سودانايل:
2025-01-23@21:02:06 GMT

رسالتي الأولى لياسر العطا

تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT

sfmtaha@msn.com

شهاب طه

اليوم أقول لك الحقيقة، ومعرفة الحقيقة، في حد ذاتها، تشعر الإنسان القوي بالإرتياح حتى لو كانت حقيقة قاسية، أما الضعيف العاجز فهو يفضل الهروب من الحقيقة.

الحقيقة الأولى: هي التشخيص العلمي والمنطقي، لأسباب حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣ وهو تحليل لم تسمعه من قبل، ولن تسمعه من بعد، عن أسباب تلك الحرب التي تدمر سوداننا الآن حيث تعتقد الغالبية من شعبنا، الغير معنية بالسياسة، أنها حرب صراع على السلطة والديمقراطية وغيره، أما السذج والبسطاء من المثقفاتية فهم يؤمنون أن السبب هو الإتفاق الإطاري حيث إنقسمت القوى السياسية والمثقفاتية الركيكة السطحية ما بين مؤيد ورافض لذلك الإتفاق السمج الذي كان من المستحيل أن ينجح أو يفيدنا حتى لو تنازل الرافضون وتوافقوا مع كل القوى السياسية على تنفيذه، لأن الأسباب الحقيقة الوحيدة لهذه الحرب والتي لم تذكر من قبل: {هي نفس الأسباب التي أوجدت السودان نفسه كوليد معوق ومشوه للمحتل البريطاني الذي جمع التباينات العرقية والقبائلية والجهوية والعقائدية والثقافية ورصها في الخارطة التي رسمها وسمّاها السودان} ثم رحل الإنجليز لتؤول إدارة الدولة للكوادر الوطنية التي لم تكن مؤهلة بالقدر المناسب ولم تنل الحظ الكافي من التعليم الأكاديمي والمعرفي إضافة لقلتها.

وبالرغم من أن تلك الكوادر كانت تكفيها وطنيتها اللّامحدودة بجانب مؤهلاتها البسيطة لحكم وإدرة وطن إن كان هو وطنها، ولكن سودان الإنجليز لم يكن هو سودانها ولا هو وطنها والذي أصلاً لم يكن له وجود ما قبل الإحتلال فكان المستحيل هو النجاح في إدارة ذلك التنوع الممعن في التنافر فظلت الحروب هي الآلية الوحيدة لإدارة الدولة من المركز ومحاولة الحفاظ على وحدتها من منظور عاطفي ساذج وغاشم حيث الحروب تشتعل منذ ١٩٥٥م وحتى اللحظة، بغوغائية لم يشهد العالم لها مثيل، تفضح فشل الرعيل السياسي الأول وكل من حكم ما بعد الإستقلال. فإن لم يتم النظر لأسباب هذه الحرب وسابقاتها وفق هذا التحليل المتفرد الأصح فلن يكون بمقدور هذا البلد تجاوز محن هذه الحرب ومنع الحروب الحتمية القادمة.

والحقيقة الثانية: التي يجب أن تعرفها أنت وكل فرد في الجيش السوداني هي أن المتأسلمون الإنقاذيون هم من حقنوا جسد الوطن بسم المليشيات و اليوم يمارسون عادتهم الخبيثة، غير السرية والمفضوحة، بسعيهم لتحميل وزر أفعالهم لشعبنا بل يجاهدونه على أن يشعر بعقدة الذنب حيال تلك الخطيئة بديلاً عنهم لا لسبب إلا لأنه صحي من غفوته وفجر ثورة ديسمبر المجيدة الخالدة مناضلاً للخروج من الظلمات للنور كما بقية الشعوب التي تنعم بالسلام المستديم. والذي يجب معرفته أن السلام نوعان، سلام سلبي تفرضه البندقية وسلام إيجابي تحرسه الديمقراطية. أي بإختصار، سلام العالم الثالث المتخلف وسلام العالم الأول المتحضر، وحتى هذا السلام السلبي فقد عجز الجيش عن فرضة ودرء تلك الكارثة في الوقت الوجيز المتوقع بسبب نكوصه عن واجبه الوطني الدستوري والقبول بامتهان كرامته بالإذعان للخوض في مستنقعات السياسة الآسنة حيث جُرد من هيبته ورضخ لغرس النبت الجنجويدي حتى أصبح سرطاناً قضى على الأخضر واليابس في بلدنا المنكوب.

والحقيقة الثالثة: التي يجب أن تعرفها أنت وكل الشعب هي أن البعض من قيادات قوى الحرية التغيير قد لجأؤا للإعتماد على حميدتي، كنائب لرئيس مجلس السيادة، شرعنتموه أنتم، ليكون نصيراً لهم ضد صلف سدنة الإنقاذ وخيانة ميثاق الوثيقة الدستورية، وإنقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ حيث تم جرّهم من كراسيهم الملاصقة لكراسيكم و زُج بهم في السجون، بل لا يجب إن يستغرب أحد إن كانوا يدعمون إنقلاب حميدتي في صباح ١٥ أبريل للاستيلاء على السلطة، فالإنقلابات المسلحة هي شيمة جيش سوداننا المبررة بفرية الحفاظ على أمن الوطن لأن المدنيّون، وكما يعتقد العسكر، هم أصلاً فاشلون بطبيعة كونهم مدنيّون. أما من يناصر الجنجويد، بعد نشوب الحرب الغاشمة، إن كان من قيادات الحرية والتغيير، أو منسوبيها أو غيرهم، فهو مسئول مسئولية فردية عن موقفه دون تمييع للقضية بتشتيتها على الشيوع فينفذ المجرم الحقيقي من العقوبة. فهناك من يدعم الجنجويد من منطلق عرقي أو مكاسب مادية، أو كراهية في الكيزان. أما الغباء الأكبر فهو يتجسد في تلك الفئة الضالة التي تحاول إستهداف ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة بالإدعاء الباطل بأن قوى الحرية والتغيير (قحت) كلها وبرمتها ما هي إلا جناح سياسي للجنجويد، فليعلم الناس أن قحت هي ليست توجه فكري أو عقائدي موحد أو حزب سياسي بل هي فقط حالة توافق ثوري جمعت كل أطياف القوى الوطنية المناهضة لنظام الإنقاذ المتطرف الإرهابي الذي لا زلنا نكتوي بجحيمه حتى لحظة كتابة هذه الأسطر. إذن إتهام كل منسوبي قوى الحرية والتغيير يعني بالضرورة إتهام كل أفراد قبيلتي الرزيقات والمسيرية وهذا أمر غير منطقي ولا عقلاني. والأشد نكاءةً أن البعض من المثقفاتية ينادون بضرورة أن يتفدم كل فرد من قوى الحرية والتغيير بإبراء ذمته من الجنجويد وذلك يعني أن يتقدم كل ضباط وجندي في الجيش لإبراء ذمته من الكيزان.

الحقيقة الرابعة: هي نصيحتي لسيادتكم بالبعد التام عن السياسة والكف عن إصدار أي تصريحات أو تقديم وعود لأي جهة أو حزب بل التفرع التام للواجب المقدس وهو إعادة الأمن الكامل بدحر الجنجويد وإزالة كل المخاطر وإسترداد هيبة الدولة وكذلك الإمتناع عن توجيه أي إتهام لأي مواطن ما لم يكن ذلك مصحوب بأدلة دامغة وأحراز قضائية ثابته ضد من شارك الجنجويد في جرائم الحرب لأن ما نحتاجه، ما بعد مرحلة الجنجويد، هو تجريم الأبرياء تحت مسمى قوى الحرية والتغيير وغيره حتى ننعم بحرب أهلية مستديمة لكي تتم الناقصة وتقضي على ما تبقى من نسيج مجتمعي مهترئ.

الحقيقة الخامسة: هي نصحتي بضرورة القبول بالتدخل الأممي الخارجي، الذي لا بديل له ولا مفر منه حيث يتوجب مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة لتخصيص لجنة دولية من مجموعة خبراء يكون بمقدورهم وضع التصورات المطلوبة لحلحلة مشكلات سوداننا بمهنية وحيادية للفصل في النزاعات الأزلية المزمنة والتخطيط لمنظومة الحكم الأمثل، إن كان فدرالياً أو كونفدرالياً وترسيخ مبدأ حق تقرير المصير ، وهنا وجب التنويه أن ليس بالضرورة أن يكون المنتدبين هم موظفين في الأمم المتحدة بل من الممكن إختيار شخصيات دولية وترشيحهم لتلك اللجنة ومن ثم يقوم الأمين العام بإعتمادهم وتكليفهم وفق صلاحيات الأمم المتحدة وتحت مظلتها وتلك نصيحة ستندمون عليها إن لم يتم تنفيذها، كما ندمتم على تسمين غول الجنجويد. أما النصيحة الأغلى كنت قد قدمتها للبرهان في ١٠ يوليو ٢٠٢٣ بتسليم دارفور للأمم المتحدة لتأمبن شعبها وكل السودان بحماية الحدود ومنع تدفق الإمدادات الغير محدودة للجنجويد، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حياً.

أما قضية المتبرعون بالحيوانات المنوية فهي الكارثة القومية التي أقعدت وطننا منذ نشأته، ولم يفكر فيها احد، سأوضحها فيما بعد وأقدم الحل الأوحد.

أحي صمود كل شرفاء الجيش الفقراء البسطاء الذين لا همّ لهم غير حماية هذا الشعب والوطن.
٢٩ مارس ٢٠٢٤
‏stmtaha@msn.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوى الحریة والتغییر إن کان

إقرأ أيضاً:

عبدالله علي صبري: غــزة انتصرت وانـتصرت

 

انتصرت غزة منذ الساعات الأولى لطوفان الأقصى، فقد كانت العملية نوعية جدا واستثنائية جدا، وقيل منذ لحظاتها الأولى أن ما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله. وانتصرت غزة لأنها كانت جاهزة شعبيا وعسكريا وسياسيا وإعلاميا لخوض معركة طويلة المدى، لكن غير متكافئة، وتحت حصار خانق وشامل.

انتصرت غزة لأن أبطال القسام وسرايا القدس، وكل المجاهدين في بقية الفصائل، كانوا يستعدون للالتحام مع العدو من المسافة صفر أياً كانت الظروف، ومهما اشتدت وحشية وضراوة العدوان، مقبلين غير مدبرين ومرابطين في متارسهم لا يبرحونها إلا وبنادقهم في صوب جنود وضباط العدو ومدرعاتهم.

انتصرت غزة لمَا هرع القادة الأمريكيون إلى تل أبيب يعرضون كل أشكال الدعم حتى لا ينهزم الكيان الصهيوني، وينذرون العالم وكل من سيتحرك دعما لفلسطين وغزة، أن الحرب حرب أمريكا وحرب الغرب الأوروبي وحرب حلف الناتو أو الأطلسي، وأنهم سيحمون ظهر إسرائيل حتى يتفرغ جيشها وقياداته المجرمة للتنكيل بكل المدنيين في غزة رجالا ونساء وأطفالا.

انتصرت غزة وعشرات الآلاف ينزحون مرة إثر أخرى من شمال القطاع إلى الوسط وإلى الجنوب أو العكس، في رحلات بحث شاقة عن مكان آمن، لكن في داخل غزة نفسها، فأفشلوا مخطط التهجير القسري، وتحملوا كل الأهوال غير المسبوقة في تاريخ الحروب والصراع مع العدو الصهيوني، وظلوا ثابتين رغم الجوع والبرد ووحشة الطريق. وعندما توقفت الحرب ومع الدقائق الأولى من سريان الاتفاق، خرجوا بالآلاف فرادى وجماعات محتفلين بالنصر ومستعدين للعودة إلى الأحياء المدمرة، وبقايا منازل تكاد أن تكون يبابا.

وانتصرت غزة لأن أبطال المقاومة خرجوا في اللحظات الأولى لوقف إطلاق النار بكامل عتادهم ومركباتهم، يستعرضون قوتهم وكأن الحرب لا تزال في أيامها الأولى.

انتصرت غزة وقد وزعت صفقة تبادل الأسرى الفرحة الكبرى على المقدسيين قبل الغزاويين، وعلى فتح قبل حماس، في لوحة وطنية راهن العدو على طمسها وقد ورط السلطة الفلسطينية في حرب موازية على كتائب المقاومة في جنين والضفة الغربية.

انتصرت غزة حين زفت قادتها إسماعيل هنية ويحيى السنوار وصالح العاروري شهداء على طريق القدس، فلم يهنوا ولم يفشلوا، بل استمر الأداء العسكري في تصاعد مستمر نوعا وكما طيلة 15 شهراً، حتى في جباليا وشمالي القطاع، حيث كانت ” خطة الجنرالات ” تستهدف كل ما يدب في الأرض صغيرا أو كبيرا بشرا أو حجرا.

وانتصرت غزة لأن المفاوض الفلسطيني والأداء السياسي لحركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية بفرعيها مع بقية الفصائل، كانت كلها على قلب رجل واحد، لكنه قلب رابط الجأش صلب المراس، لا يهادن ولا يساوم.. ولا ينخدع بالإغراءات أو يستجيب للتهديدات، فكانت النتائج في مستوى التضحيات والتطلعات، على عكس ما سعى إليه المجرم نتنياهو، حين أعلن عن أهداف عالية السقوف ولم يحصد سوى السراب والحتوف.

انتصرت غزة لأنها أفشلت مخطط العدو الصهيوأمريكي، فلم تنصاع لمطالب إطلاق الأسرى إلا بصفقة تبادل عادلة ومشرفة، ولم تقبل بتسليم أسير واحد تحت النار، ولم تخضع لأية إملاءات بشأن إدارة غزة في اليوم التالي لإيقاف الحرب ورفع الحصار. وانتصرت غزة لأن إرادة شعبها ومقاومتها كانت الأمضى والأقوى، ولأن الإيمان بالله وبالنصر كان سلاحها وذخيرتها على مدى 471 يوماً.

وانتصرت غزة حين وقف قادتها السياسيين والعسكريين شامخين رافعي الرؤوس والهامات، يزفون النصر للأمة كل الأمة، ويخصون بالتحية إخوان الصدق في اليمن ولبنان والعراق وإيران، حيث كانت جبهات الإسناد جزءا من مشهدية النصر الكبير.

20-1-2025م

مقالات مشابهة

  • السودان على موعد مع الحرية والتحرر من ميليشيات الجنجويد الإرهابية
  • هذه العمليات الإرهابية التي يقوم بها الجنجويد تعكس حالة الإحباط التي وصلوا إليها
  • الدبيبة من دافوس: هذه رسالتي لترمب
  • عبدالله علي صبري: غــزة انتصرت وانـتصرت
  • إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة  الإسرائيلية على غزة .. تقرير
  • «فيتش»: وقف الحرب في غزة يقلل المخاطر الجيوسياسية التي تواجه مصر والأردن
  • تأكيدا لموقف أُعلن منذ بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟
  • تأكيدا لموقف أُعلن من بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟
  • عرس قانا الجليل.. المعجزة الأولى التي غيرت مسار التاريخ الروحي
  • اتهامات لحفتر بدعم حميدتي.. هذه نسب المرتزقة في قوات الدعم السريع