«الدعم السريع» تقتل «5» مواطنين في قرية الدومة جنوب الجزيرة
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
لم يدر بخلد الشاب عمر الجيلي عندما ودع زوجته لشراء مستلزمات طفلهما المنتظر أنه لن يرى مولوده ولا زوجته بعد أن اغتالت أحلامهما قوات الدعم السريع
التغيير: سنار
ارتقت روح عمر الجيلي وشقيقه إبراهيم صاحب العشرين ربيعا رفقة ثلاثة من أبناء قرية الدومة في ولاية الجزيرة قرب منطقة ود الحداد.
اعترضت الحافلة التي كان على متنها الشهداء قوة من الدعم والسريع في الطريق الغربي لسنار، وفتحت النار على الركاب حيث توفي الشقيقان بالإضافة إلى مصطفى طه أحمد “60 عاما” وسائق العربة ومساعده الشاب موسى أحمد “19 عاما”.
فر بقية الركاب إلى المناطق الآمنة مثل جبل موية ووصلوا لاحقا إلى مدينة سنار، فيما أصيب شخص واحد نقل إلى مستشفى سنار وأجريت له عمليه جراحية وحالته مستقرة.
من بين الضحايا الخمسة شرطي وعامل بمصنع سكر سنار وسائق العربة ومساعده فيما يعمل المصاب في الشرطة أيضا ويبلغ من العمر 21 عاما.
عانى بقيه ركاب الحافلة الناجين من السير على الأقدام لمسافات طويلة، ووصل بعضهم إلى سنار مساء الجمعة فيما بات بعضهم في العراء ووصلوا صباح السبت.
وكان بعضهم قد حاول لحظة الهجوم الفرار إلى القرى القريبة إلا أن عناصر الدعم السريع لحقوا بهم بالدراجات النارية.
تقع قرية الدومة عبد الله جنوب ولاية الجزيرة وهي أقرب إلى مدينة سنار حيث درج المواطنون على السفر إلى سنار للتسوق وتلبية احتياجاتهم اليومية.
وفي السياق ذكرت صفحات محسوبة على قوات الدعم السريع ومناصريها في فيسبوك أن الحافلة كانت تقل عناصر من جهاز أمن البشير. وأشارت الصفحات إلى أن الحافلة رصد بها ثمانية عناصر ينتمون للشرطة.
فاجعة
وفي حديثه لـ «التغيير» قال ابن عم الشقيقين المتوفين ويدعى عبد الباسط إن الخبر نزل عليهم كالصاعقه وإنهم فقدوا ذويهم في رمشة عين. واستدرك قائلا: لكنها مشيئه الله ولا نملك إلا التسليم بالقضاء والقدر.
ووصف عبد الباسط الخبر بالمحزن لا سيما أن معظم المتوفين شباب في مقتبل العمر، مشيرا إلى أنهم فوجئوا بالخبر وإنهم لم يستطيعوا الصبر. وقال عبد الباسط أن قوات الدعم السريع سرقت ونهبت وأصبحت تترصد المواطنين في الشوارع والطرق السفرية.
وأضاف: في البدء كان الغرض نهب الهواتف ولكن الأمر تطور إلى إزهاق الأرواح.
وطالب عبد الباسط القوات المسلحة السودانية بسرعة التدخل لإنقاذ الموقف وإنقاذ إنسان ولاية الجزيرة على حد تعبيره.
وفي ديسمبر الماضي، بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، وأصدر قائدها محمد حمدان دقلو المعروف بـ (حميدتي) قرارا بتعيين القائد الميداني أبو عاقلة كيكل حاكما على الولاية.
يذكر أن ولاية الجزيرة يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة، واستضافت في وقت سابق أكثر من 5 ملايين نازح من أحداث الحرب بولاية الخرطوم وفق إحصائيات رسمية، فيما بلغ عدد المتأثرين بالحرب من سكان الولاية 4 ملايين ونصف المليون.
وتشهد الولاية منذ أن بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها عليها سلسلة من الانتهاكات المتواصلة بحق مواطنيها المنشرين على امتداد مساحاتها الواسعة.
الوسومآثار حرب السودان اتتهاكات الدعم السريع حرب السودان ولاية الجزيرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: حرب السودان ولاية الجزيرة قوات الدعم السریع ولایة الجزیرة عبد الباسط
إقرأ أيضاً:
رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
الخرطوم: «الشرق الأوسط» تنبعث رائحة كريهة من حفرة للصرف الصحي في حي دمّرته الحرب في الخرطوم، بينما ينهمك عناصر «الهلال الأحمر» في انتشال جثة منتفخة من تحت الأرض. ويقول المتطوعون إن 14 جثة أخرى لا تزال تحت الأرض، وقال مدير الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في الموقع، إن بعض الجثث «عليها آثار إطلاق نار على رؤوسها وهي مهشّمة الجماجم».
وأضاف أن الضحايا إما أُطلق عليهم الرصاص أو ضُربوا حتى الموت قبل إلقائهم في الحفرة.
