الاتحادي الأصل ورؤية للحوار الوطني
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
معلوم في الفكر السياسي أن الديمقراطية تؤسس و تتطور إذا كانت في المجتمع هياكل و بناء طبقي؛ تلعب فيه الطبقة الوسطى دورا محوريا في عملية البناء الديمقراطي، باعتبارها الطبقة التي تحفظ توازن المجتمع من جانب، و الدور الاستناري الذي يرفد النظام السياسي بإنتاج الثقافة الديمقراطية من جانب أخر، و قوة الطبقة الوسطى في المجتمع يجعلها الضامن القوي لاستمرارية النظام الديمقراطي، خاصة أن الطبقة من خلال فاعليتها السياسية باعتبارها تقع بين طبقتين، و في نفس الوقت هي مصدر للمعرفة و الاستنارة، تستطيع أن تؤثر في الطبقات الأخرى لخلق توازن للقوى في المجتمع، و تكون المعادلة السياسية لمطلوبة لتأمين الديمقراطية.
أن غياب رؤية الحركة الاتحادية عن الساحة السياسية بعد إسقاط نظام الإنقاذ، كان السبب الرئيس فيه هو حالة التشظي التي ضربت الحركة الاتحادية، و جعلتها تمارس السياسية عبر مكونات عديدة ليس بينها أي رابط أو مشروع سياسي تتوافق عليه. الأمر الذي جعل دورها هامشيا في الحراك السياسي، و حاول بعض منها أن يضمن دوره من خلال تحالفات سياسية لقوى متباينة في مرجعياتها الفكرية، جعلها تعمل بالحد الأدنى.. لم تستفيد المكونات الأتحادية العديدة في توحيد رؤيتها، أو تتوافق على برنامج سياسي يجعلها تتعاون فيما بينها، و لكن فشلت كل المحاولات لتجميع هذه المكونات على صعيد واحد، و السبب أن أي تنظيم يعمل وفقا لرؤية القيادة التي تديره، و تعتقد أن أي وحدة سوف تجعل بعض القيادات تخسر مقاعدها في مقدمة التنظيم، و هذه أيضا تعود لضعف الثقافة الديمقراطية بسبب طول أنظمة الحكم الشمولي في البلاد، مما جعل هناك انقساما في الجسم القاعدي، و ابتعاد الأغلبية عن عملية الحراك و النشاط السياسي.. كان الاعتقاد أن المتغيرات في الساحة السياسية تصبح حافزا للاتحاديين للتقارب بينهم، و لكن ظلت حالة الانقسام تضرب حتى الوحدات الصغيرة فيهم..
بعد إندلاع الحرب و تشريد المواطنين كان الأمل أن تستشعر النخب الاتحادية المسؤولية، و تقدم على الحوار بينها بصورة جادة أو تتفق علي عمل تنسيقي تتفق عليه على برنامج عمل يؤسس على الرؤية الاتحادية للحل، و لكنها أيضا فشلت.. قبل شهر و نيف كنت قد عملت تسجيلا صوتيا خصصته لإبني السيد محمد عثمان الميرغني " جعفر و الحسن" و وزعته على عدد كبير من القيادات الاتحادية و القروبات الاتحادية حاسا كليهما بالقول من يريد الزعامة عليه أن يتوجه إلي بورتسودان يلتقى بالجماهير و يطوف بعد ذلك على أقاليم السوداني.. و قلت في التسجيل يجب أن لا يكون الحديث مع الجماهير توجيهها لكي تحمل السلاح و تقاتل جنبا إلي جنب مع الجيش، لآن الجماهير أصلا قد فعلت ذلك، و لكن أن يقدم الحزب رؤيته السياسية للحل لكي تصبح الرؤية هي محور الحوار السياسي مع كل القوى السياسية الأخرى، أن تقديم الرؤية متكاملة تعيد للحزب دوره الطليعي في العمل السياسي، و يصبح الحزب قادرا على إدارة الصراع من خلال أجندة وطنية و رؤية سياسية متكاملة..
أن السيد جعفر الميرغني قام مع وفد اتحادي بمقابلة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش، و التقي بجماهير في بورتسودان و خاطب جماهير غفيرة في استاد شندي، ثم ذهب إلي ولاية الخرطوم، أن هذه الزيارة في ظرف الحرب و شهر رمضان الذي تعاني فيه الجماهير من عدم الاستقرار و السطو على ممتلكاتها و شظف العيش و معاناة الحياة، تصبح زيارة تاريخية تحجز مكانها في سجل التاريخ الوطني، و يكون السيد جعفر قد وضع قدمه على عتبة الزعامة في الحزب الاتحادي، و الزعامة لا تشترى بالنسب أو بالمحسوبية أو الانتهازية انما تمنحها المواقف الوطنية، و الزعيم يملك الاستعداد النفسي و المعرفي و الثقافة الوطنية التي تعزز سبل النجاح سياسيا ، و مخاطبة للجماهير لشرح وجهة نظر الحزب لابد من حوار الجماهير و خاصة الشباب أن هؤلاء الذين يملكون وعيا متقدما و لديهم أفكار ناضجة تعين الحزب في مساره السياسي..
أن الجيش قد حدد رؤيته في العملية السياسية التي قال عنها سوف تبدأ بعد الانتهاء من الحرب، و وقف صوت البنادق، و قال أن الفترة الانتقالية يجب أن تحكم بتكنوقراط غير منتمين سياسيا، و أن الجيش سوف يشارك في عملية التحضير للعملية السياسية التي يجيب أن تكون سودانية خالصة دون تدخلات خارجية، و أن يكون الحوار سوداني سوداني دون أي إقصاء.. أن السيد جعفر عليه أن يراجع بعض خطابات السيد محمد عثمان الميرغني خاصة بيانه في ذكرى الاستقلال عام 1997م قال فيه أننا نؤكد على وحدة السودان و تمسكنا بالديمقراطية نظاما للحكم، و لا نقبل أي وصايا من أحد، فالسودانيين قادرين على تجاوز خلافاتهم من خلال الحوار.. و في كلمته في ندوة الحقوق و العدالة بمجلس اللوردات بلندن في 16 فبراير 1994م قال بضرورة اجتماع آهل السودان كافة في مؤتمر قومي دستوري لحسم قضاياهم الخلافية في مناخ ديمقراطي.. و قال أن الإسلام دين الأغلبية و لكن لا نفرضه على الأخرين و لا نكرههم عليه... و في لقاء مع جريدة الشرق الأوسط يوم 24 أكتوبر 1992 يقول الميرغني، أن ما نطلبه نحن هو إعادة الديمقراطية التعددية و السلام و احترام لحقوق الإنسان و صيانة وحدة السودان.. أن تاريخ الحركة الاتحادية منذ النشأة، و تعدد تياراتها و منابعها و أقوٌال المؤسسين و خطابات و بيانات السيد محمد عثمان تعتبر المعالم التي يجب أن يؤسس عليها البرنامج السياسي، و الذي يجب أن يطرحه الحزب الاتحادي للجماهير، حتى يصبح محورا للنقاش السياسي العام في البلاد... أن الرؤية الاتحادية تشكل القاعدة الأساسية لملامح السودان الديمقراطي، لأنها رؤية جامعة و موحدة..
يجب على السيد جعفر الميرغي في طوافه على الجماهير لابد أن يجمع حوله الشباب الاتحاديين الذين شاركوا في الثورة بصورة واسعة، خاصة أن الأجيال الجديدة هي التي تعطي للحزب فاعليته و قدرته على الحركة وسط الشباب من الجنسين. و هم الأقدر على إثارة الحوارات على المنابر المختلفة.. كما يجب الاستعانة بالقيادات التاريخية في التشاور و الحوار.. فالحزب الاتحادي يملك رصيدا كبيرا من هذه القيادات، و يشكل لها مجلس استشاري، أن تحاور الأجيال داخل المنظومة السياسية مسألة مهمة خاصة بالنسبة للشباب لنضج خبراتهم.. و نلتقي في مقال أخر حول العديد من القضايا التي تحتاج لحوار داخل البيت الاتحادي على الرغم من تعدد أبوابه.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السید جعفر من خلال یجب أن
إقرأ أيضاً:
«الصناعة» تُشكل لجنة لبحث تحديات هيئة الدواء.. خبراء: يعد القطاع أحد أهم الركائز التي تدعم منظومة الصحة والاقتصاد الوطني.. ونجاح المبادرة مرهون بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يمثل قطاع الدواء أحد الأعمدة الرئيسية لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الصحي، حيث يلعب دورًا حيويًا في تلبية احتياجات المواطنين وضمان توفير الأدوية بأسعار مناسبة وجودة عالية ومع التحديات المتزايدة التي تواجه هذا القطاع في السنوات الأخيرة، أصبح من الضروري اتخاذ خطوات جادة وفعالة لإزالة العقبات وتوفير بيئة مواتية للنمو والتطوير.
