جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-05@13:26:53 GMT

فلسطين تنتصر.. ولكن!

تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT

فلسطين تنتصر.. ولكن!

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

الشرفاء في العالم من أقصاه إلى أقصاه يقفون اليوم إجلالًا وتقديرًا لشعب الجبارين من أبناء فلسطين الأبية، اعترافًا بنضالهم في الدفاع بأرواحهم الطاهرة عن الأرض والعرض لتقرير المصير لإقامة الدولة الفلسطينية الحرة وعاصمتها القدس الشريف والتي كانت قبل معركة 7 من أكتوبر في خبر كان، بسبب تكالب الذئاب البشرية العفنة، والمتآمرين معهم لفرض صفقة القرن الدنية وتصفية القضية إلى الأبد.

ولكن شاءت الأقدار الربانية، أن تسطر المُقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها أروع صفحات البطولة والتضحية في سبيل تحرير مقدسات الأمة الإسلامية في أرض الرباط وعلى وجه الخصوص المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين؛ فقد عبر "طوفان الأقصى" عن مرحلة جديدة في حرب تحرير فلسطين المحتلة من البحر إلى النهر، وذلك عبر الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله عالية خفاقة تُعانق عنان السماء بدماء الشهداء الزكية، والتي تُواجه بصمودها وشجاعتهم ترسانة الأسلحة الغربية المتدفقة بلا انقطاع على العصابة الصهيونية التي تحكم ما يسمى بدولة إسرائيل وعلى وجه الخصوص أمريكا، من خلال إرسال أحدث الطائرات المقاتلة والقنابل العنقودية المحرمة دوليًا والتي تُرمى دون تمييز على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ في غزة الصامدة. ولعل استشهاد أكثر من 32 ألف فلسطيني في قطاع غزة وحده، وجرح ما يقارب من 100 ألف مواطن فلسطيني؛ لهو وصمة عار على وجه الإنسانية وعلى وجه الخصوص المساندين لهذا الكيان السرطاني الذي يزعم بأنَّ حدوده تمتد من الفرات إلى النيل لتحقيق ما يعرف بـ"إسرائيل الكبرى"، حتى ولو تحقق ذلك على أنقاض صهاينة العرب المطبلين لنتنياهو، ولا شك أنَّ هذه التضحيات مُثمّنة ومُقدّرة لأنها تعتبر ثمن التحرير والعيش بكرامة.

يبدو لي أنَّ علامات النصر بدأت تتجلى بوضوح من خلال الصمود الأسطوري لكتائب عز الدين القسام وسرايا القدس، فمن الواجب علينا جميعًا التكاتف مع الشعب الفلسطيني، الذين يتعرضون لمحرقة القرن الحادي والعشرين من النازيين الجُدد الثلاثي (نتنياهو وسموتريش وابن غفير) فهؤلاء يقودون اليوم إسرائيل وحلفاءها إلى الدرك الأسفل من النَّار؛ إذ تخلى عنهم العالم كله بمن فيه مُعظم المسؤولين في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها حليفة إسرائيل، فماذا ينتظر بعض العرب الذين ما زالوا يعتقدون أن هذه العصابة المجرمة سوف توفر لهم الأمن والحماية من الأعداء في الوقت الذي تعجز إسرائيل عن حماية نفسها. ومن المفارقات العجيبة أن الجيش الإسرائيلي الذي كان يعتقد ضعفاء النفوس أنه لا يُقهر، قد اندحر وانهزم في رمال غزة خلال المعارك الضارية طوال الشهور الماضية، بينما في شمال فلسطين المُحتلة، فذاكرة قادة إسرائيل ما تزال حاضرة في أذهانهم حرب يوليو 2006 التي تجرّع فيها الإسرائيليون هزيمة ساحقة؛ إذ لقن فيها حزب الله جيش الاحتلال درسًا لا ينسى؛ فعقدة عبور الحدود اللبنانية إلى نهر الليطاني الذي يُهدد نتنياهو وغالانت كل يوم بالتوغل في عمق الأراضي اللبنانية؛ لن يتحقق على الإطلاق، لكونهم يدركون يقينًا أن جنوب لبنان سوف يكون مقبرة لجنودهم، فقد نجح حزب الله في إذلال جيش الاحتلال وعلمهم دروسًا لا تُنسى؛ فتلك الهزيمة تمنعهم من تكرار الأخطاء والمغامرات غير المحسوبة والتي قد تقود في المستقبل إلى قلب تلك المعادلة بنصر من الله، وبدلًا من ذلك تتجه بوصلة المجاهدين نحو القدس والزحف إلى عمق تل أبيب من عدة جبهات على غرار طوفان الأقصى. يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ".

وبالفعل كان هذا الأسبوع حافلًا بالمواقف الدولية والشعبية المناصرة لفلسطين عبر العالم، ففي مجلس الأمن أُجبرت الولايات المتحدة على التخلى عن مسودة قرار يدين "طوفان الأقصى" وبدلًا من ذلك نجحت الجزائر- ومن خلفها روسيا والصين- في صياغة واستصدار قرار أممي من مجلس الأمن يدعو إلى وقف لإطلاق النار في غزة لأول مرة منذ العدوان الإسرائيلي الأخير. صحيح أن إسرائيل لم تلتزم بالقرار، ولكن يشكل ذلك بداية لإجماع دولي نحو عزل إسرائيل ووضعها في الزاوية؛ لكون هذا الكيان يستمد وجوده وشرعيته التي أصبحت الآن في المحك من القرار الأممي رقم 181 والذي بقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية سنة 1947.

