لجريدة عمان:
2024-09-19@05:40:19 GMT

«لماذا نكتب؟».. بين صراحة الإجابة والمجاملة

تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT

«لماذا نكتب؟».. بين صراحة الإجابة والمجاملة

لماذا نكتب؟ هل للكتابة جدوى في هذا الزمن المليء بحداثة الصورة بكل تمفصلاتها وتجلياتها والتي تطارد الإنسان حيثما حلّ؟ وهل على الكتّاب أن يرفعوا أقلامهم إلى الأبد ويفسحوا المجال للذكاء الاصطناعي كي يقوم بصياغة النص الإبداعي اللامحدود وتلبية احتياجات القراء الأدبية والفكرية والفنية إلى آخره؟

هذا الكتاب «لماذا نكتب» للكاتبة ميريديث ماران، هو عبارة عن حوارات أجرتها الكاتبة مع مجموعة من الكتّاب الذين يحاولون الإجابة على هذا السؤال الصعب والمصيري «لماذا نكتب؟».

في البدء أتذكر رأي الكاتب جورج أورويل عن مقالته المنشورة سنة 1946 «لماذا أكتب؟» التي وضع فيها قائمة بأربعة دوافع عظيمة للكتابة: أولًا «الأنانية المطلقة» وهي أن تكتب ليتم التحدث عنك وأن يتم ذكرك بعد الوفاة، أما ثانيًا فـ«الحماسة الجمالية» وهي مسرّة تأثير وقع صوت على آخر، في انضباط النثر الجيد، وأما ثالثًا فـ«الدافع التاريخيّ» وهي الرغبة برؤية الأشياء كما هي وحفظها من أجل الأجيال القادمة، وأخيرًا «الغرض السياسي» وهو الرأي والموقف من الأشياء.

تستهل ميريديث حوارها الأول مع الروائية التشيلية الجميلة «إيزابيل الليندي» التي تعد هرمًا في الأدب اللاتيني، إذ تجيب الليندي على سؤال لماذا نكتب؟ بجواب غير عادي، فتقول: «الكتابة أشبه بممارسة الحب، فهي مهمة جدا بالنسبة إليّ حين أجد الكلمة المحددة التي ستخلق الشعور أو تصف الحالة». حيث تشرح الليندي حالتها النفسية قبل الشروع في أي عمل كتابي الذي يبدأ بتاريخ الثامن من يناير في كل سنة جديدة، إذ تهيئ مساحتها الملموسة وتفتح المعاجم وتنظم المسودات الأولى والمواد التي تحتوي على بحوث العمل الجديد، وتظل منكبة على مكتبها لمدة أربع عشرة ساعة، فتقول: «إن لغة الكتابة هي ما يهم ولا شيء آخر».

كما حاورت ميريديث أيضا الكاتب «ديفيد بالداتشي» الذي رشحته مجلة «people» ضمن أجمل 50 شخصا في العالم، إذ يجيب على سؤال لماذا نكتب؟ بأن لو كانت الكتابة جريمة، لكان هو في السجن، فلا يمكن ألا يكتب، فالكتابة كما يراها هي فعل قهري، لا تجعلك تشعر بالرضا عن نفسك وحسب، بل تشعرك بالرضا عن كل شيء.

وفي الفصل الرابع من الكتاب، حاورت ميريديث الكاتب «جيمس فري» الذي حقق كتابه «مليون قطعة صغيرة» أعلى المبيعات في أمريكا، فكان مبتدأ الحوار حول لقائه في عام 2006 مع أوبرا وينفري حين اتهمته بأنه شوّه نفسه في الوقت الذي خدع فيه ملايين القراء، حين قام بفبركة الكثير من تفاصيل حياته التي تتعلق بسيرته الإجرامية وأحكام السجن التي صدرت بحقه، لكن رد جيمس فري كان قويا ودون تبريرات حين قال: «بصراحة لدي عائلة وأحتاج إلى النقود، ولا يوجد قواعد في الفن الحقيقي. ليس عليك الكتابة تحت شكل أدبي معين، ولا يهم إن كنت درست في جامعة متخصصة أو حصلت على شهادة في الكتابة الإبداعية، إما أن تستطيع الكتابة أو لا».

بعدها تنتقل ميريديث لحوار الكاتبة «سارة جروين» وكيف كتبت رواية «ماء للفيلة» التي بيع منها أكثر من خمسة ملايين نسخة، وترجمت إلى سبع وخمسين لغة، وصنع منها في عام 2011 فيلم من بطولة ريز وثيرسبون، فتجيب سارة: «قرأت كل شيء منذ ألكساندر بوب وحتى ألكساندر سولجينيتسين، وما عرفته هو أن الكتابة مرتبطة بالقراءة، وإذا أردت أن تكتب فعليك أن تقرأ».

وأما الكاتبة «كاثرين هاريسون» التي اشتهرت بسيرتها الذاتية «القبلة»، التي وضعتها في القائمة القصيرة للكتاب الأمريكيين المعاصرين اللامعين الذين لا يعرفون الخوف، ترد على سؤال لماذا نكتب؟ فتقول: الكتابة هي أداة تفسير العالم، أي بما معناه أن الكتابة هي من يشرح العالم من حولنا، وهو الوصف نفسه تقريبا الذي أدلى به الكاتب «سباستيان جنجر» في الكتاب حين قال: إنني أكتب لنفسي، فأنا أسعى لمعرفة العالم والكتابة هي سبيلي في هذا الأمر.

والعجيب عند الكاتبة «ماري كار» التي كان كتابها «نادي الكذبة» متصدرًا على قائمة النيويورك تايمز لأكثر من سنة، محققا لها مكانة بارزة في الساحة الأدبية الأمريكية، فتقول ماري إنها عادة ما تمرض بعد أن تنهي عملًا كتابيًّا، والصلاة هي التي تجعلها تجتاز هذا الشيء، وإن الكتابة هي الطريق للحلم والاتصال بالآخرين وزيارة الموتى، إذ تردف ماري وتقول: تمر بي أحيان أسأل الرب فيها أن يمنحني الشجاعة لأكتب الحقيقة ولا يهم ما هي. ذكرتني ماري بمقولة همنجواي: «أريد أن أكتب جملة صادقة واحدة» وهذا يفسّر أن أغلب الكتّاب العظماء يعانون.

ومن غرائب الكاتب «مايكل لويس» يقول عن تجليات الكتابة: أمرُّ بتغيرات فسيولوجية غريبة أثناء الكتابة، تتعرق يداي حتى تبتل لوحة المفاتيح، وتخبرني زوجتي بأنني أثرثر بصوت مرتفع، وكما يبدو أني أضحك بصورة هستيرية، وذات مرة كنت أراجع أحد السيناريوهات، وزوجتي -في الغرفة المجاورة- أخبرتني بأنني كنت أمثّل الأدوار والحوارات المكتوبة دون انتباه مني.

وعن الكاتب «آرمستد ماوبين» يجيب عن «لماذا نكتب؟»: إنها طريقتي لفهم كوارثي، ولترتيب بعثرة الحياة، وأيضا سبب آخر لكتابتي: ما زلت أدفع دين المنزل الذي أعيش فيه، وهذا باختصار.

وأخيرا نقف مع الكاتبة «تيري ماكميلان» حيث ترد على هذا السؤال فتقول: أكتب لأتخلص من جلدي الميت، ولأكتشف لماذا يفعل الناس الأشياء التي نفعلها لبعضنا البعض، والكتابة تشعرني كما لو كنت في حالة حب.

وفي الختام حاولت أن اختار بعض ما قيل في هذا الكتاب، ورأي البعض من الكتّاب النخبة، ولا ضير أن أضع رأيي هنا، فبعض الكتّاب كان مجاملا والبعض الآخر كان صريحا جدا في إجابته عن هذا السؤال المهم، ولا شك أن هذا السؤال ملحميّ لكل كاتب حقيقي، وسيظل يمجد فيه إلى آخر حياته، وكما قيل بالنسبة للإنسان الذي لم يعد لديه وطن، تصبح الكتابة مكانًا له ليعيش فيه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا السؤال

إقرأ أيضاً:

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. وينك يا زلمة؟

وينك يا زلمة؟

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 17 / 3 / 2014

بالصدفة صار طبيباً، مع أن هناك من يقول أنه لم يدرس الطبّ على الإطلاق ، وان شهادته لا تتعدّى دورة تدربيية حول التعامل مع «فطريات الإبط» من إحدى دول أوروبا الشرقية ، لكثرة ما «يمعط» بطولات من «تحت الإبط».
وبرغم كل تيارات التشكيك بشهادته، إلا أن المحيط العائلي أصرّ على جعله طبيباً في نظر الجيران والأقارب وبدأوا يتداولون لقبه ويعطونه مركزاً متقدّما وهالة واسعة في التعامل.. زيحوا للدكتور..صبّوا للدكتور..اعزموا الدكتور…لا تنسوا #الدكتور…شاوروا الدكتور..الخ!.
ولأن الدكتور يعرف نفسه جيّداً..ويعرف أن «دبساته ميّ»…كان كلما فتح أمامه أي موضوع طبيّ ينسلّ بخفة وينسحب من الجلسة دون أن يشعر به احد…كي لا يحرجه «ثقيل دم» ويسأله عن رأيه الطبي!!..وإذا ما «تزانخ» أحدهم وسأله : وين يا دكتور؟..فإنه سيتحجج بضرورة «إحضار زوجته من عند نسايبه» أو «عنده مناوبة»..
الأنكى من كل ذلك، في قمّة الحاجة إليه كان يتوارى عن الأنظار ولا يعود له أي أثر …قبل سنوات «تشردق» فالح الأطرم بــ»بربيش معلاق» ، وأوسعوا أولاده الباب طرقاً وتخبيطاً لإنقاذ الوالد، الا ان الدكتور كان مختبئاً ببيت الدرج حتى ذهبوا من أمام الدار، ولولا لطف الله ومهارة «المطهّر» أبو قاسم كان فالح الاطرم الآن في عداد الموتى ..في اليوم التالي وأثناء صلاة الجمعة عاتبه أحد أبناء الحاج الأطرم: وينك يا زلمة مبارح…راح ما يروح الحجي ؟..فردّ الدكتور: آآآآخ لسوء حظي والله…كان عندي 23 عملية قلب مفتوح وللساعة 2 بالليل تا خلّصت!…فيتجرّع السائل الإجابة ولا يناقش بدقّتها ..لأن رجب صاحب «معّاطة»الجاج لا يستطيع أن «يفري 23» دجاجة في اليوم الواحد!…
وفي موقف آخر ..وهو مستلق ويتفرّج على أفلام الكرتون ابتلع ابن شقيقة الدكتور «صفيّرية».. وصار كلما أراد ان يتنفّس أو يتكلّم يزمّر، حتى بكاءه صار تزميراً متقطعاً.. هرعت العائلة الى منزل الطبيب بعد منتصف الليل وبدأوا بقرع الجرس والمناداة بصوت مرتفع ، حتى فتحت زوجته شق الباب واعتذرت لعدم وجود الدكتور في البيت : وأردفت انه ذهب مسرعاً لأحد المستشفيات بعد أن رأى الجوّ ممطراً والموسم مبشّراً فقرر «زراعة» نخاع شوكي لمريضه في الحال ..وعادت اخته وزوجها وأعمامه يهرولون بالولد والولد «يزمّر» الى ان تم إخراج «الصفيرية» مع بزوغ الفجر بمساعدة السيد وجيه كهربجي السيارات..
في اليوم التالي تمت مصادفته في المخبز…فعاتبه أبو نسب: وينك يا دكتور..راح ما يروح الولد مبارح؟…فيرد الدكتور: آآآآخ لسوء حظي والله.. زرعت مبارح ثلاثة نخاعات ، ..وكنت بدي اكملهم ع الخمسة بس الحبل الشوكي ما كفّى…فتجرّع أبو نسب الإجابة ولم يناقش بدّقتها..

مقالات ذات صلة “كهرباء إربد”: رسائل نصية لمواطنين في اربد بقيمة فاتورة الكهرباء 2024/09/18

بعض الشخصيات الوطنية والسياسية مثل الدكتور أعلاه…(عمرنا ما احتجناه ولقيناه…بالظروف العادية كل يوم ندوة ومحاضرة وأكثر …وعند الطوارىء تجده ذاب وتبخّر)…

أحمد حسن الزعبي

#79يوما

#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي

#صحة_احمد_في_خطر

#سجين_الوطن

مقالات مشابهة

  • لماذا سرّعت إسرائيل تفجير أجهزة ” البيجر ” التي يستخدمها حزب الله؟.. مسؤول أمريكي يكشف السر
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • موعد إعلان نتيجة تظلمات الثانوية العامة الدور الثاني 2024
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. وينك يا زلمة؟
  • مركز أبوظبي للغة العربية يصدر «تاريخ الكتابة»
  • كيف تتغير أدمغة النساء أثناء الحمل؟ العلماء يقدمون الإجابة
  • "أبوظبي للغة العربية" يصدر "تاريخ الكتابة"
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. تحت الشبابيك
  • لا يشبه ذوقان عبيدات أحدًا في الكتابة
  • أهل مصر .. أسس الكتابة والأداء المسرحي بورش ملتقى أطفال المحافظات الحدودية