الإنسان في البيئة.. أما يوم الأرض الفلسطيني فهو مناسبة للتذكير بصمود الشعب الفلسطيني على أرضه المحتلة رغم كل عمليات الإبادة والجرائم التي يتعرض لها الفلسطينيون منذ أكثر من 75 عاما، ورغم قوافل الشهداء التي لا تنتهي، ورغم الدماء التي تسيل على أرض فلسطين فلا تنبت إلا المزيد من العزة والكرامة والصمود.

وفي ظل الحرب الجائرة التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني منذ ستة أشهر على غزة والتي استشهد خلالها أكثر من 32 ألف فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء قدم الفلسطينيون دلالة جديدة ليوم الأرض الفلسطيني فهو ليس مجرد يوم في روزنامة التاريخ إنه رمز للنضال من أجل الأرض والهُوية وتجسيد لجوهر الارتباط الحقيقي بين الفلسطيني وأرضه فمهما كان عدد الشهداء ومهما كانت الجرائم التي ترتكب إلا أن التمسك بالأرض مقدس لا تفريط فيه أبدا.

لقد سلطت مناسبة يوم الأرض أمس ضمن سياقها التاريخي الضوء على أن النضال من أجل الأرض والتمسك بها كان في جوهر السردية الفلسطينية، إنه صراع يسبق ظهور الكيان الإسرائيلي وتطور منذ ذلك الحين في صراع معقد إلا أن جوهره واحد ومساره واحد، وما هذه المناسبة إلا تذكير به في لحظة كان لا بد للعالم أن يرى ويسمع الحقيقية.

ورغم روائح الموت، وصور الخراب والدمار، ورغم التوحش الصهيوني الذي أحال غزة إلى أرض محروقة ورغم المعاناة التي لا يستطيع إلا القليل من الناس في جميع أنحاء العالم استيعابها بالكامل، فإن روح التمسك بالأرض ورفض التهجير ما تزال حاضرة في الوجدان الفلسطيني ولا تولد هذه القوة وهذا الصمود إلا من إيمان حقيقي بعدالة القضية وبالارتباط الحقيقي بالأرض والشعور العميق بالانتماء إليه وبأنها جوهر كيان الفلسطيني وهويته وثقافته.

وإذا كانت هذه الصورة القوية لرابطة الفلسطيني بأرضه وبهويته وبتاريخه قد لفتت العالم فإن هذه المناسبة لا بد أن تتجاوز الجانب الرمزي إلى عمل جماعي يبحث عن حل نهائي للقضية الفلسطينية ليبقى الارتباط المقدس للفلسطيني بأرضه لا ينازعه فيه أحد، ولتبقى قصص الشجاعة التي تنبثق كل يوم من الأرض الفلسطينية درسا للعالم أجمع في معنى حب الأوطان ومعنى التضحية من أجلها.

وليبقى الطريق نحو المستقبل مُعبّدا بالاحترام والصدق والحوار بعيدا عن ندوب الحرب وآلامها.. ولا يمكن أن يتحقق كل ذلك إلا بحل شامل وعادل يسمح للفلسطينيين أن يعيشوا بسلام وأمان على أرضهم التاريخية التي لا يمكن إلا أن تكون وطنهم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یوم الأرض الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

نحن وإياهم في زمن الإمبريالية الصاعدة

كل ما يجري على الصعيد العالمي إرهاصات قوية على نهاية الغرب كقوة هيمنت على العالم بقفازات ناعمة، وعلى عودة البشرية إلى التعامل بقانون القوة والسيطرة بأسلوب أكثر فجاجة، بعدما ضاقت الدول العظمى ذرعا بالنظام العالمي الذي ساد عقب الحرب العالمية الثانية، وأصبح حائلا دون حاجاتها الملحة للبقاء وعائقا أمام طموحاتها في النفوذ والتوسع؛ فليس من حق الضعفاء من الدول أن تعيش متدثرة بحماية القانون الدولي بعد اليوم. وإنها لفسحة للمقاومين والأحرار كيما يصنعوا مجدا لأمتهم.

الغرب قدم نفسه للعالم على أنه عالم متحضر، يحفظ السلام العالمي ويصون حقوق الإنسان، بيد أنه دمر نفسه والعالم من حوله ثلاث مرات خلال مئة عام، أي أنه ينتج ثقافة الحياة والفناء في آن واحد، ولا أراه يستطيع الفكاك من أزمته المستعصية تلك بما لديه من ثقافات، بل إنه ليعاني الأمرين من جرائها ولا يبحث بجد عن الخلاص منها.

تهمني الإشارة إلى الغرب والشرق المتفاني في الموت والخراب، أن يستذكر بتواضع قصة الوجود الإنساني على الأرض أول مرة، والغاية التي يمضي هذا الوجود إليها ويسير؟ وليبحث له عن بدائل ثقافية وروحية يحسن به وبغيره أن يحيا بها ويعيش، فإما المغالبة والتظالم وإما التعارف والتعاون؟

الجميع غارق في القاع، يحاول إيجاد توليفة بين متناقضات متنافرة لا تستقيم له، والسبب أن الإنسانية لا يمكنها العيش بأنماط الدولة القطرية الحديثة، التي نشأت بعد الثورة الصناعية، لأن البشرية خلقت لتحيا على الأرض متواصلة متراحمة، لا تقيدها حدود مصطنعة يوسوس بها التفكير الشعبوي. ومن يحاول فك المعضلة الألمانية والأمريكية سياسيا فهو واهم؛ إنه ثقب أسود يودي بحياة الدول والحضارات مهما بلغ شأنها في الرقي. ولكن يحتاج ذلك إلى أجل، ولكل أجل كتاب.إنه استكبار أعمى يعلو في الأرض، وأنانية مفرطة تتضخم، واحتقار مقيت للأمم الأخرى، وإنها لفقاعة كبيرة تتمدد حتى تصل إلى نهاية محتومة بعدها ستتفجر. "وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص".

لا يمتلك الروسي "ألكسندر دوغين"، الذي يقدمه الإعلام للناس على أنه "فيلسوف"، البعد الروحي الذي يمتلكه المقاومون في فلسطين وغيرها، لذلك تأتي تحليلاته لقضايانا من منظور المادية التاريخية قاصرة مبتورة، تحليلات لا تستطيع فهم تاريخ المسلمين في صراعهم مع الغزاة والمحتلين، كما لا تستطيع استيعاب مفهوم الشهادة في سبيل الله كما نعتقد به نحن المسلمين. لقد سمعته يدعي أن "طوفان الأقصى" كان بلا أفق، لذلك تدمر المحور المقاوم وسقط نظام الأسد، الذي يبدو أنه يراه قيمة لروسيا ما كان له أن يخر فجأة. ثم هل كان هجوم روسيا على أوكرانيا بلا أفق أيضا؟ خاصة وأن روسيا غدت تعاني اليوم في اقتصادها كما تعاني من عزلة سياسية، وقد أضحت كما لم تكن من قبل في مواجهة استراتيجية محتومة مع الناتو، بعد انضمام دول اسكندنافية تجاورها إليه.

أرى أن الجميع غارق في القاع، يحاول إيجاد توليفة بين متناقضات متنافرة لا تستقيم له، والسبب أن الإنسانية لا يمكنها العيش بأنماط الدولة القطرية الحديثة، التي نشأت بعد الثورة الصناعية، لأن البشرية خلقت لتحيا على الأرض متواصلة متراحمة، لا تقيدها حدود مصطنعة يوسوس بها التفكير الشعبوي. ومن يحاول فك المعضلة الألمانية والأمريكية سياسيا فهو واهم؛ إنه ثقب أسود يودي بحياة الدول والحضارات مهما بلغ شأنها في الرقي. ولكن يحتاج ذلك إلى أجل، ولكل أجل كتاب.

إنه لا تزال في عالمنا الإسلامي أنظمة حاكمة على شاكلة البعث في سورية، تتشابه في ما تقترفه أيديها من موبقات وآثام، لا تزال آثارها رغم السنوات الطوال ماثلة للعيان، وشهودها أحياء يرزقون، كادت لطول العهد بحكمها البلدان المسلمة أن تمسخ الإنسان في إنسانيته، وتسلبه جوهر الكرامة التي استحق بها الفضل على من سواه، وإن كانت الأقدار قد أرخت للظلمة الحبال إلى حين، فالأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، سيخرجها الله تعالى عبرة للمعتبرين وحجة قائمة على العالمين.

إن السعيد من اتعظ بغيره، وقلما تتعظ الأنظمة الفاسدة مما يحصل لبعضها حتى تقع الفأس على هامها، ولات حين مندم إذاك! إن الأنظمة المتسلطة على رقاب شعوبها لا تدرك حجم الظلم الذي تمارسه على شعوبها، حتى تتقلب بها الأيام، فتصبح بدورها خائفة تترقب. وما جرى في سورية خير مثال على ذلك. ولأن الله أعمى القتلة عن الحق فلا يزال داعموهم يمنونهم بالرجوع إلى سالف عهدكم، ولو كانوا يرونهم في الأرض يفسدون.

الولي الفقيه يقرأ الحوادث بالمقلوب، ولا يبصر غير لونين الممانعة أو المؤامرة، أما حق الشعوب المسلمة في الاستقلال والعيش بكرامة فلا مكان لذلك في القاموس لديه، إنه التشيع في أسوأ مظاهره عبر التاريخ!

