ملتقى «باب الريان»: زكاة الفطر وجبت على المسلم تطهيرا للمال ومواساة للفقراء
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر اليوم السبت، فعاليات ملتقي العصر «باب الريان»، بعنوان «زكاة الفطر»، بحضور الدكتور حسني فتحي مصطفي، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، ووكيل كلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان، وعضو لجنة الفتوي الرئيسية بالجامع الأزهر الشريف، والدكتور أحمد عبدالله، الباحث بالجامع الأزهر الشريف، والشيخ محمد عماد الخولي، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية.
في بداية اللقاء، أوضح الدكتور أحمد عبدالله، الباحث بالجامع الأزهر الشريف، أن زكاة الفطر من العبادات التي أوجبها الله على المسلمين في هذا الشهر المبارك، حيث شرعها للصائمين، تطهيرًا للنفس من أدران الشح، وتطهيرًا للصائم مما قد يؤثر فيه، وينقص ثوابه من اللغو والرفث، ومواساة للفقراء والمساكين، وإظهارًا لشكر نعمة الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه، وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة فيه.
وبعث الباحث بالجامع الأزهر برسالة إلى المسلمين قبل نهاية الشهر الفضيل قائلاً «أيُّها المسلمون: ها قد قطعتُم الأكثرَ مِن شهرِ الصيامِ رمضان، ولم يَبقَّ مِنهُ إلا القليلُ جدًّا، فمَن كانَ مِنكُم مُحسِنًا فيما مَضَى فليَحمدِ اللهَ، وليَزْدَدْ مِن البِرِّ والإحسان، ومَن كانَ مُسِيئًا قد فرَّطَ وقصَّرَ، وتكاسلَ وتهاونَ، فليتقِّ اللهَ فيما بَقِيَ، ولِيتَداركَ نفسَهُ فيها فيُحسِنَ إليها بالتوبةِ النَّصوحِ، والإكثارِ مِن الطاعاتِ والقُرباتِ، فبابُ التوبةِ لا يَزالُ مفتوحًا، والله يُحِبُّ التوابين، وهو أرحَمُ بالعبادِ مِن أنفسِهم وأهلِيهم ومَن في الأرضِ جميعًا، ولا يَزالَ في زمَنٍ فاضلٍ مُباركٍ تُضاعَفُ فيه الحسناتُ، وتُكفَّرُ فيه الخطيئات».
من جانبه، أوضح الدكتور حسني فتحي مصطفي، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، أن مفهوم الزكاة في الإسلام يقوم على تطهير مال المسلم عمومًا من دنس الذنوب، بتطهيره من كل خبث يلحق به، وكذلك تزكية النفس لترتفع من منازل أهل الامتناع والنفاق إلى منازل الإخلاص، مبينا أن زكاة الفطر شرعت لتحقق طهارة بدن المسلم من ارتكابه للرفث أو اللغو أثناء صيامه فضلًا عن طهارة ماله؛ وهو ما يعد أقصى درجات الطهارة الإيمانية التي يقصدها الإسلام من أحد أركانه الأساسية.
وبيّن أستاذ الفقه المقارن أن زكاة الفطر فرض على من توافرت في حقه شروط أدائها، وهو من ملك صاعًا زائدًا عن قوت يوم وليلة فقد وجب عليه إخراجها، وذلك على المختار من أقوال الفقهاء، موضحا أن إخراجها للفقير والمسكين يحقق المقصود منها بكونها طعمة لهما، وإظهارًا للرفق بهما بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد وليلته، وإدخال السرور عليهم في يوم يُسَر المسلمون بقدوم العيد عليهم.
وأكد أستاذ الفقه المقارن، أنه لا داعي للجدل المثار في هذا الوقت من كل عام هل تخرج زكاة الفطر عينًا من غالب قوت البلد وفقًا للأصناف الواردة في حديثه ﷺ كما في قول بعض الفقهاء، أم يجوز إخراجها بالقيمة على القول الآخر؟ موضحا أن الأمر على السعة للمسلم، وأن الضابط في اختياره لأحد القولين هو مصلحة الفقير، فأينما وجدت وتحققت مصلحة الفقير كان الإخراج عينًا أو بالقيمة وكلاهما جائز ولا داعي للتشدد والجدل في المسألة.
