استعدادا لأي معارك محتملة، يعيد مشاة البحرية الأميركية تجهيز طرق قتالهم بشكل يجعلهم قادرين على تغطية ساحة معركة تنتقل بين الجزر الآسيوية، وبمواجهة قوات تتمتع بميزة الارتكاز إلى اليابسة.

وينقل تقرير من صحيفة "واشنطن بوست" أن الجيش الأميركي شكل وحدات جديدة مثل فوج "3rd Marine Littoral"، وهي وحدة صغيرة العدد، أخف وزنا وأكثر قدرة على الحركة، يرى قادتها أنها، في الوقت ذاته، تظل أكثر فتكا بالأعداء.

وبعد 20 عاما من القتال البري في الشرق الأوسط، يسعى مشاة البحرية جاهدين للتكيف مع معركة بحرية، يمكن أن تدور عبر آلاف الأميال من الجزر والسواحل في آسيا.

وبدلا من شن هجمات برمائية تقليدية، تهدف هذه المجموعات الذكية إلى تمكين قوة مشتركة، عبر جمع المعلومات الاستخباراتية والبيانات ومشاركتها بسرعة، لمساعدة أسطول المحيط الهادئ والقوات الجوية على صد أي عدوان على الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء، مثل تايوان واليابان والفلبين.

وينظر إلى هذه الأفواج الجديدة على أنها جزء من استراتيجية أوسع لمزامنة عمليات الجنود والبحارة ومشاة البحرية والطيارين الأميركيين، مع جيوش الحلفاء والشركاء في المحيط الهادئ.

وينصب تركيزها على مساحة كبيرة، تمتد من اليابان إلى إندونيسيا، وترى الصين أن هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها حوالي نصف مساحة الولايات المتحدة، تقع ضمن مجال نفوذها.

ويقول محللون إن تلك الاستراتيجية الشاملة واعدة. لكنها تواجه عقبات كبيرة، خاصة إذا اندلعت الحرب، وفق الصحيفة.

وبين تلك العقبات، التحديات اللوجستية بمنطقة بحرية شاسعة، والقدرة على تسليم المعدات والتقنيات الجديدة في الوقت المناسب،  إذ تعقدها معارك الميزانية في الكونغرس، وصناعة الدفاع المجهدة، فضلا عن عدم اليقين بشأن ما إذا كان الشركاء الإقليميون مثل اليابان سيسمحون للقوات الأميركية بالقتال من جزرهم.

وتشير الصحيفة إلى أن عدم اليقين هذا يمثل العامل الأهم بالنسبة للتخطيط، إذ ترى بكين أن الاستراتيجية الأميركية لتعميق التحالفات الأمنية في المحيط الهادي تصعيدية، مما يثير قلق بعض المسؤولين في الدول الشريكة، الذين يخشون الانجرار إلى صراع بين القوتين.

ووسعت بكين نطاق وصولها في المحيط الهادئ، وبنت جزرا اصطناعية للمواقع العسكرية في بحر الصين الجنوبي، وسعت إلى توسيع القواعد في المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك منشأة بحرية في كمبوديا، تقول المخابرات الأميركية إنها مخصصة للاستخدام الحصري من قبل الجيش الصيني.

وتمتلك الصين أكبر جيش وقوة بحرية وجوية في المنطقة، وتتمتع أيضا بميزة ميدانية محلية. ولديها حوالي مليون جندي، وأكثر من 3000 طائرة، وأكثر من 300 سفينة جاهزة لأي حرب محتملة، فيما يجب على السفن والطائرات الأميركية السفر آلاف الأميال، أو الاعتماد على موافقة الحلفاء لنشر القوات والأسلحة.

وتعد تايوان، الشريك المقرب للولايات المتحدة، الهدف المباشر لمرمى النيران الصينية، ووعد الرئيس شي جينبينغ بإعادة توحيد الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي مع البر الرئيسي للصين بالقوة، إذا لزم الأمر.