إن السعيد من اتعظ بغيره، وقلما تتعظ الأنظمة الفاسدة مما يحصل لبعضها حتى تقع الفأس على هامها، ولات حين مندم إذاك! إن الأنظمة المتسلطة على رقاب شعوبها لا تدرك حجم الظلم الذي تمارسه على شعوبها، حتى تتقلب بها الأيام، فتصبح بدورها خائفة تترقب. وما جرى في سورية خير مثال على ذلك. ولأن الله أعمى القتلة عن الحق فلا يزال داعموهم يمنونهم بالرجوع إلى سالف عهدكم، ولو كانوا يرونهم في الأرض يفسدون.إشارات تترى من كل جانب توحي بأن رأس النظام الجزائري بات اليوم مطلوبا، كيما تصبح البلاد مستباحة للاستعمار الحديث؛ فالعالم اليوم ينحو بلا لبس نحو شرعة الغاب، بعد أن برزت الإمبريالية بوجهها سافرة من جديد؛ فالروس يتطلعون إلى القارة الإفريقية مجالا حيويا لمصالحهم، والناتو يحن إلى حديقته الخلفية، والأمريكان متعطشون إلى الهيمنة على ما طالته أيديهم، في تناغم صدم الجميع بين أعداء الأمس الولايات المتحدة وروسيا. أما الأنظمة العربية فلا تزال محنطة بأفكار بالية، لا إرادة عندها في مراجعتها؛ وآية ذلك الصفعات التي يتلقاها النظام الجزائري في كل مناسبة من حليف الأمس فرنسا فلا توقظه من سكرة الغطرسة والضلال الغارق فيهما حتى الثمالة. وبجواره يسعى النظام الملكي في المغرب بمنطق الكيدية والمراهقة السياسية، بعيدا عن المصالح العليا للمغاربة المجزئين استعماريا بين دول إفريقية الشمالية.

كما أن العلاقة المتوترة بين النظامين السياسيين الفرنسي والجزائري كانت نتاج زواج مثلي استمر سبعين عاما، لم يستطيع تكوين أسرة طبيعية تحتضن الشعبين المتجاورين بسلام، رغم مظالم التاريخ، وقد آن للشذوذ أن ينتهي.

أشير أخيرا إلى خصلة مشينة تلازم أدعياء العلم في عالمنا الإسلامي العاملين تحت الأنوار في أبراج مشيدة خاصة في المملكة السعودية، خصلة ليسوا بها أحرارا؛ فلست أدري ما الذي أقنعهم بجدوى ما يقومون به والأمة تعيش في عالم مليء بالتحديات الجسام، يضطر أكثرهم إلى التنفيس عن مشاعر مكبوتة حينما يقحم آيات العرفان والولاء لولاة الأمر في كل مناسبة بلا حاجة، حتى في المواضيع الثقافية والروحية حمالة الأوجه، ولو أنهم نأوا بأنفسهم وتركوها على سجيتها لكان خيرا لهم وأطهر. وإنهم ليعلمون، كما نعلم أيضا، دأب ولاة الأمر في المملكة على إخفاء المعالم الأثرية للإسلام في تلكم البقاع وطمسها والحرص على استبعاد الزوار عنها باسم الدين، حتى تسرب إلى القلوب حب المال فغير النفوس، فأمسينا نسمع بالآثار التاريخية والترغيب في زيارتها، فسبحان من غير الأحوال!

وليس علماء الإسلام في السعودية وحدهم مبتلين بهذا الداء، ففي معظم بلاد المسلمين تجد المراجع الدينية حمائم مأسورة لخطاب ديني لا حياة فيه، يرتقون منابر تداهن السلاطين وتلبس على الشعوب إسلامها، وقلما تجد عند بعضهم صولة في الحق، تحيي النفوس وتهز عروش الظالمين.

إننا لا نستبعد الأيدي الماكرة في نشأة هذه الظواهر المرضية في حياتنا العقلية والروحية، أيد تعمل لمصلحة الإمبريالية الصاعدة، التي تمدها وتعاضدها وتستثمر فيها.

مقالات مشابهة

  • فانوس أبو عبيدة أيقونة الصمود.. مصطفى بكري يعلق على ظهور أبو عبيدة في الشوارع المصرية
  • نحن وإياهم في زمن الإمبريالية الصاعدة
  • العاشر من رمضان.. النصر الذي هزم المستحيل
  • صمود في انتظار الفرج.. «القاهرة الإخبارية» ترصد الجهود المصرية في إيصال المساعدات للفلسطينيين
  • أين تنشأ عملات البيتكوين؟ السر الذي لم يُكشف بعد
  • ما الذي يريده ترامب حقاً من الرسوم الجمركية؟
  • غارات جوية وتوغل عل الأرض.. ما الذي يريده الاحتلال من سوريا؟
  • فريق "الصمود" في بِدية يشيد ببرنامج "الملاعب الخضراء" من بنك مسقط لدعم الفرق الأهلية
  • السيسي: ما تحقق على أرض مصر ورغم كل الظروف جعلنا نقف على قدمين ثابتتين
  • افتتاح مشروع الإنارة بفريق الصمود ببدية ضمن الملاعب الخضراء