عقد الجامع الأزهر اليوم السبت، فعاليات ملتقي العصر «باب الريان»، بعنوان «زكاة الفطر»، بحضور الدكتور حسني فتحي مصطفي، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، ووكيل كلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان، وعضو لجنة الفتوي الرئيسية بالجامع الأزهر الشريف، والدكتور أحمد عبدالله، الباحث بالجامع الأزهر الشريف، والشيخ محمد عماد الخولي، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية.


في بداية اللقاء، أوضح الدكتور أحمد عبدالله، الباحث بالجامع الأزهر الشريف، أن زكاة الفطر من العبادات التي أوجبها الله على المسلمين في هذا الشهر المبارك، حيث شرعها للصائمين، تطهيرًا للنفس من أدران الشح، وتطهيرًا للصائم مما قد يؤثر فيه، وينقص ثوابه من اللغو والرفث، ومواساة للفقراء والمساكين، وإظهارًا لشكر نعمة الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه، وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة فيه.


وبعث الباحث بالجامع الأزهر برسالة إلى المسلمين قبل نهاية الشهر الفضيل قائلًا «أيُّها المسلمون: ها قد قطعتُم الأكثرَ مِن شهرِ الصيامِ رمضان، ولم يَبقَّ مِنهُ إلا القليلُ جدًّا، فمَن كانَ مِنكُم مُحسِنًا فيما مَضَى فليَحمدِ اللهَ، وليَزْدَدْ مِن البِرِّ والإحسان، ومَن كانَ مُسِيئًا قد فرَّطَ وقصَّرَ، وتكاسلَ وتهاونَ، فليتقِّ اللهَ فيما بَقِيَ، ولِيتَداركَ نفسَهُ فيها فيُحسِنَ إليها بالتوبةِ النَّصوحِ، والإكثارِ مِن الطاعاتِ والقُرباتِ، فبابُ التوبةِ لا يَزالُ مفتوحًا، والله يُحِبُّ التوابين، وهو أرحَمُ بالعبادِ مِن أنفسِهم وأهلِيهم ومَن في الأرضِ جميعًا، ولا يَزالَ في زمَنٍ فاضلٍ مُباركٍ تُضاعَفُ فيه الحسناتُ، وتُكفَّرُ فيه الخطيئات».

من جانبه، أوضح الدكتور حسني فتحي مصطفي، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، أن مفهوم الزكاة في الإسلام يقوم على تطهير مال المسلم عمومًا من دنس الذنوب، بتطهيره من كل خبث يلحق به، وكذلك تزكية النفس لترتفع من منازل أهل الامتناع والنفاق إلى منازل الإخلاص، مبينا أن زكاة الفطر شرعت لتحقق طهارة بدن المسلم من ارتكابه للرفث أو اللغو أثناء صيامه فضلًا عن طهارة ماله؛ وهو ما يعد أقصى درجات الطهارة الإيمانية التي يقصدها الإسلام من أحد أركانه الأساسية.

وبيّن أستاذ الفقه المقارن أن زكاة الفطر فرض على من توافرت في حقه شروط أدائها، وهو من ملك صاعًا زائدًا عن قوت يوم وليلة فقد وجب عليه إخراجها، وذلك على المختار من أقوال الفقهاء، موضحا أن إخراجها للفقير والمسكين يحقق المقصود منها بكونها طعمة لهما، وإظهارًا للرفق بهما بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد وليلته، وإدخال السرور عليهم في يوم يُسَر المسلمون بقدوم العيد عليهم.


وأكد أستاذ الفقه المقارن، أنه لا داعي للجدل المثار في هذا الوقت من كل عام هل تخرج زكاة الفطر عينًا من غالب قوت البلد وفقًا للأصناف الواردة في حديثه ﷺ كما في قول بعض الفقهاء، أم يجوز إخراجها بالقيمة على القول الآخر؟ موضحا أن الأمر على السعة للمسلم، وأن الضابط في اختياره لأحد القولين هو مصلحة الفقير، فأينما وجدت وتحققت مصلحة الفقير كان الإخراج عينًا أو بالقيمة وكلاهما جائز ولا داعي للتشدد والجدل في المسألة.

من جانبه تناول الشيخ محمد عماد الخولي، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية، عددا من المسائل والأحكام الخاصة بزكاة الفطر أبرزها؛ وجوب زكاةُ الفِطرِ على المسلمِ الحَيِّ، سواء كانَ ذَكَرًا أو أُنْثى، صغيرًا أو كبيرًا، حُرًّا أو عبدًا، موضحا أن الجَنينُ الذي لا يَزالُ في بطنِ أُمِّهِ لا يَجبُ إخراجُ زكاةِ الفِطرِ عنه، وإنَّما يُستحبُ باتفاقِ المذاهب الأربعة، وقد كانَ السَّلفُ الصالحُ يُخرجونَها عنهم، كما أن المجنونُ يَجبُ إخراجُ زكاةِ الفِطرٍ عنه، 
كما يجوزُ أنْ تُخرَجَ زكاةُ الفِطرِ قبْلَ العيدِ بيومٍ أو يومين، لِمَا صحَّ عن تلميذِ الصحابةِ نافعٍ ــ رحمه الله ــ أنَّه قال: (( كَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ))، والأفضلُ باتفاقِ العلماءِ أنْ تُخرَجَ في يومِ عيدِ الفطرِ بعدَ صلاةِ فجْرهِ وقبْلَ صلاةِ العيد.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: جامع الازهر الشريف الشهر المبارك الشريعة أستاذ الفقه المقارن العاشر من رمضان أستاذ الفقه المقارن بالجامع الأزهر زکاة الفطر زکاة الف

إقرأ أيضاً:

ملتقى القضايا المعاصرة: الأزهر يسلك سبل التفكير السليم .. وأمامه تعطلت مناهج الملحدين

قال الدكتور محمد الجندي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن التفكير مدعاة إلى التأمل والتدبر والتحليل  والاستنباط، للوصول إلى نتائج منطقية، ونحن في الأزهر الشريف عمدنا إلى التفكير والتدبر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها ممارسة ذهنية حوتها كتب العقيدة بما ينزه الله -تعالى- وانطلاقا بأنه -تعالى-  ليس كمثله شىء، ووجدنا في عملية التفكير مسارات متنوعة، منها ما تبنته العقول السليمة التي أنتجت فكرًا صائبًا وهو ما اعتمدنا عليه فى دراستنا في الأزهر الشريف. 

ملتقى الأزهر: المذهب الأشعري وحده القادر على إنقاذ الأمة من نكباتهاملتقى الأزهر: فترة الدعوة المحمدية بمثابة «ورشة عمل كبرى» لتعليم قيم التعايش

وتابع الجندى، خلال كلمته بملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة -في الليلة السادسة عشر من شهر رمضان- والذي تناول فريضة التفكير والتأمل؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا) ويشير الحديث إلى  العلماء الذين لزموا النهج السليم والتفكير الصائب، أما أصحاب العقول العقيمة من المشككين والملحدين الذين يزعمون إعمال العقل وكأن الله غير موجود، فلا حاجة لنا بفكرهم وطرائقهم، فأمام منهج الإسلام وسبل التفكير السليمة التي نسلكها تعطلت مناهج الملحدين.

من جانبه أوضح الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن التفكير ضرورة إسلامية وعقدية وحياتية، وأن  الله -تعالى- حذر الذين لم يعملوا عقولهم فقال "وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ" أي لو كنا نسمع الهدى أو نعقله، أو لو كنا نسمع سماع من يعي ويفكر، أو نعقل عقل من يميز وينظر، ودل هذا على أن الكافر لم يعط من العقل شيئا على خلاف المؤمن.

وأشار أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم كان يحث أصحابه على التأمل والتفكير وبنى عند المسلمين الأوائل منهجية علمية في التفكير قامت على أساس التثبت وطلب الدّليل، وحررت عقولهم من الخرافة والجهل والتقليد، ودفعتهم إلى النّظر والتأمل وفهم ما حولهم؛ لتتشرب قلوبهم عقيدة الإيمان الصحيحة، فعن ابن مسعود  قال: خط لنا رسول الله ﷺ خطاً، وقال: (هذا طريق الحق) وخط خطوطًا عديدة، وقال: (هذه السبل، على رأس كل منها شيطان، يزينها لسالكيها)، وكان ذلك درسا عمليا لإعمال العقل والتدبر، وكان الصحابة يلزمون التأمل أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم لفهم دينهم وتدبر كتاب الله وما به من المعاني والمقاصد، وعلموا أن التأمل مأمور به انطلاقًا من قوله تعالى: "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ".

ويواصل الجامع الأزهر تقديم دروس التراويح ضمن خطته الدعوية لشهر رمضان المبارك، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والتي تتضمن: مقارئ قرآنية، ملتقيات دعوية، دروسًا علمية، صلاة التهجد في العشر الأواخر، وتنظيم موائد إفطار للطلاب الوافدين؛ وذلك في إطار دور الأزهر في نشر الوعي الديني، وترسيخ القيم الإسلامية.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: الإيمان باسم الرقيب يدفع المسلم إلى التزام التقوى واجتناب الفواحش
  • الإمام الطيب: الإيمان باسم «الرقيب» يدفع المسلم إلى التزام التقوى واجتناب الفواحش
  • أشخاص لا تجب عليهم زكاة الفطر.. اعرفهم
  • ملتقى رمضانيات نسائية بالجامع الأزهر يناقش الجود والإحسان في شهر رمضان
  • درس التراويح بالجامع الأزهر يبيّن الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى
  • حكم تأجيل زكاة الفطر لآخر أيام رمضان .. شاهد رد الإفتاء
  • ملتقى القضايا المعاصرة: الأزهر يسلك سبل التفكير السليم .. وأمامه تعطلت مناهج الملحدين
  • درس التراويح بالجامع الأزهر يدعو للتمسك بخلق التواضع
  • ملتقى الأزهر: المذهب الأشعري وحده القادر على إنقاذ الأمة من نكباتها
  • مجمع الفقه الاسلامي يحدد زكاة الفطر للعام 1446