التوأم نعيم ووسام .. جرح سيدة غزاوية لم يندمل
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
سرايا - رغم مرور أسابيع على الكارثة، ما يزال جرح رانيا أبو عنزة جديدا لم يندمل، وهي تحاول جاهدة أن تتجاوز مأساة فقدها طفليها التوأم -اللذين أنجبتهما بعد أكثر من عقد من الانتظار- وزوجها، في غارة بدير البلح في قطاع غزة.
ولم يدر في خلد هذه المواطنة أن تكتب الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة نهاية مؤلمة لحلمٍ بدأ للتو بإنجاب طفلين توأم بعد 11 عاما من الزواج.
عقد من الزمن خاضت خلاله "أم وسام" 3 جولات من التلقيح وزراعة الأجنة، لتحقق حلمها في أن تصبح أماً، كل ذلك ذهب أدراج الرياح مع قصف الجيش الإسرائيلي منزل العائلة وتدميره في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
وقتل الطفلان التوأمان وسام، ونعيم في عمر 5 أشهر، وهما الأصغر بين 14 شخصا من العائلة ذاتها -إضافة إلى والدهما- في غارة جوية إسرائيلية على دير البلح، مطلع مارس/آذار الجاري.
خسارة العائلة وتقول الأم الثكلى (27 عاما) بحرقة "كنت أتمنى أن يقضيا معي شهر رمضان المبارك والعيد مثل كل أم تحب أن يكون أطفالها معها" وتضيف وهي تقف على أنقاض منزلها المدمر" هنا بيتنا، وهنا كنا نائمين أثناء القصف".
وبينما تنظر إلى الركام، تستغرب قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي للمنزل الذي يسكن فيه مدنيون آمنون دون سابق انذار، فلا شيء يستدعي قصف المكان.
وتفتقد المواطنة زوجها وطفليها التوأم والذكريات الجميلة، قائلة" لم أفكر قط في أن أخسر زوجي وأولادي وعائلتي، كنا نعيش أياما جميلة وذكريات أجمل.. أصعب شيء عندما رأيت ولديّ مستشهدين، صرت أبكي بحرقة".
وتتابع -وهي تمسك بملابس طفليها التوأم- أنها كانت تحلم منذ زمن طويل بأن تصبح أما ويصبح عندها أطفال.
واعتادت أم وسام أن تزور منزلها المدمر لتفقده واستخراج بعض الملابس والمقتنيات البسيطة لتستذكر اللحظات الجميلة برفقة عائلتها الصغيرة. وتقول "هذه الأشياء أحضرها الزوج ولم نستطع إخراج كل الملابس من تحت الركام".
وتشير إلى صورة طفليها التوأم وتواصل الحديث "هذا ابني نعيم سماه أبوه بذلك نسبة لجده، وهذه سوسو سماها أبوها وسام على اسمه وهذه ملابسهما، فقد استحما قبل نومهما واستشهادهما".
هدية يوم الأم وكانت الأم المكلومة تحلم بأن يكبر طفلاها وأن يحضرا لها ولجدتهما الهدايا في يوم الأم أسوة بباقي الأبناء وتقول "زينت بيتنا، وأحضرت فوانيس رمضان. وأحضرت لابنتي فستان العيد وحذاء وربطة شعر صغيرة رغم أنها لم يكن لديها شعر طويل بعد. أهل زوجي فرحوا بأول فستان أشتريه لابنتي وسام.. هذا هو الفستان استخرجته من تحت الأنقاض ولكن لم أستطع أن أخرج الحذاء. حبيبتي سوسو وعمري وقلبي".
وتأمل الأم الثكلى أن تنتهي الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة بأقرب وقت، حتى يتوقف الدم النازف ولا سيما بحق الأطفال.
إقرأ أيضاً : استشهاد طفل فلسطيني في قباطية جنوب جنينإقرأ أيضاً : الاحتلال استولى على 27 ألف دونم من أراضي الضفة بعد العدوان على غزةإقرأ أيضاً : غروسي: تم التخلي عن الاتفاق النووي مع إيران مبدئياً
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
الفلسطيني زيد العامر هدّده الاحتلال بالتصفية وأبعده إلى غزة
"كنت أبحث عنه في حافلات الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية المفرج عنهم، فاتصل بي قائلاً أنا في غزة". تذكر رشا زوجة الأسير الفلسطيني زيد العامر، المحرر ضمن الدفعة الثانية من صفقة تبادل الاسرى بين حماس وإسرائيل. وكانت لحظة خبت فيها فرحة العائلة وتهيّأت وتزينت لاستقبال غائبها المعتقل منذ 9 سنوات والمحكوم بالسجن المؤبد.
