غزة – "الخذلان قتل أخي عَمرا"، هذا ما تؤمن به آلاء أبو قاسم، وتقول "أصيب عمرو بصواريخ الاحتلال الإسرائيلي واستشهد بسبب تخاذل العالم وعدم استجابته لاستغاثته من أجل العلاج بالخارج".

في 12 يناير/كانون الثاني الماضي دمرت غارة جوية إسرائيلية منزل عائلة أبو قاسم فوق رؤوس ساكنيه في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ونجت آلاء (30 عاما) وأصيب شقيقها عمرو (19 عاما) بجروح وحروق في أنحاء جسده.

كانت حالة عمرو تستدعي سفره بسرعة إلى الخارج لتلقي علاج ينقذ حياته، لكن روحه فاضت في "مستشفى شهداء الأقصى" في دير البلح نتيجة ما وصفته آلاء بـ"الخذلان والمماطلة".

أسرة عمرو أبو قاسم تقول إنه استشهد بسبب الخذلان والمماطلة في سفره للعلاج بالخارج (الجزيرة) شهيد المماطلة

قبيل استشهاده، خرج عمرو بمقطع مصور يناشد فيه الجميع تأمين سفره إلى الخارج لتلقي العلاج، تقول آلاء للجزيرة نت إن "3 ملايين شخص شاهدوا مناشدة عمرو وهو يتوسل من أجل سفره للعلاج، وتواصلت معي وزارات وحكومات ودول، ولكن المماطلة قتلت أخي".

وقضى عمرو حوالي 3 أسابيع في مستشفى شهداء الأقصى الصغير، حيث لا تتوفر مقومات بشرية أو مادية للتعامل مع حالته الحرجة، وبحسب شقيقه رجب، فإنه كان يعاني من عدة كسور، وبتر في أصابع يده اليمنى ويحتاج لجراحات تجميلية ترميمية عميقة.

أما الوضع الأشد خطورة، يقول رجب، فهو إصابة شقيقه بحروق بنسبة 45% في أنحاء متفرقة من جسده، تُسبب فقده الشديد للسوائل، وتهدد بفشل تام للأعضاء المهمة الحيوية مثل القلب والكلى، وكانت حالته تستدعي وضعه في غرفة عزل طبية غير متوفرة في المستشفى.

استشهد عمرو متأثرا بجروحه وحروقه، وبعد نحو 3 أسابيع تواصلت جهات، لم يشأ رجب أن يسميها ويكشف عنها، بغرض التكفل بسفره وعلاجه.

تتساءل آلاء "لماذا 3 أسابيع من أجل التنسيق لجريح؟"، ولم تنتظر إجابة من أحد، وقالت "الغارة على منزلنا قتلت 6 من أهلي، والمماطلة قتلت عَمرا".

كان عمرو شابا مفعما بالحيوية والنشاط، محبا للخير ومساعدة الآخرين، وقد ظهر في مقطع مصور انتشر على منصات التواصل الاجتماعي وهو يقول إنه يسرع إلى أماكن القصف الإسرائيلي لمساعدة العالقين تحت الأنقاض، فلربما كان يوما في مكانهم واحتاج مساعدة من ينقذه.

يقول رجب "حدث ما توقعه عمرو، ونجا من تحت الأنقاض. لكنه لم ينج من المماطلة، وتأخيرُ إجراءات سفره لتلقي العلاج في الخارج يعرفه الملايين".

سافرت للجنة

حكاية عمرو ليست استثنائية بالنسبة لجرحى يفقدون حياتهم يوميا في غزة وهم ينتظرون دورهم على قوائم السفر للعلاج بالخارج، في ظل انهيار المنظومة الصحية المحلية جراء ما تعرضت له منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية من استهداف مباشر بالقصف، وحصار حاد، ومنع تزويدها بالوقود والأدوية والمستلزمات الطبية.

قبل بضعة أيام، تصدر اسم الجريحة نجاح الشافعي كشف الجرحى المسافرين عبر معبر رفح البري مع مصر لتلقي العلاج بالخارج، ويقول الصحفي أسامة الدحدوح للجزيرة نت "تواصلت معي جهة لإبلاغها أن هناك من تكفل بسفرها وعلاجها، لكن صدمني خبر استشهادها".

توجه أسامة إلى القسم الذي كانت ترقد به نجاح في مستشفى شهداء الأقصى ليبشرها بالسفر للعلاج، فردت عليه طبيبة والدموع في عينيها "استشهدت نجاح"، ويقول "يتصدر اسم نجاح قائمة سفر الجرحى بعد استشهادها ومثلها مئات الجرحى ينتظرون".

ويقول المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة للجزيرة نت "للأسف حادثة الجريحة الشهيدة نجاح الشافعي تتكرر باستمرار، ولدينا آلاف الجرحى بحاجة ماسة للسفر من أجل العلاج بالخارج، وكل يوم نفقد منهم شهداء".

غالبية مستشفيات غزة خرجت عن الخدمة والبقية تعاني قلة الإمكانيات للتعامل مع الأعداد الهائلة من جرحى الحرب (الجزيرة) مع وقف التنفيذ

وتشير أرقام رسمية إلى أن 16 ألف جريح يحتاجون للسفر والعلاج في الخارج، وذلك بسبب عدم توفر من يجري العمليات الجراحية أو أن المستشفيات غير مؤهلة وغير قادرة على إجراء مثل هذه العمليات داخل القطاع، وبحسب الثوابتة فإن 1600 جريح تمكنوا من السفر للعلاج يمثلون 1% فقط من جرحى الحرب الإسرائيلية.

إضافة إلى هذا العدد الهائل من جرحى الحرب ممن تستدعي حالاتهم الصحية السفر للعلاج، يحتاج 10 آلاف مريض سرطان للسفر بعدما تسبب الاحتلال في خروج مستشفيات علاج السرطان عن الخدمة، ومنعه إدخال أدوية السرطان.

وقال الثوابتة إن 800 فقط من مرضى السرطان تمكنوا من السفر للعلاج بالخارج، ويرجع هذا المسؤول الحكومي السبب في إعاقة سفر الجرحى والمرضى "للنظام المعمول به على معبر رفح وهو المنفذ الوحيد لقطاع غزة نحو الخارج، حيث يتم السماح لسفر عدد قليل جدا من الجرحى والمرضى يوميا مقارنة بعدد من يحق لهم السفر للعلاج في الخارج وعددهم 26 ألف جريح ومريض".

ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، صدر زهاء 100 كشف لسفر المرضى والجرحى، يقول الثوابتة "بداية الحرب لم يسافر أي جريح ولا مريض نهائيا، ثم بدأت كشوفات السفر بعدد 10 مسافرين من الجرحى والمرضى، ثم ارتفع العدد إلى 20 ثم إلى 40، ومن ضمن الكشوفات هناك أسماء استشهدت وهي تنتظر السفر واستشهدت قبل أن يصلها الدور".

وجراء سياسة المماطلة وتعقيد إجراءات السفر، استشهد 9 آلاف فلسطيني من الجرحى والمرضى ممن كانوا على قوائم الانتظار للعلاج بالخارج، ويحمل الثوابتة واشنطن والاحتلال المسؤولية الكاملة عما اعتبرها "جريمة الحرب المرتكبة بحق جرحى ومرضى غزة".

وقال إن دولة الاحتلال تتعمد عرقلة وتعقيد إجراءات سفر الجرحى والمرضى من أجل "رفع فاتورة الدم وزيادة أعداد الشهداء في غزة"، وناشد الثوابتة "الأشقاء في جمهورية مصر العربية فتح معبر رفح بشكل كامل وعلى مدار الساعة من أجل تحويل كل هؤلاء الجرحى والمرضى للعلاج، نظرا للحالة الإنسانية الكارثية التي يعيشها قطاع غزة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات للعلاج بالخارج الجرحى والمرضى السفر للعلاج من أجل

إقرأ أيضاً:

هيومن رايتس تتهم الإمارات بإدراج معارضين وأقاربهم على قوائم الإرهاب

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية دولة الإمارات بإدراج معارضين وأقاربهم على "قوائم الإرهاب" الخاصة بها.

وقالت المنظمة، الثلاثاء، إن السلطات الإماراتية أدرجت 11 معارضا وأقاربهم وثماني شركات على قوائم "الإرهاب"، ما يعكس استخدام الدولة العشوائي لقوانين مكافحة الإرهاب الفضفاضة وازدراءها للإجراءات القانونية الواجبة.

ويسمح قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي للسلطة التنفيذية بإدراج الأفراد والكيانات على قوائم الإرهاب دون أي شرط يقتضي إثبات أساس موضوعي للادعاء.

وطالبت المنظمة في بيان لها، الثلاثاء، السلطات الإماراتية بإزالة تصنيفات الإرهاب فورا.



في ٨ كانون الثاني/ يناير ٢٠٢٥، أعلنت السلطات الإماراتية عن قرار وزاري من جانب واحد بإدراج ١١ فردا وثماني شركات في قوائم الإرهاب المحلية لصلاتهم المزعومة بتنظيم "الإخوان المسلمين"، دون مراعاة للإجراءات القانونية الواجبة. ولم تُبلغ السلطات هؤلاء الأفراد أو الكيانات قبل إدراجهم، ولم تُتح لهم أي فرصة للرد على هذه الادعاءات أو دحضها.

وبحسب المنظمة الحقوقية فإن هذه الخطوة تمثل "تصعيدا للقمع العابر للحدود الذي تمارسه الإمارات، والذي لا يستهدف المعارضين فحسب، بل أيضا أفراد عائلاتهم".

وقالت جوي شيا، باحثة الإمارات في "هيومن رايتس ووتش": "إدراج 19 شخصا وشركة في قوائم الإرهاب المزعومة دون أي مراعاة للإجراءات القانونية الواجبة، وما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على سبل عيشهم، يُمثل استهزاء بسيادة القانون".

وأضافت: "على الحكومة البريطانية أن تتدخل للدفاع عن الشركات البريطانية ضد الادعاءات الزائفة للسلطات الإماراتية، لا سيما مع اقترابها من توقيع اتفاقية تجارة حرة مع دول الخليج والتي يبدو أنها تفتقر حتى إلى أبسط حماية لحقوق الإنسان".

وجدت "هيومن رايتس ووتش" أن جميع الشركات الثمان مسجلة حصريا في بريطانيا، ويملكها أو كانت مملوكة سابقا لمعارضين إماراتيين في المنفى أو أقاربهم. تسعة على الأقل من الأفراد الـ 11 الذين أدرجوا في قوائم الإرهاب هم معارضون سياسيون أو أقاربهم.

كما أُدين اثنان فقط من بين الـ 11 شخصا أو اتُهموا بجريمة إرهابية، وإن كانت كلتا الإدانتين في ظروف مشكوك فيها، وفقا لمصادر مطلعة و"مركز مناصرة معتقلي الإمارات"، وهي منظمة حقوقية تدعم المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين في الإمارات.

أُدين أحدهم غيابيا في إطار محاكمة "الإمارات 94" الجماعية الجائرة للمعارضين السياسيين عام 2013. واتُّهم الآخر في قضية منفصلة تتعلق بدعم معتقلي "الإمارات 94".

لم يعلم الأفراد المدرجة أسماؤهم في قوائم الإرهاب بإدراجهم عليها إلا بعد أن نشرت "وكالة أنباء الإمارات" (وام)، وكالة الأنباء الرسمية في الإمارات، الخبر على موقعها الإلكتروني.

وقال أحد الأشخاص الذين أدرجوا لـ"هيومن رايتس ووتش": "كانت صدمة حقيقية، لقد كان الأمر صعبا للغاية".

وقال آخر إنه "تفاجأ بظهور أسمائنا في قضية الإرهاب للتو" لعدم وجود "قضية، ولا قرار قضائي".

قال آخر: "لم أُدَن قط، ولا توجد أي قضية ضدي".

يستخدم قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي لعام 2014 تعريفا فضفاضا للإرهاب، ويسمح للسلطة التنفيذية بإدراج الأفراد والكيانات في قوائم الإرهاب دون أي شرط قانوني يقتضي إثبات الأساس الموضوعي للادعاء. ولا يُحدد القانون إجراء واضحا لكيفية ممارسة هذه الصلاحية، ولا ينصّ على أي رقابة.

ويواجه الأفراد المُدرجون في قوائم الإرهاب تجميدا فوريا للأصول ومصادرة للممتلكات بموجب قانون مكافحة الإرهاب وقرار مجلس الوزراء رقم 74 لسنة 2020.

ويواجه الموجودون في الإمارات، بما يشمل أقاربهم وأصدقاءهم، عقوبة محتملة بالسجن مدى الحياة لتواصلهم مع أي شخص مُدرج في القائمة.

وقال معارضون إماراتيون في المنفى إن هذه التصنيفات جزء من حملة الإمارات المستمرة على المعارضة السياسية. وقال أحد الأشخاص الذين ورد اسمه في القوائم: "إنهم يريدون إيذاءنا قدر الإمكان".

استهدفت السلطات الإماراتية مرارا الإخوان المسلمين على مدار العقد الماضي، وفرعها الإماراتي، "جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي" (الإصلاح)، في حملة قمع واسعة.

و"الإصلاح" جماعة سلمية انخرطت في نقاش سياسي سلمي في الإمارات لسنوات عديدة قبل الحملة، ودعت إلى مزيد من الالتزام بالمبادئ الإسلامية. والعديد من المحتجزين في محاكمة الإمارات 94 الجماعية الجائرة عام 2013 هم أعضاء في الإصلاح.

وأدرجت الإمارات الإخوان المسلمين في قوائم الإرهاب عام 2014.

وقال أحد الأشخاص المدرجة أسماؤهم في قوائم الإرهاب: "ترفض حكومة الإمارات وجود معارضة سياسية أو أي رأي يتعارض مع سياساتها، لذا تسعى إلى إسكات جميع الأصوات".

ويُمكّن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2014 المحاكم من إدانة منتقدي الحكومة السلميين بالإرهاب والحكم عليهم بالإعدام.



واستُخدم هذا القانون مرارا وتكرارا ضد المعارضين السياسيين. في تموز/ يوليو 2024، حُكم على 53 مدافعا عن حقوق الإنسان ومعارضا سياسيا بأحكام طويلة تعسفية في ثاني أكبر محاكمة جماعية غير عادلة في البلاد.

وأكد المقرر الخاص الأول للأمم المتحدة المعني بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان ضرورة تعريف الإرهاب بأضيق نطاق ممكن، محذرا من أن "اعتماد تعريفات فضفاضة جدا للإرهاب ... يُمكن أن يُفضي إلى إساءة استخدام هذا التعبير بشكل متعمد ... وإلى انتهاكات غير مقصودة لحقوق الإنسان".

قالت شيا: "تستغل السلطات الإماراتية قانونا مبهما للإرهاب لتشويه سمعة المعارضين ونبذهم، وتجريم حتى مجرد الاتصال بهم. على الحكومة التراجع فورا عن هذه التصنيفات الخبيثة والتوقف عن قمع التعبير السلمي".

مقالات مشابهة

  • إيواء شاب يعاني نفسيا مستشفى انزكان بعد احتجاج عائلته على عدم قبوله
  • 10 شهداء حرقًا ووفاة 40 % من مرضى الكلى.. والأونروا تحذّر.. الاحتلال يتوسع في جرائم إبادة غزة بالنار والمرض والجوع
  • رئيس الوزراء: 2.6 مليون تدخل جراحي ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار.. والرحلة مستمرة
  • مدبولي يتابع مع وزير الصحة مؤشرات تنفيذ المبادرات الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار
  • رئيس الوزراء يستعرض مؤشرات تنفيذ المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار
  • صحف عالمية: شهادة طبيب توثق مأساة الغزيين وضم الضفة بات أمرا واقعا
  • الإسلام السياسي يعيد تسويق مشروعه على جثث الغزيين
  • هيومن رايتس تتهم الإمارات بإدراج معارضين وأقاربهم على قوائم الإرهاب
  • يمرون بالقطارة.. أصحاب التحويلات الطبية في غزة تحت رحمة المنفذ الإسرائيلي
  • إعلام إسرائيلي: إجلاء عدد من الجنود الجرحى في حدث أمني خطير بقطاع غزة