تقارير: وزراء الليكود يطالبون بالمرونة في صفقة التبادل.. ونتنياهو وجالانت يرفضان
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه خلافا لما نُشر فإن معظم الوزراء عارضوا عودة الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة دون سيطرة إسرائيلية.
وسبق أن وصفت القناة العبرية المفاوضات في الدوحة بأنها وصلت إلى طريق مسدود، بسبب تمسك حماس بعودة السكان إلى شمال القطاع، الأمر الذي ترفضه إسرائيل.
في الوقت نفسه، كشفت القناة العبرية عن تغيير ملموس في موقف وزراء الليكود إزاء صفقة التبادل.
وأضافت القناة 12 الإسرائيلية أن جميع أعضاء الليكود في الحكومة باستثناء وزير الدفاع يواف جالانت ونتنياهو يرغبون بإبداء مرونة في المفاوضات، موضحة أن نتنياهو عارض إبداء مرونة وفوجئ بأن معظم وزراء الليكود يؤيدون توسيع صلاحيات فريق التفاوض.
في غضون ذلك، أكدت حركتا حماس والجهاد الإسلامي أن نجاح أي مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل يعتمد على 4 محددات أساسية، ضمنها عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة.
وجاء ذلك خلال لقاء عقده وفد من حماس برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، مع وفد من الجهاد الإسلامي برئاسة أمينها العام زياد النخالة، في العاصمة الإيرانية.
وقالت حماس في بيان إن المحددات الأربعة هي "وقف العدوان (الإسرائيلي) بشكل شامل، وانسحاب الاحتلال بشكل كامل من كل قطاع غزة، وحرية عودة النازحين (إلى شمال القطاع) وإدخال المساعدات واحتياجات شعبنا وأهلنا في القطاع" ضمن صفقة تبادل للأسرى في غزة.
وفي وقت سابق، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن المفاوضات غير المباشرة مستمرة بين إسرائيل وحماس للتوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار، بينما يتركز الخلاف الرئيسي بشأن عودة النازحين إلى شمالي القطاع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نتنياهو الليكود جالانت الأسرى تبادل حماس إلى شمال
إقرأ أيضاً:
عودة النازحين السودانيين-مناورة سياسية فوق أنقاض وطن ممزق
شعارات براقة تُخفي حسابات القوة
في خضم الحرب الأهلية السودانية المستعرة، تتصاعد دعوات بعض الأطراف السياسية والحكومات المحلية لعودة النازحين إلى مدنهم المدمرة. إلا أن هذه الدعوات، عند تمحيصها، لا تمثل سوى محاولة لاستخدام الأزمة الإنسانية كورقة ضغط سياسي
وفق منطق "الريال بوليتيك"، حيث تكون الأرواح مجرد تفصيل في معادلة المصالح. ففي ظل تآكل الدولة، تتحول معاناة المدنيين إلى أداة تفاوضية بين الفصائل المسلحة واللاعبين الإقليميين.
الانهيار الهيكلي للدولة: مدن تحت أنقاض الحرب
مدنٌ مثل الخرطوم ونيالا والفاشر تحولت إلى أطلال بلا حياة. هذا الدمار الشامل لم يكن عشوائيًا، بل كان ثمرة استراتيجية ممنهجة تهدف إلى سحق مقومات الحياة المدنية:
تدمير البنية التحتية: المرافق الحيوية كالمياه والكهرباء تُستهدف عمدًا، لتجويع السكان وإجبارهم على النزوح أو الخضوع.
تسييس المؤسسات الخدمية: المدارس والمستشفيات تحولت إلى مقار عسكرية، في رسالة مفادها أن السلطة باتت بأيدي السلاح لا القانون.
انهيار الأمن: لم يعد الأمن غائبًا فقط، بل أصبح أداة تحكم. تنتشر الميليشيات بحرية، وتدار حياة المدنيين عبر الرعب المسلح، بينما تستغل بعض الأطراف مظاهر "استعادة الأمن" لتكريس سيطرتها.
تقارير الأمم المتحدة الأخيرة، التي حذرت بشكل واضح من أن الخرطوم لم تعد آمنة للعودة، تكشف زيف الخطاب الرسمي وتدين عمليًا غياب مؤسسات الدولة.
لعبة العودة: من المستفيد؟
خلف دعوات "العودة الآمنة" تتوارى حسابات سياسية بحتة:
تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي: إظهار انخفاض أعداد النازحين يوحي بتحسن الأوضاع، مما يسهل استقطاب المساعدات الخارجية، التي غالبًا ما تُوظف لإدامة الصراع لا إنهائه.
ترسيم السيطرة الديموغرافية: إعادة توطين النازحين بشكل انتقائي يسمح للفصائل بفرض واقع ديموغرافي يخدم مصالحها، خصوصًا في مناطق الموارد كالذهب والأراضي الزراعية.
التخفيف عن دول الجوار: الضغوط المتزايدة على مصر وتشاد وجنوب السودان تجعلها تتغاضى عن أدوار بعض الفصائل المسلحة، وتقبل بها كأمر واقع في سبيل تقليل عبء اللاجئين.
اللاجئون- رهائن صراع إقليمي
دول الجوار تتعامل مع أزمة اللاجئين بمنطق المصالح:
مصر: تتبنى سياسات تضييق على اللاجئين لدفعهم للعودة رغم المخاطر، حفاظًا على استقرارها الداخلي وعلاقاتها مع القوى النافذة في السودان.
تشاد: توظف وجود اللاجئين كورقة تفاوضية لطلب الدعم الأوروبي، مقابل "ضبط الحدود" ومنع تدفقات الهجرة نحو أوروبا.
هذه السياسات توضح أن حق العودة ليس قضية إنسانية فحسب، بل ملف يُدار عبر حسابات معقدة ترتبط بالأمن الإقليمي والمكاسب الاقتصادية.
العودة الآمنة- شرط مستحيل في واقع الفوضى
وفق معايير السياسة الواقعية، تبدو شروط العودة، كما تطرحها المنظمات الدولية (وقف القتال، نزع السلاح، وجود قوات أممية محايدة)، أقرب إلى الأمنيات منها إلى الإمكانات:
نزع السلاح مستحيل- الفصائل تعتبر السلاح مصدرًا أساسيًا لقوتها السياسية والاقتصادية، ولا توجد قوة قادرة حاليًا على إرغامها على التخلي عنه.
إعادة الإعمار غائبة- في ظل انعدام سلطة مركزية معترف بها دوليًا، لا تجد الدول المانحة مبررًا لضخ أموال قد تقع في أيدي أمراء الحرب.
غياب الضمانات الدولية- المجتمع الدولي عاجز عن فرض حلول مستدامة في ظل انقسام مواقفه وتعدد أجنداته تجاه السودان.
الدم كعملة لشراء السلام
في ضوء هذه المعطيات، يصبح الحديث عن عودة النازحين اليوم أقرب إلى الخديعة السياسية. أطراف النزاع، ومعها بعض القوى الإقليمية والدولية، تدير الأزمة بهدف الحد من الخسائر وليس إنهاء المأساة.
السودانيون الذين نزحوا تحت وابل الرصاص والقذائف ليسوا فقط ضحايا الحرب، بل أسرى في لعبة مصالح تتجاوز حدودهم الوطنية.
الدرس الأشد قسوة أن السلام في السودان لن يتحقق عبر عودة متسرعة إلى مدن مدمرة، بل عبر إعادة بناء دولة عادلة حقيقية — وهو حلم ما يزال بعيد المنال، طالما ظل الدم أرخص من كلفة السلاح.
zuhair.osman@aol.com