لكن سلاح مشاة البحرية الأميركية لديه مخطط للرد، يسمى "تصميم القوة" يشمل الانتشار الأمامي لمشاة البحرية، ووضع الوحدات على خط المواجهة مع جعلها غير مكشوفة، قدر الإمكان للرادار، أو أي رصد إلكتروني الآخر.

والفكرة، تنقل الصحيفة، هي استخدام تلك القوات "الاحتياطية" التي تصل إلى الآلاف في مسرح العمليات في أي وقت، لتمكين القوة المشتركة الأكبر من نشر قوتها الجماعية بمواجهة العدو.

وبحسب الخبراء، يتوقع أن يكون التشكيل الجديد هو الأول على الأرض في أي صراع، حيث يمكنه، على سبيل المثال، جمع المعلومات لإرسال إحداثيات إلى قاذفة B-1 تابعة للقوات الجوية حتى تتمكن من إطلاق صاروخ على فرقاطة صينية على بعد مئات الأميال.

كما يمكن إرسال بيانات الهدف إلى الفلبين مثلا ليتم توجيه صاروخ كروز إلى مدمرة في بحر الصين الجنوبي، المتنازع عليه. 

ورغم أن مشاة البحرية لم تعد مثقلة بالدبابات، فإن فريق القتال الساحلي التابع للوحدة الجديدة، وهو كتيبة مشاة، سيقوم بتشغيل أسلحة متطورة يمكنها إطلاق صواريخ على سفن العدو على بعد 100 ميل بحري للمساعدة في منعه من الوصول إلى نقاط الصراع البحرية الرئيسية، مثل مضيق تايوان.

وتقول الصحيفة إنه بحلول أكتوبر، سيكون لدى كل فوج بحري ساحلي 18 قاذفة من طراز "Rogue NMESIS" قادرة على إطلاق صاروخين هجوميين بحريين في وقت واحد.

ولتجنب كشف "NMESIS" بالرادار، يحرص مشاة البحرية على أن يكون نصب القاذفات بشكل متباعد، كما سيتم تمويهها وتحريكها بشكل متكرر، بالإضافة إلى التواصل بشكل متقطع فقط، وهو تكتيك اختبر مؤخرا في أوكرانيا.

وتنقل الصحيفة عن قائد الوحدة الجديدة قوله إن الدور الأكثر قيمة للوحدة ليس شن ضربات قاتلة. بل القدرة على "رؤية الأشياء في ساحة المعركة، والحصول على بيانات الاستهداف، وفهم ما يجري عندما لا يستطيع الآخرون ذلك"، لأن البنتاغون يتوقع، في حرب محتملة مع الصين، أن يتم التشويش على الأقمار الصناعية الأميركية أو تدميرها وتعطيل شبكات الكمبيوتر الخاصة بالسفن.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: مشاة البحریة فی المحیط

إقرأ أيضاً:

الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخ

تعد الحيتان أكبر الكائنات على الأرض، لكن دورها في النظم البيئية للمحيطات يتجاوز حجمها المهيب، إذ تُسهم بشكل كبير في تنظيم المناخ العالمي والحفاظ على التنوع البيولوجي.

وتؤدي الحيتان بأنواعها دورا حيويا في مكافحة تغير المناخ من خلال تحفيز دورة المغذيات، وتخصيب العوالق النباتية الممتصة للكربون، والعمل كمخازن للكربون عبر أجسامها. وتعزز حركتها العمودية بين طبقات المحيط صحة وإنتاجية النظام البيئي البحري، وتدعم استقرار المناخ العالمي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مستويات سطح البحار ارتفعت أكثر من المتوقع في 2024list 2 of 2غرينلاند توقف مشروعا لأسباب بيئية وتواجه تعويضات بأضعاف موازنتهاend of list

تغوص الحيتان في أعماق المحيط لتتغذى على فرائس غنية بالمغذيات بكميات كبيرة، مثل الحبار والأسماك والكريل (نوع من المفصليات البحرية) وغيرها، وبعد تناولها الطعام، تعود إلى السطح للتنفس، وأحيانا للتكاثر وفي أثناء ذلك، تُطلق المغذيات التي ابتلعتها من فرائسها على شكل أعمدة برازية على سطح المحيط.