وورد اسم العامر (35 عاما) ضمن قائمة المحررين العائدين إلى سكنهم في نابلس شمال الضفة. ورغم توقّع العائلة إبعاده بسبب حكمه المؤبد، إلا أن فرحتهم كانت كبيرة بوجود اسمه ضمن المحررين العائدين إلى منازلهم، وبعد تحضرها وتوجهها إلى رام الله لاستقباله، وصل الأسرى المحررون ولم يكن موجوداً معهم.
عرض هذا المنشور على Instagramتمت مشاركة منشور بواسطة عبدالله العطار Abdallah Alattar (@abdallahalattarr)
انتظار ثم إبعادتقول الزوجة "في البداية جهزت حقائب السفر، ورتّبت أموري، وحضّرت أولادي لاحتمالية سفرنا، في حال إبعاد والدهم. وحين ورد اسمه ضمن المحررين العائدين إلى الضفة، كانت فرحتي كبيرة لأنني لم أكن متشجعة لترك عائلتي وبيتي ونقل أولادي من محيطهم الذي اعتادوه كل هذه السنوات والانتقال لبلدة أخرى. لكني كنت أترقب اجتماعنا مع زيد وهذا المهم".
إعلانوتضيف "أفرغت الحقائب مرة أخرى وحدثت أبنائي أن والدهم أخيراً سيعود للمنزل وسيكون معنا هنا، وتركتهم ينتظرون وقلت لهم مساء اليوم (الجمعة الماضية موعد تحرر الاسرى ضمن الدفعة الثانية) سيكون والدكم هنا".
واهتمت رشا بأدق التفاصيل، واختارت المطعم الذي سيتناول فيه الأب وأطفاله طعام العشاء بعد استقباله، واشترت لهم الألعاب ليقدمها لهم، وجهّزتهم بملابس جديدة لارتدائها في حفل الاستقبال.
ولم تكن الطريق من نابلس إلى رام الله سهلة بسبب كثرة الحواجز الاسرائيلية، وتعطيلها حركة سير وتنقل الركاب الفلسطينيين عليها.
وبعد ساعات طويلة ومشاعر ترقب وفرحة وخوف من تراجع إسرائيل عن الإفراج عنه، وصل الخبر رشا وبقية العائلة بأنه تم إبعاد العامر إلى قطاع غزة.
وتصف رشا للجزيرة نت الصدمة التي عاشتها حين علمت بوصول زوجها إلى غزة فقد "كنت أسأل عنه كل أسير ينزل من حافلة الصليب، ولم يره أحد. وسألت العاملين في الصليب فقالوا إن اسمه في القائمة لكنه غير موجود بالحافلة، وتوقعت عندها أنه نقل للمستشفى لأنه يعاني من حالة صحية خاصة".
وكانت سيارات الإسعاف تنقل من فترة لأخرى عدداً من الأسرى المحررين بسبب سوء حالتهم الصحية وتعرضهم للضرب والتنكيل حتى قبل الإفراج عنهم بساعات، مما دفع العائلة للسؤال عنه في مراكز الطوارئ بمحيط مكان وصول المحررين.
بعلم الصليب الأحمر"حين كنت أبحث عنه وأسأل الأسرى الواصلين وموظفي الصليب الأحمر، كانت سيارات الصليب تنقله إلى داخل قطاع غزة" وتقول رشا إن أحد الأسرى "قال لي زيد أُبعد، وسمعنا ضابط المخابرات يخبره بقرار إبعاده، في هذه الأثناء وردنا اتصال من زيد، وقال: وصلت غزة، أبعدوني بالإجبار، أنا الآن في المستشفى الأوروبي".
ولم يكون شعور الخيبة فقط هو ما ألمّ برشا بعد اتصال زوجها، لكنها أحست بالعجز والغضب والخوف من ردة فعل أطفالها. وتقول "بكيت كثيراً، وأحسست أن كل ما حدث معي طوال هذه السنوات عاد أمامي هذه اللحظة: سنوات الانتظار، هدم المنزل، ولادة أطفالي من دون زيد، تحمل المسؤولية وكل شيء".
إعلانوحاولت العائلة التحدث مع الصليب الأحمر ورفع الأمر للوسطاء المشرفين على الصفقة، فتبين لهم أن إسرائيل أجبرت العامر على الإبعاد لغزة تحديداً، بعد تهديده بعدم الإفراج عنه أولا، ثم تهديده بالتصفية في حال أفرج عنه وعاد للضفة أو أي دولة أخرى.
وأكد العامر لعائلته بعد وصوله غزة أنه طلب من الصليب الأحمر إبلاغهم بأمر إبعاده إلى غزة حتى لا يتكبدوا مشقة الوصول إلى رام الله، لكن الصليب الأحمر لم يتصل بالعائلة.
أطفال العامر هديل وشقيقاها التوأم أسامة ورضا (الجزيرة) تهديد بالقصفولم يقتصر الأمر على الإبعاد، فقد اتصلت المخابرات الإسرائيلية بالعائلة أكثر من مرة لتهديدهم ومنعهم من إقامة الاحتفالات بتحرره، أو رفع رايات كتائب القسام أمام المنزل.
ورغم التزام العائلة بعدم إقامة أية مظاهر للاحتفال، فإن ضابط مخابرات إسرائيليا اتصل بشقيق العامر وطالبه بإخلاء القاعة التي فُتحت لاستقبال المهنئين بالإفراج عنه في نابلس، وأبلغه بقرار قصف القاعة إن لم يتم الإخلاء خلال دقائق.
وتعلق زوجته "لم ندعُ الناس ولم نقم أية احتفالية، لكن العادة أن يزور الأهالي الأسرى وتهنئتهم، وكان هناك قرابة 600 مواطن في القاعة لحظة اتصال الضابط الإسرائيلي وتهديدنا بقصفها، فاعتذرنا للكل وأخلينا القاعة كي لا تحصل مجزرة، فالاحتلال لا يردعه شيء".
فلذتا كبد العامر المحرر والمبعد إلى غزة يتهيآن لاستقباله (الجزيرة) اعتقالهفي أبريل/نيسان 2015 اعتقل الاحتلال العامر بعد مرور 37 يوما على زواجه، واتهمه بالمشاركة بتنفيذ "عملية إيتمار" التي أدت لمقتل الحاخام إيتان هنكين وزوجته. وبقي في السجن دون الحكم عليه حتى عام 2023، عندها حكم عليه بالسجن المؤبد مرتين إضافة إلى 30 عاما، وغرامة مالية بحوالي 3 ملايين شيكل، كما هدم الاحتلال منزله.
وعند اعتقاله كانت زوجته حاملا بطفلته الأولى هديل، وبعد 5 سنوات من سجنه رزق العامر بتوأم ذكر "أسامة ورضا" عن طريق النطف المهربة. وأكمل دراسته في السجن وحصل على درجة الماجستير.
إعلانوحتى الآن لا يعرف العامر إلى أين سينتهي به الأمر، حيث يقبع بالمستشفى الأوروبي في خان يونس، ورغم إبلاغ الوسطاء بإبعاده إلى غزة بعد التهديد والتخويف لكن الاحتلال لم يستجب ولم يبلغ بأي جديد.
وتقول زوجته إنه يحتاج إلى عملية في القلب بشكل عاجل، حيث يعاني منذ سنوات من تسارع ضربات القلب. وتقول رشا إن الأطفال أصيبوا بالصدمة بعد انتظارهم تحرره وعودته إلى البيت "والآن نحاول بطريقة صعبة التحدث معه عبر الهاتف فقط".
عقوبات للمحررينقال نادي الأسير الفلسطيني -في بيان- إنّ أجهزة الاحتلال الإسرائيلي بمختلف مستوياتها مارست إرهابا ممنهجا بحق المحررين وعائلاتهم، وتضمن ذلك تهديدات وصلت إلى حد القتل والاعتقال، إلى جانب اقتحام منازلهم وتخريبها.
وبحسب نادي الأسير، فإن الاحتلال لم يكتف بالتهديد إنما مارست إدارة السجون أساليب الضرب والتنكيل بحق المحررين. وقال النادي الفلسطيني إنه وثّق شهادات لمحررين في كافة محافظات الضفة بينت أن عمليات التنكيل استمرت لأيام وكانت ظاهرة على أجساد المحررين.
وقد تحرر ضمن الدفعة الثانية من صفقة الأسرى 290 أسيرا وجرى إبعاد 71 منهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية.