نابلس- قبل 4 سنوات، حين لملم الفلسطيني محمد ضميدي ما تبقى من جذور أشجار زيتونه التي اقتلعتها الجرافات الإسرائيلية من أرضه، في بلدة حوارة جنوب نابلس في الضفة الغربية، وأعاد زراعتها ثانية، لم يكن يعلم أن أطماع الاحتلال ستطالها ثانية، بل وستتعداها لتستهدف الأرض كلها لصالح طريق التفافي استيطاني، شقه الاحتلال لخدمة المستوطنين وحفظا لأمنهم.

فشارع "حوارة الاستيطاني" -كما بات معروفا- واحد من عشرات الطرق الاستيطانية التي تلتف بها إسرائيل على القوانين والتضاريس وحياة الفلسطينيين وممتلكاتهم، لتصادر أراضيهم بالضفة وتخدم بها المستوطنين وتحفظ أمنهم.

وعبر أرض "الصبَّات" التي يملكها المواطن ضميدي، مرَّ الشارع الاستيطاني الجديد، مقتطعا 10 دونمات منها (10 كيلومترات مربعة) من أصل 25 دونما تشكل مساحة الأرض كاملة، واقتلع 150 شجرة زيتون معمرة، ليدمر بذلك الأرض، ويفقدها أكثر من 50% من ناتجها السنوي من الزيت.

ضميدي ووالده يسيران بالطريق الاستيطاني الذي شقه الاحتلال في أرضهم (الجزيرة) استهداف ما تبقى

لم تقف أطماع الاحتلال عند قطع الشجر وشق الطريق ومصادرة الأرض، بل تمدد الخطر ليطال ما تبقى منها، وذلك بعد أن شيَّد نقطة عسكرية فيها، وأصدر أوامر للمواطن ضميدي بعدم الاقتراب من الشارع مسافة 150 مترا، متذرعا بالخطر الأمني.

وبعد أن حدَّ الشارع الاستيطاني من حريته وتنقله لأرضه، يقول للجزيرة نت "قيَّدت إجراءات الاحتلال وحواجزه ونقطته العسكرية وصولي للأرض، زمانا ومكانا، والطريق الذي كان يستغرق نحو 5 دقائق صار يحتاج لأكثر من نصف ساعة".

وإضافة لذلك، غيَّر الاحتلال تضاريس الأرض وهيئتها بتجريفه الواسع لها، ليفقد أصحابها قيمتها الجغرافية والمعنوية معا، وكل ذلك يحدث أمام عين ضميدي الذي يطالع ما يجري بحسرة ولا يملك أن يفعل شيئا.

وضميدي واحد من حوالي 300 مواطن فلسطيني تضرروا بفعل طريق "حوارة الاستيطاني" من بلدة حوارة والقرى المجاورة، بعد أن صادر 1.100 دونم من أراضيهم، لصالح الشارع الممتد لنحو 10 كيلومترات، ويخدم بشكل خاص 5 مستوطنات جنوب وشرق نابلس، إضافة لمستوطنات شمال الضفة.

ضميدي يتفقد زيتونه الذي جرفه الاحتلال مرة ثانية وحرمه أرضه (الجزيرة) نهب بحجة الأمن

تقول رنا أبو هنية المتابعة لملف الاستيطان في بلدية حوارة "ظهرت أضرار الطريق والتهامه للأرض بشكل تدريجي، فبعد مصادرة 1.100 دونم، أتبعها الاحتلال بحوالي 500 دونم أخرى لصالح أبراج ونقاط عسكرية نصبها بمحاذاة الشارع، وارتدادات بعرض 50 مترا هوائيا من كلا جانبيه مسماة بـ"حرم الشارع" وعلى طوله الممتد لحوالي 10 كيلومترات".

وتضيف أبو هنية للجزيرة نت "تكمن خطورة الشارع باستهدافه الأراضي السهلية المقدرة بـ 2.400 دونم، والتي تشكل مصدر دخل المواطنين، ويُحظر على الفلسطينيين الاقتراب من الشارع لكونه منطقة عسكرية".

