يجدد فكرة الانتماء والعودة.. هكذا حل يوم الأرض على فلسطيني المخيمات بلبنان
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
بيروت- تأتي الذكرى الـ48 ليوم الأرض الفلسطيني هذا العام محملة بذكريات مؤلمة وتحديات جديدة تواجه الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، مع تجاوز العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة شهره الخامس.
ورغم تراجع الأنشطة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، يظل يوم الأرض رمزا للصمود والمقاومة، إذ تكتسب هذه الذكرى أهمية كبيرة لدى الفلسطينيين، كونها أول انتفاضة شعبية تحدث داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
فعلى مدى 4 عقود وما يزيد، اعتاد الفلسطينيون في المخيمات على إحياء ذكرى يوم الأرض بسلسلة من الفعاليات والأنشطة، ولكن هذا العام كان مختلفا، حيث غابت معظم الفعاليات المعتادة لإحياء هذا اليوم.
نظمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في منطقة صيدا وقفة تضامنية في مخيم عين الحلوة، لتجديد فكرة الانتماء والعودة، وتعبيرا عن التضامن مع غزة، واستنكارا لاستمرار قوات الإحتلال الإسرائيلي بارتكاب المجازر وجرائم الإبادة الجماعية بحق سكان القطاع.
وقال مسؤول العلاقات السياسية للجبهة الشعبية في منطقة صيدا حسين حمدان للجزيرة نت: "هذا يوم من الأيام التي يجسد فيها الشعب الفلسطيني نضاله على أرض فلسطين، والجميع يعلم أن تصدي العدو الإسرائيلي لهذه المظاهرة في يوم الأرض في 30 مارس/آذار، وسقوط عدد من الشهداء من أهلنا في الجليل، يعزز قيمة هذه المناسبة، فهي خرجت من الجليل، أي من الأرض والإنسان الذي اعتقد الإسرائيليون أنه تم تهجينهم".
وأضاف: "نحن نحي كل عام يوم الأرض لتجديد فكرة الانتماء والعودة، يوم الأرض ليس مجرد يوم عادي، بل يجسد حق عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم وبيوتهم ومدنهم ليعيشوا بكرامة، ما يحدث في غزة اليوم يجسد هذه الحالة، حالة الجانب الوطني التي يغفل عنها العالم، فحتى حرب غزة التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول تظهر للعالم أن القضية الفلسطينية لا تزال قائمة، وحية في وجدان الناس".
وعن طبيعة الفعاليات التي أُقيمت بشكل خجول في المخيمات الفلسطينية هذا العام، يوضح حمدان للجزيرة نت: "لبنان كان في السابق الساحة الأولى لدعم القضية الفلسطينية، والآن، بسبب الظروف الاقتصادية والتجاذبات السياسية والحرب، لا نستطيع أن نخوض التحليلات حول سبب التراجع الملحوظ الآن، ولكن بعد انتهاء هذه الحرب، سنقف أمام هذا الموضوع ونتشارك مع الحركة الوطنية اللبنانية، كيف نستطيع تجاوز هذه الصعوبات لصالح لبنان وساحته".
بالمقابل، واكبت منظمة "ثابت لحق العودة" إحياء يوم الأرض من خلال دعوتها لتنظيم مسيرات لإحياء هذا اليوم، وتعبيرا عن التضامن والدعم لأهالي قطاع غزة، وفي حديث للجزيرة نت، أكد المدير العام للمنظمة سامي حمود أن "ذكرى يوم الأرض تأتي وسط الإبادة الجماعية والمجازر والدمار والقتل والتهجير وعمليات التجويع لشعبنا في قطاع غزة، لمدة تقارب 175 يوما متواصلة".
ويتابع سامي حمود: "لا شك أن هذه المناسبة تؤكد على أن استرداد الحقوق، والدفاع عن الأرض والمقدسات لا يأتي إلا بالتضحيات، وخصوصا عندما تكون هناك مقاومة ومواجهة من الشعب الفلسطيني في رد أي عدوان أو أي اعتداء، سواء كان على مستوى الأرض أو المقدسات أو الأسرى أو المرابطين والمرابطات، كما حدث في معركة طوفان الأقصى".
من جهته اعتبر مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" علي هويدي للجزيرة نت أن "اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يحيون ذكرى يوم الأرض بشكل سنوي لتجديد تشبثهم بأرضهم المحتلة وحق العودة".
وأكد هويدي أن الاحتلال إلى زوال، وأن جرائمه بقتل المدنيين ومصادرة الأراضي وتهجير السكان لا تسقط بتقادم الزمن، وقال: "نرى أن معركة الأرض لم تنتهِ في 30 مارس/آذار 1976، بل مستمرة حتى يومنا هذا، مع استمرار سياسات الاحتلال في مصادرة الأراضي وسرقتها، ومحاولاته الحالية في قطاع غزة".
ورأى هويدي أن "العدو يعمل على تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها، لكنه سيفشل في ذلك بسبب صمود أبناء الشعب الفلسطيني الذي عرف الدرس جيدا، ليس فقط منذ 48 عاما في يوم الأرض، بل أيضا بعد مرور أكثر من 75 عاما على النكبة واللجوء، إنهم يتمسكون بأرضهم التي سقط عليها شهداء وقدّمت التضحيات".
وأشار هويدي في حديثه للجزيرة نت إلى أن الأسباب وراء تراجع الفعاليات لهذا العام هو "انشغال الشعب الفلسطيني بمتابعة ما يجري في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية"، وأكد أن "متابعة ما يجري في غزة يتداخل بشكل كامل مع فعاليات هذه الذكرى، إلا أن هناك بعض الأنشطة المقررة مثل المسيرات، والحراك الإعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الشعب الفلسطینی للجزیرة نت یوم الأرض هذا العام قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
فنانون: فكرة رائدة وانفتاحٌ على الثقافات
فاطمة عطفة
يمثل إصدار حكومة دولة الإمارات، في نوفمبر الماضي، مرسوماً بقانون اتحادي لتمكين قطاع الفنون، عبر تنظيم عمل المؤسسات الفنية التي لا تهدف لتحقيق الربح من أعمالها وأنشطتها الإبداعية، وتوفير مجموعة من المزايا لقطاع الفنون والمبدعين، دعماً وتحفيزاً كبيرين لقطاع الفنون، حيث يهدف المرسوم بقانون إلى تعزيز البيئة الفنية الحاضنة للفنون، وتشجيع الإنتاج الفني للأفراد المبدعين واستقطاب الموهوبين والفنانين، وتحفيز اقتصاد الصناعات الإبداعية، إضافة إلى خلق مظلة تشريعية وسياسات عامة موحدة لتنظيم أنشطة المؤسسات الفنية على مستوى الدولة، وإرساء قيم التعايش والانفتاح على الثقافات، من خلال المنتجات الفنية والإبداعية.
يقول الفنان محمد الاستاد لـ «الاتحاد»، إن الدولة تسعى جاهدة للتأكيد على أهمية الفنون بشتى أنواعها، والتي تخدم القطاع الثقافي والفني والأدبي في الدولة، وتعبر عن عمق تلك التجارب للأفراد في كل مجال، كما أنها تحاول أن تجد السبل المثلى، وتوفر الممكنات للارتقاء بهذه الفنون وممارسيها، ومن ثم يتم تمثيل الدولة في المحافل العربية والعالمية. لذلك، تجيء مثل هذه القرارات التي سيكون لها مردود إيجابي كبير.
ويضيف: «الهدف الأساسي هو استقطاب الموهوبين والمبدعين، والعمل على تطويره قدراتهم ومهاراتهم من خلال الدورات والورش الفنية المحلية والعالمية، وإقامة المعارض الفنية لهم، فردية وجماعية، إضافة إلى إجراء مسابقات ذات قيمة عالية، ومن المفترض أن تكون بمثابة (الفلتر) لانتقاء الفنانين الحقيقيين، وتقييم المستويات، وإعطاء اسم فنان لمن يستحق، وكذلك خلق جسور التواصل بين الفنانين محلياً وخليجياً وعربياً وعالمياً لتبادل الخبرات، ومن ثم تقوية الروابط الإنسانية والمعرفية بين البشر».
ويؤكد الأستاد أن السؤال المطروح: هل هناك نتائج حقيقية متطورة في كل عام؟ وكيف يتم قياسها؟ ويرى أن تتم إعادة النظر في الجمعيات والمراكز الفنية الموجودة وإنجازاتها، قبل أن يتم إنشاء غيرها.. وإذا تمت إدارة تلك الجهات بشكل احترافي صادق، فالأكيد أنها فعلاً ستكون جهات حاضنة ومنتجة، وستساهم كثيراً في تطور المحفل الفني والثقافي والأدبي.
ثقافة فنية
بدورها، تقول الكاتبة والفنانة هدى سعيد سيف: هذه المؤسسات الفنية هي منظمات غير ربحية أو جمعيات أهلية، وهي منظمات معفاة من الرسوم، ولكنها تساعد الفرد المنتفع من خدماتها على بناء مشروع ربحي، على سبيل المثال لدي طموح عمل مجلس المرأة الإماراتية للفنون المعاصرة، يمكن من خلاله تقديم ورش ودورات مجانية. وتضيف: الهدف الأساسي من المؤسسات غير الربحية هو إتاحة الفرص أمام الفنان الإماراتي لبناء ثقافة فنية، وإيجاد ذائقة فنية تثري المجتمع الإماراتي.
