كريمة أبو العينين تكتب: إسرائيل ومفهوم عسكرة الأرحام
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
يزداد الوضع الداخلى فى إسرائيل تأزما، ويعتليه مشهد جديد يضيف إلى شرذمته وضعية جديدة تضعه على المحك، فقد تناولت الأنباء القادمة من كيان الاحتلال انقساما كبيرا فى المحكمة الإسرائيلية حول مطالبات زوجات العسكريين القتلى فى حرب غزة وآباء هؤلاء الجنود حول من له الحق فى الاحتفاظ باستمرار نسل الجندى عن طريق استزراع حيواناته المنوية وولادة ابن له يبقى ذكراه وسيرته.
الآباء يقولون إنهم المخولون باختيار أم لحفيدهم القادم، وزوجات ورفيقات الجنود يصرون على أنهن هن أصحاب هذا الحق، ويطالبن بسرعة استزراع هذه الحيوانات من الجنود القتلى فى أرحامهم لاستمرار ما يعرف بالعسكريين الإسرائيليين.
هذه القضية تشغل الرأى العام الإسرائيلى ووضعته بين نارين؛ هل يقرون بأحقية الرفيقة أو الزوجة ويصبح النسل القادم مهلهلا لأن العديد من الجنود كانوا على علاقات بفتيات شوارع، أم يذعنون لرأى الآباء وبأنهم هم أصحاب الحق فى ذلك وعليهم الانتظار لحين اختيار الآباء من تستحق أن تكون أما لحفيدهم القادم، وهم بهذا الانتظار سيفقدون مدى صلاحية الأجنة الملتقطة من الجنود القتلى.
بين الرأيين تميل المحكمة الإسرائيلية التى تنظر فى القضايا من هذا النوع إلى الأخذ بمطالب زوجات ورفيقات الجنود لأنها ترغب فى مبدأ عسكرة الأرحام الذى يمكن دولة الاحتلال من إنجاب وامتداد النسل العسكرى الذى تقوم على أساسه دولة الاحتلال، فهى جيش يحكى دولة وليست دولة فى كيانها جيش كمؤسسة مثله مثل الكيانات الأخرى.
دولة الاحتلال تعيش مرحلة فارقة فى تاريخها منذ زرعها فى منطقتنا المكلومة، فمنذ طوفان الأقصى وحتى الآن وإسرائيل تتأرجح ولا تعلم كيف تخرج من مستنقع غزة على الرغم من الدعم الأنجلو أمريكى المتواصل، والذى أعلن مؤخرا عن امداد دولة الاحتلال بالمزيد من العتاد العسكرى، خاصة القنابل بأكثر من ألف قنبلة وآلاف الأطنان من الذخيرة.
القرار الأمريكى جاء فى نفس التوقيت الذى تطل علينا فيه واشنطن بتصريحات رنانة عن استنكارها لاستهداف المدنيين فى غزة، ومطالبة إسرائيل بتوخى الحذر فى حربها ضد غزة.
السلوك الأمريكى ليس بمستغرب، فتاريخ الولايات المتحدة لا يختلف كثيرا عما تفعله ابنتها إسرائيل فى الأراضى المحتلة من قتل وتنكيل وتشريد وسلب الممتلكات، فالولايات المتحدة قامت على عظام أصحاب الأرض الأصليين الهنود الحمر.
ويذكر التاريخ أن الولايات المتحدة قتلت عشرين مليونا من سكان الأرض الأصليين وساومت الباقين على أرضهم وهددتهم بمبدأ البقاء مقابل الصمت، فمنهم من ارتضى ومنهم من انضم إلى قافلة الراحلين فى حب الوطن.
الولايات المتحدة هى من ألقت قنبلتين نوويتين على اليابان فى عام 1945 على جزيرتي نجازاكى وهيروشيما، ولك أن تتخيل حجم الفناء والدمار المستمر حتى هذه اللحظة.
الولايات المتحدة هى التى غزت أفغانستان وقتلت ربع مليون مواطن لا ذنب لهم، وظلت تحتلها لعشرين عاما وتنهب خيراتها، وهى أيضا من اقتحمت العراق وأعادتها إلى القرن السابع عشر ونهبت وما زالت تنهب خيرها كله بلا أدنى حق أو وازع أخلاقى.
والولايات المتحدة هى من وضعت السم فى سوريا والسودان واليمن ولبنان.
الولايات المتحدة هى المسئولة الأولى عن كل معاناة منطقتنا التعيسة، فكيف ننتظر منها إنقاذ غزة وأهلها؟
الولايات المتحدة دولة مصالح وأهداف فلا تعولوا عليها فى استعادة حق أو الوقوف بجانب المظلوم.
الولايات المتحدة شريك رئيسى لدولة الاحتلال الإسرائيلى، ودوما يتفق الشركاء على الطرف المناهض لهم ولتحقيق مصالحهم وأهدافهم.
وفى ظل هذا الاندماج الأنجلو أمريكى صهيونى، يصعب الخروج بنتيجة واضحة لمجريات الأحداث فى قطاع غزة، ولكن الواضح والمؤكد أنه أيا كانت النتائج إلا أن إسرائيل لن تعود أبدًا لما كانت عليه قبل أحداث السابع من أكتوبر أو مايعرف بطوفان الأقصى، وأيضا القضية الفلسطينية نالت زخما عالميا لم تحصل عليه على مدار عقود احتلال الأراضى الفلسطينية وإقامة دولة بنى صهيون فى عام 1948.
الوضع فى الأراضى المحتلة بصفة عامة وقطاع غزة بصفة خاصة وضع فارق ونقطة الانطلاق نحو مستقبل غير متوقع قادم لا محالة، فقط الصبر والترقب لما سيسجله التاريخ الحديث عن غزة والمقاومة الفلسطينية التى صنعت واقعا داعما للقضية الفلسطينية التى كانت على وشك الذهاب إلى دائرة النسيان وضياع الحقوق ومحو كل ما هو فلسطينى وإعلاء الكيان الإسرائيلى إلى مكانة دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دولة الاحتلال
إقرأ أيضاً:
ما هي تبعات فوز ترامب على العلاقة مع الاحتلال وحرب غزة والتطبيع؟
مع بداية ظهور النتائج الأولية بفوز الرئيس، دونالد ترامب، بولاية رئاسية أمريكية ثانية، تزايدت "القراءات الإسرائيلية" حول التبعات المتوقعة لهذا الفوز على العلاقة الأمريكية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وكذا السلوك المتوقّع تجاه الحرب على غزة، والتعامل مع التصعيد الجاري مع إيران.
وفي هذا السياق، زعم الكاتب في "القناة 14" العبرية، تائير ألتشولر، أنّ: "ولاية ترامب الثانية قد تؤدي لدعم أمني قوي لدولة الاحتلال، واتخاذ موقف أمريكي حازم ضد إيران، والسعي لتوسيع اتفاقيات التطبيع مع دول عربية إضافية".
وأضاف ألتشولر، في مقال ترجمته "عربي21"، أنه: "رغم ذلك فإن سياسة "أمريكا أولاً" قفد تؤدي أيضًا لزيادة العزلة الدبلوماسية، وتؤثر على علاقات الاحتلال مع الديمقراطيين وحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا".
وتابع بأن: "التأثير المباشر لفوز ترامب على العلاقات الإسرائيلية الأمريكية يعيد للأذهان أن ولايته الأولى قد أسفرت عن قرارات مهمة للاحتلال، أهمها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف الأمريكي بسيادة الاحتلال على هضبة الجولان، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وكل ذلك عزّز علاقته مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووفّر للاحتلال الدعم الدبلوماسي".
وأشار: "ترامب قد يعمل على العودة لسياسته "أميركا أولا"، ما يعني انخراطا أقلّ في الشرق الأوسط، لكنه في الوقت نفسه سيدعم فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، والتعبير عن موقف صارم ضد منظمتي حماس وحزب الله، الأمر الذي يدفع للحديث عن التأثير المتوقع لفوزه على مستقبل الحرب الجارية".
وأوضح الكاتب نفسه، أن "إعادة انتخاب ترامب قد تؤدي لتغيير الدعم العسكري والسياسي الذي يتلقاه الاحتلال في حربه ضد حماس في غزة، وحزب الله على الحدود الشمالية، ومن المتوقع أن يواصل ترامب النهج المتشدد تجاه إيران وتشديد العقوبات، مما قد يضع ضغوطا إضافية على حزب الله، لكن من الممكن أيضا أن يطالب الاحتلال بالتصرف بشكل أكثر استقلالية من الناحية الأمنية".
وأضاف أن "ترامب الذي تفاخر بأنه خلال فترة ولايته تم إبرام اتفاقيات تطبيع بين دولة الاحتلال وعدد من الدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وعمل على تعميق العلاقات الاقتصادية والأمنية في الشرق الأوسط، قد تدفع إدارته الجديدة لتوسيع هذه الاتفاقيات مع دول إضافية".
أمّا بخصوص السياسة المتوقعة لترامب من إيران، يرى الكاتب أن "أحد سمات ولايته السابقة معارضته للاتفاق النووي معها، ومن الممكن أن تؤدي ولاية أخرى لتشديد العقوبات وزيادة الضغوط الدبلوماسية عليها، مما قد يؤخر تقدمها في المشروع النووي، لكن الأمر لا يخلو من المخاطرة أيضاً، فإن السياسة القاسية أكثر مما ينبغي، من الممكن أن تؤدي أكثر لعدم الاستقرار في المنطقة، بل وحتى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية".
وختم بالقول إن "فوز ترامب من المتوقع أن يلقي بظلاله على علاقات دولة الاحتلال مع الحزب الديمقراطي، فإن ترامب يعتبر رئيسا ودوداً بشكل خاص معها، لكن نهجه الصارم أدّى لابتعادها عن الحزب الديمقراطي وحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين".
من جهتها، أكدت الكاتبة في موقع "زمن إسرائيل" العبري، تال شنايدر، أن: "فوز ترامب لا يضمن الضوء الأخضر لنتنياهو، رغم أن فوزه يعد احتفالاعلى المدى القصير للأخير، لأنه لا يتوقع أن يدوم طويلا".
وأضافت شنايدر، في مقال ترجمته "عربي21"، أن "الوعود الكبيرة فيما يتعلق بإيران سوف تتلاشى، في ضوء علاقة ترامب الوثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولذلك ليس بالضرورة أن تسمح إدارته للاحتلال بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، خاصة بعد إعلان نائبه، جي دي فانس، أن الولايات المتحدة تخطط لبدء مفاوضات دبلوماسية مع إيران قريبا، لأن لدينا مصلحة بعدم الدخول في حرب معها".
وتابعت بأن: "فانس الذي لن يكون صانع السياسات في البيت الأبيض، لكن إجاباته في مقابلة رئيسية خلال الحملة تعكس التعليمات والتحضيرات التي تلقاها من فريق ترامب من الخبراء والمستشارين، حيث قدم العديد من الوعود في الأسابيع الأخيرة من الحملة للجمهور المسلم والعربي واللبناني الأميركي، ووعد بإنهاء الحرب، وإحلال السلام والكرامة لشعب لبنان، وتحريره من معاناته الكبيرة".
وأشارت إلى أن "ترامب تطرق للحرب على غزة منذ يوليو 2024، في لقائه مع نتنياهو، وأكد أن الحرب يجب أن تنتهي، وإعادة المختطفين، وإيقاف الأنشطة العسكرية في غزة، مما يفسح المجال للحديث عن كيفية تحقيق كل ذلك مع حلول يناير 2025، وهو موعد تنصيبه، وهل تصبح مطالبه واقعا على الأرض إذا نجح في توسيع اتفاقات التطبيع، وإيصال السعودية لاتفاق مع دولة الاحتلال".
وأوضحت أنه "من المرجح أن تكون فجوة بين تصريحات ترامب الكبيرة والواقع الدموي للمجتمع الإسرائيلي، كما أنه يجري محادثات منتظمة مع بوتين، المعروف بعلاقاته ونفوذه في إيران، وقد يضطر الإسرائيليون للاعتياد على المحور الجديد لترامب- وبوتين، ومع عدم وجود معارضة سياسية كبيرة، فسيكون قادرًا على الترويج للعديد من التحركات".