ونصب الاحتلال بوابات عسكرية على طرف الشارع الاستيطاني، ليغلق بذلك البلدة ويحولها إلى سجن كبير، ويقطع اتصالها بالقرى المجاورة "والأخطر من كل ذلك أن المستوطنين سيستخدمون الشارع الاستيطاني لشن هجماتهم واعتداءاتهم على المواطنين المارين عبر شارع حوارة الرئيسي والقديم الذي يمر منه الفلسطينيون فقط" حسب أبو هنية.

وتتخوف أبو هنية من أن يستمر المستوطنون باستخدام الشارع القديم، خاصة وأنهم يعمدون إلى ذلك الآن، ويتظاهرون ضد الفلسطينيين بحال استخدام الشوارع التي يسلكها المستوطنون.

وبكل الطرق، سعت إسرائيل لتهويد أراضي الضفة والاستيطان بها، عبر إجراءات كثيرة تنوعت بين الأوامر العسكرية والاستملاك، وإقامة الجدار الفاصل، ووضع اليد على الممتلكات، وتشييد المحميات الطبيعية والطرق الالتفافية، ومنع البناء، وغيرها الكثير.

شق طريق استيطاني يربط مستوطنات "أرائيل" القائمة على اراضي سلفيت شمال الضفة (الجزيرة) "كنتونات فلسطينية"

ووفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن هذه الإجراءات تصادر 42% من مساحة الضفة، أي ما يعادل 5.800 كيلومترات مربعة، و69% من مجمل مساحة المنطقة المصنفة "ج" بيد أن ما تصادره الطرق الالتفافية وحدها يصل إلى 135 كيلومترا مربعا من مجمل مساحة الضفة، منها 112 كيلومترا من مناطق "ج".

ويقول خبير الاستيطان ومسؤول التوثيق بهيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود إن "الطرق الالتفافية تعد من أخطر إجراءات الاستيطان، فهي تُشيد لربط المستوطنات والبؤر الاستيطانية ببعضها، ويراد بها ربط المستوطنات داخل الضفة مع الداخل الفلسطيني الذي تحتله إسرائيل منذ عام 1948".

وأخطر ما في الأمر حسب وصف داود أن "هذه الطرق تعزل التجمعات الفلسطينية وتحولها إلى كنتونات، وهو مفهوم تعمل إسرائيل عليه منذ 30 عاما، وعشناه واقعا خلال الحرب الحالية".

وتُشق الطرق الالتفافية داخل المستوطنات بهدف التوسعة ومصادرة الأرض أيضا، ومع بداية الحرب أغلق الاحتلال طرقا يستخدمها الفلسطينيون منذ سنوات واعتبرها عسكرية، وبعضها جرى وضع اليد عليها، وخاصة تلك التي وقع بها أو بالقرب منها عمليات فدائية.

المستوطنون يلاحقون المواطنين بهذا الطريق جنوب نابلس لفرض السيطرة (الجزيرة) التفاف على القوانين

ويقول داود "في عملية دير بزيغ الفدائية قبل أسبوع، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، إنهم بصدد شق شارع التفافي جديد يحمل اسم 935 ويربط المستوطنات والشوارع هناك ببعضها، وقبل ذلك حظروا سير الفلسطينيين بشارع مستوطنة معاليه أدوميم شرق القدس".

وبشق هذه الطرق لا تصادر أرض الفلسطينيين فحسب، بل تخترق -حسب داود- القانون الدولي أيضا "الذي يجيز للمحتل استملاك الأرض بهدف خدمة مصالح الجمهورين، الفلسطينيين والمستوطنين، ويمنع شق طرق خاصة بالمستوطنين".

وبعد ذلك، يضيف داود "يغلق الاحتلال تلك الطرق على الفلسطينيين ويمنحها للمستوطنين، والأخطر أن المستوطنين أنفسهم باتوا يأخذون زمام المبادرة لشق طرق استيطانية عبر أراض فلسطينية خاصة، ولاحقا تثبت حكومة الاحتلال لهم ذلك كسياسة أمر واقع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات أبو هنیة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي يعتقل الصحفي علي السمودي ويواصل استهداف الصحفيين الفلسطينيين

قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت فجر اليوم الثلاثاء الصحفي الفلسطيني علي السمودي من منزله في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية. 

ووفقًا لمصادر محلية، فإن قوات الاحتلال اقتحمت منزل السمودي في حي الزهراء، وقامت بتفتيش محتوياته بشكل عشوائي، حيث ألقت المحتويات على الأرض ودمرت بعض ممتلكاته. 

"فتح": الاحتلال يستخدم القتل والتجويع والتعطيش كسلاح ضد سكان غزة(فيديو) قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدن الضفة الغربية

بعد ذلك، تم اعتقال السمودي، الذي يعمل مراسلًا صحفيًا في المدينة، واقتياده مقيد المعصمين إلى جهة مجهولة.

السمودي في مواجهة الاحتلال

يذكر أن الصحفي علي السمودي كان قد تعرض للإصابة عدة مرات على يد قوات الاحتلال خلال تغطيته الأحداث والتطورات في مدينة جنين.

 وكان من بين الصحفيين الذين شهدوا حادثة استشهاد الزميلة الصحفية شيرين أبو عاقلة في 11 مايو 2022، حيث كان السمودي برفقة الزميلة أبو عاقلة أثناء تغطيتهما لاشتباك عسكري في مخيم جنين عندما تعرضت أبو عاقلة للقتل على يد قوات الاحتلال.

تصعيد استهداف الصحفيين الفلسطينيين

الصحفيون الفلسطينيون يعانون من انتهاكات متكررة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة والاقتحامات اليومية في الضفة الغربية.

ووفقًا لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، فقد استشهد 15 صحفيًا فلسطينيًا بنيران الاحتلال خلال الربع الأول من العام الحالي.

الاحتلال يدمر ممتلكات الصحفيين

النقابة أكدت في تقريرها أن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت 12 منزلًا للصحفيين باستخدام الصواريخ والقذائف، بالإضافة إلى إصابة 11 صحفيًا بجروح خطيرة. 

وتوثق النقابة 15 حالة اعتقال تعرض لها صحفيون من منازلهم أو أثناء العمل الميداني، ولا يزال بعضهم رهن الاحتجاز بينما أُفرج عن آخرين بعد احتجازهم لعدة ساعات أو أيام.

استهداف الصحفيين في القدس وجنين

وأكد تقرير صادر عن لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين أن نحو 117 صحفيًا، معظمهم من الضفة الغربية، تعرضوا لل اعتداءات أو القمع أو المنع من التغطية الإعلامية، خاصة في مدينتي القدس وجنين.

 بالإضافة إلى ذلك، تم توثيق 16 حالة من مصادرة وتحطيم معدات العمل الصحفي خلال تغطية الأحداث.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يهدم 4 منازل بالضفة ويعتقل 22 فلسطينيا بينهم 4 سيدات
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل الصحفي علي السمودي ويواصل استهداف الصحفيين الفلسطينيين
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدن الضفة الغربية
  • مستوطنون يقتحمون الأقصى والاحتلال يواصل هدم المنازل بالضفة
  • ضمن الاعتداءات.. قوات الاحتلال تنفذ عمليات هدم جنوب الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منازل الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية وتُشرّد سكانها
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفّذ عمليات هدم جنوب الضفة الغربية
  • اندلاع حرائق كبيرة في منطقة وادي القلط شرقي الضفة الغربية
  • شبكات الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية بنية تحتية لفرض الضم
  • تصعيد مستمر للاحتلال في مدن الضفة الغربية