وخلفه كان صندوق شاحنة يمتلئ بالجثث المُنتشَلة من حفرة الصرف الصحي في منطقة شرق النيل، إحدى المناطق الشرقية للخرطوم، والتي باتت، الآن، أنقاضاً.
وألحقت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أضراراً كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي.
ومنذ اندلاع الحرب، فرَّ أكثر من 3.5 مليون شخص من سكان الخرطوم، التي كانت، ذات يوم، مدينة تنبض بالحياة، وفق الأمم المتحدة.
ويعيش ملايين آخرون ممن هم غير قادرين أو غير راغبين في المغادرة، بين مبان مهجورة وهياكل سيارات وما يطلق عليه الجيش مقابر جماعية مخفية.
مدينة مدمَّرة
تتواصل الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، منذ أبريل (نيسان) 2023.
وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف، وتهجير أكثر من 12 مليون شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة، يعيش كثيرون منهم في مخيمات مؤقتة، بينما فرّ أكثر من 3.5 مليون شخص عبر الحدود.
واستولت قوات «الدعم السريع»، في البداية، على الخرطوم، لكن، في الأشهر الأخيرة، استعاد الجيش السيطرة على مناطق؛ من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقاً.
وحالياً لا تفصل وحدات الجيش في وسط الخرطوم عن القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه قوات «الدعم السريع» في بداية الحرب، سوى أقل من كيلومتر واحد.
ورغم تلك المكاسب، لا يزال دقلو على تحديه، إذ توعَّد بألا تنسحب قواته من العاصمة. وتعهّد، في كلمة عبر تطبيق «تلغرام»، بأن قواته «لن تخرج من القصر الجمهوري». وأضاف: «نحن قادمون إلى بورتسودان» الواقعة على البحر الأحمر، وحيث تتمركز الحكومة منذ سقوط الخرطوم.
وعَبَر فريق من «وكالة الصحافة الفرنسية»، بمواكبة عسكرية، من أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، والتي استعادها الجيش، العام الماضي، إلى بحري وضواحيها التي مزّقتها الحرب.
ومرّ الموكب في أحياء مهجورة ومُوحشة؛ بما فيها حي الحاج يوسف، حيث تمتد هياكل المتاجر المغلقة والأرصفة المتداعية على طول الشوارع.
وتنتشر الأنقاض والحطام والإطارات المتروكة في الشوارع.
وتجلس مجموعات صغيرة من الناس بين كل بضعة شوارع أمام مبانٍ ومتاجر فارغة منخورة بالرصاص.
وتوقفت المستشفيات والمدارس عن العمل. ويقول الجيش إنه عثر على عدد من المقابر الجماعية، إحداها في محكمة أم درمان.
وتبدو على المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، صدمة الحرب.
وقالت صلحة شمس الدين، التي تسكن قرب الحفرة؛ حيث ألقت قوات «الدعم السريع» جثثاً: «سمعت أصوات الرصاص، ليلاً، عدة مرات كما شاهدتهم يُلقون جثثاً في البئر».
جوع
وبالنسبة لمن نجوا وشاهدوا استعادة الجيش للمنطقة، مطلع الشهر، لا تزال الحياة تطرح صعوبات مستمرة. فالكهرباء مقطوعة، والمياه النظيفة والطعام شحيحان.
في شارع هادئ في بحري، يجلس نحو 40 امرأة تحت خيمة مؤقتة يُحضّرن وجبات الإفطار في مطبخ مجتمعي، وهو واحد من عدد من المطابخ التي عانت في ظل سيطرة قوات «الدعم السريع».
وتقوم النسوة بتحضير العصيدة والعدس في أوان كبيرة على نار الحطب.
والغاز لم يعد متوافراً، وشاحنات المياه تأتي، الآن، من أم درمان، وهو تحسُّن ملحوظ، مقارنة بالفترة عندما كان السكان يخاطرون تحت نيران القناصة للوصول إلى نهر النيل، الذي بدوره يمثل مخاطر صحية في ظل غياب خدمات الصرف الصحي.
وأصبحت المطابخ المجتمعية خط الدفاع الأخير للمدنيين الذين يعانون الجوع، وفقاً للأمم المتحدة. لكنها عانت صعوبات طوال الحرب للصمود.
ومع قطع طرق وتدمير أسواق وسلب مقاتلي قوات «الدعم السريع» للمتطوعين تحت تهديد السلاح، أصبح إطعام المحتاجين شبه مستحيل.
وقال مؤيد الحاج، أحد المتطوعين في مطبخ مجتمعي بحي شمبات: «أيام سيطرة (الدعم السريع)، كانت لدينا مشكلة في التمويل لأنهم يصادرون الأموال التي يجري تحويلها عبر التطبيقات البنكية». وأضاف: «لكن، الآن، الوضع اختلف، شبكات الهواتف تعمل، كما أننا، كل أسبوعين، نذهب إلى أم درمان لجلب احتياجات المطبخ».
وما بدأ نزاعاً على السلطة بين البرهان ودقلو، تحوّل إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.
وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان، وانهيار اقتصاده الضعيف أصلاً، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.
وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين، وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.
وفي الخرطوم وحدها، يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص ظروف مجاعة، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل.