معبر رأس اجدير.. تمظهر الأزمة واتجاه الحل
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
الأزمة التي شهدها معبر رأس اجدير الحدودي بين ليبيا وتونس هي إحدى عناوين النزاع الليبي وبعض من تمظهراته، فهي تعبير جلي عن الاختلالات التي تشهدها البلاد بسبب ضعف سلطة الدولة وتضخم نفوذ المناطق والقبائل والمجموعات المسلحة الخاصة في المدن التي توجد بها مؤسسات ومرافق حيوية.
فشل الحكومات المتعاقبة في الاستدراك على الفراغ الذي وقع بعد سقوط نظام القذافي فسح المجال لتوسع صلاحيات الجهويات والمناطق والقبائل، ونشأت قوى مصلحية خارج السلطة تتورط في أعمال خارجة عن القانون، وقد كشفت أزمة المعبر الأخيرة حجم التجاوزات وأثارها على الجانبين، الليبي والتونسي، فأن تنتعش محطات الوقود في مدن الساحل الغربي بعد إغلاق المنفذ، وتتعطل أرتال القادمين عبر الحدود لمزاولة الأنشطة التي الكثير منها غير قانوني، فهو مؤشر على الفوضى في المعبر والخلل في العلاقة بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية.
عمق الأزمة وحدية الخلل لا تقف عند حالة عدم التوازن المقنن بين الحكومة والمحليات، بل تتعداها إلى العقول، فقد شهدت وسائط التواصل الاجتماعي معارك اصطف أصحابها على طرفي نقيض، بين من يبرر الخلل من منطلق عدم صواب الوقوف ضد طرف أو مكون ومحاولة سلب نفوذه على مرفق من مرافق الدولة وتجاهل الآخرين، أو القول بأن الجغرافيا الليبية والتركيبة الاجتماعية والثقافية تستلزم هذا الوضع وينبغي التسليم به، في مقابل الموقف الرافض لتعدد السلطات والرايات في البلاد وضرورة فرض سلطة الدولة عبر الحكومة على كافة المرافق الحيوية، وليكن معبر رأس اجدير البداية.
وفي خضم هذا التأزيم تلوح بارقة أمل، ذلك أن تخطي الوضع الراهن الذي تشهده البلاد يحتاج إلى حوار حتى لو كان المنخرطون فيه مختلفون، كما يحتاج إلى تسليط الضوء على خطر الاستمرار في هذا السيناريو، وضرورة أن يكون هناك حل لهذا التداعي، وبالتالي تكوين رأي عام مستوعب لأي إجراء حكومي بهذا الخصوص وداعم له.
إن استمرار المظاهر السلبية التي تكرس ضعف الدولة وعجز الحكومة وتعزز من نفوذ المجموعات المحلية وتوسع مساحة الأعمال غير القانونية من تهريب وغيره نهايتها فرض واقع جغرافي واجتماعي وأمني لا يمت لمشاريع بناء الدولة بصلة، بل هو من أبرز التحديات أمامه، وهذا هو الاتجاه الصحيح في تقييم الحالة، بعيدا عن أي محركات أخرى جهوية أو مناطقية أو شخصية.
وقع تعدي من قبل أطراف ضمن مدينة زوارة، ينبغي أن يكون هذا محل جدل، وانجرت أطراف ضمن المكون الأمازيغي من المفترض أنها تنحاز للوضع الطبيعي والقانوني وليس الاستثنائي السلبي، وهو وضع لا يمكن تبريره، غير أن مقاربة الحكومة لمعالجة الخلل المتعلق بضعف سلطتها على المعبر لم تكن مدروسة، لهذا وقع ما شهدنا الأسبوع الماضي من مواجهات قرب المعبر.
إن استمرار المظاهر السلبية التي تكرس ضعف الدولة وعجز الحكومة وتعزز من نفوذ المجموعات المحلية وتوسع مساحة الأعمال غير القانونية من تهريب وغيره نهايتها فرض واقع جغرافي واجتماعي وأمني لا يمت لمشاريع بناء الدولة بصلة، بل هو من أبرز التحديات أمامه، وهذا هو الاتجاه الصحيح في تقييم الحالة، بعيدا عن أي محركات أخرى جهوية أو مناطقية أو شخصية.عدم القبول بالوضع الراهن المختل هو منطلق سليم للتصحيح، غير أن مقاربة المعالجة لا ينبغي أن تقفز على الواقع وتتجاهل ملابساته، فالقفز على هذا الواقع بتعقيداته قد تنتهي إلى وضع أشد تأزيما، وهو ما حاولت الحكومة الاستدرك عليه من خلال خطة تأخذ في الاعتبار الإشكاليات الجهوية والمناطقية في المنطقة الغربية وتقاربها بوسيلة مختلفة، وقابل ذلك موقف واعي ووطني من قبل المكونات الرسمية والمجتمعية في زوارة، فوقعت التهدئة وتم الاتفاق.
غير أن الوصول إلى اتفاق بين الحكومة والسلطات المحلية في زوارة لا يعني أن الأعمال غير القانونية ستنتهي، فهناك هامش لا يمكن احتواؤه، كما أن الوضع السياسي غير المستقر في البلاد والذي قد يقود إلى تغيير حكومي يمكن أن يفتح الطريق لعودة حالة الفوضى.
هناك عامل يمكن أن يكون محفزا لتجاوز أي تفاهمات بين الحكومة والسلطات المحلية في المعبر، هو عدم التعاطي مع الأزمات والمشكلات المشابهة في معابر أخرى، أو مؤسسات تسيطر عليها مجموعات مسلحة وتستغلها لتعظيم نفوذها ومصالحها، فكل الحلول الجزئية ستنتهي إلى إخفاق إذا لم يتم معالجة الاختلالات في كافة صورها وفي جميع المناطق دون استثناء، وهنا يأتي الربط بين الأزمة الجزئية والأزمة الكلية الأساسية، ويتأكد الحاجة إلى الحل الشامل كأساس لمعالجة الأزمات المحدودة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأزمة معبر ليبيا رأي ليبيا تونس أزمة رأي معبر مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین الحکومة
إقرأ أيضاً:
الغرياني: المشري مارق عن الشرعية.. واذا استمرت الحكومة على هذا الحال سنصل إلى الإفلاس والمجاعة
ليبيا – علّق مفتي المؤتمر الوطني العام المعزول، الصادق الغرياني، على إحاطة ستيفاني خوري الأخيرة، معبراً عن استغرابه من منحها لنفسها الحق في اختيار مجموعة للمشاورة.
انتقاد البعثة الأممية ودعوة للتحرك الشعبي
الغرياني، خلال ظهوره الأسبوعي على قناة “التناصح“، الذي تابعت صحيفة “المرصد” ابرز ما جاء فيه، ثمّن الاحتجاجات وحراك المقاومة الرافض لما قامت به مبعوثة الأمم المتحدة، داعياً إلى المزيد من التحرك والضغط الشعبي. وقال:
“أحيي الجبهات وحراك المقاومة التي نظمت وقفة احتجاجية أمام البعثة وطردتها وأصدرت بيانات قوية، لكن هذا قليل. المسؤولون والحكومة في سبات عميق الآن ولا نعرف ماذا ينتظرون. السيل جارف والدول تعمل ضد الاستقرار وضد الحكومة التي رضينا بها، لكنهم يريدون حكومة انتقالية أخرى.”
اتهامات لمجلس الدولة والمجلس الرئاسي
وأضاف الغرياني أن المجلس الرئاسي والحكومة ليس لهما أثر حالياً، رغم أن الجهات التي تعمل ضدهم تتحرك بقوة. وانتقد موقف مجلس الدولة، قائلاً:
“مجلس الدولة أرسل رسالة للحكومة يطلب فيها من وزارة الخارجية مخاطبة حكومة المغرب التي تتعاون مخابراتها مع الصهاينة. المغرب تستضيف مجموعة من برلمان حفتر الفاقد للشرعية وبعض أعضاء مجلس الدولة بقيادة المشري المارق، الذي انقلب على الشرعية بعد فشله في الانتخابات.”
كما اعتبر الغرياني أن التوجه الذي يقوده المشري ومجموعته يشكل ضرراً على الإسلام أكثر من العلمانية، مضيفاً: “هذا التوجه أصبح خطراً على الإسلام والتوجه الإسلامي، والعامة وقفت على سلوكهم الشائن الذي لا يخدم مصلحة الوطن.”
انتقادات للحكومة واتهامات بالفساد
وفي سياق حديثه، وجه الغرياني انتقادات لحكومة الوحدة الوطنية بشأن أولويات الإنفاق، مشيراً إلى غياب العدالة في التوزيع وفساد في العديد من القطاعات، منها مؤسسة النفط والاستثمارات الخارجية. وقال:
“بدلاً من أن تصرف الحكومة ستة ملايين دولار على ترصيف ميدان الشهداء، كان الأجدر بها معالجة مشاكل الصرف الصحي في ضواحي طرابلس، حيث تختلط مياه المجاري بمياه الآبار. الأمطار التي تستمر نصف ساعة تعطل المدارس والوظائف، فأيهما أولى بالإنفاق؟”
وتابع: “إذا استمر الحال على هذا المنوال، ستصل البلاد إلى الإفلاس والمجاعة، وستنتهك حرمات الناس. هذا المال أمانة، ولا يجوز صرفه في غير طاعة الله.”
انتقادات للبعثة الأممية ومطالب شعبية بالانتخابات
كما تساءل الغرياني عن سبب مطالبة البعثة الأممية بإجراء انتخابات رئاسية بدلاً من برلمانية، قائلاً: “كل الليبيين يريدون انتخابات برلمانية، لكن البعثة تدفع باتجاه تطبيق قانون عقيلة صالح، الذي يجمع بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشروط محددة.”
ملف المرتبات والملحقيات الدبلوماسية
وفي ختام حديثه، وصف الغرياني ملف المرتبات باللغز، مشيراً إلى أن قيمتها قد تصل إلى 70 مليار دينار دون وجود عدالة في التوزيع. كما انتقد وجود ملحقيات دبلوماسية غير فعالة، قائلاً: “هناك ملحقيات في دول لا عمل لها، وهي مجرد ترضيات لضغوط جماعات مسلحة أو مجاملات للأقارب.”