وترى الفنانة هدى سعيد سيف، من وجهة نظرها، أن الفن توقف عند جيل الثمانينيات على الرغم من الجهود المبذولة والمؤسسات الداعمة للفن، فهناك أسماء فنية تتكرر في المحافل الدولية، وقد زادت الحاجة لأعمال فنية معاصرة. مضيفة أن دولة الإمارات خطت خطوات عملاقة بالمشاركة في بيناليات عالمية، أهمها بينالي البندقية، وهنا تأتي أهمية المؤسسات الفنية غير الربحية لإيجاد روح الفن الأصيل، وإثراء المشهد الفني بالتنوع. هذه المؤسسات الفنية غير الربحية تحتاج إلى حاضنة تتمثل في توفير دعم أولي للفنان، فهو يحتاج إلى تكاتف «الغاليريات» للتطوع بتقديم خدمة مجانية تتمثل في ورش عمل ودورات تدريب وندوات مجانية، مثل الدور الذي قام به مسرح الشباب للفنون.
فكرة رائدة
أما الفنانة خلود الجابري، فترى أن هذا المرسوم فكرة رائدة، وسوف يتيح للفنانين الرواد والشباب تأسيس مؤسسات فنية غير ربحية، مما يفتح المجال أمام مجموعة واسعة من الأنشطة الفنية التي يطمح لها الفنانون، وعرض الأعمال الفنية الابتكارية الأخرى بوجود حرية في فكرة ومساحة العرض، كما أنه يسهم في تعزيز البيئة الفنية، وتشجيع الإنتاج الفني للأفراد المبدعين والموهوبين، وإرساء قيم التعايش والانفتاح على الثقافات من خلال المنتجات الفنية والإبداعية المحلية لتصل للعالمية، كما يسمح بتحفيز الاقتصاد الإبداعي من خلال توظيف الإبداع والفنون لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، وإيجاد فرص عمل من خلال هذه المؤسسات.
وتضيف الجابري أن هذه المؤسسات سوف تزيد في عدد المعارض الفنية في الإمارات، مما سوف يتيح الفرص للفنانين الواعدين لعرض أعمالهم الفنية، كما أنها ستؤدي إلى تنشيط الفنانين في الإمارات العربية، وتشجعهم على إنتاج أعمال فنية جديدة ومبتكرة، إضافة إلى أنها تساعد في تنشيط فكرة الاقتناء من الأعمال الفنية في الإمارات، وهذا سوف يشجع الفنانين على إنتاج أعمال فنية مبتكرة وعالية الجودة، ويؤدي إلى زيادة الطلب على الأعمال الفنية في الدولة.
ومن الفوائد الإيجابية في نظر الفنانة الجابري، أن المرسوم يؤدي إلى زيادة المشاركة في الحراك الفني في الإمارات، وسوف يتيح الفرص للفنانين للتعاون مع بعضهم بعضاً، وتعزيز الفنون في الدولة، والعمل في مجموعات، مما يتيح لهم فرص تبادل الخبرات واكتساب المهارات وتطوير أدواتهم واكتشاف موهوبين. لكن الفنانة تشير إلى أن هناك مخاوف من أن يُستغل ذلك لأغراض تجارية، حيث قد يلجأ بعض الأفراد غير المتخصصين إلى إنشاء مؤسسات فنية غير ربحية بهدف تحقيق مكاسب مالية من خلال مشاريع فنية بغرض الربح أو تحقيق الشهرة. لذلك، من المهم أن يتم تطبيق هذا المرسوم بشكل صحيح، مع ضمان أن يتم استخدام المؤسسات الفنية غير الربحية لأغراضها المحددة، وهي تعزيز الفنون والثقافة في الإمارات العربية المتحدة.
ولاستبعاد أي خوف محتمل، ترى الفنانة خلود أن تخضع الموافقات لتأسيس مؤسسات لشروط مدروسة، ويفضل أن تكون هنالك لجنة من الفنانين المتخصصين والقانونيين وأصحاب الخبرات من الفنانين ممن لهم خبرة طويلة في الوسط الفني منذ البدايات للتقصي وتقييم واستحقاق المتقدمين بشكل عادل وحيادي. وهذا سيساعد في ضمان أن يتم نجاح استخدام المؤسسات الفنية غير الربحية لأغراضها المحددة. وتؤكد الفنانة الجابري أن القيادة الرشيدة تسعى وتحرص دائماً على تعزيز الفنون والثقافة في الإمارات العربية المتحدة، وتعمل على توفير الدعم اللازم للفنانين والمؤسسات الفنية.