عمره 150 ألف عام.. علماء يربطون مجموعة بشرية بـ رجل التنين الصيني
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
ربط علماء مجموعة بشرية لا تزال تعد لغزا بـ "رجل التنين" الصيني الذي يعود تاريخه إلى 150 ألف عام، وذلك بعد العثور على أدلة جديدة.
وتنقل صحيفة "الغارديان" أن الباحثين عثروا على أدلة جديدة ربما تربط مجموعة "دينيسوفان" الغامضة بالأنواع البشرية المبكرة من سلالة "هومو لونجي".
وتظهر الأدلة من آثار الحمض النووي التي خلفتها "دينيسوفان" أنهم عاشوا على هضبة التبت، وربما سافروا إلى الفلبين ولاوس في جنوب آسيا وربما شقوا طريقهم إلى شمال الصين قبل أكثر من 100 ألف عام.
ويمثل شكل دينيسوفان، أو كيف عاشوا، لغزا، إذ لم يتوفر للعماء سوى جزء من الفك، وبضع قطع من العظام وسنتان على الأكثر، لا تقدم أي دليل على خصائصها الفيزيائية.
ويوفر حمضهم النووي، الذي عثر عليه لأول مرة في عينات من كهف دينيسوفا في سيبيريا عام 2010 ، معظم المعلومات بشأن تاريخهم.
لكن العلماء حددوا مؤخرا مرشحا قويا للأنواع التي ربما ينتمي إليها دينيسوفان، هو "هومو لونجي" أو "رجل التنين"، من شمال شرقي الصين.
وتتكون حفرية تم العثور عليها من جمجمة كاملة تقريبا، مع دماغ بحجم دماغ الإنسان الحديث، ووجه مسطح، مع عظام خد حساسة. ويشير التأريخ إلى أن عمرها لا يقل عن 150 ألف عام.
وقال البروفيسور شيجون ني من الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين: "نعتقد الآن أن دينيسوفان كانوا ضمن نوع هومو لونجي "، وأضاف "يتميز الأخير بأنف عريض وحواف حاجب سميكة فوق عينيه (..) وأسنان كبيرة."
واكتشف العلماء في التبت الجين الخاص بـ"دينيسوفان" في السكان المحليين، نتيجة التزاوج بين النوعين في الماضي البعيد. وبشكل حاسم، ثبت أن هذا الجين يساعد الرجال والنساء المعاصرين على البقاء على ارتفاعات عالية.
وتم تتبع الأدلة التي تدعم ارتباط دينيسوفان بهومو لونجي إلى هضبة التبت، حيث بدأ العلماء في دراسة عظم الفك الذي تم العثور عليه في البداية في كهف بعيد على ارتفاع 3000 متر فوق مستوى سطح البحر من قبل راهب بوذي، احتفظ به كأثر.
وعندما بدأ الباحثون في دراسة الكهف حيث تم اكتشاف عظم الفك، وجدوا أن رواسبه غنية بالحمض النووي لدينيسوفان. بالإضافة إلى ذلك ، وجد أن الحفرية نفسها تحتوي على بروتينات تشير إلى أصول دينيسوفان.
وقالت جانيت كيلسو من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ بألمانيا: "من المثير للاهتمام أن عظم الفك له أسنان تشبه الأسنان الموجودة في هومو لونجي. لذلك أعتقد أن الأدلة تشير إلى وجود صلة بين الجمجمة ودينيسوفان".
وهذا الرأي أيده البروفيسور، كريس سترينغر، من متحف التاريخ الطبيعي في لندن مشيرا إلى أن "الأدلة تدعم فكرة أن دينيسوفان كانوا أعضاء في هومو لونجي لكننا ما زلنا نفتقر إلى الدليل المطلق الذي قد يأتي مع الوقت".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: ألف عام
إقرأ أيضاً:
عمرها 7 آلاف عام.. العثور على سلالة بشرية مفقودة في ليبيا
بينما يسير رواد الصحراء الليبية عبر الكثبان الرملية، قد يصعب عليهم تصور أن هذه الأرض القاحلة، التي تسودها درجات الحرارة المرتفعة والرمال الجافة، كانت قبل نحو 7 آلاف عام مساحات خضراء مزدهرة تعج بالبحيرات والنباتات والحيوانات.