من جانبه تناول الشيخ محمد عماد الخولي، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية، عددا من المسائل والأحكام الخاصة بزكاة الفطر أبرزها؛ وجوب زكاةُ الفِطرِ على المسلمِ الحَيِّ، سواء كانَ ذَكَرًا أو أُنْثى، صغيرًا أو كبيرًا، حُرًّا أو عبدًا، موضحا أن الجَنينُ الذي لا يَزالُ في بطنِ أُمِّهِ لا يَجبُ إخراجُ زكاةِ الفِطرِ عنه، وإنَّما يُستحبُ باتفاقِ المذاهب الأربعة، وقد كانَ السَّلفُ الصالحُ يُخرجونَها عنهم، كما أن المجنونُ يَجبُ إخراجُ زكاةِ الفِطرٍ عنه،
كما يجوزُ أنْ تُخرَجَ زكاةُ الفِطرِ قبْلَ العيدِ بيومٍ أو يومين، لِمَا صحَّ عن تلميذِ الصحابةِ نافعٍ ــ رحمه الله ــ أنَّه قال: (( كَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ))، والأفضلُ باتفاقِ العلماءِ أنْ تُخرَجَ في يومِ عيدِ الفطرِ بعدَ صلاةِ فجْرهِ وقبْلَ صلاةِ العيد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أستاذ الفقه المقارن بالجامع الأزهر زکاة الفطر زکاة الف
إقرأ أيضاً:
خطيب الجامع الأزهر يوضح أهمية مواسم العبادات في توجيه المؤمنين
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور حسن الصغير، المشرف العام على لجان الفتوى بالجامع الأزهر، والأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشئون العلمية والبحوث، والتى دار موضوعها حول مواسم الطاعات والخيرات.
وقال الصغير، إنه من جميل صنيع الشرع الحكيم أنه يشرع من العبادات ما فيه مصلحة الإنسان والخلق أجمعين، كما أنه سبحانه وتعالى يهدي الناس إلى الطريق المستقيم ويعينهم عليه، قال تعالى:﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.
وأشار الصغير إلى أن المتأمل في مواسم العبادات والطاعات، لاسيما الموسم الأكبر الذي مضى قريباً شهر رمضان المبارك، تتجلى أمامه ما في شريعة الله من حكم وغايات، وهذا أمر لا يصدر إلا من الله عزّ وجلَّ الرحمن الرحيم، الذي يفرض على العباد العبادات والتكليفات ويعينهم عليها ويهديهم إليها، والعظيم في ذلك أنه يأمرهم وينهاهم لما فيه مصلحتهم ولا يترك أحدًا منهم، بل يعينهم ويهديهم ويحثهم ويناديهم إلى الطريق الذي فيه نجاتهم.
وتابع بقوله: كان رمضان الموسم الأعظم في الخيرات والطاعات والعبادات، والمتدبر له يجد أن المولى عزّ وجلَّ قدم له بموسمين عظيمين في شهري رجب وشعبان، وفي كل موسم منهما من الطاعات والقروبات ما يعين العبد على استقبال رمضان، فرجب شهر الله الحرام الذي يضاعف فيه الثواب، والصيام فيه مندوب لأنه شهر حرام، وشهر شعبان الذي بين رجب ورمضان، كان أكثر صيام النبي فيه، فلما سئل عن ذلك، قال "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب رمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم"، فهذه تهيئة لصيام رمضان، الذي كل مرحلة منه تفضي إلى الثانية، ولذا فإن الهداية في رمضان متعددة الجوانب، هداية إلى الصيام الذي هو السبيل إلى التقوى، وهداية إلى القيام الذي هو السبيل إلى الإخلاص والطاعة وتوحيد العبودية لله، وهداية إلى القرآن الذي فيه نظام حياتنا، ومعاشنا ومعادنا، وفيه أيضاً فضل ليلة القدر وزكاة الفطر التي فيها الكرم والجود والسخاء، فهى طعمة للفقير والمسكين وطهرة للصائمين من اللغو والرفث فهى تدل على الاستفادة من درس العبادة، وبأن الله يغفر الذنوب، وبأن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
وأضاف المشرف العام على لجان الفتوى: عند نهاية رمضان أدبنا المولى سبحانه وتعالى بعيد الفطر لكي نكمل العدة، فقد تقدمنا بالصيام والقيام والطاعات وصدقة الفطر، ثم يأتي يوم العيد للفرح والسرور، ثم هدانا المولى عزّ وجلَّ إلى حقيقة الشكر، يقول تعالى: ﴿إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾. وهدانا إلى ما بعد رمضان من الحفاظ على الحال التي كنا عليها في رمضان، تنبيهٌ من المولى جل وعلا، إلى أننا كنا في موسم تعلمنا فيه الكثير، فعلينا أن نضبط أنفسنا ونحكم شهواتنا، ونتأدب مع ربنا، ونحسن التعامل مع الناس، ونتحلى بالكرم، ومع ذلك خشى المولى عزّ وجلَّ أن ينصرم عنا رمضان ولم نستفد منه بشىء، فذكرنا بقوله: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.