كما كانت الرسالة الثانية التي أغضبت إسرائيل وهزت العالم الحر؛ تقرير فرانشيسكا ألبانيز مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، التي أكدت بما لا يكون فيه مجال للشك أن إسرائيل ارتكبت العديد من أعمال الإبادة وصولًا إلى التطهير العرقي في غزة، مما ترتب على هذه الجريمة المكتملة الأركان بحق الإنسانية، الأمر الذي عرضها لتهديدات ردًا على قيامها بواجبها.

وفي الختام.. يجب تذكير الجميع بأن الحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب تلفظ أنفاسها الأخيرة بسبب التضامن الدولي الواسع مع القضية الفلسطينية، وفي مقدمة هذه الشعوب الحرة التي تتمتع بضمائر حية ونوايا صادقة الشعب العماني الأبيّ الذي أضحى من النماذج الرائعة التي يشار لها بالبنان في الوقوف مع الحقوق العادلة للأشقاء في غزة وقضيتهم العادلة، فقد أبهر جميع المخلصين في هذا الكون شجاعة وصلابة سماحة الشيخ أحمد الخليلي المفتي العام للسلطنة، وكذلك موقف الفارسين معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، والإعلامي ورئيس تحرير جريدة الرؤية الأستاذ حاتم الطائي، فهؤلاء القامات ثلاثة من حق العرب أن تفتخر بأمثالهم من المحيط إلى الخليج، وذلك على مواقفهم المُشرِّفة تجاه قضية الأمة الأولى؛ فلسطين ومسجدها الأقصى الذي يُندس من قبل الصهاينة. كما يجب التذكير بمواقف مشرفة وجديرة بالتقدير من الكويت الشقيقة؛ فالتاريخ يسجل بأحرف من نور لمعالي مرزوق الغانم؛ عند ما كان يتولى رئاسة مجلس الأمة الكويتي، خلال مشاركته بمُؤتمر اتحاد البرلمان العربي الطارئ في الأردن، فقد أمسك بنسخة من صفقة القرن المزعومة وألقاها في سلة المُهملات، مؤكداً أنَّ تلك الصفقة وُلِدَت ميتة و"مكانها مزبلة التاريخ". وبالفعل يرحل الجميع من المشهد وتبقى مواقفهم المضيئة؛ تشهد لهم عبر الأجيال.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حماس: النار التي تشعلها إسرائيل ستحرقها

قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن ما وصفتها بالنار التي تشعلها إسرائيل في المنطقة ستحرقها، مشددة على أن "جرائم الاحتلال لن تفلح في إخضاع شعبنا ومقاومته".

وشددت حماس في بيان على أن "النار التي تسعى حكومة الاحتلال لإشعالها في المنطقة لن تحرق سوى الكيان الغاصب المحتل".

وأضاف البيان أن "جرائم الاحتلال في قطاع غزة واستهداف المدنيين في مراكز الإيواء وسائل لن تفلح في إخضاع شعبنا ومقاومتنا".

وتابع بيان حماس أن "المجازر الصهيونية المتواصلة بتواطؤ ودعم من الإدارة الأميركية لن تضعف عزيمة شعبنا وصموده أو تخضع مقاومته".

وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن قوات الاحتلال ارتكبت 5 مجازر بالقطاع، مما أسفر عن عشرات الشهداء و165 مصابا خلال 24 ساعة، مضيفة أن عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر ارتفع إلى 41 ألفا و689 شهيدا و96 ألفا و625 مصابا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وكانت طائرات إسرائيلية قصفت مدرسة مسقط التي تؤوي نازحين بمنطقة الزرقاء في حي التفاح بمدينة غزة ومعهد الأمل للأيتام الذي يؤوي نازحين غرب مدينة غزة.

ومنذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي تشن إسرائيل أعنف وأوسع هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله قبل نحو عام، مما أسفر حتى صباح الأربعاء عما لا يقل عن 1073 قتيلا -بينهم أطفال ونساء- و2955 جريحا وأكثر من مليون نازح.

في المقابل، يستمر دوي صفارات الإنذار بوتيرة غير مسبوقة في أنحاء إسرائيل إثر إطلاق كثيف من حزب الله لصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وسط تعتيم صارم من الرقابة العسكرية الإسرائيلية على الخسائر البشرية والمادية، حسب مراقبين.

وردا على اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ومجازرها بغزة ولبنان أطلقت إيران أمس الثلاثاء عشرات الصواريخ على إسرائيل (180 بتقدير تل أبيب)، مما تسبب في إصابات بشرية وأضرار مادية وإغلاق المجال الجوي، في حين هرع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ فيما كانت صفارات الإنذار تدوي بكامل البلاد.

مقالات مشابهة

  • ‏مصدر أمني لبناني: هاشم صفي الدين كان في المكان الذي استهدفته إسرائيل بالضاحية الجنوبية
  • الخطأ الذي كلف نصر الله حياته.. تقرير يكشف كيف اخترقت إسرائيل حزب الله وعلاقة سوريا
  • 3 مسؤولين من حماس يكشفون ما الذي يفكر فيه السنوار بعد عام من “طوفان الأقصى”
  • 3 مسؤولين من حماس يكشفون ما الذي يفكر فيه السنوار بعد عام من "طوفان الأقصى"
  • خامنئي: إسرائيل لن تنتصر أبدا على حماس وحزب الله ولا تراجع للمقاومة مهما اغتالوا من رجالاتها
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • ما هي التحديّات التي تنتظر إسرائيل في لبنان؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • من هو جعفر قصير الذي اغتالته إسرائيل؟.. صهر حسن نصر الله
  • حماس: النار التي تشعلها إسرائيل ستحرقها