ويشكل ذلك طبقة غنية بالمغذيات الأساسية، مثل الحديد والفوسفور، التي تُخصّب العوالق النباتية، مما يُهيئ ظروفا مثالية لنموها السريع، ويؤدي إلى ما يُعرف بـ"ازدهار العوالق النباتية".

والعوالق النباتية (Phytoplankton)‏ كائن ذاتي التغذية ضمن فصيلة النباتات الصغيرة المجهرية التي عادة ما تنجرف في الطبقات العليا من المحيط، وتستهلك العناصر الغذائية والطاقة الضوئية لإنتاج الكتلة الحيوية. وفي بيئة غنية بالمغذيات، قد تزهر العوالق النباتية وتمتد لتشكل مصدرا غذائيا رئيسيا لعديد من الأنواع البحرية الأساسية لكلّ من شبكات الغذاء المحيطية.

إعلان

وتعد العوالق النباتية صغيرة الحجم لكنها قوية، وهي البطل المجهول لدورة الكربون على الأرض. وتمتص هذه الكائنات الضوئية الصغيرة حوالي 40% من الكربون الثابت سنويا على مستوى العالم، وتنتج ما يقرب من نصف الأكسجين في العالم، مما يجعلها أساسية لاحتجاز الكربون عالميا، وهي المسؤولة عن معظم عملية التمثيل الضوئي على الأرض، وتلعب دورا حيويا في تنظيم المناخ.

وحتى عندما تموت العوالق النباتية وتغرق في قاع المحيط، فإنها تحتجز الكربون في رواسب أعماق المحيط. وفي نهاية المطاف، تُعد العوالق النباتية أساسية لاحتجاز الكربون وتخزينه طويل الأمد، إذ إن لها دورا حاسما في تنظيم المناخ العالمي.

الحيتان تحفّز نمو العوالق النباتية عبر سلوكها الغذائي وحركتها داخل المحيط (الأوروبية) خزان للكربون

نظرا لتأثير الحيتان الإيجابي والأساسي على نمو العوالق النباتية، فإن الحفاظ عليها يرتبط ارتباطا مباشرا بالحفاظ على استقرار المناخ، ولا تساعد الحيتان في الحفاظ على إنتاجية المحيطات فحسب، بل إن كتلتها الحيوية الكبيرة وأجسامها الضخمة لها دور مهم في تخزين الكربون.

وتشير الدراسات الإحيائية إلى أن الحيتان تخزن على مدار حياتها ما معدله 33 طنا من الكربون، مقارنة بـ12 طنا تخزنها شجرة بلوط مثلا. ويرجع ذلك إلى حجمها الكبير وأعمارها الطويلة التي تتراوح بين 45 و90 عاما، بينما تشير بعض الدراسات إلى أن الحوت "مقوس الرأس" يتجاوز عمره على الأرجح 200 سنة.

وباعتبارها من الحيوانات المفترسة الرئيسية، تخزن الحيتان الكربون عن طريق استهلاك الفرائس من المستويات الغذائية الدنيا الغنية بالكربون أيضا.

وحتى عندما تموت، تغرق أجسادها في قاع البحر، حيث يُخزن الكربون لقرون أو حتى آلاف السنين. وحتى مع تحلل جثة الحوت يندمج بعض الكربون في رواسب المحيط، مما يؤدي إلى عزله بشكل فعال.

إعلان

وبالإضافة إلى ذلك، تتغذى كائنات أعماق البحار على الجثة، حيث تعيد تدوير جزء من الكربون من خلال النظام البيئي بدلا من إطلاقه مرة أخرى في الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون.

انخفاض أعداد الحيتان يُحدث تأثيرات واسعة النطاق على النظم البيئية البحرية(غيتي) عملاق تحت التهديد

ويقدر علماء الأحياء أن هناك ما يزيد قليلا على 1.3 مليون حوت في المحيطات، أي ربع عددها سابقا والذي كان يتراوح ما بين 4 إلى 5 ملايين، وهناك نحو 90 نوعا من الحيتان المختلفة الأحجام.

ويعد الحوت الأزرق أكبر حيوان على وجه الأرض. ويمكن أن يصل طوله إلى 30 مترا ويتراوح وزنه ما بين 100 و150 طنا، أي ما يعادل 340 فيلا بالغا، بينما قد يصل وزن قلبه إلى 600 كيلوغرام، أي وزن سيارة صغيرة.

وعلى الرغم من دورها الحيوي في الحد من آثار تغير المناخ وصحة النظام البيئي، تواجه الحيتان تحديات غير مسبوقة من أجل البقاء، وجراء الأنشطة البشرية غالبا تتعرّض أعداد الحيتان للخطر، بدءا من ابتلاع البلاستيك وصولًا إلى التلوث الضوضائي وتغير المناخ والصيد الجائر.

ويعد التلوث البلاستيكي نفسه عدوا للحيتان، فكثيرا ما تبتلع الحيتان قطع البلاستيك، مما يؤدي إلى انسداد هضمي، وتعرضها لمواد كيميائية سامة، ومشاكل صحية خطيرة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، عندما تستهلك الكائنات البحرية الصغيرة البلاستيك، فتتراكم السموم في السلسلة الغذائية وتؤثر على الحيتان بكميات مركزة.

من جهة أخرى، تعتمد الحيتان على أنظمتها السمعية في الملاحة والتواصل والبحث عن الطعام والتكاثر. ولذلك، يُشكل التلوث الضوضائي الناتج عن أنشطة بشرية، مثل النقل البحري وأجهزة السونار والاختبارات الزلزالية، تهديدا كبيرا قد يؤدي إلى نفوق الحيتان. وقد ثبت أن التلوث الضوضائي يُعطّل تواصل الحيتان ويؤثر على أنماط هجرتها وسلوكيات تكاثرها.

إعلان

كما يُسبب ذلك ضغوطا نفسية طويلة الأمد، وفي بعض الحالات، قد يُؤدي إلى نزيف في الدماغ، وقد ارتبط ذلك أيضا بجنوح الحيتان. ويُشكل تغير المناخ السريع تحديا إضافيا لبقاء هذه الحيتان من خلال تغيير مسارات هجرتها، وتدهور موائلها، وزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض.

في عام 1986 حظرت "اللجنة الدولية لصيد الحيتان" صيد الحيتان لأغراض تجارية، لكن بعض الدول والشركات واصلت عمليات الصيد، إذ تشير التقارير إلى قتل أكثر من 40 ألف حوت، مما قوّض جهود التعافي.

ويلقي انخفاض أعداد الحيتان بتأثيراتٍ واسعة النطاق في جميع أنحاء النظم البيئية البحرية، ويُسرّع من تغيّر المناخ. فمع تناقص أعداد الحيتان، تتضاءل دورة المغذيات، مما يُؤدي إلى انخفاض نمو العوالق النباتية. لذلك، فإن حمايتها لا تتعلق فقط بالحفاظ على الأنواع، بل تعد خطوة حاسمة في مكافحة تغير المناخ واستعادة الاستقرار على الكوكب.

مقالات مشابهة

  • بارزاني وطالباني يؤكدان أهمية تشكيل الحكومة الجديدة بأقرب وقت
  • الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخ
  • العثور على رجل تائه في المحيط الهادي منذ 3 اشهر
  • أكبر خرق إسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار: قوة مشاة في عديسة رغم انتشار الجيش
  • بدء حفل ياسين التهامي بحضور وزير الأوقاف بمسرح التليفزيون
  • تستعد للقتال - إسرائيل: حماس تعزز نفوذها وقبضتها على غزة وهذا ما طرحته
  • قائد الفرقة ١٨ مشاة يشيد بجهود لجنة جرحى ومصابي العمليات بالنيل الأبيض
  • ولي العهد يهنئ رئيس وزراء كندا بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة
  • ولي العهد يهنئ السيد مارك كارني بمناسبة تشكيل حكومة كندا الجديدة
  • ولي العهد يهنئ السيد مارك كارني بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسته وأدائه اليمين الدستورية رئيسًا لوزراء كندا