لكن ما يثير الاهتمام الآن، أكثر من هذا "الماضي الأخضر"، هو أن تلك الأرض كانت أيضا مسرحا لقصص بشرية قديمة ظلت مخفية لآلاف السنين، وحان وقت الكشف عنها عبر دراسة حديثة نشرت في دورية "نيتشر"، أعدها فريق دولي من الباحثين بقيادة معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ بألمانيا.
سلالة قديمةوبينما ركزت الدراسات السابقة على بيئة الصحراء الخضراء قبل أن تغزوها الرمال، كشفت الدراسة الجديدة عن مفاجأة غير متوقعة، وهي العثور على سلالة بشرية كانت معزولة عن باقي شعوب الأرض خلال فترة الصحراء الخضراء قبل 7 آلاف عام. ورغم أن هذه السلالة قد انقرضت اليوم، فإن آثارها لا تزال موجودة في جينوم بعض سكان شمال أفريقيا.
تروي ندى سالم، باحثة الدكتوراه في معهد ماكس بلانك والمؤلفة الأولى للدراسة، في تصريحات خاصة للجزيرة نت، قصة هذا الكشف المهم، الذي جاء نتيجة تحليل الحمض النووي لمومياوين بشريتين عثرت عليهما البعثة الأثرية التابعة لجامعة سابينزا في روما داخل كهف تاكاركوري الصخري، جنوب غربي ليبيا، حيث تعود هاتان المومياوان لامرأتين كانتا من الرعاة، وعاشتا قبل نحو 7 آلاف عام.
إعلانوتوضح الباحثة أن "تحليل الحمض النووي لهاتين المومياوين هو أول فحص جينومي يعود لفترة الصحراء الخضراء، وكشف أنهما تنتميان إلى سلالة بشرية قديمة ومعزولة عاشت طويلا في شمال أفريقيا ثم انقرضت".
كما أظهرت الدراسة أن هاتين المومياوين تحملان فقط جزءا ضئيلا من الحمض النووي غير الأفريقي، مما يشير إلى أن تربية الحيوانات انتشرت في الصحراء الخضراء من خلال التبادل الثقافي، وليس عبر هجرات بشرية واسعة النطاق، كما حدث في شرق أفريقيا، حيث كانت تربية الحيوانات في تلك المنطقة متزامنة مع هجرات من منطقتي الشام ووادي النيل، إضافة إلى ذلك، لم تتضمن جيناتهما أي أثر للسلالات الأفريقية جنوب الصحراء، مما يتعارض مع التفسيرات السابقة التي اعتبرت الصحراء الخضراء ممرا يربط شمال أفريقيا بأفريقيا جنوب الصحراء.
وتكشف تحليلات الجينوم أن مومياوي ملجأ تاكاركوري تنتميان إلى سلالة بشرية نادرة ومتميزة، انفصلت عن أسلاف البشر الذين غادروا أفريقيا وانتشروا في بقية أنحاء العالم منذ نحو 50 ألف عام، وهذا يعني أن هذه المجموعة بقيت في شمال أفريقيا ولم تختلط بالسكان الذين هاجروا إلى أوروبا وآسيا، مما جعلها فريدة من الناحية الوراثية.
ويقول يوهانس كراوس، الأستاذ في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية والباحث الرئيسي في الدراسة، للجزيرة نت: "عندما هاجر البشر المعاصرون من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا، تزاوجوا مع إنسان نياندرتال منذ نحو من 50 إلى 40 ألف عام، مما أدى إلى أن معظم السكان غير الأفارقة اليوم يحملون نسبة صغيرة من الحمض النووي الخاص به، لكن سكان تكركوري كانوا مختلفين، إذ احتوت جيناتهم على كميات ضئيلة جدا من هذا الحمض النووي، أقل بكثير من الأوروبيين أو الآسيويين، مما يدل على أنهم لم يختلطوا كثيرا بالسكان الذين غادروا أفريقيا وتزاوجوا مع النياندرتال".
إعلانووجد العلماء أيضا أن التوقيع الجيني لهذه السلالة كان موجودا في مجموعات بشرية شمال أفريقية منذ نحو 15 ألف عام، خلال العصر الجليدي المتأخر، وهذا يشير إلى أن هذه السلالة استمرت لفترة طويلة في شمال أفريقيا، دون أن تتأثر بشكل كبير بالتغيرات السكانية التي حدثت في أماكن أخرى من العالم.
ويضيف كراوس: "من المدهش أن سكان تاكاركوري لم يُظهروا أي تأثير جيني يُذكر من سكان أفريقيا جنوب الصحراء، ولا من سكان الشرق الأوسط أو أوروبا في عصور ما قبل التاريخ. ورغم أنهم مارسوا تربية الحيوانات، وهي تقنية زراعية يعتقد أنها نشأت خارج أفريقيا، فإنهم لم يختلطوا وراثيا مع المجموعات التي ربما أدخلت هذه الممارسة".
وأشار كراوس إلى أن انتشار الزراعة في أوروبا خلال العصر الحجري الحديث كان مصحوبا بموجات من المهاجرين الذين جلبوا معهم تقنيات زراعية جديدة، لكن في حالة الصحراء الخضراء، لا يبدو أن تربية الماشية انتشرت عبر هجرات جماعية أو اختلاط جيني، بل من خلال التبادل الثقافي، أي أن سكان تاكاركوري تبنوا هذه الممارسة من مجموعات أخرى من دون أن يكون هناك تزاوج أو اندماج جيني كبير معها.
ووفقا للأدلة الجينية، بدأ تدفق مجموعات بشرية من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى شمال أفريقيا قبل نحو 20 ألف عام. وبعد بضعة آلاف من السنين، أي قبل نحو 8 آلاف عام، حدثت موجات أخرى من الهجرة من شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال حاليا) وصقلية، مما أدى إلى تغييرات في التركيبة الجينية للسكان.
ومع ذلك، ظلت سلالة تاكاركوري معزولة لفترة أطول مما كان متوقعا، مما يطرح تساؤلات عن كيفية تمكنها من البقاء دون اختلاط كبير مع المجموعات البشرية الجديدة التي دخلت المنطقة.
أسئلة بلا إجاباتويقول كراوس: "لا نزال غير متأكدين من العوامل التي سمحت لهذه المجموعة بالبقاء لفترة طويلة نسبيا دون أن تتأثر بالهجرات الكبيرة التي اجتاحت شمال أفريقيا، وهو ما يتطلب مزيدا من الدراسات".
إعلانوأضاف: "من المعروف أيضا أن الصحراء الكبرى لم تكن صالحة للسكن إلا قبل نحو 15 ألف عام، عندما دخلت فترة (الصحراء الخضراء) وتحولت إلى بيئة مليئة بالمياه والغطاء النباتي. لكن نظرا إلى أن سلالة تاكاركوري تعود إلى زمن أقدم، فإن موطنها الأصلي لا يزال لغزا، فهل نشأت في مناطق أخرى من شمال أفريقيا ثم انتقلت إلى تاكاركوري بعد أن أصبحت المنطقة صالحة للسكن؟ أم أنها كانت تعيش في مناطق مجاورة قبل أن تضطر إلى التكيف مع التغيرات البيئية؟ هذا لا يزال قيد البحث".
وعما إذا كانت مومياوان تكفيان لاستخلاص استنتاجات قابلة للتعميم، أوضحت الباحثة ندى سالم أن "الإجابة عن هذا السؤال تحمل وجهين، فمن ناحية، يمكن أن نقول: نعم، لأن الجينوم ليس مجرد لقطة خاطفة، بل هو سجل للوراثة البيولوجية المتراكمة على مدى آلاف السنين، لذا حتى جينوم واحد يمكن أن يكشف عن رؤى قيمة في تاريخ السكان، ومن ناحية أخرى، يمكن أن نقول: لا، لأن الصحراء الكبرى شاسعة ومتنوعة، وربما لا تُمثل عينة واحدة من منطقة واحدة المنطقة بأكملها".
تضيف: "مع ذلك، ونظرا لندرة الحمض النووي القديم من هذه المنطقة، يعد هذا الاكتشاف استثنائيا، فهو يقدم لمحة نادرة وقيمة عن سلالة معزولة منذ زمن طويل في قلب الصحراء الكبرى".
وحول ضعف حفظ الحمض النووي بسبب الجفاف الشديد في هذه المنطقة، تقول الباحثة إنه "كان تحديا رئيسيا، ومع ذلك، فإن التحنيط الطبيعي وحماية الكهف عززا، بطريقة ما، حفظ الحمض النووي لدى المومياوين، وقد استخدمنا طرق التقاط مستهدفة وبروتوكولات معملية صارمة لاسترجاع الحمض النووي القديم والتحقق منه وتعزيز تغطيته (الكمية)، مما ممكنا من إجراء تحليلات قوية".