وفي هذا السياق، جاءت استجابة الحكومة، ممثلة في الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، للمطلب المقدم من شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، لتؤكد حرص الدولة على دعم الصناعات الدوائية والعمل على إيجاد حلول عملية للمشكلات التي تعترض طريقها ويأتي هذا التحرك يعكس استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز القطاع الصناعي ككل، وجعله أحد المحركات الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة.
حيث استجاب الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، لمطلب الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، بتشكيل لجنة تضم عددًا من المختصين، من بينهم الدكتور عوف، لدراسة التحديات التي تواجه قطاع الدواء والعمل على إزالة العقبات التي تعرقل تطوره.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن ناشد الدكتور علي عوف الحكومة، عبر بيان رسمي سابق، بضرورة الإسراع في تشكيل لجنة لمناقشة المشكلات التي يعاني منها قطاع الدواء وأشار في بيانه إلى أهمية هذا القطاع الذي يضم أكثر من 2000 شركة ومصنع وموزع، تمثل كيانًا كبيرًا يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات السوق المحلي.
وقد عبرت شعبة الأدوية عن امتنانها لهذه الاستجابة السريعة من الحكومة، حيث أرسلت برقية شكر وتقدير إلى الفريق كامل الوزير وأشادت بالاجتماعات الدورية التي يعقدها الوزير مع المستثمرين لبحث مشكلاتهم والعمل على حلها بفعالية، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية الدولة لتعزيز القطاع الصناعي ووضعه ضمن أولويات التنمية.
وأكد الدكتور علي عوف أن تشكيل اللجنة يُعد تطورًا إيجابيًا يعكس اهتمام الحكومة بقطاع الدواء، الذي شهد تحديات كبيرة في الفترة الأخيرة. وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه الجهود في تعزيز الإنتاج المحلي وتطوير الصناعات الدوائية بما يدعم تحقيق الاكتفاء الذاتي ويقلل الاعتماد على الواردات.
استجابة وزير الصناعةوفي هذا السياق يقول محمود فؤاد رئيس المركز المصري للحق في الدواء، يعتبر قطاع الدواء أحد الركائز الأساسية التي تدعم منظومة الصحة العامة والاقتصاد الوطني ومع تنامي التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي، جاء قرار وزير الصناعة بتشكيل لجنة مختصة بالتعاون مع شعبة الأدوية خطوة هامة لمعالجة الأزمات وتعزيز مكانة الصناعة الدوائية.
وأضاف فؤاد، أن استجابة وزير الصناعة لمطالب شعبة الأدوية التي تتعلق بتحديات تواجه القطاع، مثل نقص المواد الخام وغيرها مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج، والتغيرات التنظيمية خطوة جيدة لدعم القطاع من خلال تبني سياسات تسهم في تخفيف الأعباء على الشركات المصنعة، وتعزيز قدرتها على المنافسة محليًا ودوليًا.
تشكيل لجنة مختصةوفي نفس السياق يقول محمود علي طبيب صيدلي، أن الإعلان عن تشكيل لجنة متخصصة تضم ممثلين عن شعبة الأدوية، وخبراء في الصناعة، ومسؤولين حكوميين بداية الطريق الصحيح لضبط سوق الدواء وطالب علي اللجنة بدراسة المشكلات المطروحة ووضع حلول عملية قابلة للتنفيذ مثل تقييم العقبات التنظيمية والإدارية واقتراح سياسات لدعم المنتجين المحليين إلى جانب تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ووضع آليات لضمان توفير الأدوية بأسعار معقولة.
وأضاف «علي»، رغم أهمية هذه المبادرة، يبقى نجاحها مرهونًا بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة حيث تحتاج الحكومة إلى توفير الدعم المالي والفني اللازم لضمان تحقيق النتائج بالإضافة إلى أن تشكيل لجنة لبحث تحديات قطاع الدواء خير دليل على الاهتمام الحكومي بصناعة الدواء، التي تعد دعامة أساسية للأمن الصحي والاقتصادي، موضحًا أن التنفيذ الفعال لتوصيات اللجنة، يمكن أن يشهد القطاع نقلة نوعية تسهم في تحسين مستوى الخدمات الصحية وتحفيز الاستثمار في هذه الصناعة الحيوية.